+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

رحلة سياحية إلى “منالي” مدينة الطبيعة الساحرة و الجمال النادر
د. محسن عتيق خان الندوي

%d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%b9%d8%aa%d9%8a%d9%82-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%84%d9%8a

كنت أشتاق إلى مشاهدة الجبال ورؤية القمم المغطاة  بالثلج منذ زمن طويل إذ وجدتها مثيرة و مشوقة في الصور والأفلام ولكن لم تسنح لي الفرصة أن أسافر فلم أكن أرى هذه المشاهد بعد، و عندما أراني أحد زملائي في المكتب بعض الصور و لقطات عن زيارته لـ”كلو-منالي، دهشت إذ رأيته يتمتع بالثلج على جبل في ملابس الشتاء، فلم يخطر ببالي قط أن يوجد الثلج في مثل هذا الحر الشديد في شهر يونيو، و ذلك على بعد خمس مئة كم من دهلي فقط. فلم أتمكن من أن انتظر مزيدا، و بعد التشاور مع زملائي بهذا الصدد في المكتب، أعددت خطة و حجزت تذكرتين لحافلة عن طريق الموقعredbus.com , وحجزت غرفة في فندق باين غروف {Pine Grove} عن طريق موقع السياحة الشهيرmakemytrip.com.

عندما عدت البيت و أخبرت أم عبد الله عن خطة الرحلة إلى منالي في اليوم التالي، إنها لم تتمالك على نفسها من الفرح إذ هي تخرج لأول مرة للسياحة، و بدأت تستعد للسفر، و كان ذلك في الأسبوع الأول من شهر يونيو عام 2014.

في الطريق:

في اليوم التالي، عندما رجعت إلى البيت وجدتها مستعدة مع ابني عبدالله و أعيان، فركبنا السيارة التي كنت اكتريتها لتوصلنا إلى الباص الذي يغادر من حي “مجنون كا تيله” في منطقة دهلي الشمالية. و لم تسر سيارتنا بضعة كم حتى بدأ ابني الصغير أعيان يقئ، و هذا أشار إلى كيف سيكون سفرنا، فالماء الذي حملناه معنا استخدم لتنظيف القئ.

سلمنا بضائعنا إلى مساعد سائق الباص الذي كان يرتب بضائع الركاب، و دخلنا الباص فاستقبلنا هواء بارد يريحنا من تعبنا و عرقنا، و وجدنا أن الباص مكيف و ومريح و مقاعدها ناعمة. جلسنا على المقعدين الذين كنت حجزت، و عندما حفل الباص بالركاب في ربع ساعة قادمة غادر المكان.

بعد ما تجاوزنا حدود دهلي و وصلنا “سوني بت” في ولاية هاريانه، توقف الباص و نزل الناس للعشاء. كان المطعم يبدو من مظهره بأنه بني للسائحين خاصة إذ نجد هناك أرجوحة مزخرفة للأطفال و الناس، و حديقة جميلة في ساحتها، و كشك للمشروبات المختلفة بما فيها مشروبات تساعد في تنظيف الجهاز الهضمي. عندما رأى عبدالله هذه الأرجوحة أسرع إليها و تعلق بها، فتبعته أمه لرعايته. كان هذا المطعم يوحي بأننا على سياحة و يجب أن لا نقبض على جيوبنا. تعشينا ببعض الوجبات الخفيفة و شربنا بعض المشروبات الهاضمة نظرا إلى المسافة الطويلة التي سنقطعها.

غادر الباص مرة أخرى بعد نصف ساعة، و بدأ الناس يستعدون للنوم، كنا قد أجلسنا ابنينا في أحضاننا في البداية، و لكننا وجدنا ذلك صعبا إذ كانت المسافة لأكثر من اثنى عشر ساعة، فوضعت ابني الكبير في الفسحة عند أقدامنا إذ كان قد نام بعد دخول الباص، ثم وضعنا أعيان على أفخاذنا و أرحنا أنفسنا بعد ما دفعنا مقعدينا إلى الخلف، وفي بضع دقائق خلدنا إلى النوم.

عندما انفتحت عيناي كنت وجدتني ارتعش من البرد، فألقيت الرداء على أنفسي، و بدأت أطل من الشباك. كان الظلام لا يزال حالكا في الخارج و كان الباص يجري بسرعة على طريق جبلية تلتوي و تنعرج في كل دقيقة. كانت عيناي تعلقت بالشباك في محاولة أن ترى شيئا في الخارج فبدأت بعض النجوم تلوح لي من بعيد ثم بدأت تقترب قليلا قليلا كأن الباص يجري بنا إلى السماء، كنت أحدق في هذه النجوم التي كانت تلمع بخفة حتى توقف الباص عند مطعم و نزل السائق ليريح نفسه من عناء السياقة الطويلة ببعض رشفات الشائ. نزلت خلفه فأدركت أن هذه ليست بنجوم في الحقيقة بل أضواء من بيوت قرية جبلية لا تزال غارقة في النوم، طلبت لنفسي الشائ و بدأنا نتجاذب أطراف الحديث.

