+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

جمالية الإيقاع في القصيدة الصوفية-تحليل المستوى الصوتي لقصيدة انا الحب و المحبوب و الحب جملة للأمير عبد القادر
*حيزية كروش

يعد التصوف أحد الأنماط الشعرية التي أقبل عليها الزهاد والمتورعون، فأخذوا ينظمون القصائد الصوفية ،ويتفننون في التغزل بالذات الإلهية و إبراز المشاعر الجياشة، فانكبوا على سكب المفردات في شرانق شعرية تفيض بالأحاسيس الصادقة ،فجعلوا من الموسيقى الشعرية وسيلة للتعبير عن مكنوناتهم،فكان الإيقاع أحد الميزات الصوتية التي تفردت بها الرقعة الصوفية من الخريطة الشعرية، إذ تتميز بنبرتها الحزينة المفعمة بالعشق الإلهي ،و المشبعة بنغمات الحب المتدفق،ومترنمة بألحان الوجود الروحاني.

  • مفهوم التصوف:

التصوف كغيره من المصطلحات التي استقطبت الفلاسفة و العلمغيين،فأخذوا يبحثون عن مفاهيم اصطلاحية له،على غرار المصطلحات الأخرى، إذ نجد في هذا المضمار تعريفات عديدة و متنوعة ،متضاربة من حيث الزيادة أو النقصان، و نذكر منها قول ابن خلدون: “أنه العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى،و الاعراض عن زخرف الدنيا و زينتهاو الزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة و مال وجاه، و الانفراد عن الخلق و الخلوة للعباد”أي تطهير القلب من كل الصفات البشرية، و إعطاء صبغة متميزة من النقاء الخالص ، والصفاء المتماهي بقدسية المشاعر،وماسية  الوجدان، فلا يملك القلب إلا ربه  و بعده الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم.

التصوف فلسفة نابعة من تعمق فكري،وأسلوب خاص لتحقيق السعادة الروحية،ليعبر عنها بلغة و ألفاظ وجدانية  ذاتية في العلم الروحاني حيث المثالية المطلقة، و تنسب الصوفية إلى الصوف لأنه غالب لباس الزهاد من القدماء،أو إلى أهل الصفة ، و قيل نسبة إلى الصف المتقدم بين يدي الله وقيل كذلك نسبة إلى الصفوة من خلق الله، كما قيل نسبة إلى صوفة بن بشر بن أحد بن طانجة قبيلة من العرب،إلا أن الراجح هو أن هذه التسمية أطلقت عليهم نسبة للبسهم الصوف كما ذكر سابقا2.

من الملاحظ ان العلماء لم يتفقوا على سبب محدد لهذا الاصطلاح ،فلجؤوا إلى الترجيح،و اعتماد النتائج النسبية، كما عرفه بأنه:” رياضة روحية تهدف للوصول إلى الله و الاتحاد به…فقد استتبع الحب الإلهي “3.

مضامين الشعر الصوفي و أغراضه:

يعد التصوف مرحلة متقدمة من الاستغراق الروحي تزول فيها الحجب و الحواجز الحسية ،ليرى فيها المتصوف مالايراه غيره من الحقائق المغيبة ،وقديصل  في آخرها إلى الحضرة الإلهية، و قد تضمنت أفكارهم زهدا و تقشفا و ابتعادا عن الملذات، حيث كان حاصل تفكيرهم قطع عقبات النفس ،والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة،حتى يتوصل بها إلى تخلية القلب عن غير الله تعالى،و تحليته بذكر الله تعالى4،وتبدأ النظرة الصوفية عندما يحس المتصوف بأن أمرا كان ملغزا قد انزاح عنه الحجاب، فانكشفت له الحقيقة المخبأة وراء ذلك الحجاب، و هي رؤية بالبصيرة لا بالبصر،” فرؤية المتصوف الشاعر شبيهة برؤية الفنان و العاشق الولهان بموضوع حبه، و المتصوف يغمس روحه في ضوء اليقين غمسا”5.

