+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

قصة قصيرة مترجمة: وجهان لعملة واحدة
هوشنك كلشيري[1] /ترجمة: د. بثينة شموس[2]

 إن كنت تريد الحقيقة فأنا قتلته. صدقني! يمكنك أن تقول نحن جميعاً فعلنا ذلك، ولكن بالطبع ليس بالسكين، وليس بأننا مثلاً قد دفعناه من مكان ما. أنت تفهم ما أقصد. ولكن ما أريد توضيحه لك هو كيفية قيامنا بذلك. لهذا قلتُ لك: “من الأفضل أن نبقى على انفراد”، وإن استاء البقية من ذلك فليستاؤوا. في الحقيقة أنا أشعر أنني لا أستطيع أن أتكلم بحضور أحد. لا أشعر أنه يمكننا أن نكون صريحين إلى هذا الحد حتى مع زوجاتنا أو إخوتنا. ربما كان العيب فيّ لأني لا أعرف كيف أنسجم مع البقية. من جهة أخرى أنا لست متأكداً من أنهم سيفهمون ما أعنيه، ولكن أنت؟ لستُ أدري. ربما لم يكن أمامك خيار آخر. ربما لأنني لا بدّ لي من أن أخبر أحداً ما، أنت تفهم قصدي أليس كذلك؟ بالمناسبة! إياك أن تعتقد بأني أريد أن أبرئ نفسي باعترافي، أو حتى أبرئ أصدقائي. لا أتوقع منك أن تصفح أيضاً. لكن لا تعتقد بأنني لست مستاءً، فأنا كذلك حقاً. في تلك الأيام أيضاً كنت مستاءً. وحينما قصصت على أحد أصدقائي ما جرى بالتفصيل قال: “دعك من ذلك! هل جننت؟ لقد وجدوا قبعته وعصاه. أكان اغتيالاً؟”. عندما قلت له ما كنت أفكر فيه قال لي: “حسناً! تستطيع أن تذهب إلى المحقق.” هو يمزح دون شك. لم أكن أريد أن أقول هذا، ولكن انظرا! ذلك الرجل –أعني صديقي- لم يكن يريد أن يصدق أنه كان له يد في الأمر. ربما اعتقد أن أحداً دفعه. والآخرون يعتقدون ذلك أيضاً. لهذا لم أعد أخبر أحداً. قلت في نفسي: دعهم يظنون أن الشيخ… أنت تفهم ما أعنيه، أليس كذلك؟ لم أكن أنوي أن أقول لك أيضاً. لهذا عندما أتيتني في الأسبوع الماضي وقدّمت نفسك لي ماطلتُك. اعتقدت حينها أنك ربما أتيتَ لتأخذ مني موافقة، أو مثلاً… حسناً! أنت ابنه في الأحوال كافة. ربما أتيتَ لأنه كان يعتريك شك في حقيقة ما روي. أقصد ما كتبته الجرائد عن ذلك. ولكن الآن لأطمئن قلبك سأخبرك بأن ما حدث هو ذاته ما يعرفه الجميع، وهو ذاته ما ذكرته الجرائد. أعتقد أن ذلك حدث في الرابع من نيسان، ولكن فضلاً عن ذلك هناك شيء ما أرهقني بشدة، وذلك لأنني في كل مرة أحاول فيها تذكر الأحداث واستعادتها أرى أن هناك شيئاً ناقصاً، هناك خلل ما في الموضوع، ولكن أين؟ لست أدري. ربما لهذا أخبرتك في البداية أنني “أنا قتلته” أو “نحن”، لئلا أرغم على أن أخفي شيئاً عنك. لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه. أو ربما يمكن؛ أقصد أنه هنا يمكن أن يكون أسوأ. لست أدري! إن لم أتكلم الأسبوع الماضي فذلك من أجل البقية. أتذكُرُ حين قلتُ لك: “هناك الكثير من الكلام ليُقال، ولكن لا أعتقد أن هذا هو المكان المناسب. سنتقابل مرة أخرى دون شك.”؟ ربما كنت حينها أريد أن أوضح الأمر لنفسي على الأقل. أعتقد أنني قلت ذلك. بالمناسبة تذكّر أنني لم أكن صديق والدك أبداً، وليس هذا وحسب، بل لم أكن أعرفه، حتى لم أكن أعرف اسمه. بعد ما حدث أخذت أسأل هذا وأستفسر من ذاك عن ماضيه وعن أخباره. لم يكن أبوك غِراً. لا بدّ من أنه مرّ على رأسه الكثير، ثم بعد ذلك سمعتُ… ممن؟ لم أعد أذكر. كنتُ أقول بأني سمعتُ بأن أباكم كان أحد مسلحي مسجد سبهسالار يوم قصف مجلس الشورى الإسلامي، أو ربما كان من اللجنة الأذربيجانية. قبضوا عليه بعد شهر وكان في جيب سترته وتحت إبطيه منشورات سرية للتوزيع. أعتقد أنك تعلم هذه التفاصيل أكثر مني، ولكن أنا لم أكن أعلم، أعني أنني لم أكن أعلم حينذاك. أخبرتك أنني لم أكن أعرفه مطلقاً فيما مضى، حتى ذلك اليوم الذي أتى به إليّ. كان ذلك قبل البرنامج الصباحي. كان البعض يستيقظون باكراً ويتسكعون حول حوض الماء أو هناك تحت الشجرة، أعني أولئك الذين يستيقظون في الأسحار. كانت عصاه في يده. كان يرتدي سروالاً ومعطفاً رسمياً، ويضع طربوشه ويرتدي سترة دون أكمام يبرز منها سلسال ساعته الذهبية وربطة عنقه. حسناً! كان هكذا حين أتى لتحيتي. حينما رأيته فكرت في أنه قد لمّع حذاءه بالشمع دون شكّ. كان قد لمّعه حقاً. وكان سرواله ومعطفه… كيف أشرح لك؟ كانا وكأنهما خرجا للتوّ من عند الكوّاء، وأين؟ بين هذه الجدران الأربعة، أنت تفهم ما أعني، أليس كذلك؟ لا تفهم أنني أقصد أن البقية لا يقومون بذلك. بلى! يفعلون ذلك، ولكن فقط في أيام الزيارات، وفقط إن كان لديهم زيارة. أتى من بين القضبان إليّ مباشرة بخطا هادئة. كان ما يزال البقية نياماً. أتعلم؟ أتى إلى جواري تماماً. وقف وألقى عليّ التحية، ثم سحب الكرسيّ من جانب الجدار وجلس بقربي تماماً. أثار ذلك استغرابي. اعتقدت في البداية أنه محقق أو شخص منهم. ولكن أيعقل أن يأتوني في هذا الصباح الباكر؟ من كان إذن؟ لم أكن قد رأيته مسبقاً. كانوا قد نقلونا إلى هناك مؤخراً. منذ يومين على ما أذكر، وكان المكان مزدحماً جداً. ولم أكن أرغب بالتجول أو الخروج إطلاقاً. لم أتحرك حينها. قدّم لي نفسه. ومدّ يده مصافحاً. عندها اعتدلت نصف اعتدال في جلوسي ولم أمدّ يدي. أذكر ذلك جيداً. لم يكن وضعي مناسباً لأمدّها، فدعك من لحيتي غير الحليقة ووجهي غير المغسول، ولكن ماذا عن سترتي الداخلية القصيرة وسروالي القصير؟ ومع من؟ مع أبيك الذي لم تكن هناك وبرة واحدة على كامل ملابسه السوداء. أعتقد أنني حينها سحبت الغطاء إلى صدري. قال لي أبوك: حضرتك السيد سيف اللهي؟

  • قلتُ: نعم.
  • قال: أخشى أن أكون قد أزعجتك.