عندما فرغنا من الشائ كان الصبح قد بدأ يتنفس بين ضباب الفجر و كانت قمم الجبال الخضراء قد بدأت تلوح لنا و تعرض لنا نوعا جديدا من المناظر المدهشة التي لم أرها إلا في الأفلام والصور. كانت هذه الجبال مغطاة بأشجار صنوبر الطويلة الخضراء و كان لجمالها أثر في قلوب الركاب الذين بدؤوا يستيقظون، فنزل بعضهم من الباص لتنفس هواء الفجر و لالتقاط بعض الصور، فلكثير منا، كانت هذه أولى زيارة إلى المناطق الجبلية.

بدأ الباص يسير على الطريق المنعرجة مرة أخرى، و عندما أطللت من الشباك دهشت مما رأيت فكان المنظر مخيفا و رائعا في نفس الوقت، كان الباص يجري على طريق حفرت على حافة الجبال. كان في جانب سلسلة من جبال الهيمالايا ذات القمم الشاهقة و في جانب آخر نهر عميق مخيف مستعد لابتلاع الباص في لمحة البصر إذا أخطأ السائق للحظة، و كان الماء يجري فيه بسرعة فائقة و يخلق صوتا شديدا عندما يصطدم بالأحجار الكبيرة. و لكن هذا النهر كان مختلفا تمام الاختلاف من أنهار منطقتنا القذرة، فكان يعرض لعيوننا جمال الطبيعة بماءه الصافي و أحجاره البيضاء التي تحمل بعض الحمرة، و بيوت القرى المختلفة المتناثرة على حافتيه لم تفعل إلا تزيد في جمال الطبيعة بسقوفها المتنوعة. و بعد ما قطعنا مسافة قليلة بدأ الصبح يظهر لي في أجمل صورته عندما رأينا أشعة الشمس الخفيفة تلوح من فوق قمم الجبال، و ترفع لنا قناعا عن رؤوس الجبال البيضاء لأول مرة، فكان لها بريق مميز، و كل هذا جعلني أشعر بأنني في أحضان الطبيعة الخالصة و في منطقة لم تلعب بها أيدي الناس بعد.

كنت مستغرقا في بهجة الطبيعة و لم أشعر بأن أشعة الشمس التي تقبل وجه ابني الصغير تشتد في الحرارة بمرور كل لحظة، و أدركت ذلك عندما شعرت بشئ يبلل قميصي فوجدته يقئ علي، و هكذا قال لنا صباح الخير و أيقظ أمه و أخاه الكبير الذي هو أيضا قال لنا صباح الخير بنفس الطريقة. و ما أن فرغت من نشف قميصي بفوطة و مسح وجهيهما بالماء، وثب كلاهما على جوالي الجديد الذي كنت اشتريته قبل شهر، و بدأ يلتقطان صور الجبال و القرى والنهر من الشباك و يتمتعان بجمال الطبيعة الجبلية.

وصلنا في الساعة العاشرة مدينة “مَنالي”، و عندما نزلنا من الباص استقبلنا صوت الماء الشديد و الهواء النقي البارد الذي جعلنا نرتعش و ذلك في شهر يونيو الذي يعرف لقيظه و حره الشديد في دهلي. كانت محطة الباص على ضفة نهر “بِياس”، النهر الذي قطعنا على حافتيه مسافة طويلة منذ الصباح الباكر. كان في جانب صف للفنادق المختلفة و في جانب آخر قطار لحافلات السائحين، و بينهما طريق يبدأ من ضفة النهر و يهدي إلى داخل المدينة، و إذا رفعت الرأس إلى السماء وجدت جبالا راسية تناطح السماء من كل جانب فأدركت بأنني في عالم آخر.

اليوم الأول: جولة في مدينة منالي

أول ما كنت أريد هو خلع قميصي المبتل القذر والاغتسال و إن لم يكن ماء هذا النهر باردا لوثبت فيه ولكنني كنت مضطرا أن أبقى في هذه الملابس إلى أن أصل الفندق. كان مدير الفندق في انتظارنا، فقدم لنا وجبة ترحاب، و بينما كنا نحتسي الشائ في محاولة للتغلب على ارتعاشنا من شدة البرد، إنه أعد لنا غرفتنا التي كانت على الطابق الثاني للفندق. رميت بملابسي في زاوية من زوايا الحمام و قمت تحت دش الماء الحار، و قبل يوم لم يخطر ببالي قط بأن رجلا مثلي سيقوم تحت دش الماء الحار في شهر يونيو نظرا إلى شدة الحر في مدينة دهلي.

