+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

الحوار العلمي والأدبي مع الأستاذ الدكتور سيد محمد شاكر
د. عبد الحكيم

في هذا العدد نحن نلتقي بالأستاذ الدكتور سيد محمد شاكر (عميد كلية مدينة العلوم العربية التابعة بجامعة كاليكوت الحكومية، بوليكال، ولاية كيرالا- الهند سابقًا) الذي يعتبر من أهم الأساتذة الكبار البارزين في ولاية كيرالا الهندية. والآن يقيم في الإمارات العربية المتحدة بعد حصوله على الإقامة الذهبية من حكومة دبي تقديرًا لأعماله الإبداعية في مجال التعليم والتربية، وكتاباته المنشورة من قبل دائرة الثقافة الإسلامية في حكومة الشارقة، وأبحاثه العلمية المنشورة في الجرائد والمجلات، ومشاركاته في الندوات الأدبية الدولية، بالإضافة إلى أنشطته التربوية والثقافية المتنوعة. وهو أحد من الأساتذة المرموقين للغة العربية وآدابها الذين لهم سمعة طيبة لدى الأوساط العلمية والفكرية والأدبية والاجتماعية في ولاية كيرالا الهندية وخارجها، وله مشاركات فعالة في المؤتمرات والندوات والاجتماعات والحفلات والملتقيات في داخل الهند وخارجها حيث قدم المقالات والبحوث الأكاديمية حول موضوعات مختلفة من الأدب والفن واللغة والتاريخ، وله كتاب قيم كتبه باللغة العربية، وقد تم نشره بعنوان “علي أحمد باكثير.. ومساهماته في الرواية التاريخية”، نحن نقوم بإجراء هذا الحوار الثري لكي نستفيد من خبراته الموسعة في العلوم العربية وتجاربه العميقة في مجال التعليم والتدريس والتربية والترجمة الشفهية والترجمة الفورية في الهند وخارجها، وهو كالآتي:-

السؤال: حدثوني من فضلك عن ولادتك ونشأتك وأسرتك الكريمة التي تنتمي إليها؟

الجواب: شكرًا لك يا د. عبد الحكيم إلى إتاحة هذه الفرصة لأعرف عن نفسي لقراء مجلة “أقلام الهند”، أما ولادتي ونشأتي فأود أن أقول بأني قد وُلدتُ في قرية بوليكال (Pulikkal) بمقاطعة ملابرم (Malappuram) في ولاية كيرالا- الهند العاشر من شهر مايو عام 1970م، في أسرة مثقفة ودينية إسلامية، وكان والدي، ك. أس. ك. تنغل، (رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في فسيح جناته) عالِمًا متمكّنًا وخطيبًا بارعًا وزعيمًا بارزًا في الجمعيات الإصلاحية بولاية كيرالا، وكان رجلاً دينيًا اجتماعيًا كبيرًا شارك في العديد من الأنشطة العلمية والأدبية في ولاية كيرالا- الهند، كما كان مدرسًا بارزًا مثاليًا للغة العربية والأدب العربي الإسلامي في المدارس والكليات العربية، وتجدر الإشارة هنا يا الدكتور بأن والدي رحمه الله كان مجاهدًا يبذل كل مجهوداته على الدراسة والتربية وأنه كان يقرض الأبيات في كلتي اللغتين – العربية والمليالم، وبعض المخطوطات موجود عندنا الآن، وتُوفي والدي في 30 ديسمبر 1986م عن عمر ناهز خمسين عامًا، إثر نوبة قلبية أصابته أثناء إلقائه خطبة أمام حشد كبير بمدينة آلوا (Aluva) في كوشين (Cochin). وأما والدتي الغالية الشفوقة فاسمها زبيدة بنت موسى، وهي لا تزال في قيد الحياة وحاليًا تقيم معي بكل فرحة وطمأنينة، هي امرأة مثقفة دينية وإسلامية، وأول خريجة من كلية مدينة العلوم العربية بوليكال بولاية كيرالا عام 1959م، هي كاتبة، وخطيبة، ومتحدثة جيدة تتحدث باللغة العربية بطلاقة جادة دون أي خطأ فاحش، ومدرّسة للغة العربية والأدب العربي، فإنها عملت كمدرسة ماهرة للغة العربية والأدب العربي في مدرسة حكومية أكثر من خمس وثلاثين عامًا، كما قدمت مساهمات وخدمات جليلة بالنهوض على النساء المسلمات الكيرالاويات في التعليم والتربية، وكان جدي (والد والدتي)، بي. ك. موسى مولوي، من العلماء البارزين والرجال الصالحين النابغين في كيرالا، ومترجمًا قديرًا لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة المليالمية، وأحد مؤسسي المنظمات الإصلاحية في المنطقة. وأما بالنسبة إلى نشأتي فنشأتُ في بيئة دينية وتربوية، وسط إخوتي وأخواتي، حيث تلقينا جميعًا تربية شاملة ساعدت في تكويننا وفق المبادئ المنشودة.

السؤال: حدثوني من فضلك عن دراستك الابتدائية والثانوية والعالية بكل من الإيجاز؟

الجواب: كانت دراستي الابتدائية والثانوية تشمل العلوم العصرية والدينية، وجرى ذلك في المؤسسات القريبة من قريتي التي وُلدت ونشأت فيها. أذكر أنني كنتُ من الطلاب المتفوقين في الفصول الدراسية، حيث كنتُ أحب دراسة اللغات مثل العربية والإنجليزية والمليالمية أكثر من المواد الأخرى. كذلك، كنتُ شغوفًا بالقراءة منذ طفولتي، وكنتُ معتادًا على قراءة الصحف والمجلات بشكل كبير مقارنة بزملائي في ذلك الوقت. كما أذكر أنني حققت مراكز متقدمة في المسابقات الأدبية التي أُقيمت في المدارس خلال دراستي الابتدائية والثانوية، وذلك بفضل تشجيع والديَّ وبعض الأساتذة المثاليين.

السؤال: ياأستاذنا الفاضل د. شاكر، تعلمت في الصغر بعض الآيات للقرآن الكريم والعلوم الابتدائية الدينية بـوالديك، وبعد إتمام الدراسات الأساسية الابتدائية قد التحقت بجامعة كاليكوت الشهيرة في أنحاء الهند خاصة، من حيث حصلت على شهادة “أفضل العلماء” عام 1991م، فاطرح إليك سؤالاً بأن هنا كيف كانت تجربتك التعليمية الدينية والتربوية فيها كطالب العلوم العربية والدراسات الإسلامية؟

الجواب: دكتور، بعد إتمامي للدراسة الثانوية في المدرسة المنورة بقرية بوليكال، التحقتُ بكلية الفاروق الشهيرة للدراسة التمهيدية لما قبل البكالوريوس (Pre-degree). ثم تابعتُ دراستي في كلية روضة العلوم العربية بفاروق، حيث حصلتُ على درجة البكالوريوس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، محققًا درجة ممتازة وحاصلاً على المرتبة الثانية على مستوى جامعة كاليكوت، وحصلت على شهادة ماجستير آخر في الأدب العربي بقسم اللغة العربية وآدابها من جامعة عليجراه الإسلامية شمال الهند عام 1996م وحصلت على شهادة الدكتوراه من قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة كاليكوت- كيرالا عام 2019م وكان موضوع البحث “علي أحمد باكثير ومساهماته في الرواية التاريخية العربية” وكان مشرفي في الدكتوراه البروفيسور محمد بشير (مدير جامعة كاليكوت) حينذاك.