هكذا بدأ تعارفنا. ولكن ليس مهماً لماذا اتجه إليّ مباشرةً، أو كيف وجدني. لا! لماذا أقول بأنه ليس مهماً. بل مهم. لا بدّ من أن أحداً قد أخبره. أعني أنني في اليوم السابق تكلمت مع أحد معارفي وتذمرت وأعلنت استيائي؛ ولكن ليس كثيراً، فقد كنت أعرف أنه لا يجب للمرء أن يتذمر هنا، إذ يكفي أن تبدأ بالتذمر حتى يتابع زميلك بتذمره، وعندها لن يطول الأمر أكثر من ثلاثة أيام حتى يرتفع صوت الجميع بالتذمر. ربما تفوهت بذلك دون قصد. كنت أتمنى من صميم قلبي أن أجد من أفتح له قلبي ويهدّئ من روعي، أو مثلاً يطيب قلبي بخبر أو شيء.. أنت تفهم ما أقول، أليس كذلك؟ فالمرء لا يستطيع أن يصدق مرة واحدة أن كل شيء انتهى. طبعاً لم يكن قد انتهى بعد. ولكن أنا، أتكلم عن نفسي في تلك الأيام، كنتُ يائساً، خاصة بعد الخوض في خضمّ تلك الأشياء لمدة خمسة أشهر، والبقاء في الانفرادي الذي لا يتجاوز مترين ونصف بمتر ونصف… أنت تعلم دون شك. ثم أخبِرني.. كم يمكن للمرء أن يحتمل؟ ستقول لي دون شك: “إذن ماذا عن الأبطال؟ كيف استطاعوا؟” صحيح! ولكن البطولة ترتبط بأشياء أخرى.. مثلاً بقدرة جسم الإنسان على الاحتمال؛ بقدرة لحمه وجلده، وكم يوماً يمكن له أن يحتمل؛ أو مثلاً تتعلق بوجود شيء ما، شيء يمكن الوقوف عليه أو حتى الاتكاء عليه. أحياناً أيضاً يشعر المرء أنه فقد أمله بكل شيء ويريد أن يدافع عن نفسه. ولكن لماذا؟ ربما لم يشعر بالارتياح تجاه الشخص الآخر؛ ربما شعر أيضاً أن الموضوع لا يكمن في البقاء أو المسير أو الأحلام والأماني، بل يكمن في مواجهة الشخص الذي يقف قبالته ويواجهه وهو ينفث دخان سيجارته كالفرعون. كان أبوك قد جاء ليخبرني بتلك الأشياء. مثلاً أراد أن يعرف لماذا قلت: “دعه يا رجل! لقد انتهى كل شيء.” أو لماذا تذمرت قائلاً: “هذه ليست حياة”؟ طبعاً اعتذر إليّ في البداية لأنه يتدخل؛ حتى إنه قال بأنه لا ينصحني بناءً على اعتقاده بأنه أعمق تجربة مني لما شاب من شعره وما اجتازه من سنين تفوقي سنيّ، ولا يعتقد بأن هذا يخوّله بأن يكون محقاً فيما يقوله أو يسديه من نصح إليّ، ولكنه أراد أن يوضح الأمور. قال: “على المرء في أماكن مثل هذه أن ينتبه لكلامه وتصرفاته.” أخرج علبة التبغ من جيبه وقدّم لي سيجارة. لم أكن معتاداً على التدخين قبل الإفطار، ولكني لم أشأ أن أرفضها منه. حسناً! لقد كنتُ غاضباً قليلاً، فلم أكن أعرف لماذا كان يتحدث عن تلك الأشياء، خاصة معي! لم يراودني الشك، فلم يكن قد بقي ما يمكن إخفاؤه والتستر عليه. كان قد تحسّن الجلد الذي يغطي صدري، فقد انقضى أسبوع على وجودي في الزنزانة العامة. لم يبقَ من أثر إلا بقعة بنيّة داكنة. كان الألم ما يزال يسكن في معصميّ. بدأ بذلك عندما تأكد من أنني لم أكن أمزح، ولم أقل ذلك من فراغ، أي عندما قلت: “لم أقل ذلك عبثاً”، وكأنه كان يقرأ من كتاب ما، بالطمأنينة التي تراها لشيخ في الستين أو الخامسة والستين. تكلم حينها عن الحياة؛ وعن شروق الشمس. منذ شهرين تمكن من الذهاب إلى السطح بذريعة ما، لا أذكر ما هي؛ ليست مهمة في الأحوال كافةً. كان وكأنه يرى شروق الشمس للمرة الأولى. تكلمَ عن تلاعب الألوان وعن الحروف وعن الناس الذين يسيرون في الطرف الآخر من الأسلاك الشائكة. كان قد رأى أيضاً فتى يلعب، اعتقد حينها أنه كان يلعب بالكرة. لم يرَ الكرة، تكلم كثيراً، وبكثير من الشغف، ولكن كلامه كان يبدو وكأنه مأخوذ من مقالة في مجلة محلية أسبوعية. لفتني في البداية والدك ذاته وحركاته أكثر من الأشياء التي كان يقولها عما رآه من استمرارية الحياة في الطرف الآخر من الأسلاك، بهدوئه ووقاره المعهود، ثم أصابتني حالة من العناد تحثني على ألا أتأثر بما يقول، لست أدري سببها، ربما كانت دون سبب أصلاً. ربما أثار عنادي طبعه التعليمي الناصح، أو ربما لأنه ضيّق أنفاسي أصابني ذلك العناد. كان يتكلم بشكل متواصل وكأنه يخطب خطبة ما، أو كأنه يعيد على مسامعي أشياء كان قد حفظها مسبقاً عن ظهر قلب بذلك اللحن الخطابي. كان يتكلم بثقة كبيرة تجعل المرء يظن أن كل شيء على ما يرام ولا خلل في شيء إطلاقاً. طبعاً أفهم الآن لماذا. أفهم الآن لماذا كان يتكلم بكلمات منتقاة بعناية إلى ذلك الحد، وبهدوء إلى ذلك الحد. لم يكن يكترث لأمري إطلاقاً، بل ربما لم يكن يخاطبني إطلاقاً. لم يكن كلامه سوى نجوى أو تفكير بصوت مرتفع لا يُعرف إلى متى سيستمر، ولهذا كنت مرغماً على مقاطعة كلامه. لا أذكر تماماً ما قلتُه حينها، ولكني أذكر تماماً أنني كنت أحاول إخفاء بعض الأماكن الرثة والمتآكلة في دثاري. حين أفكر الآن أشعر بأن أي أحد مكاني كان سيفعل ما فعلته تماماً، وذلك لأنه سيعتقد أن ما منح الشيخ ذلك الحق في التفاؤل لم يكن سوى القميص الأبيض ورائحة العطر وخط الكيّ الظاهر في ثنية السروال، وهي ذاتها ما يعطي الأحقية للمرء بأن يسأل ويجيب، خاصة بذاك الشكل الذي لم يكن يمكن للمرء أن يتهرب منه. لهذه الأشياء فقط التزمت بموقفي. ربما أرغمني أن أؤدي دور الشخص اليائس، فقلت في نفسي من الأفضل أن أؤدي دوري بمهارة، وليس بسوء. في البداية غيرت في كلامي كثيراً وناقضت نفسي، وهو ما حدث معه بالضبط، إذ تكلم في العموميات، ولكن ذلك لم يقنعه، فدحض حججي وذرائعي واحدة تلو الأخرى. يومذاك لم يكلمني عن تجاربه الأولى، ربما لم يكن يريد الخوض في التفاصيل. لم يكن يريد أيضاً أن يناقشني فيما أطرحه من أمثلة وأدلة. لم يرد أيضاً أن يجادل في التناقضات التي كنت أطرحها في كلامي. أعتقد أنه كان يريد أن يستمر بأسلوبه الخطابي، فتكلم عن جمال الطبيعة وعن النحل وعن صوت خشخشة أوراق الشجر ولا أدري عمّا تكلم أيضاً. تكلم لي عن طائره الكناري، وعن وصاياه لأبنائه في كل مرة يأتون بها لزيارته، وعن استيقاظه قبل بزوغ الفجر كعادة القدماء. ثم أخرج ساعته من جيب سترته بعد ذلك تماماً كمن أتمّ مهمته على أكمل وجه، أو مثلاً انتهى من خطبته، أو طرأ عليه عمل مهم جداً في مكان ما، ضغط على غطاء الساعة وفتحها ونظر إلى ساعته وقال: “يا للغرابة! لقد صارت الساعة السابعة والربع!” ثم اعتذر ونهض، ومشى مستقيماً والعصا في يده. كنت غاضباً حينها في الحقيقة، فحينما كان يذهب بخطاه الثابتة والمتناسقة وهامته الشامخة ظننت بيني وبين نفسي أنه يفاخر بنفسه في أنه لا بدّ قد تمكّن يومذاك من إرشاد شخص يائس. صدقني لم أكن أقصد الإهانة، والآن أيضاً لا أقصد أن أهزأ بأبيك أو أذكره بسوء، ولكنني أحاول أن أبيّن لك شعوري يومذاك. أذكر أنني كنتُ غاضباً إلى حدّ أنني لو لم يسألني أحد أولئك الذين كانوا قد استيقظوا للتوّ: “ماذا حدث؟” لكنت أنوي أن أناديه وأقول له…. ولكني رأيت فيما بعد أنه من الأفضل ألا أفعل… لست أدري. أذكر فقط أنني أجبتُ ذلك السائل حينها: “دعني منه يا رجل! إنه…” أرجو المعذرة. لا بدّ من أنك تتوقع ماذا قلتُ حينها. أتعلم؟ هناك الكثير من أمثاله هناك. أحياناً تراهم يعملون ما بوسعهم حتى يهزؤوا بأحدنا ويتلاعبوا به. يكفي أن يضع المرء نفسه لحظة في أيديهم وسينتهي أمره دون شك، خاصة في ذلك الجو الضيق الذي يكفي فيه أن يخطئ المرء حتى يتغامز عليه الآخرون ويهزؤوا به فيتمرغ بالسخرية والاستهزاء، وعندها فقط يمكن للمرء أن يدرك كم صار الناس قساة وعديمي الرحمة، وليس أي أناس بل أولئك الذين… أنت تفهم ما أعني، أليس كذلك؟ أعني أنني ظننت أباك حينها أحد أولئك الذين يتم التلاعب بهم، وظننت أن الأمر انتهى في ذلك اليوم، ولكن في غد ذلك اليوم أتاني مرة أخرى، وفي توقيت اليوم السابق تماماً؛ قبل صلاة الفجر. عندما جلس على الكرسي واتكأ على عصاه سألني عن أحوالي في البداية. حسناً! لقد فاجأني مرة أخرى، خاصة أنني كنت في تلك الحال، وبذاك الشعر الأشعث. ربما كان سيكون من الأفضل لو وجدت فرصة مناسبة لأغسل وجهي على الأقل. كان والدك المرحوم قد حلق ذقنه، ومشط شاربيه الرماديين، أما أنا فكنت أشعر بالكثير من الخجل لأني بالتحديد لم أغسل فمي بعد. قال: “كيف حالك اليوم؟”

