+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

!القصة القصيرة: نال المرام ولكن
د. محسن عتيق خان

أثناء الفسحة، حضر أسلم كافيتيريا المكتب –كالعادة- للشاي فبعد ان دخل الباب ألقى نظرة عابرة على القاعة للبحث عن مقعد خال، فرأى بين فتيات المكتب تلك الفتاة التي اعجبته في نظرة أولى عندما التحق بهذه الشركة قبل بضعة أشهر. لم تكن هذه أجمل فتاة في المكتب فكانت  سمراء و تميل إلى البدانة و لكن كانت جذابة النظر لجمال عينيها  و طول عنقها. و إنها كانت ترسل شعرها على كتفيها إرسالا يقع نصفها على صدرها و والنصف الآخر على خلفها. و كم من مرة دار الحديث حولها بين زملائه في المكتب و يتمتع الفتيان بالكلام عنها و برؤيتها عندما تتوفر الفرصة.

اختار أسلم مقعدا خاليا في مكان يسهل له رؤيتها من وقت لوقت، و طلب الشائ و باراتها البطاطس و جلس ينتظر بعض أصدقائه الآخرين. دخل صديقه أديب سنغ الكافيتيريا، ورآه يحدق فيها فأخذ كرسيا و جلس عليه دون أن يفوه بكلمة ثم قال: “جمال فاتن”و بدأ يثني على تلك الفتاة و حسنها. فقطع أسلم كلامه قائلا: لعلها ليست من نصيبي، فقد حاولت مرارا أن استلفت أنظارها ولكنني لم أنجح. لو كانت تعمل في قسمي أو تغدو و تروح في نفس السيارة التي أجئ فيها لتكلمتها و عبرت لها عما في قلبي. قال أديب: يمكن أن تفعل ذلك الآن، فهي ليست بعيدة عنك. فقال: لا، لا استطيع. و بينما كانا يتكلمان، إذ نادى النادل بأن طلبهما جاهز، فأخذا من النضد طلبهما و بدآ يتناولان.

أديب: هل تعجبك تلك الفتاة؟ قد رأيتك مرارا تحدق فيها.

أسلم: نعم، و ماذا عنك، ألا تعجبك أية؟

أديب: تعجبني كثيرة، ولكن لا أرى من المناسب أن أضيع وقتي في رؤيتهن و ملاحقتهن،  فأومن بحكمة “ادفع و ابتسم”.

أسلم: ماذا تعني؟ ما هي الحكمة التي تذكره؟

قال أديب: سأخبرك عن تلك الحكمة عندما نخرج من هنا للتدخين.

عندما وصلا إلى مكان التدخين، قال له أديب: “أخي ليست هناك قلة الفتيات الخليعات في هذا العصر فالروبية قد توفر كل شيئ،  ألا تعرف هناك شبكات للدعارة يديرها بعض رجال الساسة في معظم بقاع الهند، لعلك تتذكر خبرا ظهر منذ أسبوع عن رجل سياسي كبير قبض عليه إثر فضيحة فكشف عن  تورطه في شبكة الدعارة. فكل شيئ متوفر هنا في دهلي، و ذلك بأرخص قيمة، فكلما أشعر بالحاجة، أستدعي فتاة و أتمتع بها، و هذا لا يكلفنا كثيرا. وفي هذه الإجازة الأسبوعية أيضا، قد تكلمت أنا و بعض أصدقائي قوادا بهذا الشأن، و سنشتري عند الرجوع من هنا زجاجات البيرة وسنجتمع في غرفة بلجيت سنغ و نتمتع.”

أسلم: “هل يمكن لي أن أشارككم في ذلك.”

أديب: “لا، فهناك صفقة بيننا.”

أسلم: “أنا أيضا بحاجة، هل لديك رقم الاتصال لذلك القواد؟ أنت تعرف، قد تجاوزت عشرين و ليست لدي صديقة بعد، و أبواي أيضا لا يقصدان زواجي إلا أن يبلغ راتبي خمسين ألف روبية في شهريا، و تعرف، هذا لا يمكن أن يحدث إلا بعد بضع سنوات، فأنا أشعر بالحرمان الجنسي و أريد أن أتمتع.