تقوم فكرة التصوف على نوع من الاتحاد الروحي بالعالم السماوي ،وتبني ذاتا عاشقة للإله ليكون الانسان هيكلا مصغرا للعالم كله ، أسهمت صفات الله العليا في خلقه ، فيمضي المتصوف في هذا الطريق صاعدا إلى المحبوب، فيعبرخلال رحلته إلى الله أعلى درجات التأمل و التعمق ، ليصل إلى السعادة المطلقة، متخلقا بأحسن الصفات ، فالجنة هي فرط السرور بالاتحاد مع الله أو القرب منه والنار هي الألم المنبعث نتيجة البعد و الانفصال عنه6.وهذا نوع من ولع الصوفية بتأويل مصطلحات العقيدة (الجنة و النار)، حسب رؤى خاصة بهم.

كما قد تميل عقول المتصوفة إلى محاولات معتدلة “تبحث عن الهدوء العقلي في حالة الجذبوالجد”7و التصوف الكامل أو الحقيقي  في نظر ابن سينا،والغزالي و السهروردي و إن تباينت منطلقاتهم  يقوم على: العمل،والخلق،والمحبة،”ويتضمن الطور الأول من التجربة الصوفية إشراقا(النور الذي يعم القلب) يملأ روح المتصوف و قلبه، فيصل إلى أوجه في حالة الرؤيا و النشوة و الوجد ويكون فيه اتحاد المتصوف بالله اتحادا جزئيا، أما الطور الثاني فيتعداه إلى اتحاد كلي” 8.

إلا أن هذا لا يعني الإيمان بتلك الألفاظ الموهمة التي يعبر عنها بالشطحات الصوفية كقول أحدهم: أنا الله و الله أنا ، في التعبير عن فرط اتحاده بالله ،و هذا الامر أنكره كل فقهاء الإسلام وطرحوه و حذروا منه “و آخذهم به  أهل الشرع و سلف المتصوفة من اهل الرسالة أعلام الملة لم يكن لهم حرص على كشف الحجاب ،ولا هذا النوع من الإدراك ،إنما كان همهم الاتباع و الاقتداء ما استطاعوا”9.

  • ثنائيات التجربة الشعرية الصوفية:

أ-بين الزهد و التصوف:

بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن سبيل حب الله و حب الناس هو الزهد فقال ناصحا لأحد أصحابه:” ازهد في الدنيا يحبك الله،و ازهد فيما عند الناس يحبك الناس”10، فالزهد في الدنيا هو خروج محبتها من القلب،وإن ملكها الانسان بيده، و الخلوة إلى التعبد” فالزهد ظاهرة نفسية لها اثرها الكبير في الشعر العربي ،فهو عدم الرغبة في ملذات الدنيا ،وحنين الروح إلى مصدرها الأول ،ولمعرفة الخالق عن طريق الزهد في الدنيا و متاعها ، و الرغبة عن نعيمها و تفصيل نعيم الأخرة عليها”11

يقول عدي بن زيد العبادي:

فقد نصحت لأقوام و قلت لهم               أنا النذير فلا يغرنكم أحد

لا تعبدون إلها غير خالقكم                 فإن دعوكم فقولوا بيننا جدد

سبحان ذي العرش سبحانا نعوذ به         و قيل قد سبح الجودي و الجمد

ب-التصوف بين الصحو و السكر:

أهم مايتميز به الشعر الصوفي ذلك التماهي بين الصحو و السكر ،حيث يكون غارقا في خمر الذكرى، ثملا بنشوة العشق الإلهي ،متأجج العواطف، و خالص العاطفة، متدفق المشاعر، مشوبا بنظرة فلسفية عميقة ،فالشاعر المتصوف يفيق تارة و يغيب اخرى “إذ انه  لا يدوم وجدانه  بل يجد تارة و يفقد أخرى، و يكون مأسورا تحت تصرف التلوين، ومناط تلوينه هو الوجود الذي هو مثال الصحو و السالك لا يستغني عن السكر مالم يخلص عن الصحو، “12و الصحو نقيص السكر  ومصاحبه  فبعد كل سكر صحو، إذ يعد تلك الرجعة الحسية بعد انغماس  غيب الإحساس وأغرقه في سكرة العشق و التأمل ، و أثمله من مدام صبابة الوجد، ليأتي بعدها حضور، و المقصود بهذه الازدواجية المتكاملة هو الابحار في عالم العبادة و التفرغ لله وحده لا شريك له يسبحونه أناء الليل وأطراف النهار، سكر من غير إذهاب عقل و صحو من غير حضور نفس وخلق وجود روحاني تلفه أشعة نورانية نقية ،و مغلف في شرنقة الحب الإلهي .