حسناً! لو كنتَ مكاني أما كنتَ لتظن أن هذا الرجل جاء ليوقع بك مرة أخرى؟ أو ليرى على الأقل إلى أي حدّ أثمرت إرشاداته في اليوم السابق؟ فكرت في البداية في أن أثير حنقه، كأن أقول مثلاً: “لا يليق بك أن تكون في مثل هذا المكان، لماذا قمت بما يستوجب إحضارك إلى هنا؟ خاصة لرجل في سنك؛ إذ كان من المفترض أن تكون الآن في مكان يلعب حفيدك على كتفيك أو بشاربيك” ثم قلت في نفسي: “ولماذا؟ إن كنتَ تريد أن تتلاعب معي فهيا بنا!” ثم فكرت في نفسي ليذهب غسل الوجه واليدين أو حلاقة اللحية إلى الجحيم. ربما من الأفضل أن يبقى شكلي أشعث هكذا ليكون داعماً لكلامي. لهذا أجبته بهدوء مبالغ: “كارثي! لم أنم ليلة أمس، كما أن رأسي يؤلمني. ثم… دعك من هذا أنا متعب جداً في الحقيقة، ولست أردي من أجل ماذا، أو من أجل من” قال: “ليس من أجل أحد. يمكن حل مشكلة الأرق وعدم القدرة على النوم ببضعة حبوب منومة. هذه ليست ذريعة. من جانب آخر على المرء قبل أن يخطو في طريق ما أن يعلم فيما إذا كان يستطيع ذلك، أي إن كان يستطيع تحمل عواقب السير فيها. صحيح أن قيمة وجود من يجرب القيام بأمر ما ويفشل أسمى من ذاك الذي يضع كفاً على كف دون أن يفعل شيئاً، ولكن…” أنا لا أذكر الآن إن كان قد قال ذلك لي يومها أم في يوم آخر، ولكني أذكر تماماً أنه تكلم بثقة لدرجة يعتقد من يوجه الكلام إليه أن ثقته جزء لا يتجزأ من ملابسه، وكأنها بياض قميصه أو لمعة دبوس ربطة عنقه أو أزرار كمّيه. أعتقد أن أزرار كمّيه كانت فضية. أعتقد ذلك. لم أعد أذكر بدقة. عاد إلى الأمر مرة أخرى، ولكني لم أكن أريد أن أخسر هذه المرة أيضاً.  أعتقد بأنني أخبرتك. كان الأمر لعبة بالنسبة إلي في البداية، ربما كان ما حدث مقدّراً عليّ، أو ربما كان مصادفة، ولكن لا تعتقد أنني أريد أن أقول أنني لم أكن أؤمن بكلامي إطلاقاً، لا! ولكن أردت أن أجعلك على يقين من أن الجوانب التي كانت تحتّم عليّ القيام بذلك لم تكن واضحة إطلاقاً. لم أكن أستطيع أن أبدأ بشكل منطقي، فكنت أتقلب من هذا الغصن إلى ذاك، ولكن أباك كان يعلم ماذا يريد بالتحديد، لم يكن يسمح بأن نخرج من الموضوع. لم أعد أذكر الآن ماذا قلنا. أتريد الصراحة؟ أنا غالباً لا أذكر الكلام معظمه، بل لا أذكر الكلام كلّه، ولكني أذكر تماماً ما كنت أشعر به حينذاك، أو ربما ما كنت أشعر به في يوم آخر؛ لستُ أدري. شعوري حيال وجه أبيك مثلاً أو ردعه ما كنت أقوله بالحجج والمنطق والفلسفة… وكأنه كان يتحدث عن المستقبل؛ مثلاً عن التجارب التي لمّا نخضها بعد، أو عن الطرق التي ما تزال أمامنا، وعن أشياء من هذا القبيل. لكننا لم يكن بإمكاننا أن نصبح مقرّبين؛ فدعك من اختلاف شكلنا الظاهري يمنعنا فارق العمر بيننا من ذلك. كان ذلك يمنعني أنا على الأقل من القدرة على الشعور بالقرب وانعدام الحواجز إطلاقاً؛ بل ربما كنا نشعر كلانا بذلك أحياناً. أحياناً عندما كنت أتحمس وأشعر بأنني على حق كنت أغضب وأصرخ وأحضر له حججاً من هنا وهناك، ولكن أباك الشيخ كان يفهم سريعاً أنني كنت أهزأ به، أو أنني كنت مغتاظاً جداً. كان يلوح بيده، وأحياناً برأسه، وكأنه كان يريد أن يدحض بالحجج والذرائع الواهية التي كنت أحضرها ويلقي بذاك الحماس الكاذب بعيداً كما يفعل المرء حين يصادف متطفلاً في ممر ضيق، وكان يرغمني على أن أكون مقرباً وودوداً بقوله أرجوك كن منطقياً قليلاً! أو مثلاً… لا أدري… أن يقول مثلاً “لا أتوقع منك ذلك” أو أشياء من هذا القبيل. ولكنني لم أصبح مقرباً. أخبرتك مسبقاً. ثم رأيت بأنني لو فكرت بشكل جيد لاستطعت إيجاد أدلة وحجج مناسبة، أدلة قد تبدو منطقية أحياناً. أتعلم لماذا؟ لأنك إن آمنت بشيء بوجودك كله فلن تجد ضرورة بعد ذلك للتذرع بالأدلة من هنا وهناك. ستظن بأن حركة ما أو جملة ما تكفي لإقناع الطرف الآخر مع كل ما يسندها من إيمان، ولكن عندما تكون غير مؤمن بكلامك فعندها ستحتاج إلى ترتيب الأدلة والحجج، وستفعل كل ما بوسعك لإيجاد الذرائع الكافية، وإن كنت هادئ الأعصاب وحاولت البقاء حيادياً ستدرك فجأة في النهاية، تدرك بذعر أنه لم تقنع الآخر وحسب، بل أقنعت نفسك، وربما تكتشف بأنك قد آمنت بذلك بجوارحك، عندها فقط تستمر وأنت في غاية السعادة من اكتشافك الجديد من أن ذاك المسير الذي فتحته كان مغلقاً فيما مضى، أو لا أدري ماذا.. كنت قد وصلتُ إلى مرحلة أستطيع فيها أن أقف في وجه الشيخ بحركة أو بجملة يقبع خلفها الكثير من الإيمان، وشيئاً فشيئاً وصلت إلى مرحلة كان بإمكاني معها أن أدافع عن الاعتقادات التي تجلت لي أثناء نقاشنا وتأصلت في نفسي، ليس هذا وحسب، بل كنت أشعر أحياناً بأن التراجع في وجه أبيك يتطلب الكثير من التنازلات، ولكن أباك لم يكن يتراجع أو يكلّ إطلاقاً، وكان يرجوني أن نتكلم بهدوء لئلا نزعج البقية، فقد كان العديد منهم ما يزالون نياماً أثناء جدالاتنا حينذاك.

