+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

الأوقاف الإسلامية في ولاية دلهي: تاريخها وإدارتها ووضعها الحالي
*شعبة حسنين الندوي

%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%ac%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a7%d9%85%d8%b9

الأوقاف مؤسّسة مهمّة ابتكرها المسلمون للإنفاق في أوجه الخير ولصالح المسلمين، وهي من أروع صور التعاون الإنساني ومن أكبر وأهمّ وسيلة للنهوضِ بالمجمتع الإسلامي اجتماعياً واقتصادياً، ومن هنا فإن أهداف الأوقاف الإسلامية —وفق موقع “الوقف العلمي” بجامعة الملك عبد العزيز السعودية—  تتمثل في:

  • امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى بالبذل والإنفاق.
  • تحقيق مبدأ التكافل بين أفراد الأمة المسلمة والتوازن الاجتماعي حتى تسود المحبة والأخوّة ويعمّ الاستقرار.
  • ضمان بقاء المال ودوام المنفعة به واستمرار العائد من الأوقاف المحبوسة.
  • تحقيق أهداف تنمية المجتمع في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها.
  • صلة الرحم وضمان مستقبل ذوي القربى وذوي الحاجة ألا يكونوا عالة يتكففون الناس.

ومعلوم أن نظام الوقف الإسلامي انطلق إلى كل منطقة ذهب إليها الإسلام، فانطلاقا من هذه الحقيقة يجوز القول بأن نظام الوقف الإسلامي دخل الهند مع دخول الإسلام فيها، ولكن تعددت الأقوال عن أول وقف إسلامي في الهند. وبما أن الدراسة مقتصرة على  الأوقاف الإسلامية في ولاية دلهي فحسب، فمن المناسب تقديم تاريخ مُوجز عن سلطة المسلمين في مدينة دلهي، وبعد ذلك دراسة تاريخ الأوقاف الإسلامية ونظام إدارتها ووضعها الحالي فيها:

سلطة المسلمين على دلهي:

%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d9%82%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86

بعد انتهاء الدولة الغزنوية بدأ السلطان شهاب الدين الغوري شنَّ الهجمات على الهند، ففتح السلطان عديدا من المدن الهندية في هجماته التي شنّها على هذا البلاد حينا بعد حين، وقد تعرّض السلطان للفشل والهزم أيضا في بعض هجماته. ولما دعاه ملك القنوج “جاي تشند” للهجوم على عدوه “برتهوي راج” الذي كان مَلك دلهي فجاء السلطان شهاب الدين الغوري إلى الهند عام 1191م مهاجماً على الملك برتهوي راج، وهزمه واستولى على عديد من المدن المجاورة لدلهي من أجمير وجهانسي وسرسي. ثم رجع السلطان إلى وطنه “الغزنة” في جنوب أفغانستان، وعيّن قائدَه الشجاع قطب الدين أيبك —وكان من مماليكه— نائبَه على مناطق الهند المفتوحة.

ورغم أن السلطان شهاب الدين الغوري قد هزم الملك برتهوي راج وقتله في المعركة، إلا أن سلطنة دلهي لم تزل تحت سلطة خلفائه، فهاجم قطب الدين أيبك على دلهي عام 1193م واستولى عليها. وفي عام 1206م قتل أحد المتطرفين من المذهب الإسماعيلي السلطانَ شهاب الدين الغوري فأعلن قطب الدين أيبك بكونه سلطان الهند، فانفرد قطب الدين بحكم الهند واتخذ مدينة دلهي عاصمة لدولتها، وكان ذلك أول دولة لسلاطين المماليك بالهند وكانت أول دولة مسلمة مستقلة في الهند حيث كانت دولة الهند تابعة لسلاطين غزنة من الغزنويين والغوريين قبل هذا، كما أن هذه الدولة كانت أول دولة للمسلمين في مدينة دلهي.