كنا نريد أن نأخذ قسطا من الراحة قبل أن نقوم بجولة للتعرف على مدينة منالي فاستلقينا على فراشنا و بدأ النوم يتلاعب برؤوسنا إثر تعب السفر الطويل الليلة البارحة، ولكن ابني لم يكن مستعدا للنوم و لم يكن يبدو تعبا بل كان يبدو نشيطا أكثر مما يبدو في بيتنا في دهلي، فقد كان خرج في رحلة للسياحة لأول مرة، فأخذ بذيلي و ذهب بي إلى شرفة غرفتنا فوجدنا أنفسنا أمام جبل شامخ أخضر ذي أشجار صنوبر الطويلة و بعض البيوت المتناثرة ذات سقوف جميلة، فبدأ يلتقط الصور لهذا المنظر الجميل من نواح مختلفة. ألقيت النظر على ساعتي فأدركت بأن عقرب اللساعة قد وصل نقطة اثنى عشر، و اليوم يوم الجمعة فهرولت إلى هاتف الفندق الموجود في غرفتنا و اتصلت بالمدير و استفسرت عن عنوان المسجد في هذه المدنية ولكنه أخبر بأنه لا يوجد في هذه المدينة أي مسجد، و أقرب المساجد يقع في مدينة “كُلُو” الواقعة على بعد حوالى أربعين كلو متر، فتعجبت من ذلك إذ لم اكن اتوقع أن مثل هذه المدينة قد يفقدها مسجد، فلا تخلو أية مدينة صغيرة أو كبيرة من المساجد في الهند.

img-20140606-wa0003

بعد الظهيرة اكترينا سيارة من الفندق لرؤية الأماكن السياحية في داخل مدينة منالي، فذهب بنا السائق أولا إلى “كلب هاؤس” وهو مكان للترفيه بنى على طراز مباني الإنجليز على ضفة نهر “منالسو” الذي يصب في نهر “بياس” و يقدم للسائحين والأطفال أنشطة داخلية و خارجية بما فيها تنس الطاولة، وكيروم، و ركوب الزوارق في بركة، و عبور النهر، و كذلك هناك قاعات لبيع الملابس المحلية، و عدد من الكشك لبعض المأكولات الهندية و الشائ. و هذا المكان يقدم للأطفال عددا من المفاجآت فتجد هناك ألعاب فيديو، والمرح، والدراجة، و بيت الشياطين، و ألعابا أخرى.

تمتع عبد الله بسياقة الدراجة، و زيارة بيت الشياطين، و اشترت أم عبدالله بعض الملابس و أنا تمتعت بعبور النهر على حبل من ضفة إلى ضفة أخرى لنهر بياس، فتعلقت بالحبل و زحفت إلى جانب آخر، و عندما وصلت وسط النهر بدأ المدرب يحرك بالحبل لكى أمس الماء برجلي، و هذا كان مخيفا و كان الماء باردا إلى حد التجميد فلم أستطع أن أمسه لأكثر من ثوان أو أكمل عبور النهر فعدت إلى نفس الضفة. و أخيرا تمتعنا بركوب الزورق في البركة لنصف ساعة.

img-20140606-wa0012

بعد ذلك توجهنا إلى معبد “هديمبا ديوي” و في الطريق تعرفنا على مدينة منالي القديمة ذات بيوت متفحمة تم بنائها بتراصف الأحجار و الجذوع الصلبة، و سقوفها سوداء منحدرة إلى جانبين من الوسط، و شاهدنا في هذه البيوت السكان الأصليين يعيشون حياة ساذجة بسيطة. عندما دخلنا في حرم معبد “هديمبا ديوي” وجدنا أنفسنا في غابة الديودار الكثيفة التي تحيط هذا المعبد الخشبي القديم من كل جانب، وكما عرفت من اللوحة المنصوبة هناك، كان الملك راجا بهادر سنغ أحد ملوك المنطقة بنى هذا المعبد من الخشب والحجر في عام 1533م بإسم هديمبا ديوي زوجة بهيما إحدى شخصيات ملحمة مهابهارتا الهندية العتيقة. و حسب الخرافات المحلية، الصخرة التي كانت هديمبا ديوي تصلي عليها محفوظة في هذا المبعد الذي يتكون من أربعة طوابق و يضم في داخله تمثالا حجريا لإلهة هديمبا ديوي و تتحلى من الداخل بالمنحوتات الخشبية التي تصور الشخصيات الأسطورية والرموز الهندية. كانت هناك بعض نسوة القرى مع الملابس المحلية تقدمها للسائحين لالتقاط الصور بأسعار مناسبة، فترى هنا و هناك نسوة و فتيات يحاولن أن يعطين تصويرا أفضل و كذلك المصورين يحاولون أن يظهروا مدى براعتهم في هذا المجال، فالتقطت أم عبد الله من بينها ملبسا لالتقاط الصور، و هناك عرفت على خدمة التصوير و إرسال الصور إلى الفنادق، فهؤلاء المصورون الذين يوجدون في كل مكان سياحي في منالي يقومون كل ذلك بنظام، إنهم يلتقطون الصور ثم يرسلونها إلى فنادق السائحين في المساء و عند ذلك يأخذون الثمن. اشترينا بعض الألاعيب الخشبية لابنينا و كذلك فستانا لابن أختي عند الخروج من حرم المعبد، و عند بابه تمتعنا بالركوب على الثور التبتي ذي الشعر الطويل الكثيف مع طفلينا الذين أصرا على ذلك.