  • الرمز في الشعر الصوفي:

يرى الصوفية أن العلوم الذوقية لم ترد مجملة فلا تتبين لهم تفاصيل معانيها ،فإذا وعوها و تصرفت أذهانهم فيها بالاعتبار و التأمل تبين لهم ذلك، حيث أن النطق بالعبارات في مثل هذه العلوم يتم عن غير إرادة منهم،وهذا ما يجعل النص الشعري الصوفي رمزيا شديد الخفاء يقول القشيري:”وأصحاب الحقائق يجري بحكم التصرف عليهم شيء  لا علم لهم به على التفصيل،وبعد ذلك يكشف لهم عن وجهه ، فربما يجري على لسانهم شيء لا يجرون وجهه،ثم بعد فراغهم من النطق به ،يظهر لقلوبهم برهان ما قالوه من شواهد العلم”

و لهذا نجد الشاعر الصوفي يعتمد أساليب لغوية مرمّزة سابحة في برازخ دلالية ،تجعل من الخطاب الشعري لغزا يستوجب فك رمزه للوصول إلى فهمه، و يبتعد كل البعد عن المعرفة المباشرة،وهذا ما يجل الصوفي “دائم التفكير في العثور على وسائط لغوية و فنية تمكنه من استكناه ما خفي في الذات و الوجود في آن واحد،وقد أفضى البحث الدائم إلى اكتشاف الرمز، و هو وسيط أساسه الإيحاء بالتجربة”13فالرمز يوحد ماهو دنيوي و ما هو غيبي  لما يحمله من سمات ، فاللغة العادية غير قادرة على الإلمام بالتجربة الصوفية الغامضة المبهمة فالرمز يعطي انفتاحا للدلالة ،ويشكل ظلالا  للمعنى الواحد، و قد وظف الرمز الصوتي لما فيه من مخزون متحرك يتجاوز القوانين ،ويعبر عن خلجات عميقة  تربط بين الداخل و الخارج في الذات التي أوحت للشاعر بالرمز.

  • نبذة عن الأمير عبد القادر:

هو الأمير عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر ، يتصل سنده بالإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، أما كنيته :فهي أبو محمدو قد أطلق عليهعدة ألقاب من بينها:  أمير المؤمنين، ناصر الدين،الأمير، و الجزائري، و ابن الراشدي،و ابن خلاد14،ولد في الثالث والعشرين من رجب سنة اثنين و عشرين و مائتين و ألف للهجرة(1122) الموافق لشهر أيار سنة  سبعة و ثمانمائة و ألف للميلاد(1807) في القيطنة بسهل غريس قرب مدينة معسكر .

كان الأمير ذو ثقافة واسعة في مختلف العلوم و الآداب و ذو شخصية فكرية منفتحة،تتلمذ على يد عدد من الشيوخ من بينهم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي(560-238ه) و محمد الفاسي،وخالد النقشنديالسهروردي،و الشيخ محمود القادري.

مؤلفاته:

-الشعر: الديوان

– النثر: – وشاح الكتائب و زينة الجيش المحمدي الغالب.

– المقراض الحاد لقطع الطاعن في دين الإسلام من أهل الباطل و الإلحاد.

– ذكر العاقل و تنبيه الغافل.

– المواقف في التصوف و الوعظ و الإرشاد.

– تعليقات الامير على جده عبد القادرفي علم الكلام .

-رسائل متنوعة.