السؤال: قد التحقت بـ”كلية روضة العلوم العربية بفاروق كيرالا” حيث تحصلت على شهادة “متخصص الآداب” وشهادة “البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية” وشهادة “الماجستير في الدراسات الإسلامية” عام 1993، وفعلاً، أن هذه الكلية العصرية هي التي تعتبر محطة هامة بالنسبة لحياتك، فهل يمكن لنا أن ندري عن تاريخ هذه الكلية في ولاية كيرالا، ومن كان مؤسسها الأول الذي فكر عن تأسيسها، وما كانت الأهداف وراء بناءها؟

الجواب: واصلتُ دراستي في الكلية نفسها للحصول على درجة الماجستير، وأكملتُها بدرجة ممتازة، محققًا المرتبة الثانية على مستوى الجامعة، وأما بالنسبة إلى سؤالك فإن هذه الكلية تأسست في عام 1942م على يد الشيخ أبو الصباح أحمد علي – رحمه الله – بعد جهود حثيثة لتحقيق حلمه، مدعومًا من العلماء والأمراء والمحسنين. كان الشيخ أحمد علي عالمًا ورعًا تقيًا ومصلحًا بارزًا، ورجلاً نقيًا وقائدًا وزعيمًا حيث تخرج من جامعة الأزهر بمصر، وكرّس حياته للنهوض بالمجتمعات المتخلفة في ولاية كيرالا- الهند، وقد أسس الشيخ أيضًا كلية الفاروق الشهيرة في أنحاء الهند شرقًا وغربًا، التي تُعرف الآن بـ جامعة عليكراه جنوب الهند. استهدفت هذه المؤسسات تحقيق نهضة تعليمية واجتماعية شاملة، مع التركيز على ترقية المجتمع المسلم بشكل خاص.

السؤال: تمهرت من خلال التعليم في العلوم العربية والدراسات الإسلامية مثل: فن التفسير والحديث والفقه والنثر والنظم وغيرها من الفنون الأخرى، وتحصلت على شهادة البكالوريوس والماجستير من روضة العلوم العربية، فبعد كل هذه الجهود الجبارة في مجال اللغة العربية انتقلت إلى جامعة علي جراه الإسلامية، وتحصلت على شهادة “الماجستير في اللغة العربية وآدابها” أيضًا، فماذا هذا الانتقال العجيب؟

الجواب: في الحقيقة، أصبحت مؤهلاً للحصول على درجة الماجستير الثانية في اللغة العربية وآدابها من جامعة عليكراه الإسلامية بعد تعييني محاضرًا في كلية مدينة العلوم العربية، المدعومة من حكومة كيرالا، مدفوعًا برغبتي في التأهل من جامعة مرموقة أخرى. ومع ذلك، أكملت هذه الدراسة بنظام التعليم الخاص، حيث كنت أحضر فقط لإجراء الامتحانات في عليكراه، لقد أفادتني هذه التجربة بشكل كبير في التعرف على أوضاع الجامعات ونظام التربية والتعليم في شمال الهند، بالإضافة إلى اكتساب فهم أعمق لأحوال الناس هناك.

السؤال: يا سعادة الأستاذ، حصلت على شهادة “الدكتوراه في الأدب العربي” بقسم اللغة العربية وآدابها من جامعة كاليكوت، بكيرالا عام 2019م، وكان الموضوع لأطروحتك “على أحمد باكثير ومساهماته في الرواية التاريخية العربية” ما هي القضايا والمواضيع الهامة التي تناولتها من خلال هذا البحث؟

الجواب: موضوع بحثي للدكتوراه كان بعنوان: “علي أحمد باكثير ومساهماته في الرواية التاريخية”. اخترت هذا الموضوع لعدة أسباب، أبرزها أنني كنت أسمع اسم هذا الأديب العملاق منذ أيام دراستي الجامعية، لكن لم تتح لي الفرصة للتعمق في أعماله آنذاك. كذلك، لم ندرس عنه بشكل مفصل كما درسنا عن أدباء آخرين على سبيل المثال:  الأستاذ طه حسين (الأديب والناقد المصري بن سلامة الذي لقب بعميد الأدب ٍٍالعربي) والأستاذ نجيب محفوظ (الأديب العبقري الحائز على جائزة نوبل في الأدب)، وتوفيق الحكيم (الكاتب والروائي والأديب العربي الحديث) وغيرهم ضمن المقررات الدراسية، غير أنني عندما توسعت في دائرة القراءة لاحقًا، نما في قلبي حب خاص لمؤلفاته الأدبية، وخصوصًا رواياته التاريخية التي تميزت بأسلوب فريد وموضوعات شيقة، وفي هذا البحث، تناولت الرواية التاريخية العربية بشكل عام، ثم ركزت على إسهامات علي أحمد باكثير المتميزة في هذا الفن الأدبي، مستعرضًا العديد من نماذج أعماله بأسلوب تحليلي شامل.

السؤال: يا سعادة الأستاذ كيف أثرت عملية بحثك للدكتوراه تأثيرًا كبيرًا على حياتك، وما هي العوامل الدافعة إلى انتخاب هذا البحث الأكاديمي وكذلك من هي أبرز الشخصيات الأدبية التي قد التقيت بها من أجل ذلك في الهند والعالم العربي الإسلامي؟

الجواب: لقد أثرت عملية بحثي للدكتوراه تأثيرًا كبيرًا على حياتي، حيث قضيت وقتًا طويلاً في التفكير والتأمل لاختيار موضوع مناسب ومستحق. وأخيرًا، وقع اختياري على موضوع: “علي أحمد باكثير ومساهماته في الرواية التاريخية”. لا شك أن قرار إجراء بحث علمي يتطلب قراءة واسعة ومتعمقة بلا حدود. لذا، من المهم أن يكون موضوع البحث محببًا لنا حتى لا تصبح عملية القراءة عبئًا أو مملة. وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون القراءة مفيدة على الصعيدين العلمي والقيمي لتعزز جودة البحث. وقد امتاز موضوع بحثي بهذه الخصائص، حيث منحني فوائد علمية وتجارب قيّمة، وأثرى معرفتي بمعلومات تاريخية وأدبية غنية ونافعة للغاية، إضافة إلى تحقيق انشراح نفسي من خلال عملية البحث.

فيما يتعلق بجمع المعلومات الأساسية والمواد اللازمة، بذلت جهودًا حثيثة وشاملة. التقيت بشخصيات بارزة في مجال اللغة العربية وآدابها، وقمت بزيارة عدد كبير من الجامعات والمعاهد والكليات ومراكز البحوث والمكتبات، سواء داخل الهند أو خارجها. كانت هذه الزيارات مثمرة للغاية، حيث استفدت منها بشكل كبير، كما التقيت العديد من الشخصيات المرموقة ذات الصلة بأدب علي أحمد باكثير.