%d8%b9%d9%86%d8%af-%d9%85%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d9%87%d8%af%d9%8a%d9%85%d8%a8%d8%a7-%d8%af%d9%8a%d9%88%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%84%d9%8a

كنا قد قررنا أن نزور بعض الحديقات و أديرة البوذيين التي ليست أمكنة للعبادة والدراسة فقط بل مراكز ثقافة البوذيين و تاريخهم، والذين يسكنون في هذه المدينة، ولكن لم يبق لدينا الوقت إذ كانت الشمس قد بدأت تغيب عن الأنظار خلف قمم هماليا، فتوجهنا إلى سوق “مال رود”. فضلنا أن نتنزه و نجوب الشوارع سيرا على الأقدام فودعنا السيارة إذ يقع هذا السوق على مسافة عشرة دقائق من فندقنا فقط. و هذا سوق غال يوجد فيه أنواع من الدكاكين، والمطاعم، و المشارب والمقاهي على جانبي الشوارع، و كلها مليئة بحشود من الفتيات والفتيان، و السياحين الهنود والأجانب سويا، فهذه ذروة السياحة في منالي إذ يلجأ الناس من المناطق السهلية إلى المناطق الجبلية الباردة في هماليا فرارا من القيظ اللافح والحر الشديد. وخلال تجولنا على مال رود اشترينا بعض الأشياء ثم تعشينا في إحدى المطاعم قبل الذهاب إلى الفندق.

اليوم الثاني: سياحة نقطة الثلج و ممر روهتانغ

غادرنا الفندق في الساعة الرابعة صباحا لرؤية قمم هماليا المغطاة بالثلج و هي على بعد حوالي خمسين كم فقط من منالي، و ما أن جلست في السيارة طرأ علي النوم إذ لم أكن استيقظ كاملا بعد فغرقت في النوم مرة أخرى. وبعد مسافة حوالى ساعة عندما أيقظنا السائق وجدنا أننا نرتعد من البرد رغم أننا في ملابس الشتاء. إنه قد أوقف السيارة في جانب الطريق عند دكان و أشار علينا أن نكتري الملابس الخاصة بالمنطقة حيث تنزل درجة الحرارة إلى صفر أو أقل من ذلك، و كذلك أحذية التزحلق إذا أردنا أن نتمتع بالتزلج على الجليد.  كان الدكان يبدو مثل خيمة نصبت على حافة الطريق، و كانت الملابس قد عُلقت على جدرانها، و كذلك كانت هناك بعض كومات من الملابس. كان هناك بعض السياحين ينتقون منها، فاخترنا الملابس تناسب أجسامنا و اكترينا حذائين للتزحلق بما اننا لم نكن نعرف التزحلق فأخذنا معنا مدربا لذلك. بدأنا نغط في النوم مرة أخرى و عندما أيقظنا السائق بعد مسافة نصف ساعة وجدنا أن الصبح قد بدأ ينشق من ظلمة الليل، و أدركنا بأننا في عالم آخر، عالم يختلف من العوالم التي عرفناها حتى الآن.

كنا على قمة جبل قد لبس رداء أبيض من الجليد، و كانت قمم الجبال الأخرى تبدو كأنها تقف أمامنا وجها لوجه، و حوافي الرداء الأبيض كانت تتصل بالسماء الأزرق الصافي فلا يبدو لنا على مدى البصر إلا الثلج أو السماء، فشعرنا كأننا نقف بين سقف أزرق و أرض بيضاء عند فلق الصبح. وضعنا أقدامنا على الثلج و انزلقنا إلى الأسفل حيث كان ميدان صغير للتزلق و كشك للشائ، فأول ما فعلنا هو طلب الشائ مع البيض لكى نخفف عنا بعض الشعور بالبرد القارس، و ذلك بقيمة غالية. كان المدرب معنا فعلمنا بعض نقاط التزحلق وحاولنا أن نجرب ذلك و لكن لم ننجح إذ لم نستطع أن نعتدل بتوازننا فكنا نسقط هنا و هناك، فامتنعنا عن ذلك و اكتفينا بالتقاط الصور في هذه الأحذية الخاصة. كان عبدالله لايسعه الفرح فكان يصعد إلى الأعلى قليلا ثم ينزلق إلى الأسفل و فعل ذلك مرارا و تكرارا، و كذلك أصر على أن أصعد إلى الأعلى أكثر معه و أنزلق إلى الأسفل معه ففعلت ذلك عدة مرات. و كان هناك رجل قروي قد حفر من الثلج مكانا للجلوس مثل محراب و كتب عليه بعض الكلمات ترحيبا للسائحين و كذلك تاريخ ذلك اليوم، كان الناس يجلسون عليه و يلتقطون الصور و يعطونه بعض الروبيات.