الأمير عبد القادر شاعر صوفي:

يرى الأمير أن التصوف هو:” التوجه إلى الله بما يرضاه من حيث رضاه فالأمير يرى أن للتصوف هوجهاد النفس في سبيل الله أي لأجل معرفة الله و إدخال النفس تحت الاوامر الإلهية ،و الاطمئنانوالإذعان لأحكام الربوبية،لا لشيء آخر، من غير سبيلالله”15، و عليه فالأمير يرىان التصوف هوأسمى درجات العبادة ،مع تحرز المراقبة في السر و العلن ، فهو إخلاص العبادة بعد تحقق الإسلام والإيمان فنزعته الإنسانية و انتمائه إلى آل البيت ،و التربية التي حظي بها في كنف الدين،و إيمانه الشديد بالقضاء و القدر ،كلها عوامل ساهمت في بناء الشخصية القادرية الصوفية و نستشف ملامح التصوففي شخصية الامير من خلال كتابه المواقف في التصوف والوعظ و الإرشاد،إذ أن قصائده كانت بمثابة انعكاسات و إيحاءاتلحياته فاتخذها كوسيلة لتوثيق حياته،نظرا لصلته العميقة بها و قد قدم صورا متكاملة إلى حد  بعيد عن ثقافة عصره ، و أبرز المظاهر الحياتية التي سادت في بيئته و خاصة الروحية منها ، و عليه فإن التجربة الصوفية عند الامير و التي اختار اجتيازها في طريقة لا تعتمد على التلقين و التعليم و الاكتساب…و لكنها طريقة التحقيق الذوقي و الممارسة القلبية و التصفية الوجدانية16.

  • تحليل المستوى الصوتي لقصيدة الأمير عبد القادر أنا الحب و المحبوب و الحب جملة:

يعد الإيقاع وسيلة الإطراب و تلبية رغبات النفس، وشحن المشاعر ،وهو ذو قيمة متميزة من المعاني التي يوحي بها الشاعر من غير تلفظ مباشر، فهو وسيلة من وسائل التعبير عن الانفعالات النفسية ،والشعر بصفة عامة يرتكز على هذه الدعامة الموسيقية، و الشعر الصوفي يندرج ضمن أنماط الشعر الذي يحتاج إلى سيمفونية الحروف و البحور من جوقة روحية تتآلف فيها النغمة الوجدانية التي
تصنع أفق الكلام الجاذب،وتحقق اندماج الجرس الدلالي مع النغمة المفرداتية .

  • الإيقاع الداخلي: 

أ-التكرار الصوتي

تمثل ظاهرة التكرار الصوتي إحدى الميزات الجمالية في القصيدة ،فهي بتواليها وتواترهافي النص الشعري تستثير  لمتلقي، و جذبه نحو هذا الأخير، كما تولد الجانب الإيحائي و تزيده قوة ووضوحا ، و تعطي بنية الخطاب الشعري نمطا فونيميا متفردا، و يوضح لمسة الشاعر الفنية و الإبداعية من خلال البعد النغمي المكون للعناصر اللسانية، و بالتالي تكتسي القصيدة إيقاعا خاصا ليتشكل الانزياح الصوتي، فعلاقة الصوت بالمعنى علاقة وطيدة ، إذ نجد رواج حرف النون على مدار القصيدة و كذلك حرف الميم ، و هذه الأصوات تتميز بالتوسط و تتميز بغنتها التي تعطي لحنا جليا لبنية الكلمةو يتلبسها إيقاع آسر للسماع و مسترعيللمتلقي.

و النون كما هو معروف متصل بالمناجاة و النجوى ،وهذا الصوت منتشر بكثرة في قصائد الحب الإلهي ،فهو حرف روي في قصيدة الأمير ،وشائع في حشوها كذلك ،فقد استأثر هذا الأخير بالقافية فجاء رويها نونا مشبعة بألف مثل:نيرانا، كانا ،ألوانا، غرقانا…و لعل نون الجماعة لما فيها من الفخامة تتسم بالسمو و الارتقاء،إلى الحرة الإلهية ،فتلك الحالة الشعورية تنسجم مع النغمة التي تحشو صوت النون ،أو الحرف النواح كما أسماه البلاغيون،بقصد ليخرج تلك الصرخات و الأنات والآهات التي تلسع نفسية الأمير و تكتسح روحه،و عليه يصح القولأن الميم و النون أضفيا مسحة حزينة تجلت في رواجها على طول المقطوعة الشعرية،و خاصة حرف النون الذي غلف البنية السطحية للبناء الشعري.