أذكر أنه غادرني مستاء في اليوم الثاني، وظننت أنه لن يعاود المجيء مرة أخرى. رأيته في غد ذلك اليوم وأومأنا إلى بعضنا بتحية بتحريك رأسينا. كانت ابتسامته كنقش على قطعة نقود معدنية لو أردتُ أن أشبّهها لك.. كانت جزءاً من القطعة النقدية، ولكن في الوقت ذاته كانت منفصلة عنها. طبعاً لم أعِ ذلك حينها، بل الآن. حينها كنت أظن أن الشيخ سعيد، وربما كان كذلك حقاً، من يدري؟ كان في يده نسيج مصنوع من تلك الأشياء التي يحوكونها هنا في السجن. كان شعره أبيض؛ مصففاً وأبيض. كانت علبة سجائره المزخرفة على مقربة من يده، لم يقدم لي سيجارة، لهذا اعتقدت بأنه لن يأتي ثانية، ولكني كنت بانتظاره. كنت قد حلقت لحيتي في المساء، وعندما سمعت وقع أقدامه وصوت عصاه ارتديت قميصي. كنت قد غسلته في الليلة الماضية. عندما جلس في جواري استقمت في جلستي ووضعت الدثار على أقدامي بعد أن ثنيته. أعتقد أنني من بدأ بإلقاء التحية هذه المرة. كان الشيخ يبدو على ما يرام، ولكنه لم يكن يبتسم، كان يبدو جدياً، بل يبدو قاطب الوجه. أذكر تماماً أنني شعرت بأنه يشبه إلى حد كبير طفلاً أرغموه على تناول دواء مر. سألني مرة أخرى عن حالي. كان يعني حالي النفسية دون شك. حسناً في الحقيقة لم تكن سيئة. أعني أنها لم تكن سيئة يومذاك. كنت قد اعتدت على الزنزانة العامة؛ كان الوضع صعباً ولكني كنت قد رأيت ما هو أصعب منه قبل ذلك، حينما كانوا يحشرون خمسين أو ستين شخصاً في غرفة واحدة. كان هنالك برميل إلى جانب الغرفة.. لا بد من أنك تعلم لماذا. كان للغرفة ما يشبه النافذة لأخذ الطعام وأمور من هذا القبيل. كنا نرغم أحياناً على أن ننام ونحن جالسون، وكنا نفرغ البرميل في بداية كل أسبوع. لا يمكنك أن تتخيل ذلك، خاصة عندما كانوا يأخذون أحدنا ويعيدونه ويرمونه بيننا. كان الانتظار أكثر ما يرهقنا، وأحياناً أصوات الآخرين. يمكن للمرء أن يعرف في أمكنة كهذه كيف يمكن له أن يكره الآخرين ويحبهم في الوقت ذاته؛ يكفي أن تشعر بأنه لا يمكنك أن تمدّ قدمك للحظة واحدة فقط بسبب وجود هذا الشخص المزعج في جوارك. حسناً، لا تستطيع حينها إلا أن تكره الناس كلهم لأنهم تمثلوا في وجود هذا الشخص. يحدث أحياناً أن يهبّ أحدهم من نومه مذعوراً، وهو ذاته من كان شخيره سبباً في أرق الجميع، وأن يعتذر من الآخرين لأن شخيره مثلاً كان سبباً في إزعاجهم. يكفي أن تجلس على مقربة من أحدهم وتصغي إلى همومه وأوجاعه حتى تجعله رهيناً لفضلك عليه عمراً كاملاً؛ إنه أمر مضحك. أذكر أن أحدهم كان يقوم بعلاج أيدي السجناء وأرجلهم إذا ما تعرضت للخلع أثناء الرياضة أو أشياء من هذا القبيل، طبعاً كانت المرة الأخيرة التي قام بها بهذا الأمر حين كنت هناك، فقد لوى إصبع أحدهم مرة، ولم يعد أحد يجرؤ على أن يجعله يجرب فيه، ولكن ما إن يسقط أحدنا على الأرض حتى نراه قد انبرى لنا وفي يده زبدية ماء ساخن وصَفار بيضة وقطعة قماش. ولكنني أخبرتك أن الوضع هنا أفضل، بالنسبة للطعام واللباس وأشياء أخرى، ولكنه يختلف عن المكان السابق في أن المرء هنا وحيد. حسناً! أعني رائحة عرق الرجال ولا أدري اليد التي تشاركك زبدية طعامك، وتضع شعلة الكبريت تحت سيجارتك وأشياء أخرى كثيرة؛ كأن تتسامر أنت وأحدهم في الليل مثلاً أو تفتحا قلبيكما لبعضكما، وأحياناً تُسمع آهات بكائكما معاً، ولكن كثيراً ما يحدث أن تعرف بعد نصف ساعة فقط أن ذاك الشخص الذي كنت تأكل معه من الطبق ذاته… أنت تفهم ما أعنيه أليس كذلك؟ ليس الجميع عيسى. حسناً، هذا ما قلته لأبيك، وهذا ما بيّنته له، ولكن بالطبع بتفصيل أكثر مما فعلته الآن. مثلاً كنت أخبره ماذا يفعل هذا الذي كلمتك عنه وماذا قال ذاك. هذا ما كنت أحدثه به. قال أبوك في البداية أنه يوافقني الرأي، وقال إن هذا يحدث أحياناً. لم يعد يتحدث عن منظر الشروق وصوت خشخشة الأوراق تحت الأقدام العابرة وعن –لست أدري- مثلاً عن أسطوانة النور أو بقعة النور، بل كان يتكلم بالأمور العامة. أعتقد الآن حين أفكر في الأمر أنه ربما كان يحاول أن يزين أجوبته في ذهنه وهو يحوك ما كان في يده أو مثلاً وهو يتجول، ولهذا دحض كلامي الذي كنت قد قلته مسبقاً في صباح غد ذلك اليوم. قال لي: “نحن دائماً نحاول أن نلقي بالخطأ على عاتق هذا وذاك، ونعتقد بأنه لو لم يقم فلان بالعمل الفلاني لاستقامت حالنا. حسناً هذا صحيح! أقصد أنه ما كان ليسوء إلى هذا الحد، ولكن كيف بنا ونحن ندرك بشكل عام أننا جميعاً، جميعاً دون استثناء، ضحايا اعتقاداتنا؟” أتفهم ما أعني؟ أعتقد أن أباك أراد أن يقول بأننا كنا جميعاً نأمل بمساعدة الآخرين لنا في هذه الأعوام الأربعين أو الخمسين. كان يقول مثلاً: عندما أردنا أن ندوّن القانون قمنا بترجمة قانون بلجيكا -أو لا أدري أي بلد آخر- كما هو. قال أيضاً: “عندما وثقنا بهم ثقة عمياء نظروا إلينا على أننا تابعون لهم أو جزء من وجودهم، وكأنه لا يوجد ما هو خارج عن وجودهم ذاك. وإن بدوا مقربين أو ودودين أحياناً فليس لذلك أدنى أهمية لأنه مجرد ادّعاء. والآن أخبرني! أليس من حقّ هؤلاء أن يظنوا بأن كل ما يقومون به سيرتضيه وجودنا المقلّد والتابع والذي سيحمل على عاتقه محاولة إيجاد ما يكفي من الذرائع والحجج على ما قاموا به؟” قال أيضاً: “لماذا التذمر إذن؟ ها؟ حسناً! ثم يجلسون على طاولة القمار بيدٍ ممتلئة، وإن خسرت تلك فليكن، فما كان في قبضتها ليس نفيساً، بل هو عديم القيمة إطلاقاً، ثم تعقد الصفقة، لقد عقدت بضع مرات حتى الآن.” كان يعدد الأمثلة واحداً بعد الآخر، ويحلل ويفصّل كل واحد متى حدث وأين وكيف، وكان يحضر الأدلة بشكل جيد. لم يكن يتكلم عن نفسه، أعني عن بداياته بالطبع. لقد عرفت لاحقاً بأنه كان فعّالاً. أخبرتك على ما أظن. ضرب مثالاً عن ميرزا وحلّل بنفسه لماذا حدث هذا ولم يحدث ذاك؟ كان يقول: “أرأيت أنهم يتخلون عنا في اللحظات الحاسمة؟” كان على اعتقاد بأنهم يخافون من أمة عريقة بكل تلك الثقافة العظيمة، وكانت حجته على كلامه ضم الشعراء والأدباء تحت جناحهم مما لا يمكن إنكاره، دعك عن الغارات أو التمثيل بهذا الملك أو ذاك، وماذا عن غاراتهم على المناطق الأثرية؟ كان يقول: يخافون يا عزيزي، صدقني! من أرض كهذه…” لست أدري. أنت تفهم ما أرمي إليه أليس كذلك؟ ختم كلامه بقوله: “في هذه القطعة من آسيا ابتدأنا قبل الجميع. أنا أذكر ذلك” لم يعد يتكلم وكأنه يلقي خطبة، ولكنه أحياناً كان يذكر أشياء ضمن حديثه، وكنت –أعترف بذلك- أعاند أباك الشيخ على الرغم من أني كنت أراه على صواب. كنت أرد عليه بكلام مما كان قد قاله مسبقاً. كان مثلاً يستعين بالتاريخ في بيان أننا كنا مثلاً هكذا، ودائماً سنكون كذلك، شئنا أم أبينا، وأشياء من هذا القبيل، في الحقيقة كان كلامي من باب الجدال والمناقضة والغلبة أكثر منه من باب الحوار.