img-20140608-wa0028

كانت لزيارة هذا المكان المثلوج تجربة مختلفة في حياتي فشعرت بأنني ابتعدت عن زخم الحياة العصرية و كأن هذا المكان رفع عن قلبي كثيرا من المشاغل التي قد تثقل تفكيري في دهلي، فالطبيعة الخلابة تغني عن كل شئ لفترة من الوقت. كانت الشمس قد بدأت تشرق و تزيد في جمال الطبيعة بأشعتها التي عندما تلقي على قمم الجبال تخلق منظرا جميلا، ولكن مع ذلك بدأت في تقليل  البرد و تذويب الثلج فوجدنا مشكلة كبيرة في الصعود إلى الأعلى مع أبنائنا فساعدنا المدرب الذي كان معنا في الصعود إذ حمل ابني و أوصلهما إلى الطريق واحدا واحدا. رغم أننا لم نود أن نغادر هذا المكان ولكن كان هذا وقت المغادرة فبدأنا سفرنا بذكريات لن تمحي من الذاكرة بسهولة. عندما بدأت سيارتنا تزحف إلى الأمام في طريق مكتظة، أشار عبدالله إلى شيئ غريب بل جميل يبهر الأبصار، فرأيت ألوان الطيف متتابعة بما فيها اللون البنفسجي، والبرتقالي، والأحمر و الأزرق و غيرها عند مسقط شلال بعيد يبدو صغيرا جدا كأنه خيط من الماء، فأخبرت ابني بأنه قوس قُزَحَ، و بعد مسافة حوالى نصف ساعة وجدنا شلالا جميلا مذهلا في طريقنا كان مائه يهبط من مرتفع عال ويصب في نهر “بياس”، ولعل هذا هو الشلال الذي رأيناه من بعيد. وجدنا بعض السائحين يلتقطون الصور عند هذا الشلال، فأوقفنا سيارتنا على جانب الطريق و تمتعنا برذاذ مائها البارد قليلا و التقطنا بعض الصور عنده. تقدمنا إلى الأمام فوجدنا عددا من الشلالات الصغيرة تصب في نهر بياس هنا هناك و تزيد في مائه، فهذا النهر الذي بدا كمجرى صغير عندما نزلنا من نقطة الثلج بدأ يتسع بانصباب الشلالات الصغيرة و الينابيغ المختلفة فيه.

 %d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%b9%d8%aa%d9%8a%d9%82-%d9%84%d8%af%d9%89-%d8%b4%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b1%d9%88%d9%87%d8%aa%d8%a7

أوقف السائق سيارتنا عند مطعم في الطريق، فأكلنا الفطور في خلفية منظر جميل وجده عبدالله مشابها بمناظر فيلم “كريش” فقال مشيرا إلى بيت جميل “لعل هذا هو المكان الذي كان كريش يعيش فيه.”

%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b7%d9%88%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b7%d8%b9%d9%85-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b1%d9%88%d9%87%d8%aa%d8%a7%d9%86%d8%ba-%d8%a8%d8%a7

وصلنا وادي “سولانغ”، وكانت الشمس قد استوت. هذا الوادئ الذي يقع على مسافة حوالى 12كم من منالي يعرف للألعاب والأنشطة المختلفة التي تنطوي على متعة المخاطرة و المغامرة مثل التزلج باستخدام طائرة عمودية، و التدحرج في كرة كبيرة الحجم، والتنزه سيرًا على الأقدام، وتسلق الجبال، و ركوب الخيل، والصعود إلى قمة الجبل بالتلفريك “المعبر الهوائي”. و بما أن أم عبد الله لم تأذن لي أن أغامر بطيران باراشوت، فاشترينا تذاكر التلفريك و صعدنا إلى قمة جبل هناك حيث قضينا وقتا طويلا متمتعين بالهواء النقي البارد و مناظر الجبال الشاهقة، و متنزهين سيرا على الأقدام. عندما نزلنا إلى الوادي وجدنا عددا من أصحاب الخيول ينتظرون للنازلين فبعد مساومة قليلة تمتعنا بركوب الخيل وطفنا طوافا في الوادي ثم غادرنا إلى منالي و في الطريق توقفنا قليلا عند “نِهْرُو كُند” و هو ينبوع ماء صاف يقع على بعد حوالى ست كم من منالي و سمي بإسم رئيس الوزراء الهندي الأول الذي كان يشرب منه عندما يزور منالي كما أخبرنا جندي كان نزل من إحدى شاحنات الجيش ليملأ عدة زجاجات من ماء هذا الينبوع، و أضاف قائلا يعتقد أن هذا الينبوع ينشأ من بحيرة “بهريغو” التي تقع على ارتفاع 4300 متر.