أديب: لماذ لا تذهب إلى “سهارا مول” في نهاية الأسبوع، أنت رجل وسيم و تقدر أن تستلفت أنظار بعض الفتيات، فتتمتع بالرقص ثم تأخذه حيث تريد.

أسلم: لا أريد أن أقع في أية مشكلة، أنا رجل بسيط ولكن لي حاجة، أنت تعرف سمعتي في المكتب و بين أصدقائي، لماذا لا تعطيني رقم القواد الذي يوفر لك.

هز أديب رأسه و بدأ يبحث عن الرقم في جواله ثم أعطاه رقم اتصال الديوث. ذهب أسلم إلى ناحية و ضغط الأرقام المطلوبة في لوحة مفاتيح هاتفه المحمول، و ما أن سمع “هالو” من جانب آخر حتى بدأ وفمه يجف و بدأ العرق يسيل من فوقه لتحته، و لكن اجترأ قليلا فقال”هالو، أنا أسلم، هل أنت سمسار الفاحشة”. فاعتذرت تلك المرأة من جانب آخر وقالت”إنها ليست بسمسار”، و لكنها لم توبخه ولم تنهره، و لم تحاول في قطع المكالمة. و بعد دقيقة انقطعت المكالمة بدون جدوى. فقال لأديب “هي تقول بأنها ليست سمسار الفاحشة”. و أجابه أديب قائلا” أنت أحمق، لا تعرف كيف تتكلم مع ديوث، إن لم تكن هي ديوثا لزجرتك. بوسعك أن تتصل بها مرة أخرى غدا واذكر لها إسمي، و أخبرها بأنك حصلت على رقم اتصالها مني، و أنك تريد خدماتها. فلكل سمسار زبائن خاصة، ولا تأذن لغيرهم إلا بإشارة أحدهم فالشرطة دائما بالمرصاد. وأخبرها أيضا المكان الذي تريد فيه الفتاة، و إذا ذهبت إلى مكان السمسار فوجدت الصفقة أرخص.” ففعل أسلم كما أشار عليه أديب، و تمت الصفقة بمبلغ ثلاثة آلاف روبية لفتاة للية واحدة، و أخبرها عنوان غرفته.

كان أسلم لا تسعه الأرض فرحا، و كأنه حصل له أكبر نجاح في الحياة، فستكون هذه الإجازة الأسبوعية مختلفة تماما من الإجازات الأسبوعية الماضية، إنه لا يبقي في غرفته نائما بدون جدوى بل يجد شيئا ليتمتع به في اليوم القادم، و هو ليس ببعيد، إنه لم يقترب الخمر قط، ولكن، اليوم عند الرجوع من المكتب ذهب –لأول مرة في حياته- لاشتراء الخمر، و ابتاع نوعا من البيرة على مشورة أديب فهي تضاعف المتعة و تزيد في النشوة. و لكن مع ذلك كان يشعر بنوع من الخوف، فلم يستطع بعد أن يتصور كيف ستكون الفتاة، و لم يستطع أن يقرر كيف سيبدأ الكلام معها.

عندما تسلطت على وجهه أضواء الشمس الحارة التي تدخل إلى غرفته من النافذة المفتوحة، فتح عينيه متمطيا، و ألقى نظرة على ساعة حائط، فما هي إلا الساعة العاشرة، ثم وقعت نظرته على زجاجة البيرة فشعر كأنه امتلأ بالنشوة بدون شربها، و ليس اليوم كأيام عطلات أخرى، فاليوم لديه شغل يشغله من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. إنه شعر كأن الوقت يمر بغاية من البطء، فاتصل بنفس السمسار للتأكد من الصفقة و سمعها قائلة “لا تقلق، ستصلك فتاة في التاسعة ليلا، و عليك أن تودعها في الرابعة صباحا، ثم انقطعت المكالمة.”

الساعة التاسعة تبدو بعيدا جدا، فلماذا لا ينام مزيدا، فسيظل يقظا طيلة الليلة. فوصد مصراعي الشباك و ألقي عليه الستار ثم استلقى على فراشه للنوم و لكن النوم لم يقترب عينيه، كان ينظر إلى الساعة من وقت لآخر و ينتظر الموعد بكل شوق و توق. نظف غرفته لضيف جديد، و وضع كتبه و بضاعته في صوان بنظام، ثم استعد و لبس أفضل ملابسه و استخدم أطيب عطر كان قد ابتاعه عندما زار إمبيئينس مول في الأسبوع الماضي، فبدا كأنه يستعد لاستقبال حبيبة و ليس لمومسة.