في اليوم السابع والثامن كنت قد اعتدت على مجيء أبيك، فكنت أحلق لحيتي وأرتدي ثيابي، وأجلس بانتظار ساعة من الجدل والمواجهة الكلامية الهامسة التي تتحول أحياناً إلى صراخ وشجار وقد تصل إلى مشاجرة بقبضات الأيادي وما شابه ذلك. كنت أشعر أحياناً أنني كنت أحاكم الماضي، أتفهم ما أعنيه؟ الماضي بتفاصيله ولحظاته كلها، وكأنني كنت أرى الماضي بأكمله، أو ربما أربعين أو خمسين عاماً ماضياً من الانهزامات والعثرات وعدم الجدارة متبلوراً أمامي في تكوينِ أبيك. كان أبوك مصدر معظم معلوماتي؛ أعني من أمثلته وتجاربه. كنت أعلم أنه وقع في السجن لأمور فارغة، أعتقد أن شيئاً ما كان قد كتب في صحيفته يوماً ما، وحان الآن وقت المحاسبة، فألقوا القبض عليه أيضاً من جملة البقية، ولكني أعرف في داخلي أنه يحاسب على ما ارتكبه في الماضي، والحقيقة أنني لم أكن أرى شيئاً يستحق ذلك في ماضيه ذاك، أو ربما لم أكن أريد أن أرى، ربما بسبب إرغامي على الدخول في ذلك الجدال الطويل، وربما لأنني كنت أشعر أن الشيخ يحاول أن يتكئ على ذلك الماضي، أرجوك اعذرني! أردت أن أقول أنني كنت أشتعل غضباً من ذلك التراث المتعفن والمتراكم.