من أبرز هذه الشخصيات كان الدكتور عبد الحكيم الزبيدي، الأديب الإماراتي المعروف ومؤسس موقع “علي أحمد باكثير”، الذي يُعد مرجعًا ثريًا بمعلومات حول هذا الأديب الكبير. جلست معه عدة مرات للاستفادة من خبراته، وقد قدّم لي دعمًا كبيرًا واستشارات غنية أسهمت في إنجاز أطروحتي. كما كان لي لقاءات متكررة مع الدكتور عمر عبد العزيز، مدير النشر والأبحاث في دائرة الثقافة لحكومة الشارقة، الذي زوّدني بمواد علمية مهمة وأرشدني بتوجيهاته القيمة. بالإضافة إلى ذلك، تواصلت مع الدكتور محمد أبو بكر حميد، أحد أبرز المتخصصين والمهتمين بأدب باكثير، الذي لم يبخل عليّ بتوصياته القيّمة. زرت أيضًا مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، حيث حصلت على كتب ومجلات قيمة تحتوي على مقالات ثرية بالمعلومات النادرة عن أدب باكثير. كما زرت مكتب رابطة الأدب الإسلامي في الرياض، وجمعت منه كتبًا ومقالات متعددة بدعم من القائمين عليه. في جدة، زرت مكتبة جامعة الملك عبد العزيز واستفدت من مواردها الغنية، كما زرت النادي الأدبي في الرياض وجدة، مستغلاً كافة الإمكانات المتاحة لدعم بحثي وإثراء أطروحتي.

أشعر بالرضا لأنني بذلت أقصى جهودي في هذا المجال. جمعت كافة المعلومات المطلوبة لإكمال بحثي، واستخدمتها بجد واجتهاد في إعداد أطروحتي للدكتوراه، وأتمتها بفضل الله وتوفيقه العظيم. لقد شكّلت مسيرتي البحثية نقطة تحول جوهرية في حياتي. ففي عام 2019م، قامت دائرة الثقافة لحكومة الشارقة بنشر أطروحتي البحثية ككتاب، ليكون واحدًا من الكتب النادرة المنشورة للباحثين الهنود من قبل الدائرة. وقد لاقى الكتاب اهتمامًا واسعًا في الأوساط الأدبية والثقافية، وتم تناوله في الصحف والتلفزيون. كما أقيمت جلسات ثقافية لمناقشة الكتاب وإبراز أهميته. بعد ذلك، أُتيحت لي فرصة تقديم ورقة بحثية في المؤتمر الدولي الذي نظمه المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج في الشارقة. وقد نُشرت هذه الورقة البحثية لاحقًا من قبل المركز.

ولا يُنسى حدثٌ مهمٌ خلال رحلتي البحثية كان تنظيم ندوة دولية في القاعة الرئيسية بجامعة كاليكوت في أكتوبر 2017. ركزت الندوة على موضوع مرتبط  ببحثي بعنوان “العالم الأدبي لعلي أحمد باكثير.” حضر هذه الندوة العديد من الكُتّاب والنقاد والشخصيات الأدبية البارزة من الهند وخارجها، بمن فيهم الدكتور عمر عبد العزيز، مدير قسم الأبحاث  والنشر، دائرة الثقافة، حكومة الشارقة؛ والدكتور عبد الحكيم الزبيدي، الكاتب والشاعر المعروف من مدينة العين، الإمارات، ومؤسس موقع باكثير؛ والدكتور عبد الرحيم عيدي،  أستاذ مساعد بجامعة أم القرى بمكة المكرمة؛ بالإضافة إلى العديد من الكُتّاب المرموقين من مختلف أنحاء البلاد. لقد كان من دواعي سروري وشرفي أن أساهم في تنظيم هذا الحدث الدولي المرموق في الجامعة التي تابعت فيها أبحاثي لنيل درجة الدكتوراه. ومن الجدير بالذكر أن هذا الإنجاز كان فريدًا من نوعه، حيث تم تنظيم ندوة دولية حول موضوع بحث خاص بطالب الدكتوراه

بناءً على هذه الإنجازات الأكاديمية والمبادرات الإبداعية، بالإضافة إلى خدماتي المتواضعة في مجال التربية والتعليم، حيث عملت كمدرّس للغة العربية وعميد لكلية مدينة العلوم العربية الحكومية لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، تقدمت بطلب إلى الجهات الرسمية في حكومة دبي للحصول على الإقامة الذهبية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبفضل الله، حصلت عليها بدعم الحكومة ومساندة الإخوة الأعزاء. ولله الحمد على هذه النعمة العظيمة

السؤال: يا سعادة الأستاذ، إن الكثيرين منا في الواقع، لا يعرفون شيئًا كثيرًا عن علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي وأدبه الغزير على الرغم من أنه يعد من أهم رواد الأدب الإسلامي والقصة الإسلامية في العصر الحديث المعاصر، فكيف يعرفنا بشخصيته الفذة وأدبه الغزير؟

الجواب: كان الأستاذ علي أحمد باكثير رائد الأدب الإسلامي الكبير الذي جاهد  بفكره وأدبه مدافعًا عن القضايا القومية مثل: قضية فلسطين مع الحفاظ على المستوى الأدبي الرفيع. وأهم ميزات هذا الأديب الموهوب هو الإلتزام بالقيم الروحيه بدون التنازل عن القيم الأدبية الذي جعله من الأدباء المرموقين في العصر الحديث. وقد تناول الأستاذ باكثير جميع ألوان الأدب مثل: الشعر والمسرحية والرواية والترجمة ونجح في كل منها نجاحًا باهرًا ولكنه لم ينل الإهتمام والشهرة كما يستحق بعدة أسباب.

السؤال: يا أستاذ! كتبت كتابًا رائعًا المعنون بـ” الأستاذ علي أحمد باكثير.. ومساهماته في الرواية التاريخية” نشرته دائرة الثقافة- حكومة الشارقة- دولة الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى عام 2019م بمقدمة قيمة، فسؤالي هنا ما هي الأغراض الدافعة إلى التأليف بهذا الكتاب، وكذلك ما هي القضايا التي عالجتها فيه، وما هي الميزة البارزة لهذا الكتاب، هل من الممكن هل تلقي الضوء الكاشف على هذا الكتاب بقدر من التفصيل؟

الجواب: يا دكتور عبد الحكيم ، إن هذا الكتاب الذي يوجد لدينا الآن، كان أطروحة قدمتها إلى قسم اللغة العربية بجامعة كاليكوت، كيرالا- الهند، للحصول على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، تحت إشراف البروفيسور محمد بشير- رئيس جامعة كاليكوت العريقة آنذاك، وكان العنوان للبحث ” علي أحمد باكثير ومساهمته في الرواية التاريخية”، والحقيقة أن الأطروحة كانت تشتمل على أربعة أبواب، وكل باب من الأبواب متكون من عدة فصول حسب مقتضى الدراسة، ولكن نظرًا إلى تعميم فائدتها أدرت يد التعديل، ومرت الأطروحة بمراحل الحذف والإضافة بقدر قليل حتى أصبحت كتابًا هامًا في موضوعه، يقع الكتاب على نحو ثلاث مئة وست وخمسين صفحة، وطبعته دائرة الثقافة- حكومة الشارقة- دولة الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 2019م. ويحتوي الكتاب على أربعة أبواب وكل باب ينطوي على ثلاثة أو أربعة فصول دون المقدمة الخاتمة النتائج التي توصلت إليها من خلال الدراسة.