حكم المسلمون على مدينة دلهي ست مائة وواحدا وخمسين سنة منذ دولة السلطان قطب الدين أيبك (عام 1206م) إلى دولة السلطان بهادر شاه ظفر (عام 1857م)، وتخللت خلال هذه المدة دولة ست عائلة مسلمة، وهي كما يلي:

العائلة السنة أسماء السلاطين
عائلة المماليك 1206م – 1290م من السلطان قطب الدين أيبك إلى السلطان شمس الدين كيومرث
عائلة الخلجي 1290م – 1321م من السلطان جلال الدين فيروز شاه إلى السلطان ناصر الدين خسرو
عائلة التغلق 1321م – 1414م من السلطان غياث الدين تغلق إلى السلطان دولت خان اللودهي
عائلة السيد 1414م – 1445م من السلطان خضر خان إلى السلطان عالم شاه
عائلة اللودهي 1451م – 1526م من السلطان بهلول اللودهي إلى السلطان إبراهيم الثاني
عائلة المغول 1526م – 1857م من السلطان بابر إلى السلطان بهادر شاه ظفر

 تاريخ الأوقاف الإسلامية في دلهي:

أما تاريخ الأوقاف الإسلامية وتطوّرها في مدينة دلهي فيصعب العثور عليه، حيث أنه لا توجد هناك وثائق تفيد المعلومات عن هذا بالقطع، إلا أنه يمكن القطع بالقول أن الأوقاف الإسلامية في مدينة دلهي قديمة قِدَم الإسلام فيها، كما يجوز القول أن أوّل وقف إسلامي في دلهي كانت مسجدَ قوة الإسلام ومنارة قطب الدين، حيث أن أول دولة مسلمة في دلهي قامت على يد السلطان قطب الدين أيبك، وهو الذي بنى وشيّد مسجد قوة الإسلام والمنارة التي سميت باسمه عام 1193م. حتى إن بعض المؤرخين يقولون أن مسجد قوة الإسلام هو أول وقف إسلامي على عموم الهند، إلا أن بعض المؤرخين الآخرين لا يقبلون هذا ويقولون بأنه لا يمكن أن يكون هذا المسجد أول وقف إسلامي على عموم الهند، حيث أن أول دولة مسلمة في الهند قامت عام 711م حين فتح محمد بن قاسم مقاطعة سند الهندية (الباكستانية الآن)، فلا يمكن القول أن المسلمين لم يحتاجوا إلى الوقف من المساجد والمقابر خلال هذه الفترة الطويلة. فالقول المعقول أن تاريخ الأوقاف الإسلامية في الهند قديمة قِدَم الإسلام فيها.

والجدير بالذكر أن الأوقاف الإسلامية في الهند على وجه العموم وفي دلهي على وجه الخصوص تطوّرت بشكل كبير ومُسرع بعد سيطرة عائلة المغول على الحُكم في الهند عام 1526م. فإن السلاطين المغول عيّنوا الأوقاف بشكل كبير لصالح المساجد والمدارس الدينية وأضرحة الصوفية والمقابر والشيوخ وعلماء الدين.

أما في العصر الحاضر فيبلغ العدد الإجمالي للأوقاف الإسلامية في ولاية دلهي —وفق الموقع الالكتروني لهيئة الوقف بدلهي— إلى 1,964 وقفاً، وتتعدّد أنواع هذه الأوقاف الإسلامية من:

  • المساجد
  • المقابر (بما فيها مقابر لعامة المسلمين)
  • ضرائح الصوفية
  • المحلات التجارية
  • الأراضي المحبوسة للوقف

أما القيمة الإجمالية  للممتلكات الوقفية  في ولاية دلهي فتصل إلى أكثر من 60 بليون روبية هندية، وذلك حسب تقديرات اللجنة رفيعة المستوى التابعة لمكتب رئيس الوزراء الهندي لمتابعة أوضاع المسلمين في الهند التي قدّمت تقريرها المعروف باسم “تقرير لجنة القاضي سجر” عام 2006م. علما بأن هذه الإحصائيات المقدمة هي إحصائيات رسمية، وبالرغم من كون هذه الاحصائيات رسمية الا أنها أقل بكثير من العدد الحقيقي، وكذلك إن القيمة الإجمالية لهذه الممتلكات أكبر بكثير من القيمة المذكورة أعلاه، لأن هناك مئات من الممتلكات الوقفية التي استحوذ عليها الأفراد والمؤسسات، ولا يعرفها أحد، أو يعرفها الناس وتعرفها الحكومة ولكنها لا تتخد أي خطوة إيجابية تجاه تحرير تلك الممتلكات من الاستحواذ الغير الشرعي.

أما على مستوى الهند فيفيد تقريرُ لجنة القاضي سجر الصادر في 2006م أن عدد الأوقاف الإسلامية المسجّلة يبلغ إلى حوالي 500 ألف وقف إسلامي بمساحة تبلغ إلى 600 ألف فدان ومع قيمة دفترية تصل إلى حوالي 60 بليون روبية هندية، إلا أن القيمة السوقية الحالية للممتلكات الوقفية هذه تصل إلى 1,200 بليون روبية هندية.