أما صوت الميم فهو مقارب نوعا ما إلى النون،باعتبارهما الصوتين الأغنين فالقصيدة في مجملها تدور حول الغياب و الحضور والشوق و الحنين إلى الحبيب و الولع المطلق بالذات الإلهية، فالروح البشرية حبيسة شرنقة الهوى ،و الميم استطاع تجسيد الانطباق الحاصل في حال النطق ،فلو لاحظنا الحالة الفيزيائية للنطق لوجدنا انطباق الشفتين في منعطف من الكلام ،و في هذا موافقة للحالة الشعورية التي كانت تعتري الامير عبد القادر في تلك اللحظة.

بالإضافة إلى أن الحالة الشعورية للأمير تمظهرت من خلال استعماله للأصوات و تداولها في أثناء الكتابة الشعرية أو اللحظة العابرة منالإلهام، التي فسرت شيوع الحروف المجهورة في القصيدة ، حيث بلغ عددها ثمانية و ثماني حرفا، أما الحروف المهموسة فوصل عددها إلى ثمانية و سبعين، و بذلك وظفت الحروف بكل متفاوت ،وهذا دلالة على التذبذبات النفسية ،و اللااستقرار الانفعالي للشاعر فهو بين الأنين و التأوه في صمت اللحظة،و بين الصراخ من وجع الشوق و تجريح الحنين للوجدان،و بين الكوى و النجوى ،بين الذات و الانا و بين النداء  للجوارح المادية بجهر،وعليه فإن الأصوات لها فاعلية في تحديد معنى القصيدة،و رسم الخريطة الدلالية للمفردات، لتجمع في قالب عمودي محددا الغرض الصوفي المطلق من نظم القصيدة.

ب-التماثل الصوتي: التماثل الصوتي هو شيوع المقاطع الصوتية المؤلفة من صامت وصائت،ولايهم إن كان صائتا طويلاـ ألفا أو واوا أو ياء ودور هذه المقاطع معروف في النظام الصوتمي للغة العربية، فهي تجمع بين صفة الصوت و الحركة،والمقاطع ثلاثة أنواع:

المقطع قصير طويل طويل مغرق في الطول
الرمز ص ح ص ح ص

ص ح ح

ص ح ص ص

ص ح ص صص

تحليل بعض الأبيات:

أنا الحب و المحبوب و الحب جملة

أنلحب و لمحبوب و لحب جملتن

//0/0-//0/0/0-//0/0-//0//0

فعولن  مفاعيلن  فعولن  مفاعلن

ص ح/ص ح ص/ ص ح/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح/ ص ح ص/ ص ح/ ص ح ص/

أنا العاشق المعشوق سرا و إعلانا

أنا لعاشق لمعشوق سررن و إعلانن

//0/0-//0/0/0-//0/0-//0/0/0

فعولن  مفاعيلن   فعولن  مفاعلن

ص ح/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح / ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح / ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح/ ص ح ص/ ص ح ص/ ص ح ص/

حساب المقاطع القصيرة

 م ق+ م ق₌ 9م ق

حساب المقاطع الطويلة:

9 م ط+ 10م ط  ₌19م ط

حساب مجموع المقاطع:

9م ق +19م ط₌ 28م

-المفروض نجد 48 مقطع لكن جراء الزحافات و العلل التي دخلت على البيت أسقطت بع المقاطع فورد البحر ناقصا

– نستنتج ان المقاطع الطويلة أكثر رواجا في القصيدة.