عندما بلغ عقرب الساعة ثمانية ونصف، رن هاتفه المحمول، فقفز من فراشه لان الرقم الظاهر على شاشة هاتفه كان لتلك السمسار، و ضغط الزر الأخضر لاستلام الاتصال بيد مرتجفة، و سمع صوتا من جانب آخر “قد وصلت الفتاة، و هي تنتظر لك عند إشارة منيركا في سيارة رقمها 1003. وما أن سمع ذلك حتى أسرع إلى الإشارة التي تقع على مسافة مئة متر من المبنى الذي يحتوي على شقته.

رأى سيارة من طراز تاتا إنديكا واقفة في ناحية، فألقى نظرة على لوحة رقمها و وجد أنها نفس السيارة التي يريدها، فبدأ يقترب من السيارة ولكنه لم يخط خطوتين حتى دهش و سقط على يديه، شعر كأن الأرض قد ربطت قدميه و لم يكد يؤمن بعينيه، و إن لم يمسك بسياج الطريق لسقط على الأرض. فالبنت التي تجلس على المقعد الخلفي للسيارة ليست إلا تلك التي تعمل في مكتبه و تعجبه و هي التي استقرت في قلبه، و كم من مرة شعر بنوع من الحب لها. عندما رأته تلك الفتاة يقترب السيارة دهشت و شعرت كأنها تسمرت في مكانها، ولكن الرزانة و الهدوء لم يفارقا وجهها، و لم يفرط من شفتيها إلا كلمة “أنت!”، ثم نزلت من السيارة متثاقلة و أخذت بيده قائلة “أين نذهب”، لعلها لم ترد ان ينكشف هذا الأمر على السائق، ثم مشيا بهدوء إلى شقته.

كانت أنواع الأفكار تهجم رأسه، قبل اليوم، كم من مرة تمنى أن يتكلم معها، و يمسها، و كم من مرة تمنى أن ينالها، و مرارا تمنى لو تصبح زوجته،  و لكنه لم يخطر بباله قط و حتى في المنام أن يقابلها هكذا بالصدفة، عن طريق سمسار الفاحشة.

فتح قفل شقته بيد مرتجفة، ثم دخلا، فألقت نفسها على الفراش كأنها متعبة، و قالت “هذه أولى مرة لقيت رجلا من مكتبي، قد رأيتك مرارا في كافيتيريا، و أعرف أنت أيضا من الذين يحدقون فيّ، فقد رأيتك مرارا تنظر إلى…” إنه قاطع الكلام قائلا “كيف وقعت في هذا الوحل، هل بوسعك أن تخبريني؟ أريد أن أعرف كل شيئ.”

-“دع هذا، و أي فائدة في ذلك، وما لي ولك إلا أننا نعمل في نفس الشركة، ، تمتع هذه الليلة كما تشاء، و أرجوك أن لا تخبر أحدا في المكتب و إلا فاضطر إلى الاستقالة.”

-“ولكن أريد أن أعرف كيف وقعت في شبكة هذا السمسار، أنت جميلة، و تبدو جميلة الخلق.

-“هذه قصة طويلة و تستغرق طول الليل.”

-“لا بأس”

-“فاجلس إلى و استمع.”