بعض أهم الأوقاف الإسلامية في ولاية دلهي:

  • مسجد جهان نمان المعروف بالمسجد الجامع (أمام القلعة الحمراء في دلهي القديمة)
  • مسجد فتحبوري
  • مسجد الأولياء
  • موتي مسجد (داخل ضريحة الصوفي الشيخ خواجه بختيار الكعكي)
  • موتي مسجد (داخل القلعة الحمراء)
  • مسجد قوة الإسلام
  • مسحد كُهنه (“المسجد القديم” داخل القلعة القديمة)
  • مسجد خير المنازل (خارج القلعة القديمة)
  • زينة المساجد
  • مسجد حوض خاص
  • مصلى العيد بحوض خاص
  • نيلي مسجد (المسجد الأزرق)
  • مسجد جمالي كمالي
  • مقبرة همايون
  • مقبرة السلطان بهلول اللودهي
  • مقبرة صفدر جنغ
  • مقبرة عيسى خان
  • مقبرة إمام ضامن
  • ضريحة الصوفي الشيخ خواجه بختيار الكعكي
  • ضريحة الصوفي الشيخ نظام الدين
  • عشرات المقابر لعامة المسلمين
  • أراضي المقبرة على طول الطريق الدائري في دلهي (بمساحة 14 فدان)
  • همدرد (الوقف) (تم وقفه في القرن الماضي)

علما بأن هناك مئات من الأوقاف الإسلامية التي تم حبسها لصالح المسلمين في القرن الماضي. ولمعرفة قائمة الأوقاف الإسلامية ومواقعها في ولاية دلهي يرجى تصفح الموقع الإلكتروني لهيئة الوقف بدلهي (http://www.delhiwakfboard.org)، فإن الموقع يوفر قائمة شاملة للأوقاف المسجّلة لدى الهيئة.

إدارة الممتلكات الوقفية في دلهي:

إن الممتلكات الوقفية عبر الهند بوجه العموم كان يديرها المتولون المعيَّنون حتى إلى نهاية سلطنة المغول، والقضاة الشرعيّون كانوا يُشرفون عليها في ضوء الشريعة الإسلامية. ومن هنا كانت هذه الممتلكات تحقق عائدا كبيرا بعد استثمارها من قبل هؤلاء المتولين والقضاة، ولكن مع سقوط السلطة المغولية المسلمة في الهند وسيطرة الإنجليز على البلاد قام الحُكم البريطاني بإزاحة القضاة المسلمين عن إدارة الوقف، واستبدلهم بالقضاة الإنجليز، وألغى الطبيعة الخاصة بالوقف، ومن هنا بدأت الأوقاف الإسلامية تتدهور في البلاد بشكل تدريجي، ففي السنوات القادمة تعرّضت الممتلكات الوقفية لسُوء الإدراة من قبل المسؤولين غير المؤهلين وللحيازة غير المشروعة.

وبعد استقلال الهند كان المسلمون يتوقعون أن مسؤولية إدراة الأوقاف الإسلاميية في البلاد سوف يتم تسليمها إلى المؤسسات الإسلامية حتى تقوم تلك المؤسّسات بإدارتها وفق القوانين والأحكام والتعاليم الشرعية، ولكن للأسف أن هذا لم يحدث حتى الآن وقد مرّ على استقلال البلاد أكثر من خمس وستين سنة. وبمقتضى قانون الوقف لعام 1954م تولت الحكومة الهندية مسؤولية إدارة الأوقاف الإسلامية عبر البلاد. وقامت الحكومة الهندية بتشكيل “مجلس الوقف المركزي” (Central Waqf Council) على عموم الهند. علما بأن هذا المجلس يحتوي على عديد من “هيئات الوقف” (Waqf Boards) التي هي مسؤولة عن إدارة الأوقاف في ولايات الهند المختلفة، ومن بينها “هيئة الوقف بدلهي” (Delhi Waqf Board) التي تقوم بإدارة الأوقاف الإسلامية في ولاية دلهي والإشراف عليها.

تقوم هيئة الوقف بدلهي بإدارة وإشراف ومراقبة الممتلكات الوقفية في ولاية دلهي مباشرة أو عن طريق المتولين الذين تعيّنهم الهئية أوعن طريق اللجان الإدارية التابعة لها. وتتمتع الهيئة بالصلاحيات الآتية:

  • تتمتع الهيئة بسلطة الإشراف على الممتلكات الوقفية وعلى أن يتم إدارتها بطريقة صحيحة وبشكل جيد.
  • وفي حال سوء إدارة الممتلكات الوقفية يحق للهيئة إزاحة المتولي واللجنة الإدارية المسؤولة عن وقف بعينه.