توقفنا في الطريق عند قرية “فاشيشت” التي تعرف لعين كبريتية ساخنة تعتبر كنعمة إلهية و أعجوبة من عجائب الله في مثل هذا المكان البارد، فماء العين حار جدا و يمكنك أن تغتسل و تطبخ به. سميت هذه القرية بإسم الزاهد الهندي الكبير “فاشيشت” و له معبد قديم فيها قرب العين. كتب “فاشيشت” الباب السابع من كتاب “ريغ ويدا” القديمة، و كذلك ينسب إليه كتاب آخر إسمه “فاشيشتا سَمْهِتا”. إنه كان يملك البقرة الشهيرة المعروفة في الخرافات الهندية بإسم”كامدِهينو”.

وصلنا فندقنا متعبا و مرهقا في الساعة الرابعة تقريبا و كان عبدالله و أعيان في نوم عميق فحملت عبدالله في حضني و حملت أم عبد الله أعيان في حضنها و صعدنا الدرجات إلى غرفتنا و استلقينا بدون فكرة ثانية. عندما استيقظنا في المساء كانت الشمس قد غربت و كانت السماء تمطر مطرا غزيرا، فاضطررنا أن نلغي زيارة “مول رود” و نكتفي بالطعام المتوفر في الفندق. بما أننا لا نأكل اللحوم في الخارج إذ لا نتأكد ما إذا تم الذبح على الطريقة الإسلامية أم لا، فنفضل أن نأكل الخضراوات، و عندما لاحظ النادل ترددا لدينا فاقترح علينا أن نطلب الخبز و “بَنِير مَسالا، و هو لذيذ و يطبخ من إحدى منتجات اللبن.

اليوم الثالث: رؤية قلعة “ناغاَر” وشلال “جنا”

كان هذا يوما أخيرا لنا في منالي، و كانت هناك أماكن سياحية عديدة لم نتمكن من زيارتها بعد، ولم يكن من الممكن أن أزور جميعها في يوم واحد، فقدم لي المدير خيارين، أولا زيارة  مدينة “كلو” لرؤية مصنع الشال الشهير و للتمتع برياضة قوارب الأنهار هناك ثم زيارة معبد السيخ “غورودوارا” في قصبة مني كرن حيث توجد عين ماء كبريتي حار آخر، ثم العودة إلى مدينة “كلو” و ركوب الباص من هناك. و ثانيا زيارة قلعة ناغار و رؤية شلال “جَنا” ثم العودة إلى منالي و ركوب الباص من هناك. إلمامي بالتاريخ حضني على ان أفضل رؤية قلعة ناجر لمشاهدة الفن المعماري الجبلي، و كذلك لم أكن أشبع بعد برؤية الشلالات بسبب جمالها الخلاب الساحر، و فوق ذلك لم أكن أرغب في ممارسة رياضة التجذيف بالقوارب، فاخترت العرض الثاني، و في الساعة التاسعة صباحا بعد ما قمنا بتسجيل الخروج من الفندق انطلقت بنا السيارة إلى قلعة ناجر.

كانت الطريق وعرة و ضيقة وتمر من خلال قرى صغيرة أسماء بعضها ارتسمت بلوحاتها في ذهني و هي بريني، وجَغَتْ سُكه، وغوجرا، وكهكنال، وسَجْلا، وهري بور و غيرها أخرى لم أعد أتذكر، و في هذا الطريق سنحت لي الفرصة أن ألاحظ أناس القرى الجبلية و بيوتهم و حقولهم من كثب، فوجدتهم ذوي أنوف مسطحة في أزياء محلية، بعضهم يحملون على كواهلهم حمولات الرز المقطوعة و يمشون على جانب الطريق، و بعضهم يدوسون سنابل الرز في بيدر أو آخر، و بعضهم  يحصدون في الحقول التي تبدو كأنها درجات للصعود إلى الجبال والهضبات التي تتزين بالغطاء النباتي الكثيف و تتحلى بغابات من الصنوبر و العرعر و توفر للناس هواء معطرا نقيا يعطي نشاطا حيويا و ذهنيا. البيوت مثلما رأينا في منالي القديمة فهي بنيت من الأحجار السوداء و الخشب، و سقوفها سوداء مفحمة، و قد لاحظت أن بين هذه البيوت قد بدأت تظهر بيوت من الإسمنت ومواد البناء الحديثة المتواجدة في المناطق السهلية، و بجنب هذه القرى ظهرت بعض فنادق فخمة بسبب كثرة المصطافين في منالي. أوقف السائق سيارتنا في الطريق عند فندق Heritage Village Resort إذ كانت أم عبد الله تصر على أن تبيع بعض الأشياء للأقارب، و كان في إحدى قاعات هذا الفندق معرض للشول و بعض الأشياء المحلية الأخرى. عندما رأيت هذا الفندق أدركت بأنني كنت حجزت في أول الأمر غرفتنا فيه، ثم سحبت عندما تحققت أنه بعيد عن منالي واخترت فندقا آخر، و من حسن حظي كان موقع السياحة قد أعاد القيمة التي كنت دفعتها. كانت البائعات في هذا المعرض فتيات من القرى القريبة تستطيع أن تتكلم باللغة الهندية والإنجليزية بمهارة فائقة. اشترت أم عبد الله شالا و بعض الأشياء الأخرى بعد قضاء أكثر من نصف ساعة هناك.