أفكر أحياناً بيني وبين نفسي: هل يمكن النفوذ من تلك الصخرة؟ كنت أنتبه إلى أن أباك لم يكن يخادع في جداله في الأيام الأولى، أنت تفهم قصدي، أليس كذلك؟ أنا كنت أفعل، أتعرف كيف كنت أقوم بذلك؟ مثلاً عندما كنت أشعر بأنني عاجز في مجال ما كنت أستحضر ما أعرفه من معلومات حفظتها عن كافكا مثلاً، أو أذكر العديد من الأسماء الأجنبية المتلاحقة ومن ثم… ولم يكن الشيخ في هذا الوارد. كان يستعين بما حدث من أحداث، أو بما جرّبه بنفسه، أو ما أخبرته به بنفسي، وكان أحياناً يستند في كلامه إلى كتب معتبرة، ولكن ذلك قلما حدث في الفترة الأخيرة، وإن أشار إلى رأي أحدهم فما كان ذلك إلا لتأكيد كلامه، وليس كحجة لإثبات عقائده.

في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر جعلت الحوار بيننا شخصياً شيئاً فشيئاً، أي إنني تكلمت عن حياتي الخاصة. لم أكن أنوي أن أتذمر، لكني تذكرت أموراً بشكل اعتباطي وقلتها؛ بل في الحقيقة كنت بحاجة ماسّة لأن أخبر أحدهم، ومن كان أفضل من أبيك لأخبره؟ أخبرته بكل شيء، أعني كيف تعرفت على زوجتي، ولكن كيف كان له أن يفهم وقد كنت أتكلم بغيرة وتعصب شديدين عن تلك المرأة؟ كنت أترك له أمر ربط ما أقوله ببعضه، ولكن يختلف الوضع الآن، إذ أستطيع أن أتذكر كل شيء من البداية وحتى النهاية، فعندما يكون المرء في خضمّ التجربة يرى الأشياء مجزّأة، ويكون عاجزاً عن تنسيق الأمور وترتيبها، فلا يمكن ذكر الأحداث بالترتيب إلا بعد أن يكون المرء قد تجاوز الأمر بالكامل. أنا لا أريد بالتأكيد أن أذكر تلك الأمور الآن؛ ربما اعتدت عليها، فمرور الزمن يجعل المرء يعتاد على كل شيء، قلت ذلك لأبيك، ربما في أيامه الأخيرة، قلت له: “لقد اعتدتَ على الوجود، على وجود التفاؤل. عندما تستيقظ في الصباح ترتدي تفاؤلك أيضاً كقبعتك وقميصك ودبوس ربطة عنقك” وقد قادنا الحديث إلى هناك، إلى ما كان يسمعه من اعتراض وتذمر حول كيّ سرواله أو حلاقة لحيته وكثرة ذهابه ومجيئه. هكذا حدث الأمر. أخبرتك أن نيتي كانت التغلب عليه وحسب، لا أعلم شيئاً عن ماضيه، أي إن أباك لم يخبرني بشيء عنه، ولكنني فهمت لاحقاً أن حاله كانت شبيهة بحالي. أنت تعلم ما أعنيه. أعني أن زوجته أيضاً، أي والدتك، كانت… أخبرتُك أن الأمر لم يعد مهماً بالنسبة إليّ الآن. في اليوم الأخير أتى وضحك وتكلم وأبلغني رسالته واستلم رسالتي وذهب ولم يعد بعد ذلك. استمر الأمر شهرين أو ثلاثة ولم أره خلالها. كنت أقول في نفسي ربما لا ينوي زياراتي أو ربما كان مريضاً وربما وربما… بعد شهر أو شهرين عرفتُ؛ أي فتحت عيني فجأة وعلمت أن الجميع يعلم ما عداي. ما قُلته الآن لا شأن له بحال أبيك، ولكن على العموم يوجد ما يربط كل الأمور ببعضها. أحياناً يكون اهتمام أحدنا منصباً على مجادلة رجل الدين هذا وذاك التابع، أو إقناع هذا الشيخ وذاك السمسار، وفضلاً عن هذا قد يرغب هذا الشخص في أن يعرّف الجميع ببعضهم، ثم يجد فجأة أن البقية، أعني هؤلاء أنفسهم ممن مهّد أبوك الطريق أمامهم ليتقدموا، تجمعوا ولطموا صدورهم وكأنهم… حسناً كانت هذه هي حالي أيضاً في الحقيقة؛ أعني أنني حين فتحت عيني رأيت أن تلك المرأة هي الشخص الوحيد الذي تبقى لي؛ الوحيدة التي أستطيع أن أستلقي إلى جانبها على الأرض دون قلق وأعبث بشعرها ورقبتها وذقنها وألمسها.. أتعلم؟ يحتاج المرء إلى أن يشعر بالأمور بنفسه؛ بأطراف أصابعه وخلاياه.. ويحتاج إلى أن يفكر، يحتاج إلى أن يضع يده على جبين من يهواها ولو لليلة واحدة ويقول: “بماذا تفكرين؟ أخبريني!” وأن تخبره، نعم! أن تخبره بكل شيء دون لفّ ودوران… لقد أخبرت أباك بهذه الأمور كلها وقلت له الكثير من الأشياء الأخرى؛ ربما أخبرتك على ما أعتقد. ربما كان يمكن أن يداهمني البكاء لولا خوفي من أن يراني الآخرون أو يسمعوني. قلت له أيضاً: بالمناسبة! لو كانوا قد أطلقوا سراحي فماذا كنت سأفعل وماذا سأغيّر؟ أصغى والدك إليّ ثم انصرف. استأذن وانصرف. عندها شعرت بالغضب الشديد، ولكن لماذا؟ لست أدري! في غد ذلك اليوم تظاهرت بالنوم، ولكن حين أتى ناداني أحد أولئك الذين كانوا بجواري، حتى إنه هزّني بعنف. في ذلك اليوم كان أبوك من بدأ بالكلام، لا أذكر تماماً ما الذي قاله حينها، ولكني أذكر تماماً أنه قال: “اعتقاداتك جزء من وجودك بالنسبة للمرأة، ومهما كانت عقائدك غريبة ومعاصرة وربما.. لا أدري.. مهما كانت معقدة -مثلاً- فهي ليست إلا جزءاً منك، وليست وجودك كله. أتعتقد أن أية امرأة، أو على الأقل تلك المرأة التي في ذهنك، يمكنها أن تناقشك بتلك العقائد؟”، وقال أيضاً: “التجريد والحياد يتعلقان بالرجال وحسب، أو على الأقل الرجال الإيرانيون هكذا”، وكنت مرغماً حينها على أن أعيد له شرح ما حدث، حتى إنني ذكرت له التفاصيل. في الحقيقة لم يكن مهماً جداً بالنسبة لي أن زوجتي قامت بهذا الأمر أو ذاك، أو نامت مع هذا الرجل أو ذاك، بل كان المهم أن كل ما كنتُ أقوم به كان يُنسف حين توليني ظهرها أثناء النوم، لا يمكن الاستمرار مع كل هذا الهوان. أنت تعي ما أقول، أليس كذلك؟ لا تعتقد بأنني لم أكن أحب زوجتي، ولكني مستعد أن أبقى للأبد في تلك الغرفة التي لا تزيد أبعادها عن متر ونصف بمترين ونصف مقابل ألا يكون قد حدث ما حدث. أنا أعرف أنها فعلت ذلك من أجلي، ولكن لم يبقَ لي وجود بعد ذلك. لا أذكر ماذا قلت أيضاً، ولا أعرف الآن كيف استطاع أبوك أن يحتفظ بهدوئه ووقاره كل تلك الفترة، ولكن كانت كل الذرائع التي قدمها حينها هباءً، وهو بذاته كان يعلم ذلك؛ كان يعلم ولكنه لم يكن يكفّ عن التوسع فيها، مثلاً ماذا كان يعنيني حينها أن يتكلم أبوك عن لذة العفو، أو عن قيمة إيثار زوجتي، أو أن يشرح لي مثلاً كيف يمكن لامرأة أن تنام مع رجل دون أن تسلّم له؟ كان يقصد أن تسلّم له روحها. الآن أستطيع أن أعطيه بعض الحق فيما كان يقوله إلى حد ما، ولكن في تلك الأيام، فلا! لم أوافقه إطلاقاً.. كيف أقولها لك.. الحقيقة أنني حتى الآن لا أوافقه أيضاً، أردت أن أقول بأن الروح لم تكن مطروحة في أيامنا، وذلك لأنه يمكن للروح أن تُنزع بالكماشة من مسامات البشرة. قلت ذلك لأبيك، أخبرته بأن الناس ترى جسمي، وليس روحي، وقلت له أيضاً بأن هذا هو السبب في… في الحقيقة لا أذكر ماذا قلت. ولكن أذكر هذه الأشياء لأنني أخبرت زوجتي بها فيما بعد. أعني أنها في الحقيقة كانت تعلم مسبقاً بأن كل شيء قد انتهى، كانت قد رفعت دعوة لكي أطلقها. سمعت أن لديها طفلاً الآن، طبعاً من زوجها الثاني.