وكل من المتولين واللجان الإدارية ملتزم بإيداع 7% من مجموع دخلها في ميزانية الهيئة، حيث أن الهيئة ملتزمة بصرف رواتب وأجور الأئمة والمؤذنين وتأدية فواتير المياه والكهرباء للمساجد وغيرها من الممتلكات الوقفية.

علما بأن أعضاء هيئة الوقف يتم تعيينهم من جانب حكومة الولاية لمدة خمس سنوات، ويكون رئيسها هو الرئيس الإداري للهيئة، ويقوم مكتب الرئيس التنفيذي بتنفيذ توجيهات الهيئة.

والجدير بالذكر أن هيئة الوقف بدلهي وهيئات الوقف الأخرى في ولايات الهند المختلفة لا تقوم اليوم بأداء واجبها الحقيقي تجاه تفعيل نظام الوقف الإسلامي واستخدام عائداته المالية في صالح الأمة المسلمة الهندية، بل إن هذه الهيئات لا تمتثل بأوامر وتعاليم الشريعة الإسلامية المتعلقة بالوقف. وأيضا إن القوانين والسياسات الوقفية التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة في الهند وفي ولاياتها المختلفة لم تُراعَ فيها التعاليم الإسلامية التي تكفل الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين.

وإن الفساد الذي تعرضت به الأوقاف الإسلامية في الهند —بما فيها ولاية دلهي— من قبل هيئات الوقف والمسؤولين فيها قد أدّى إلى القلق المستمر لكل من الواقفين والمستفيدين من أوقافهم. والواقع أن هذا الفساد في الإدارة أدّى إلى تضخيم بؤس المسلمين الهنود الفقراء وحرمانهم من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية المرجوة من الأوقاف. فبما أن الفقر يُعتبَر أكبر عقبة في سبيل ازدهار وتقدّم المسلمين الهنود فإن دور الأوقاف الإسلامية عبر الهند وهيئات الوقف يصبح أكثر أهمية في رفع مستوى الأمة المسلمة الهندية اجتماعياً واقتصادياً.

والجدير بالذكر أن حاكم ولاية دلهي السيد نجيب جانغ قام بحلّ هيئة الوقف بدلهي في 7 أكتوبر 2016م بحجّة الفساد والمخالفات المزعومة التي ارتكبها رئيس الهيئة السيد أمانت الله خان في تعيين موظفي الهيئة. كما أن الحاكم ألغى جميع التعيينات الجديدة التي قام بها رئيس الهيئة، ورفع الحاكم ملف التعيينات إلى المكتب المركزي للتحقيق (Central Bureau of Investigation) لإجراء التحقيق فيها. وحسب التقارير المنشورة في الصحف اليومية الهندية، رفع رئيس الهيئة من جانبه هذه القضية في محكمة دلهي العليا وتحدّى قرار إلغاء التعيينات الجديدة وحلّ الهيئة من جانب الحاكم. وفي 23 ديسمبر 2016م قامت محكمة دلهي العليا بتأجيل السماع في القضية التي رفعها رئيس الهيئة في المحكمة متحديا قرار الحاكم حيث قام نجيب جانغ بتقديم استقالته من منصب حاكم ولاية دلهي في 22 ديسمبر 2016م.

الوضع الحالي للأوقاف الإسلامية في دلهي:

إن تاريخ الأوقاف الإسلامية (بما فيها المساجد الوقفية) في مدينة دلهي لم يزل مشرقا ورائعا، ولكن الوضع الحالي لهذه الأوقاف هو أكثر إيلاما من تاريخها المشرق، فإن المعالم الأثرية والمساجد الوقفية في دلهي وخاصة تلك المساجد القريبة من المسجد الجامع الكبير الواقع في دلهي القديمة قرب القلعة الحمراء —والذي ظل ولا يزال مركز جذب للمسلمين والسياحين على حد سواء لما له من العظمة والجمال— تعرّضت للاستغلال وسوء الإدارة من قبل البريطانيين قبل تحرير الهند ومن قبل حكومات الهند المركزية المتعاقبة وحكومات ولايات الهند المختلفة على مر العصور.