ومن المعلوم للجميع أن علي أحمد باكثير كان أديبًا بارعًا وروائيًا شهيرًا تتنوع أعماله الإبداعية بين الشعر والرواية والمسرحية حتى سجل سماته البارزة الملموسة في جميع الميادين الأدبية والفكرية والاجتماعية، وأما كلمة “مساهماته” فتعني في هذا الكتاب دراسة تحليلية شاملة لما كتب من الكتب العلمية والأدبية والاجتماعية وخاصة من الروايات التاريخية الاجتماعية، ومنها: “سلامة القس” و”ا إسلاماه” و” الثائر الأحمر” و” سيرة شجاع” و”الفارس الجميل” وغيرها. وعبارة ” الرواية التاريخية” تعني ضربًا من الرواية يمتزج فيه التاريخ بالخيال، باستهداف تصوير عهد من العهود المنصرمة أو حدث من الأحداث التاريخية بأسلوب روائي تاريخي ملموس مبني على معطيات التاريخ وعناصر الأدب الأصلية والحقيقية.

وقد شعرت وأحسست بحاجة ملحة إلى تأليف هذا الكتاب عندما كنتُ طالبًا في درجة الماجستير في الأدب العربي، لأني قد سمعتُ عن روايات كثيرة كتبها الروائي علي أحمد باكثير وخاصة عن رواية ” وا إسلاماه” وقرأتها قراءة جدية حتى تأثرت بموضوعها الجاد الممثل بأخطر مراحل العصور المنصرمة، والمتضمن مادة تاريخية مهمة في أصعب العهود الماضية، بأسلوبها المتميز المطبوع بالجودة والتفوق حتى استحقت الرواية جوائز عدة وتقديرات عظيمة، كما التمست في تلك المرحلة بعض رواياته الأخرى، ولاحظت قلة الاهتمام الكافي بأدب باكثير في ساحة الدراسة والبحث والتحقيق وخاصة في أوساط المناهج الدراسية الهندية، فقررت القيام بواجبه في ذلك التقاطع بدراسة الموضوع المتعلق بمختلف جوانب من حياة علي أحمد باكثير العلمية والفكرية مع التركيز على أبعاده الروائية التاريخية بهدف استكشاف المعلومات المفيدة الكامنة، ووسيلة لنشر محاسنها بين الطلبة والباحثين والدارسين والمؤلفين والمثقفين ومحبي الأدب العربي الحديث حتى يهتموا بمؤلفاته العلمية والأدبية دراسة وتحليلاً وبحثًا شاملاً.

ومن الدوافع التي رأيتها ضرورة انتشار الوعي الصحيح في أوساط الأدب العربي الحديث بين الطلبة الأعزاء والباحثين الدارسين والمحققين والمدرسين الماهرين والأساتذة الأكادميين البارعين ومحبي الأدب العربي الحديث، حول ميزات الأديب الكبير والروائي الشهير علي أحمد باكثير ومساهماته العلمية والأدبية والفكرية والاجتماعية العظيمة في مجالات شتى، ليكون معروفًا لدى الأوساط العلمية والأدبية والفكرية، لكي يستفيدوا من محاسن روائعه الأدبية التاريخية نظرًا لحظه الوافر ونصيبه الحاسم في تنشيط الجو الأدبي والثقافي وتوسيع آفاقه محافظًا على جانبي المضمون والشكل، كما أردت تركيز مجهوداتي البحثية على الناحية الروائية باستهداف استخراج الحقائق النافعة والمعلومات المفيدة، ومساهماته في عملية البحوث الأدبية التي تجري حول آدابه في مختلف الجامعات عبر العالم.

ومن المواضيع التي قد تناولتها في هذا الكتاب وهي كما يلي على سبيل المثال:

الباب الأول: الحديث عن ” المدخل إلى الرواية التاريخية”.

قسمت هذا الباب الأول إلى أربعة فصول مهمة، حيث شرحتُ في الفصل الأول نظرية الرواية ومفهومها بوجهة عامة مع ذكر عناصرها وأقسامها، وتطور الرواية العربية على مر العصور، وفي الفصل الثاني فصلت نظرية الرواية التاريخية ومفهومها ومعانيها وأسباب لجوء الأدباء العباقرة والكتاب إلى التاريخ، وظهور الرواية التاريخية في العالم ومكانة حقائق التاريخ في الرواية التاريخية، وقد تحدثتُ في الفصل الثالث عن ظهور الرواية التاريخية العربية وسياق توجه الكتاب والأدباء العرب إلى هذا اللون الأدبي والفني وأهمية عنصر “التاريخ” في الرواية التاريخية العربية وأقسامها على أساس الخطاب الروائي، واخترت الفصل الرابع لذكر الأعلام الكبار والكتاب البارعين والأدباء المرموقين الذين قدموا خدماتهم الجليلة في تطور الرواية التاريخية العربية في البلاد العربية.

الباب الثاني: الحديث عن ” علي أحمد باكثير.. ترجمة حياته وآثاره الأدبية”.

تناولتُ هذا الباب للحديث عن مختلف جوانب من حياة علي أحمد باكثير وآثاره العلمية والفكرية والأدبية وقسمته إلى ثمانية فصول، حيث ذكرت في الفصل الأول مولده ونشأته ونسبه وأسرته وتربيته في إندونيسيا كما تكلمتُ في الفصل الثاني عن حياته في حضر موت مع ذكر زواجه وتأثيره في تجربته العلمية والفكرية الأدبية والحضارية والإصلاحية والتربوية في حضر موت، وقمتُ بتشريح في الفصل الثالث موارد ثقافته الأصيلة والعناصر الأدبية والفنية المؤثرة في تكوين شخصيته الفذة، كما تحدثت في الفصل الرابع حول جولاته عبر الزمان والمكان مثل رحلاته إلى الأرض المقدسة- الحجاز وعلاقاته الودية وصلاته القوية بالمملكة العربية السعودية ورسالاتها الإسلامية وحياته الفردية في جمهورية مصر العربية مع ذكر الأسفار الممتدة التي أجراها الكاتب، وشرحت في الفصل الخامس مساهمة باكثير المرموقة في حقول الشعر والنثر والرواية والمسرحية والدراما معتمدًا على بعض مقابلات باكثير التي جرت في التلفزيون، كما ذكرت في الفصل السادس الجوائز التي نالها الأديب العبقري والمؤلفات التي ألفها، وتحدثت في الفصل السابع عن الانطباعات والتقديرات التي سجلها الأدباء الكبار حول خدمات باكثير البناءة، وفصلت آراء المؤيدين والمعارضين حول هذا الأديب الكبير، كما خصصت فصلاً خاصًا لذكر وفاته وما يتعلق بها من أجواء وتفاصيل.

الباب الثالث: الحديث عن ” مساهمة الأديب في ميدان الرواية التاريخية”.

ذكرتُ في هذا الباب- وهو الباب الرئيس- مساهمة الأديب العبقري والروائي الشهير علي أحمد باكثير في تطور الرواية العربية بصورة عامة وفي الرواية التاريخية بصورة خاصة، وقمتُ بتقسيمه إلى سبعة فصول، حيث تحدثتُ في الفصل الأول عن دور باكثير الريادي في ساحة الرواية التاريخية مع ذكر أسباب لجوئه إلى التاريخ، كما أجرىت من الفصل الثاني إلى الفصل السادس تحليلات أدبية وفكرية وثقافية حول جميع رواياته التاريخية ” وا إسلاماه” و”سلامة القس” و”الثائر الأحمر” و”سيرة شجاع” و”الفارس الجميل” مع ذكر أهميتها ووصف الشخصيات فيها ومقاصد الكاتب المستهدفة بها وملخص الرواية وأسلوبها وميزاتها وخصائصها، وفي الفصل السابع فصلتُ مميزات روايات علي أحمد باكثير كنظرة عامة إليها مع التركيز على الاتجاهات الإسلامية الملحوظة بها، واهتمامه بقضايا الأمة العربية والإسلامية.