حروف اللين: شكل شيوع حروف اللين في القصيدة ظاهرة ملفتة ،إذ أنه لا يخلو بيت منها فهي تؤدي وظيفة التنويع النغمي الموسيقي للفظة أو الجملة على حد سواء،إذ تجعل للقصيدة لحنها الخاص الذي يكسبها مرونة نطقية، و سلاسة صوتية تستسيغها الأذن،ويستسهلها اللسان كقول الشاعر:

عن الحب مالي كلما رمت سلوانا            أرى حشو أحشائي من الشوق نيرانا ؟

لواعج لو ان البحار جميعها                 صببن لكان الحر أصاف ماكانا

من الملاحظ  أن العروضة في هذين البيتين تنتهي بمد و الضرب كذلك مختومة بمد، و هذا دليل قاطع على الوظيفة الصوتية التي تؤديها هذه الأخيرة، فبالإضافة إلى الوضوح الذي تتميز به حروف اللين فهي عند النطق بها تستغرق زمنا طويلا ، و لعل هذا يتلائم دلاليا مع الصوت المصاحب للنداء و المخاطبة ،فكثيرا ما يدل النداء على المناجاة، و يعبر عن الألم و الحزن ،وهذا الصوت يؤلف المقاطع الطويلة في أبيات القصيدة مثل قوله: لواعج، أصاف، ماكانا نسيمها تذكو،ألوانا، أسجانا ،نافع دعاني، العاشق… فالتماثل الصوتيهنا ينسجم و يتناغم مع دلالة المقطوعة التي تعبر عن انين وشكوى الشاعر، فالإطالة في الصوت تساهم في إخراج أصوات التألم و التوجع من الأشواق كقوله:

يا كبدي ذوبي أسى و تحرقا        و يا ناظري لازلت بالدمع غرقانا

( وجدي، مجروح، اللقا، عزيز ، ولفهانا…) تعابير  عن نفسية غارقة في سدم الشوقمتلهفة إلى وصل الحبيب ، تحمل في ثناياها جمرات الشوق و رقرقات الدمع، و هذا التماثل الصوتي يكسي التركيب اللفظي أصواتا متساوية الإيقاع، فيئن في صمت معبرا عن ذلك بنداء يفيص إلحاحا ليصل إلى الذات الإلهية العليا، حاملا في جوف المد نبراتالأسى و الالم.

الإيقاع الخارجي:

  • توصيف البحر: اعتمد الشاعر في تشكيل ميزان القصيدة على البحر الطويل ،وهو من البحور المركبة التي تتألف من تفعيلتين أساسيتين الأولى خماسية (فعولن)،و الثانية سباعية

( مفاعيلن)، و الطويل مؤلف من أربعة تفعيلات في كل سطر:

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن×2

أي أنه اعتمد بحرا من البحور الخليلة المعروفة ، وقد استخدم هذا البحر تاما بعروضمقبوضة في أغلب الأبيات تقريبا، و توظيفه لبحر الطويل مرتبط بحالته الشعورية، و هي البعد و الفراق عن المحبوب ولأنه ينسجم مع تجربته الشعرية، و ربط الوزن بحالته النفسية ، و في اعتقادنا الطويل  من البحور ذات المقاطع الطويلة و الكثيرة التي تسمح للشاعر بإفراغ أشجانه و التنفيس عم مكبوتاته في هذا الإطار الوزني الذي يعطيه فسحة و مجالا مترام للتعبير عن  مكنوناته،إذ يقول:

و في بعدنا شوق يقطع مهجتي      كتقطيع بيت الشعر للنظم ميزانا

فيزداد شوقي كلما زدت قربة       و يزداد وجدي كلما زدت عرفانا

تشريح القافية:

تعد القافية ركيزة أساسية لا غنى عنها  في القصيدة الشعرية ، و الروي عنصر أساسي من ستة عناصر تشكل القافية،تأخذ اسمها من رويها ،ومن هنا تسمى نونية ،فالروي هو حرف النون و له أهمية في تشكيل الانسجام الموسيقي و التوازن الإيقاعي في البيت الشعري.