وبعد استيلاء البريطانيين على سلطنة دلهي عام 1911م اتخذوها عاصمة لدولتهم، وأطلقوا برنامجا مزوّرا باسم حماية وصيانة المعالم الأثرية والمساجد الوقفية في دلهي، فجعلوا مساجدَ المسلمين الأثرية في حوزتهم ومنعوا المسلمين من تأدية الصلاة فيها بحجة حمايتها وصيانتها لمدة طويلة، وأظهروا حرصهم على حماية هذه المعالم الأثرية. وفي الحقيقة كان هذا البرنامج مؤامرة ضد المسلمين ومحاولة لنهب معالمهم الأثرية وسلب حقوقهم الدينية ومنعهم من أداء شعائرهم والتلاعب مع أوقافهم. علما بأن هذه الأوقاف والمعالم الأثرية المسلمة —بما فيها المساجد التي يعود تاريخ معظمها إلى أكثر من قرن ماض— أصبحت تحت حيازة مؤسسة المسح الأثري الهندي (Archaeological Survey of India) بعد استقلال البلاد وانتهاء الحكومة البريطانية فيها. وجعلت مؤسسة المسح الأثري الهندي تأدية الصلاة في هذه المساجد عملا غير قانونيا، وقررها جريمة مؤدية الى الإجراءات القانونية، فإن قائمة مثل هذه المساجد كثيرة، وفيما يلي أسماء بعض أهم هذه المساجد التي مُنع فيها ذكر اسم الله:

  • مسجد كهركي
  • مسجد بيغم بور
  • مسجد كوتلا مباركفور
  • نيلي مسجد
  • موتي مسجد الواقع في القلعة الحمراء
  • مسجد جمالي كمالي
  • مسجد خير المنازل
  • مسجد فيروز شاه وزير آباد
  • مسجد درويش شاه (أقفلت مؤسّسة المسح الأثري الهندي والهيئة العامة للتنمية بدلهي حاليا (في 23 أكتوبر 2013م) هذا المسجد التاريخي ومنعت الصلاة فيها)

وهنا يجدر ذكر قرار وزارة الشؤون الثقافية الهندية بعدم منح المسلمين إذن تأدية الصلاة في 31 مسجدا أثريا في دلهي تم إغلاقها بحجة كونها من المعالم الأثرية التي تأتي تحت إشراف مؤسسة المسح الأثري الهندي.أعلنت الوزارة عن هذا القرار في 17 ديسمبر 2013م بعد أن طالب المسلمون الهنود واللجنة الوطنية لشؤون الأقليات من مؤسسة المسح الأثري ووزارة الشؤون الثقافية بمنح المسلمين إذنَ تأدية الصلاة فيها.

وكان المسلمون الهنود يتوقعون أن كل نوع من القهر والظلم والقسوة والاستغلال سوف ينتهي في الهند المستقلة بعد سقوط الحُكم البريطاني فيها، وكانوا يتوقعون أن مساجدهم الأثرية وممتلكاتهم الوقفية سوف تعود إليهم، إلا أن قادة الهند المستقلة منعوا المسلمين من تأدية الصلاة في هذه المساجد. وجعلت مؤسسة المسح الأثري الهندي الأوقافَ الإسلامية والمساجدَ الأثرية تحت حوزتها بحجة حمايتها والحفاظ بها، إلا أنها لم تقم باتخاذ أي خطوة إيجابية تجاه الحفاظ بتلك المساجد والمعالم الأثرية، كما أنها لم تقم بالمقاومة ضد الحيازة الغير المشروعة لأراضي الوقف عبر البلاد بما فيها ولاية دلهي. والأمر المؤسف جدا هو أن بعض هذه المعالم وأراضي الأوقاف الإسلامية تحولت إلى أماكن يرتادها مدمنو الكحول، وتحولت بعض المعالم الأخرى إلى ملاعب للأطفال والشبان.

علما بأن 24 موقعاً وقفياً حول مسجد بيغم بور (الواقع في دلهي) الذي هو تحت إدارة مؤسسة المسح الأثري الهندي استحوذ عليها الناس بطريقة غير مشروعة.