الباب الرابع: الحديث عن ” دراسة مقارنة بين الأديب علي أحمد باكثير والأديب جرجي زيدان”.

قدمتُ في هذا الباب الرابع – وهو الباب الأخير- دراسة موازنة بين الأدبين- الأديب العبقري الأستاذ علي أحمد باكثير والأديب العبقري الأستاذ جزجي زيدان بالاعتماد على أربعة فصول، تناولتُ في الفصل الأول نظرية جرجي زيدان الفكرية ومقاصده بتأليف الرواية التاريخية وآراء النقاد المؤيدة والمعارضة حوله، كما تناولتُ في الفصل الثاني نظرية باكثير العلمية والفكرية ومقاصده الأدبية والاجتماعية وأجرى الباحث في الفصلين الثالث والرابع دراسة تحليلية حول روايات جرجي زيدان وعلي أحمد باكثير بالاعتماد على بعض نماذجها لاستخراج حقائق ناصعة وتوجهاتها الفكرية والجلية. وقمتُ في خاتمة الكتاب بذكر محاور بحثه على صفة مختصرة، كما أوضحتُ فيها أهم النتائج التي توصلتُ إليها بجهوده الجادة في مسار البحث المنشود.

السؤال: وبالطبع، أحرزت على شهادة “الدكتوراة” بقسم اللغة العربية وآدابها من جامعة كاليكوت- كيرالا، وهذه هي الجامعة العريقة التي تشرفت بمنح شهادة الدكتوراه الفخرية لصاحب السمو حاكم الشارقة، فأوجه إليك سؤالاً بأن كيف كانت ثقافة الجامعة في ذلك الحين عندما كنت طالبًا فيها؟ وهل أنت تشعر بأن الجامعة قد تغيرت إلى حد ما أم لا؟

الجواب: تأسست جامعة كاليكوت (University of Calicut) في عام 1968م خلال فترة شغل محمد كويا وزير للتعليم ومدير الولاية في ولاية كيرالا الهندية، وهي أكبر الجامعات الحكومية في ولاية كيرالا- الهند من حيث عدد الكليات المنتسبة إليها، وعدد الطلاب المسجلين، وخدماتها الفعالة في مجال الدراسات العليا، وهي ثاني جامعة أنشئت في ولاية كيرالا بعد جامعة كيرالا- الهند، وإنها تابعة للجنة المنح الجامعية في الهند، يوجد بها مراكز خارج الحرم الجامعي في العديد من المقاطعات مثل ملابورام، وكوجيكود، وتريشور (Thrissur)، وبالاكاد، ووياناد، وجزر لاكشادويب، كما لديها 30 قسم دراسات عليا و426 كلية في 2020م، وتشتهر الجامعة بدورها البارز في نشر اللغة العربية، حيث تقدم برامج دراسية باللغة العربية في الكليات المنتسبة إليها وفي مقرها الرئيسي، بدءًا من مستوى البكالوريوس وصولًا إلى مستوى الدكتوراه وما بعد الدكتوراه. وتجدر الإشارة إلى اهتمام الجامعة بمنح الدكتوراه الفخرية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي لفت انتباه العالم العربي الإسلامي إلى جامعة كاليكوت.

السؤال: يا الأستاذ، بدأت حياتك المهنية والتوظيفية في مجال التدريس من كلية مدينة العلوم العربية، الكلية المنتسبة إلى جامعة كاليكوت بكيرالا ومؤيدة من حكومة كيرالا ومعترفة لدى الهيئة العليا للجامعات الهندية بالعاصمة نيو دلهي عام 1993م، وبعد العمل فيها لمدة أطول من أربعة عشر عامًا تقريبًا، توليت ووصلت إلى منصب العميد في شهر ديسمبر عام 2008 حتى تقاعدت من هذه الفرائض الأستاذية تقاعدًا اختياريًا مبكرًا، فكيف كانت حياتك المهنية والتوظيفية في مجال التدريس والدراسة والتربية فيها؟

الجواب: كلية مدينة العلوم العربية هي إحدى المؤسسات التربوية العريقة في كيرالا- الهند، وقد تأسست عام 1946م تحت رئاسة الشيخ م. س. س. عبد الرحمن المولوي، أحد العلماء البارزين النابغين في هذه الولاية الخضراء. أسهمت الكلية بشكل كبير في تشكيل الجيل المثقف في كيرالا من خلال نشر اللغة العربية وتعزيز القيم الإسلامية، وخرجت آلافًا من البنين والبنات الذين أصبحوا مدرسين وخطباء وقادة يخدمون اللغة العربية والدراسات الإسلامية في شتى بقاع العالم، تقع كلية مدينة العلوم في قرية بوليكال، بالقرب من بيتي، على بعد كيلومتر واحد فقط. أشعر بعلاقة عاطفية عميقة مع هذه الكلية، حيث تخرج والداي منها في أوائل ستينيات القرن العشرين. أتاحت لي هذه الكلية فرصة الالتحاق بها كمحاضر في عام 1993م. وبعد أن عملت فيها لمدة خمس عشرة سنة، طلبت مني الإدارة تولي منصب العميد في ديسمبر 2008م. كنت حينها قد حصلت على إجازة للسفر إلى السعودية بعد الحصول على وظيفة متميزة، لكنني عدت بناءً على إلحاح الإدارة لتحمل هذه المسؤولية الكبيرة.

وأما بالنسبة إلى مدينة العلوم، فإن منصب العميد يمثل عبئًا كبيرًا لما يتضمنه من مسؤوليات تشمل: توفير الموارد المالية لإدارة شؤون الكلية بشكل كبير، الإشراف على السكن الذي يقطنه عدد كبير من الطلاب مجانًا معالجة القضايا المتعلقة بصيانة الكلية، استكمال البنية التحتية، إنشاء المباني اللازمة، وتلبية كافة احتياجات الكلية الأساسية والفرعية فضلاً عن تحمل مسؤولية الإشراف على الشؤون الأكاديمية بتوفيق الله تعالى وعونه، تمكنت من أداء هذه المسؤولية بشكل جيد، وقمت بتنفيذ مشاريع مفيدة ومتنوعة في الكلية، ولله الحمد. خلال فترة عملي كعميد لمدة خمس عشرة سنة، أسست مركز كمبيوتر عالي الجودة يضم خمسين جهاز كمبيوتر في قاعة مكيفة. يستخدم الطلبة هذا المركز على نطاق واسع، كما يستفيدون من مركز المعلومات والمواصلات – وهو مركز آخر قمت بتأسيسه – لتطوير قدراتهم اللغوية في العربية والإنجليزية. كما ركزت خلال هذه الفترة على تطوير مكتبة الكلية بإضافة كتب نافعة من داخل البلاد وخارجها، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد الكتب، حتى أصبحت المكتبة مقصدًا للطلاب والباحثين والأساتذة من جميع أنحاء الولاية. جميع هذه المبادرات ساعدت الكلية في الحصول على لقب أول مركز للبحوث للدكتوراه بين الكليات العربية في كيرالا، وأصبحت مديرًا لهذا المركز، حيث يعمل فيه عشرة مشرفين وثلاثون باحثًا في مجال الدكتوراه. كما أحرزت الكلية درجة التفوق العالي في التقييم الوطني (NAAC) بحصولها على تصنيف +A، مما وضعها في مرتبة متقدمة على مستوى الهند. حينما أكملت واجباتي في الكلية على الوجه المطلوب وبلغت ذروتها بالحصول على درجة A+ في التقييم الوطني المنعقد تحت إشراف لجنة التعليم العالي المركزي لعموم الهند، وأصبح رحاب الكلية مليئًا بالإبداعات المتنوعة التي شهدتها تلك الفترة، قررت التقاعد من الوظيفة مبكرًا وباختياري، والانتقال من الهند إلى دولة الإمارات العربية المتحدة مستفيدًا من الإقامة الذهبية التي منحتني إياها حكومة دبي تقديرًا لجهودي في مجال التربية والتعليم وخدماتي في ميدان اللغة العربية وآدابها، وذلك في شهر مايو من عام 2022م. وقد انتقلت من الهند إلى دبي قبل ثلاثة أشهر.