عندما كنت في السنة النهائية من البكالوريوس في تكنولوجيا في كلية بريلي، نزلت بحرم الكلية إحدى الشركات لانتقاء من يصلح لعملها، فكنت واحدة الاثنين اللذين نجحا في اختبار الأهلية للشركة، و كانت هذه تقدم راتبا جيدا. فقبلت العرض و بعد انتهاء الاختبارات النهائية بأربعة شهور، دعتني الشركة للانضمام إليها، و بعثتني إلى مدينة تشيناي للتدريب. وجدت هناك راكيش، ذلك الفتى الذي كان من كليتي و كان تم انتخابها معي. في زمن الكلية لم تكن بيننا علاقة إلا تلك من نوع السلام فقط، ولكن بما أنه كان هو الوحيد الذي عرفته من قبل فتطورت بيننا علاقة طيبة، كنا نقابل في بعض الأحيان  بعد التدريب و نذهب إلى الأسواق و الحدائق للترفيه، و بعد أن انتهينا من التدريب، تم تعييننا بمدينة دلهي في نفس الفرع للشركة، فاتخذت السكن في إحدى بي جي (paying guest accommodation) بجورجاؤن مثل الفتيات العاملات الأخرى بنيودلهي، و أنت تعرف هناك ليس من يراقب غدواتنا و روحاتنا في بي جي، فليس هناك أبي يسأل لماذا تأخرت، وليست هناك أمي لتسأل أين بت الليلة، فكنت حرة أذهب إلى أين أريد و أفعل ما أشاء مثل فتيات أخريات يأتين من الخارج للعمل. استأجر ذلك الفتى غرفة قرب المكتب للسكن، كنا نلتقي في المكتب و نفطر و نتغدى معا، ثم بدأت أرافقه إلى غرفته و أزوره فيها في بعض الأحيان في عطلة نهاية الأسبوع، و كنا نذهب كثيرا إلى امبيئينس مول لمتابعة الأفلام و إلى الحدائق و الأسواق للتجول و الترفيه معا، و لم أدرك متى تطورت بيننا صداقة حميمة، و علاقة المودة و الألفة، فلم استطع أن أرفض عندما عرض علي راكيش أن أنتقل من بي جي إلى شقته التي تحتوي غرفتين، وكان قد انتقل إليها حاليا، فلم أعد أتصور حياة بدونه، و الشئ الآخر الذي حضني  على الانتقال إلى شقته هو الأجرة الباهضة لبي جي، فقد كنت أدفع حوالي نصف راتبي للسكن فقط.

بينما كنت أقضي أحلى أيام معه، و لم أدرك متى انسلخت سنة كاملة، إذ قدمت عليه شركة أخرى من مدينة “بوني” عرضا طيبا و راتبا أفضل، فقبل ذلك العرض بدون أن يطلب رأيي في ذلك، فحدث بيننا شجار شديد لعدة أيام ثم انتقل إلى “بوني” تاركا إياي خلفه باكية، و هكذا انتهت علاقتنا، ولجأت إلى بي جي مرة أخرى.

لم أكن في بي جي مطمئنة القلب، فقد كنت قد ذقت الماء، و لم يعد بوسعي أن أتغلب على دوافعي و حوافزي و أن أبقي دون رجل، فتطورت بيني و بين زميل لي علاقة غير شرعية، و عندما انقطعت الصلة بيننا لأسباب، تعلق بي زميل آخر. استمرت علاقتي بهذا الآخر بضعة شهور ثم خدعني، فشعرت بالحرمان، و بكيت كثيرا، و لم أعد أومن بوفاء الرجال، و لم أر من المناسب أن أدع أحدا يستخدمني لنفسه ثم يخذلني بعد أن يشبع مني، و أخيرا اخترت هذا الطريق الذي وصلت به إليك لتهدئة دوافعي و لكسب المال الإضافي.

-” ألايمكن أن تتخلي عن هذا العمل الخطير”

-“دعني و شأني؟”

-“هذا عمل خطير، و يسبب سوء السمعة إذا وقعت بيد الشرطة”

-“هذا لا يمكن”

-“لماذا لا يمكن؟”

-” لأن سمسارنا تدفع الشرطة عشرة آلاف في كل شهر.”

-“ولكن أتمنى لو تركت هذا العمل.”

-لماذا تريد هذا”

-“لأنني، لأنني أحبك”

-“لم أعد أؤمن بالحب، ولا أظنك إلا مثل الآخرين الذين خدعوني، قد قلت آنفا لم أعد أؤمن بوفاء الرجال.”

-“ولكنني أحبك في الحقيقة، و كم من مرة تمنيت أن أجلس إليك و أخبرك ما في قلبي، ولكنني لم أجرأ، قد أصبجتِ -منذ وقت- الفتاة التي أحلم بها في منامي، و أريد لقائها، ولكنني لم يخطر ببالي قط أن أنال مرامي هكذا، و لكن والله، إذا رضيت و قبلت حبي، فلن أمسك إلا بعد الزواج.

-“فبماذا تنتظر؟ تعال ضمني إلى صدرك، أنا في أمس حاجة إلى من يحبني بقلبه و قالبه.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of