–القافية مطلقة (رويها متحرك):كانا/0/0

– الروي المتحرك بالفتح: شكل الروي المفتوح سلطة واضحة على القصيدة من بدايتها إلى نهايتها ولعل هذا متعلق بما ذكر سابقا،من وضوح تجربة الشاعر، وكشفه عن معاناته من بلابل الحب بالذات الربانية، انطلاقا من الفتح الذي يمتاز بانعدام الاعتراضات (الحواجز النطقية)،أي أنته يتبع مجرى الهواء الذي لا يلقى عقبة أثناء النطق به،و لهذا سميت بالخروف الهوائية لأنها هاوية في الهواء فالشاعر حال شكواه لجأ إلى وصل الروي بألف تسحب من النفس كبتها أثناء الكلام مثل قوله:هيمانا،ميزانا، عرفانا،ولهانا،غرقانا…

زبدة القول أن الشعر الصوفي نمط من الانماط الشعرية التي تعج بالجمالية الإيقاعية،و التميز الصوتي و الحس النغمي الراقي،حيث سما باللفظة إلى أعلى درجات البلاغة النطقية و الروعة الكلامية التي تشد السامع و تشبع حسه الذوقي وتنتج تصاقبا فريدا من نوعه بين اللفظ و معناه أي بين الصورة السمعية و الصورة الذهنية، فتأسر المتلقي و تسكره  بكلمات النقاء، و تثمله من خمرة التراكيب المتناسقة صمن السياق الصوفي المنزه عن الشهوانيات البشرية و الأنانية.

قائمة المصادر و المراجع:

  1. ابن خلدون ،المقدمة،دار الجوزي،القاهرة،مصر،ط1،2010،ص403-404.
  2. ينظر:ابنتيمية،الفتاوى الكبرى ،تح: محمد عطا،مصطفىعطا،دار الكتب العلمية،بيروت لبنان، ط1، 1987،مج11، ص6.
  3. عبد الحكيم حسان،التصوف في الشعر العربي-نشأته و تطوره حتى آخر القرن الثالث هجري، الأنجلو المصرية، مصر،1954، ص46.
  4. التحلية و التجلية من أحوال الصوفية، الأولى هي التخلي عما سوى الله ، و الثانيةهي التحلي بالتوكل ومن الصوفية من يتكلم عن التجلية و هي اجتماع التخلي و التحلي، و هذه مرحلة يسكت عن التفصيل فيها كثير منهم لأنها قضية شخصية حميمة.
  5. زكي نجيب محمود، المعقول و اللامعقول في تراثنا الفكري، دار الشروق،بيروت ،لبنان،ط3،1981،ص377ومابعدها.
  6. ينظر، أحمد شلبي، الفكر الإسلامي منابعه و آثاره، الانجلو المصرية،القاهرة ،مصر 1962 ،ص135، 136.
  7. وليم جيمس،العقل و الدين،تر:محمود حب الله، دار الحداثة،بيروت،لبنان،ص46.
  8. صادق جلال العظم، دراسات في الفلسفة الغربية الحديثة ،دار العودة،بيروت،لبنان،ط3 1979، ص178، 179.
  9. ابن خلدون،المقدمةدار إحياء التراث العربي، الكتاب الاول،الباب السادس،الفصل11 ص474.
  10. النووي،رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، خرج أحاديثه: شعيب الأرناؤوط،مؤسسة الرسالة،بيروت،لبنان،ط1، 2003 ، ص19.
  11. عبد المنعم الحفني، معجم المصطلحات الصوفية،دار المسيرة،بيروت،لبنان، ص132.
  12. سراج الدين محمد، الزهد في الشعر العربي، دار الراتب الجامعية، بيروتنلبنان،ص5.
  13. محمدكعوان،تأويل و خطاب الرمز قراءة في الخطاب الشعري الصوفي العربي المعاصر دار بهاء الدين الجزائري،ط1، 2009 ،ص9.
  14. محمد بن الامير ،تحفة الزائر في تاريخ الجزائر و الامير عبد القادر،شرح: ممدوح حفني، بيروت ،لبنان،ط2،1964،ص923.
  15. الامير عبد القادر، المواقف، تصحيح و مراجعة: لجنة من علماء دمشق، 1967، مج1 الموقف71،ص141.
  16. بركات محمدمراد، الامير عبدالقادر الجزائري المجاهد الصوفي، كلية الشريعة ،جامعة عين شمس،مصر،ص58.

*

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of