تحدثت مع أبيك في مواضيع أخرى، مثلاً حدثته عن خيانة الأصدقاء؛ عن افتراءاتهم وخوفهم. أتعلم؟ بعضهم كان مليئاً بالعقد؛ عقدة عدم امتلاك سيارة أو بيت، أو عدم قدرتهم على معاشرة امرأة. حسناً! كان يكفي أن يعرضوا عليهم منحهم نواقصهم حتى لا يديروا وجوههم عنهم. كان يكفي وجود منضدة وهاتف وكرسي أو اثنين، ولا بدّ من أن يكون أحدهما كرسياً مكتبياً دوّاراً. ولكن جعبة أبيكم كانت مليئة بهذه الأشياء، فقد كان رأى الكثير في حياته، ولكنه كان يقول: “انظر إلى ما تبقى. لا بد من وجود بعض القمم، أنت لم تعرف سوى أولئك الذين قد قيل عنهم شيء ما أو كتب عنهم شيء ما، ولكن هناك غيرهم ممن…” كان يضرب لي الأمثلة عن الإيثار. لا أدري عما تحدث أيضاً.. ربما عن صور إسرافيل، وتكلم عن السيد ميرزا آقاخان الكرماني؛ فروى كيف قطعوا عنق خبير الملك والشيخ أحمد روحي أمام عيني ميرزا تحت شجرة ورد النسرين دون أن يتقطب حاجباه، وفي الليلة الأخيرة أصرّ محمد علي ميرزا على رؤيتهم. ربما كان يريد أن يفهم ما يفكرون به، لست أدري. عندها أرغم أحد طالبي الحكم المشروطي على أن يذهب في طلبهم، ووقف بنفسه مسترقاً السمع خلف الباب. هو ذاته قصّ بعد ذلك: “كان في يدي مصباح زيتي. حينما فتحت بوابة زنزانتهم رأيتهم واقفين مكبلين بالأغلال، تحت أقواس الأقبية. كانوا محنيي الرؤوس. كانت الأغلال معقودة خلف رقابهم من الأعلى. كانت هيئاتهم غريبة إلى حدّ يصعب التعرف إليهم، أو ربما لم أتعرف عليهم لشدة الظلمة. لكن يبدو أن ميرزا آقاخان عرفني. ناداني باسمي. وأخبرني لماذا هؤلاء كانوا هنا، وشجعني. لقد كان شجاعاً حقاً” في النهاية قال أحدهم، أعتقد أنه كان ميرزا آقاخان الكرماني، لذاك الرجل: “لو عرفت حقاً لماذا نحن هنا لقبّلت قيودنا.” حدثَني عن ستّارخان أيضاً؛ روى لي حينما كان حافياً، وقصّ عليّ قصته مع علم الروس. كم كان يشعر بالفخر وهو يقصّ هذه الأخبار! وكأنه كان ستّارخان ذاته: “أنا أخضع لعلم الروس! أنا أريد أن تكون سبعة دول تحت علم دولتي.”

حينما قلت له: “حسناً، ثم ماذا؟ ماذا حدث في النهاية؟ من انتصر في النهاية؟ ماذا يقول ثقة الإسلام؟ أو مثلاً…؟” لم يُبدِ لي عجزاً أو حيرةً أبداً. كان رجلاً مجرِّباً، ليس لأنه كان يجادل الآخرين كثيراً، ولكنه حقاً كان سريع البديهة في إجاباته لكل ما يقال.

الآن بتّ أفهم لماذا؟ أعني أنه ربما كان يصارع نفسه مراراً على تلك الأشياء، ولم يستسلم أبداً. وكأنه كان يتنبأ مسبقاً بما أقوله مثلاً. كان يقول: “حسناً، ماذا تريد أن يحدث؟ الأمر كذلك دائماً. يجب على المرء أن يحارب في كل لحظة”. كان يقول: “من يبسط المائدة ومن يجلس عليها؟ ها؟ أخبرني! هل هم الطباخون أم الخدم أم أهل الدار؟ لا! أولئك الذين يجلسون في مكان بعيد عنها هم من يقتربون من المائدة بكل أريحية، وكأنهم كانوا منذ البداية على رأس المائدة، بل إنهم يجلسون على المائدة وكأنهم لا ينوون النهوض عنها إطلاقاً.” كان يعني بذلك حادثة المشروطة.