السؤال: يا أستاذ سيد شاكر، ما هو اختصاصك العلمي والأدبي؟

الجواب: كنتُ أفضّل مواد النثر العربي خلال دراستي اللغة العربية، وخاصة المقالات، الرسائل، القصص، الروايات، والدروس الإسلامية المتعلقة بالقرآن الكريم والحديث الشريف. كما ركّزت على إنشاء المقالات وترجمة النصوص من العربية إلى الإنجليزية والعكس. أذكر هنا بكل شكرٍ تشجيع بعض الأساتذة الموهوبين الذين ساهموا في تطوير مهاراتي العلمية وخبراتي الأدبية في هذه المجالات المذكورة.

السؤال: ما هي طريقة التدريس المفضلة لديكم بناءً على خبراتكم الطويلة في مجال التدريس؟

الجواب: من خلال تجربتي في تدريس اللغة العربية، أدركت أن طرق التدريس لا يمكن حصرها في شكلٍ واحد، بل تختلف باختلاف الأوضاع، الأزمنة، ومستوى الطلاب، ولو سمحت نود مشاركة بعض الطرق السهلة وهي كما يلي:

الطرق التقليدية:

كانت طريقة الترجمة والطريقة النحوية من الأساليب التقليدية، حيث تركز على ترجمة النصوص بين اللغة العربية ولغة الطالب الأم وتعليم القواعد النحوية بشكل مباشر دون اعتماد على أسلوب تطبيقي. هذا الأسلوب يعاني من قلة التركيز على مهارات التحدث والاستماع. وفي بعض المدارس والكليات، يُركز على حفظ المفردات والنصوص دون فهمٍ عميق، مما لا يعزز التفكير النقدي أو التفاعلي.

الطريقة المباشرة:

تعتمد هذه الطريقة على تعليم المفردات والجمل بشكل مباشر دون التركيز على شرح القواعد النحوية.

الطرق الحديثة:

في عصرنا الحالي، ظهرت طرق تدريس تواصلية تعتمد على مواقف حقيقية للتواصل، مع التركيز على تطوير مهارات التحدث، الاستماع، والقراءة. كما توجد الطريقة الشمولية التي تجمع بين القواعد، المهارات، والثقافة في أنشطة متكاملة. بالإضافة إلى ذلك، يوجد التعلم القائم على المشاريع، الذي يعتمد على تنفيذ أنشطة تطبيقية تعزز الإبداع، وكذلك التعلم القائم على التكنولوجيا باستخدام الوسائل الحديثة والتطبيقات التعليمية. هذه التنوعات تعكس ضرورة اختيار الطريقة الأنسب حسب احتياجات الطلاب ومستوياتهم.

السؤال: كيف نالت ولاية كيرالا- الهند اهتمامًا بالغًا في مجال اللغة العربية والأدب العربي؟

الجواب: مما لا شك فيه أن ولاية كيرالا الخضراء تحتل مكانة مرموقة بين الولايات الهندية في مجال التربية والتعليم، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها النهضة الثقافية التي شهدتها الولاية في أوائل القرن العشرين بفضل الجهود الإصلاحية التي قادها عدد هائل من المشائخ الكرام والمصلحين البارزين النابغين، وقد كان للمسلمين دور كبير فعال في هذه النهضة، حيث أصبحوا أكثر وعيًا وتعليمًا نتيجة لتأسيس العديد من المبادرات التعليمية، مثل المدارس الدينية، وحلقات الدروس في المساجد، إضافة إلى المدارس العصرية التي أُنشئت تحت إدارة المسلمين.

ومع مرور الوقت، لعبت الكليات العربية المنتسبة إلى الجامعات دورًا فعالًا في نشر تعليم اللغة العربية بين الأجيال الناشئة، مما شكل نقطة تحول هامة في رفع المستوى التعليمي للغة العربية. وفيما بعد، حصلت هذه الكليات على دعم حكومي تمثل في منح رواتب للمدرسين والموظفين، وأصبحت معترفًا بها من قبل لجنة المنح الجامعية المركزية. وقد حققت العديد من هذه الكليات تقييمات عالية من الهيئة الوطنية الهندية بفضل توفيرها التسهيلات الحديثة والبنية التحتية المتطورة، مما ساهم في خلق بيئة تعليمية متميزة تناسب الثقافة العالية. في الوقت الحالي، تُدرَّس اللغة العربية في الكليات والجامعات الحكومية في كيرالا بدءًا من مستوى البكالوريوس وحتى مستوى الدكتوراه، مما يعكس التقدم الكبير الذي حققته الولاية في هذا المجال.

السؤال: سافرت إلى العديد من العالم العربي الإسلامي، كما زرت عددًا من الجامعات العريقة للبحث عن مناهج العلوم العربية مثلاً : زرت المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة قطر وغيرها من البلاد الأخرى، الرجاء منك أن تخبرني من فضلك من نتائج علمية وثقافية حصلت عليها من هذه الرحلة المباركة؟

الجواب: أود أن أذكر الفرصة المباركة التي أُتيحت لي لزيارة المملكة العربية السعودية مرتين بدعوة رسمية كضيف للحكومة، مع التمتع بكافة التسهيلات الحكومية الرسمية. خلال هذه الزيارات، أُتيحت لي الفرصة لزيارة الجامعات السعودية والمؤسسات التربوية والمكتبات والمجامع العلمية بصفة رسمية كاملة. كما شاركت في جلسات نقاش مع كبار مسؤولي الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والدينية، تناولت فيها موضوعات مختلفة تتعلق بالتعليم العالي والقضايا الأكاديمية ذات الصلة. وخلال هذه الزيارات، تشرفت بمقابلة فضيلة الشيخ ياسر الدوسري، إمام الحرم المكي الشريف، في مكتبه بالحرم المكي. كما التقيت العديد من الشخصيات البارزة في المجالات الأكاديمية والدينية، مما أضاف الكثير إلى تجربتي الثقافية والمعرفية. بالإضافة إلى ذلك، كانت لي نعمة عظيمة أخرى، حيث حظيت بفرصة أداء فريضة الحج كضيف ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين في عام 2023م. إنني أشكر الله تعالى على هذه النعم العظيمة، وأتضرع إليه بكل خشوع وخضوع أن يديم فضله وكرمه عليّ.