والجدير بالذكر أن عديدا من الأجهزة الحكومية أمثال هيئة تطوير دلهي (DDA) ومؤسسة المسح الأثري الهندي (ASI) ومؤسسة بلدية دلهي (MCD) قد استحوذت على عديد من أراضي الوقف في ولاية دلهي بما فيها أراضي المقبرة، علما بأن شرطة دلهي قامت ببناء مخفر للشرطة على أرض مقبرة وقفية واقعة في منطقة نبي كريم قرب محطة القطار لنيو دلهي. والأمر الذي يؤسفنا للغاية هو أن هذه التعدّيات وانتهاكات الأراضي الوقفية تجري –كما يُزعم– بموافقة سرّية من هيئة الوقف بدلهي وأعضاءها والمسؤولين الحكوميين الآخرين. بل إن بعضا من أعضاء هيئة الوقف أعطوا كثيرا من أراضي الوقف لأقربائهم أو أصدقائهم أو أفراد أسرتهم على عقد الإيجار. وفيما يلي قائمة الاستحواذات غير المشروعة لأراضي الوقف في دلهي:

المؤسسة التي استحوذت على أراضي الوقف بطريقة غير مشروعة عدد الاستحواذ
هيئة  تطوير دلهي DDA 114
مؤسسة المسح الأثري الهندي ASI 172
مؤسسة بلدية دلهي MCD 9
المقر العسكري لدلهي Delhi Cantonment 7
مؤسسة النقل بدلهي DTC 4
مؤسسة السكك الحديدة الهندية Indian Railways 2
شرطة دلهي Delhi Police 2
هيئة المياهJal Board 1
المجلس البلدي بنيو دلهي NDMC 1
المصلحة المركزية للأشغال العامة CPWD 1
دائرة الصحة Health Department 1

بالإضافة إلى ذلك هناك كثير من الاستحواذات غير المشروعة التي قام بها سكان هذه الولاية، ولا يمكن إحصاء هذه الاستحواذات.

وأحد أكبر الاستحواذات الغير المشروعة الحالية من قبل هيئة  تطوير دلهي (DDA) هي استحواذها على 10 فدانا من أراضي الوقف (التي تبلغ مساحتها الإجمالية إلى 14 فدانا) الواقعة على طول الطريق الدائري (Ring Road) في دلهي وقيامها ببناء حديقة Millennium Park  عليها. وعندما سُئلت الهيئة عن هذا الاستحواذ غير المشروع فلم يقم بالإجابة حولها حتى الآن، كما ذكره بعض الناشطين في مجال الأوقاف الإسلامية.

وقليل من الناس يعرفون أن المسجد الجامع الكبير الواقع في دلهي القديمة يحيط بها كثير من المساجد الوقفية من جوانبه الأربع. وقد استحوذ على جميعها تقريباً الأفرادُ أو المؤسسات المختلفة. وقد قام بعض الناشطين في مجال الأوقاف الإسلامية بتذكير وتنبيه هيئة الوقف بدلهي حول هذا وطالبوها باتخاذ الإجراءات المناسبة ضد هذه التعدّيات وما زالوا يقومون بتذكير الهيئة منذ أكثر من ثلاثين سنوات ماضية، إلا أن الهيئة لم يتخذ أي خطوة تجاه تحرير هذه المساجد والأراضي الوقفية.

ووفق بعض الناشطين في مجال الأوقاف الإسلامية، بعد تحرير البلاد وتقسيمها ومهاجرة عدد لا بأس به من المسلمين إلى باكستان عام 1947م أدرك بعض اخواننا غير المسلمون أنه لا يوجد هناك أحد لرعاية المساجد والأراضي الوقفية ولا يوجد هناك من قد يسألهم عنها ويؤاخذهم عليها فاستحوذوا عليها وهدموها وبنوا عليها بيوتهم أو محالهم التجارية. ولم تقم الحكومة حتى الآن باتخاذ أي خطوة مناسبة لإبعاد هؤلاء الناس من هذه الأماكن المقدسة لدى المسلمين.

وفي الجانب الآخر، هناك بعض الأفراد والمؤسّسات الإسلامية التي تحاول استعادة المساجد الوقفية والأوقاف الإسلامية إلى ورثتها الحقيقيين حتى يتمكنوا من تأدية الصلاة فيها ومن استخدامها في صالح الأمة المسلمة الهندية، إلا أن هذه المحاولات والمجهودات ضئيلة بالمقارنة إلى حجم التعدّيات والانتهاكات التي تعرّضت بها الأوقاف الإسلامية وبالمقارنة إلى حجم اللامبالاة التي يواجهها المسلمون والناشطون في مجال الأوقاف الإسلامية من قبل الأجهزة الحكوميّة المعنية. فالحاجة ماسة إلى تفعيل وتكثيف المجهودات الرامية إلى تحسين أوضاع الأوقاف الإسلامية، ليس فقط على مستوى ولاية دلهي بل على مستوى الهند.

*****

المصادر والمراجع

* الباحث بمركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جواهرلال نهرو، نيو دلهي، الهند

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of