عندما وصلنا قرية ناغار وجدنا أمامنا قلعة فخمة جميلة تقدم نموذجا للعمارة الهيمالائية و تقع في وسط غابات الجبال الخضراء المدهشة، و تطل على واد أخضر يمر من خلالها نهر بياس. دخلنا من الباب بعدما اشترينا التذاكر فوجدنا أنفسنا في شرفة تقود بنا إلى الداخل حيث صحن كبير يحيطها طابقان من ثلاثة جوانب، و الجانب الرابع مفتوح و يطل على الوادي الجميل لرؤية المشاهد الخلابة الساحرة و استنشاق الهواء العطر. و عندما نزلنا إلى الطابق التحتي وجدنا متحفا شاهدنا فيه لقطات ورسوما فنية رائعة. تتزين هذه القلعة بالمواقد الجميلة والسلالم المتوازنة والمنحوتات الحجرية والخشبية المدهشة. في هذه القلعة ثلاث مزارات صغيرة ذات أهمية دينية للهنادك، وكذلك في صحنها معبد إسمه “جاغتي بت” الذي يعرف بأسطور محلي و هو عندما أراد آلهة “كلو” أن يجعلوا هذا المكان مكانا إلهيا تحولوا إلى نحلات و طاروا إلى جبل “دِيو تِبّا” المقدس حيث قطعوا قطعة حجر منها وأتوا بها إلى مكان جاغتي بت في القلعة حيث يقوم معبد الآن، و حسب المحليين، عند كل كارثة يجتمع جميع آلهة “كلو” هناك لحفاظ الناس و لتقليل مصائبهم. و يجدر بالذكر هناك أنك لا تجد أي مكان ذا أهمية تاريخية أو دينية في الهند و بصفة خاصة في مناطق الهند الجبلية بدون خرافة أو أسطورة متعلقة بها.

هذه القلعة مبنية من الحجر و جذوع الشجر وتتكون من ثلاثة طوابق، و كان بناها الملك راجا سيده سنغ في عام 1460م، وهو كان يحكم مناطق وادي كلو من هنا. و يبدو أنه اختار مثل هذا المكان العالي الإستراتيجي ليتمكن من مراقبة وادي “كُلو” الأخضر الذي يمتد من ممر روهتانغ إلى مدينة مَندي مرورا بمدينتي منالي و كلو. و حسب الأسطورة المنقوشة على اللوحة هناك، تناقلت سلسلة إنسانية من العمال بأيديهم الأحجار و الجذوع عبر النهر والوادي من أطلال قلعة الملك راجا بهوسال بـ” بارا غره” الواقعة على الجانب الآخر لقرية ناغار إلى هذا المكان لبناء هذا الصرح العظيم الذي لا يزال قائما رغم الزلازل القاهرة من أهمها زلزلة عام 1905 التي هدمت قرية ناغار و لكن هذه القلعة لا تزال قائمة بكل فخامتها و جمالها. وقد قامت شركة هماتشال براديش لتنمية السياحة بتحويل هذه القلعلة إلى فندق أثري في عام 1978، و لاحظنا أن من يريد أن يحصل على تجربة الحياة الملكية هناك يجب عليه أن يختار القيام في هذا الفندق و لو كان ذلك لليلة واحدة فقط.

قد أمضينا بعض الوقت في القلعة مستنشقا الهواء الآتي من الوادي و متمتعا بمناظره و مغتسلا بأشعة الشمس الخفيفة التي تبدو مريحة في مثل هذا المكان البارد، ثم أردنا أن نزور معهد الدراسات الهيمالائية التي كان أسسها الرسام والفلسفي الروسي الشهير نيكولاس روريش الذي وقع في حب جمال الطبيعة في هذا المكان فاختار القيام هناك بعيدا عن وطنه و أسرته، و كذلك هناك قاعة عرض لرسوماته ولكن لم يبق لدينا إلا وقت قليل فتوجهنا إلى شلال جَنا الذي يقع بالقرب من قرية جنا على مسافة 14كم من قلعة ناغار.