السؤال: ما رأيك في مستوى تدريس اللغة العربية في مراحل الكليات والجامعات الهندية، وما هي مقترحاتك لتحسين الأوضاع؟

الجواب: ومن جهة نظري بخصوص مستوى تدريس اللغة العربية في الكليات والجامعات الهندية جيد نسبيًا، ولكنه يحتاج إلى تحسينات ليواكب التطورات العالمية. يتم التركيز غالبًا على الجوانب النظرية مثل: النحو والصرف والبلاغة والأدب الكلاسيكي، مع قلة التركيز على الجوانب العملية مثل: المحادثة، الكتابة الحديثة، والترجمة. هذا يجعل الطلاب ملمين باللغة من الناحية الأكاديمية، ولكنهم قد يفتقرون إلى المهارات العملية اللازمة لسوق العمل. نشارك معكم بعض مقترحات لتحسين الأوضاع وهي كما يلي:

  1. 1. تعزيز المهارات العملية:

تحديث المناهج بالتركيز على المحادثة والكتابة الحديثة، بالإضافة إلى الترجمة الفورية والتحرير. تنظيم ورشات عمل ودورات تدريبية  لتطوير مهارات الطلاب في التحدث باللغة العربية بطلاقة.

  1. توظيف التكنولوجيا:

استخدام الوسائل التكنولوجية مثل التطبيقات التعليمية، والمنصات الإلكترونية لتسهيل تدرس اللغة. إنشاء مختبرات للغة العربية مزودة بأحدث التقنيات لتعزيز مهارات الاستماع والتحدث.

  1. إعداد أساتذة متخصصين:

تدريب المدرسين على أساليب تدريس مبتكرة متماشية مع احتياجات الطلاب الحديثة. الاستعانة بخبراء من الدول العربية لتنظيم دورات تدريبية للأساتذة والطلاب.

  1. 4. تعزيز التعاون الدولي:

إقامة شراكات بين الجامعات الهندية والعربية لتبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

  1. 5. تصميم مناهج شاملة:

تجديد  المناهج  دوريًا لتشمل الأدب العربي الحديث، الصحافة، واللغة العربية المستخدمة في الأعمال التجارية والدبلوماسية.

السؤال: ما هي نواحي الضعف في البحث العلمي والأدبي في اللغة العربية وآدابها في كافة أنحاء الهند؟ وما هي اقتراحاتك لتحسين الأوضاع لتحقيق الجودة والتميز؟

الجواب: اسمحو لي أن أذكر هنا بعض النقاط الهامة بناءً على تجربتي العلمية والبحثية المتواضعة، وهذه الإشارات تتضمن نواحي الضعف والحلول معًا، وهي كما يلي:

  1. يجب أن يتسم البحث بالجدية الكافية منذ اختيار الموضوع وإيجاد مرشد البحث ومركز البحوث وحتى إتمام هذه المهمة العظيمة، فالبحث ليس مجالًا للعب أو العبث
  2. اختيار الموضوع يعد مرحلة حاسمة في مسيرة البحث، وينبغي أن يكون الموضوع متوافقًا مع ذوق الباحث وتفضيلاته بين الموضوعات المتعددة، بالإضافة إلى توفر المصادر الكافية لإتمام البحث دون صعوبات كبيرة.
  3. الجد والاجتهاد والتفاني من قبل الباحث ضرورة لنجاح البحث وتحقيق الأهداف المنشودة. يجب على الباحث أن يكرس نفسه للقراءة المستمرة والمتتابعة، مع تدوين النقاط المستخلصة والخلاصات المفيدة. كما ينبغي أن يبذل جهدًا كبيرًا للحصول على المواد والمصادر أينما كانت، وأن يلتقي بالأشخاص المعنيين مثل الكُتّاب والأدباء والباحثين، وحتى عامة الناس الذين لهم صلة بموضوع البحث، ليستفيد من تجاربهم وإرشاداتهم.
  4. على الباحث أن يستفيد من جميع التسهيلات الحديثة المتاحة، مثل التكنولوجيا المعلوماتية والمنصات الرقمية المختلفة، لتسهيل عملية البحث وجعلها أكثر كفاءة.
  5. السؤال: كيف يمكن للطلبة اكتساب المهارة التامة في الترجمة ، وهل هناك أي طريق مختصر للحصول على الخبرات التامة فيها؟

الجواب: كثير من طلاب العربية يتطلعون إلى اكتساب مهارة الترجمة نظرًا لأهميتها البالغة في حياتنا اليومية، وذلك لأسباب وجوانب عديدة، مثل أهميتها في الحصول على وظائف مرموقة، وأيضًا بسبب شغف بعض الطلبة بهذا الفن الرفيع. وعلى الطلاب الذين يطمحون إلى أن يصبحوا متميزين في مجال الترجمة أن يلتزموا بالقراءة المستمرة والمكثفة بلا حدود، بهدف إتقان اللغتين المصدر والهدف. كما يتعين عليهم إظهار استعداد جاد للتدرب على إنشاء التراكيب والجمل في كلا اللغتين، بالإضافة إلى تخصيص وقت كافٍ لممارسة الترجمة بشكل منتظم. من خلال هذه الجهود المكثفة، يمكن للطالب اكتساب فهم عميق ودقيق لكلتا اللغتين، بما يشمل القواعد والمفردات والمعايير الثقافية المختلفة والنبرات المتنوعة. فالترجمة ليست مجرد عملية نقل للكلمات، بل هي فهم للمعاني والسياقات الثقافية، بالإضافة إلى الاطلاع على الأدب والتاريخ والعادات والتقاليد.

ينبغي على الطالب كذلك أن يسعى للتعلم من الخبراء، والاستفادة من الترجمات الاحترافية بمساعدتهم، مع الاعتماد على الأدوات الحديثة مثل برامج الترجمة المساعدة والقواميس المتخصصة. ومع ذلك، يجدر التنويه إلى أن بعض المعاهد وأصحابها قد يستغلون رغبة الطلبة في أن يصبحوا مترجمين محترفين، فيقدمون خدمات تعليمية ضعيفة وغير مجدية، بهدف تحقيق مكاسب مادية فقط دون تقديم قيمة تعليمية حقيقية للطلاب.

لا شك أن اكتساب مهارة الترجمة لا يمكن أن يتحقق من خلال طرق مختصرة، بل يعتمد بشكل أساسي على الاجتهاد المستمر والمثابرة الدؤوبة.

السؤال: أفيدونا يا سعادة الأستاذ عن المقالات والبحوث الأكاديمية المطبوعة في الجرائد والمجلات الدولية والوطنية مذكرًا المؤتمرات والندوات العلمية والأدبية  التي قمت بالمشاركة فيها وقدمت أوراقك البحثية والأكاديمية؟

الجواب: أيوه يا الأخ د. عبد الحكيم، قد تم نشر العديد من المقالات والبحوث العلمية والأكاديمية في الهند وخارجها، نذكر هنا بعض المنشورات  كنموذج وهي كما يلي:

  1. اللغة العربية في عصر التقنية المعلوماتية، المنشورة من قبل المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، الإمارات العربية المتحدة.
  2. إسهامات كلية مدينة العلوم في نشر العربية وثقافتها في ربوع كيرالا، المنشورة في مجلة مجمع اللغة العربية بالشارقة الإمارات العربية المتحدة.
  3. الاتجاهات الفكرية في روايات جرجي زيدان التاريخية، المنشورة في مجلة كاليكوت، جامعة كاليكوت.
  4. المشاكل النفسانية في روايات على أحمد باكثير كما تتصور في رواية سلامة القس، المنشورة في مجلة العاصمة بكلية الجامعة، ترفاندرم.
  5. الرواية التاريخية: ظهورها ونزعاتها في العربية، المنشورة في مجلة كاليكوت، تحت إشراف جامعة كاليكوت.
  6. أهمية اللغة العربية في كيرالا، المنشورة في المجلة التابعة لرابطة عمداء الكليات.
  7. دور الاقتصاد الإسلامي عبر الأنظمة الاقتصادية الحالية في الهند، المنشورة في مجلة تشاندركا.
  8. جرجي زيدان: التوجهات الفكرية الظاهرة في رواياته التاريخية المنشورة في مجلة العاصمة الصادرة من قسم اللغة العربية بجامعة كيرالا الهند.
  9. التحوالات الثقافية وأثرها في الروايات الإماراتية رواية “لا تقتلني مرتين” لأسماء الزرعوني نموذجًا المنشورة في مجلة المهارة.
  10. تجليات النزعة الإسلامية في روايات على أحمد باكثير المنشورة في مجلة الشروق.
  11. المتلازمات اللفظية: نظرياتها وطبيعتها المنشورة في مجلة الشروق.
  12. عالمية اللغة العربية : كرة القدم كوسيلة ناشءة لرواج العربية لغير الناطقين بها المنشورة في مجلة الريحان السنوية المحكمة.

ونذكر بعض الندوات الوطنية والدولية التي شاركت فيها وقدمت الورقة البحثية وهي كما يلي:

  1. تقديم ورقة حول موضوع “اللغة العربية في عصر التقنية المعلوماتية ” في الشارقة، يناير عام 2020م.
  2. تقديم ورقة حول ” مهارة على أحمد باكثير في تناول القيم الروحية” في الندوة المنعقدة في جامعة كاليكوت أكتوبر 2017م شهدة الندوة حضور شخصيات علمية من أمثال د. عبد الحكيم الزبيدي، كاتب وناقد من العين بالإمارات، والدكتور: عمر عبد العزيز، مدير إدارة الدراسات والنشر- دائرة الثقافة والإعلام، إمارة الشارقة.
  3. تقديم ورقة حول موضوع “إمكانيات الترجمة المتقدمة في سيناريو الوظائف المعاصرة” في الندوة المنعقدة في كلية أنوار الإسلام العربية بكونيل، أكتوبر عام 2019م.
  4. تقديم ورقة في المؤتمر المنعقد تحت ريادة الجمعية التعليمية والخيرية حول موضوع ” في الورشة المنعقدة في الجامعة الوطنية للتخطيط والإدارة التعليمية بنيو دلهي.
  5. تقديم ورقة حول موضوع ” دور المملكة العربية السعودية في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة والهند” في الندوة التي عقدتها المحلقية الثقافية التابعة للسفارة السعودية لدى الهند في نيو دلهي ديسمبر عام 2017م.
  6. رئيس الجلسة لندوة حول موضو ” النحو العربي، الاستراتيجيات والتقنيات الحديثة في تعليم العربية وتعلمها” المنعقدة في كلية سلم السلام العربية بأريكود، مارس 2019م.

السؤال: يا شيخنا الكريم! ماهي التحديات والمشاكل التي تواجهها اليوم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كافة أنحاء العالم، وكيف ترى مستقبل اللغة العربية والأدب العربي في ظل التطورات الملحوظة في المناهج الدراسية حيث تتقدم الكليات والجامعات لتدريس اللغة العربية وإدراجها في مناهجها التعليمية؟

الجواب: يا د. عبد الحكيم هذا السؤال مهم جدًا ولا بد لنا أن نعرفها حق المعرفة، على الرغم من الاهتمام باللغة العربية في الكليات والمؤسسات التعليمية والجامعات في أوساط الهند، أن هناك بعض جوانب الضعف التي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة، مثل: التركيز على المناهج التقليدية التي تهمل اللغة المستخدمة في المعاملات الحديثة ووسائل الإعلام المعاصرة. وعندما يعتمد التدريس على الطريقة النظرية البحتة، يقل الاهتمام بتنمية مهارات التحدث والاستماع، ولا يُلاحظ استخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة إلا نادرًا. كما يبرز ضعف الاهتمام بسوق العمل، الذي يساعد الطلاب على الحصول على وظائف مرموقة، بالإضافة إلى قلة عدد المدرسين المؤهلين لمواكبة احتياجات العصر الحديث، وضعف البحث العلمي في مجال طرق التدريس، وغياب التعاون الدولي الذي يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة أمام الطلاب والأساتذة.

وتُدرَّسُ اللغةُ العربيةُ في عدة كليات وجامعات على مستوى الهند، ولكنها لا تحظى بالعناية الكافية من الجهات الحكومية المركزية والمحلية بما يعادل مكانتها الدولية من حيث قوتها، ورواجها، وأهميتها التجارية، واعترافاتها الرسمية مقارنةً باللغات الأخرى. وبسبب هذه المواقف السلبية من قِبَل السلطات، تواجه اللغة العربية وتعليمها محدوديةً في الموارد المالية، وغياب السياسات الواضحة التي تدعم مسيرتها كما تستحق. بالإضافة إلى هذه التحديات، هناك عوامل أخرى -كما ذكرنا سابقًا- مثل عيوب المناهج التعليمية، ونقص الكوادر المؤهلة، وغياب البيئة التفاعلية في منصات الفصول الدراسية، وعدم الاعتماد على النظريات المتطورة التي تشجع على استخدام التكنولوجيا الحديثة، وغير ذلك من الأسباب المتعددة.

وعلى الرغم من المشاكل والتحديات التي تعيق مسيرة اللغة العربية، فإنني متفائل جدًا بمستقبلها، حيث تمتلك فرصًا واعدة في ظل التغيرات الحديثة إذا تم استثمارها بشكل صحيح. هناك عدة عوامل مؤثرة في تأكيد مستقبل اللغة العربية، يمكن تلخيصها فيما يلي:

  1. ازدياد الطلب على الكفاءات اللغوية في اللغة العربية نتيجة التوسع في العلاقات الاقتصادية والثقافية بين الهند والدول العربية.
  2. تطور التطبيقات التعليمية والمنصات الرقمية، مما يساهم في اجتذاب الجيل الجديد وتسهيل تعلم اللغة العربية.
  3. استحالة اضمحلال اللغة العربية بفضل أهميتها الدينية المقدسة، وأبرزها نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين، مما يجعلها خالدة إلى الأبد بإذن الله تعالى.
  4. استحالة اضمحلال اللغة العربية بفضل أهميتها الدينية المقدسة، وأبرزها نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين، مما يجعلها خالدة إلى الأبد بإذن الله تعالى.
  5. تدريس اللغة العربية من مستوى المدارس الابتدائية إلى المراحل الجامعية، بما يشمل تعلم الأبجدية إلى البحث في مراحل ما بعد الدكتوراه.

شكرًا لك يا سعادة الأستاذ د. سيد محد شاكر إلى إتاحة هذه الفرصة السعيدة وعلى هذه المعلومات المفيدة عن حياتك العلمية وشخصياتك البارزة المليئة بالنشاطات القيمة والمجهودات الكثيرة من أجل اللغة العربية والأدب العربي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في عمرك وعملك ومالك وحياتك. جزاكم الله أحسن الجزاء.

مع السلامة إلى اللقاء

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of