كان الشلال كبيرا جدا بالنسبة للشللالات التي شاهدناها في الطريق حتى الآن، كان الماء يصب من أعلى الجبل إلى تحته و يسيل في خندق عميق إلى نهر بياس. و في إحدى درجات هذا الشلال الذي يحاذي الطريق هناك كراسي مفروشة في الماء الجاري لمطعم يعرض الطعام المحلي، و في بعض الدرجات العليا كان الناس يغتسلون بماء هذا الشلال. وجدنا الكراسي خالية فجلسنا عليها وطلبنا طبقا للأطعمة المحلية بينما بدأ الماء البارد يقبل أقدامنا الحافية و يتلاعب بها. كانت التجربة ممتعة و مثيرة و كان يعتريني شعور لا أستطيع أن أعبر عنها فالجلوس على الكراسي في ماء الشلال الجاري مع طبق محلي و شائ زنجبيلي شيئ لم أكن أتصور قط. و بالقرب من هذا الشلال على بعد حوالى خمسين مترا هناك شلال آخر صغير و لكن جميلة و هو أيضا يجذب الزائرين. كانت الطبيعة هناك قد شغلت بالنا فكنا نسينا أن حافلتنا ستغادر في الساعة الرابعة مساء من منالي، و أدركنا ذلك عندما بلغنا صوت السائق و هو يذكرنا بأن الباص سيفوتنا إذا لم نغادر هذا المكان الآن، فأسرعنا إلى السيارة مع الذكريات الجميلة التي ستبقى إلى مدى بعيد.

حادث مأساوي:

عندما وصلنا محطة الباص على ضفة نهر بياس في منالي وجدنا باصنا مستعدا للمغادرة فركبناه و جلسنا على مقاعدنا. غادر الباص في نصف ساعة قادمة و بدأ يجري على الطريق المتلوي على ضفة نهر بياس. عندما مررنا بقرية “ثالوت” في محافظة “مَندي كانت الشمس قد مالت إلى الغروب فرأينا هناك على ضفتي الهنر حشود الناس كلهم ينظرون إلى النهر و بعضهم يصيحون و يشيرون إلى شيئ أو آخر، و بعضهم يجرون مع ضفة النهر صائحين، فأوقف السائق سيارتنا قائلا لعله سقط طفل لأحد السائحن في النهر ولكن عندما استفسرنا من بعض الناس القائمين هناك وجدنا أنه وقع هناك حادث فاجع قبل قليل، فكان بعض طلاب إحدى كليات مدينة حيدراباد يذهبون إلى منالي في حافلة لنزهة، و توقفوا هناك لالتقاط الصور قرب معبد “هنوجي ماتا” و أوغولوا في النهر لالتقاط الصور على حجر كبير في وسط النهر، و بينما كانوا يشتغلون بالتصوير اشتد سيل الماء فجأة و ذهب بهم معه في مجرى النهر.

تأسفنا ما سمعنا ثم غادرنا إذ كان الطريق بدأ يزحم، و بعد مسافة كلو متر أو مترين رأى أحد الركاب جثة في النهر فصاح بأعلى صوته “ها هي جثة في النهر” فتنبه الركاب الآخرون و قاموا و بدؤوا يطلون من الشباك. كانت هذه جثة شباب تظهر على مستوى الماء حينا و تصطدم بالصخور ثم تغيب، ثم تظهر مرة أخرى، و بعد قليل رأينا جثثا أخرى تسيل في مجرى النهر، و قد رأيت أنا بعيني حوالى ست جثث،  وكذلك شاهدنا أمتعتهم تسيل في مجرى الماء، فهناك حقائب لليبتوب و أحذية و كلنسوات و بعض أشياء أخرى. و بما أن ظلام الليل بدأ يحيط بكل شيئ و يجعل لنا صعبا مشاهدة الجثث فجلسنا متأسفين و متأليمن لما رأينا من جثث في النهر. و قد أصبح هذا الحادث حديث البلد فعندما توقفنا عند مطعم في الطريق وجدنا الناس يتحدثون عن هذا الحادث فقط، و عندما ألقينا أنظارنا على التلفزيون المنصوب في أحد جدران فندق المطعم وجدنا أن هذا الخبر لم ير بعد طريقه إلى النشر و لعله يأخذ بعض الوقت ليظهر على شاشة التلفزيون.

عندما وصلنا دهلي في الصباح مرهقا و متعبا، وجدنا الصفحة الأولى للصحف مليئة بهذا الخبر المؤلم، تعرفنا على العدد الصحيح للشباب الذين ذهب بهم السيل فهم كان ستا و عشريو، و علمنا بأن سبب هذا الحادث هو فتح السد بدون إنذار و ذلك خطأ كبير من طرف مؤظفي قسم الري بالولاية.

و هكذا هذا السفر الذي بدأ بشعور الفرح تم بشعور الألم و بذكريات ستبقى إلى مدى الحياة، ذكريات نزهة في أماكن السياحة، و ذكرى حادث فاجع أليم، و أشكر الله بأن السفر انتهى بكل خير و باصنا وصل دهلي بأمن وسلامة.

1
Leave a Reply

avatar
1 Comment threads
0 Thread replies
0 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
1 Comment authors
Harsh Jain Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
Harsh Jain
Guest
Harsh Jain

Thanks for the valuable information..