لا بد من أنني أضجرتك، ولكن.. حسناً.. هذه هي الأشياء التي كنا نقولها ونسمعها. كنت قد اعتدت على كل شيء، وكان الأمر بالنسبة إلي وللآخرين نوعاً من التسلية، ولكن بالنسبة لأبيك.. فلا! لم يكن كذلك. كان يحارب حقاً، يحاربنا جميعاً. لا تتوقع إطلاقاً أن يكون قد حدثني عنك يوماً، أو عن إرثه مثلاً، حتى يومه الأخير لم يكن الحديث إلا كذلك. كان يأتي ونتحدث ويذهب. أعتقد أنني في أيامه الأخيرة كنت أراه قبيل المغيب يتجول على امتداد الفناء، ويحرك عصاه وكان يتوقف أحياناً ويحرك شفاهه وكأنه يحدث أحداً ما، حتى إني ظننت أنه مريض بمرض ما أو ما شابه ذلك، ولكن عندما أتى في غد ذلك اليوم كان قد عاد كما عرفته في يومه الأول، تماماً كأننا نلتقي للمرة الأولى، فقد عاد جافاً ورسمياً وحاضراً للجدال، كنا تماماً كسيفين مسولين، أخبرتك أنه كان يحارب حقاً، حتى إنه كان يخادع أحياناً في أواخره، كان يستعين على كلامه بشواهد من الإسلام والتصوف وحتى من الشعراء؛ يوماً ما قرأ عليّ قصيدة بهار “طائر الليل المغرّد” بأكملها، وقرأ على أيضاً قصيدة “دماودنية”، وكم كان معتزاً وهو يسردها! كان ذا صوت عذب. كما قرأ عليّ مرة أشعار “فرّخي”، حتى إنني أذكر أنه ذكر مرة قصة من قصص “الحديقة” كمثال وحجة لإثبات معتقداته. كان يقول: “ولنفرض أننا تنحينا جانباً، ماذا سيحدث بعد ذلك؟” كان يصرخ، وكان يهذي أحياناً صدّقني! كان يقول: “لنفرض أنه أتيحت لنا الفرصة لنأخذ بندقية أحد هؤلاء ونطلق النار، كيف لنا أن نحدد الهدف بدقة؟ أخبرني! وماذا سيحدث لو ارتجفت يدنا وانشلّ جزء من جسمنا؟”

كان يناقش المشاكل واحدة تلو الأخرى، وطبعاً كنا نتحدث أحياناً عما ينقصنا من إمكانيات وقدرات. على العموم كنا نتحدث. كان يضرب الأمثلة أيضاً، مثل.. لا أدري! مثلاً عن “الحاج سياح” حين أرادوا إلقاء القبض عليه فألقى بنفسه من الطابق الثاني في عصر ناصر الدين شاه، يقال بأنه كُسر ظهره حينها. قال أحد الحاضرين –لا أذكر من بالتحديد- لأبيك الشيخ: “الكلام الحقيقي عن الإرادة، وفيما عدا ذلك كل شيء بسيط. لو أراد المرء لأمكنه أن يستخدم زر المصباح الكهربائي هذا لتحقيق مراده، أو لألقى بنفسه من مكان ما مثلاً من أعلى السطح، أو قذف بنفسه في بئر أو حفرة” كان يقول لو اقتنعنا بأن السبل مغلقة لكانت كذلك، ولو آمنا لاستطعنا وضع أقدامنا حيث أردنا، فالسبل تكون كما نتوقعها مسبقاً.

شعر أبوك الشيخ أنه كاد يفقد صوابه، أخبرتك أنه كان يصرخ. لم يكن يريد التصديق أنه من الأفضل التوقف. أجابه: “حسناً إن كانت هذه قناعتك فلماذا جلست هنا إذن واكتفيت بالكلام؟” حتى أعتقد أنه قال: “إن كنت سمجاً هكذا ومتعباً هكذا –أعنيكم جميعاً وليس هو وحسب- فلماذا لا تريح البقية من شرك؟” لم أكن أتوقع أن أسمع هذا الكلام منه إطلاقاً. صدقني كان يشير إلينا واحداً واحداً. وعندما أجابه أحدهم ضاحكاً: “لشدة سماجتنا” كاد يتعارك معه ويشتبكان بالأيدي. عندما شعرت بأن الأمر زاد عن حدّه ولم يعد يَحتمل المزيد أردت أن أتوقف، أردت أن أقبّل وجهه وأعتذر إليه، ولكن لم يكن ذلك ممكناً، فقد كنا قد وقعنا في المتاهة. وكان الكثير من الموجودين يأتون ويقفون ويتدخلون وقد أخذوا الأمر كمزحة ولم يكن أحد قد أخذه على محمل الجد، ولكن أباك الشيخ كلما كان يشعر بأنه لا يواجه شخصاً واحداً فقط كان يزداد عناداً، كان أحياناً يطلب المساعدة منهم أنفسهم، فيطلب منهم الشهادة على أمر ما، كان يحتدّ كثيراً حينها، ثم ينظر إلى ساعته، ومهما كانت الساعة كان يعتذر وينصرف، وكأن ذاك كان كافياً لذلك اليوم، وعلى الرغم من أن كلامه صار تكرارياً على مسامعي غير أن مجيئه وذهابه وجدالاته كانت مصدر تسلية بالنسبة إليّ، بل بالنسبة إلينا جميعاً. في ذلك الصباح عندما ارتفع الضجيج عرفت ما حدث. قيل لي: “كان أبوك يتجول كعادته في الفناء، وعندما وصل إلى طرف المستنقع الذي كان على الجانب الآخر من الفناء على مقربة من الأشجار، والذي يبدو –باعتقادي- أنهم كانوا يفرغون فضلات البرميل فيه منذ مدة طويلة، أخبرتك بذلك… عندما وصل إلى جانب المستنقع وضع عصاه وقبعته على الأرض ودون أن ينظر إلى أحد أو يقول شيئاً ألقى بنفسه فيه قافزاً من جهة رأسه، قال الحرس: “لقد قام بفعلته بسرعة لم تترك فرصة لأية ردة فعل أو محاولة من البقية”. أحد زملائنا أيضاً رآه وهو يلقي بنفسه من جهة رأسه… لا أدري. ربما كان الشيخ يخشى أن يغير رأيه، أو أن يتأخر فيوقفوه عما أراد القيام به. لم يكن المستنقع عميقاً جداً ولكنه كان قد ألقى بنفسه إليه من جهة الرأس… من جهة الرأس.. وأين؟ أنت تفهم ما أعنيه أليس كذلك؟

*****************

الملاحظة: “هر دو رویِ یک سکه”: قصة من قصص نهاية مجموعة “نمازخانه کوچک من: مصلّاي الصغير”، تميزت بلغتها البسيطة التي كانت أقرب ما يكون إلى مونولوج أو مكالمة داخلية للراوي.

[1] كاتب ومحرر إيراني معاصر، عدّه النقاد من أكثر رواة القصص الفارسية المعاصرة نفوذاً. كان أول من كتب بما عرف بأسلوب الشكوكية في إيران. سميت باسمه جائزة “هوشنك غلشيري” الأدبية التي تمنح سنوياً، كما كان عضواً في رابطة الكتّاب الإيرانيين، ومؤسساً مشاركاً للدائرة الأدبية المعروفة باسم “جنك أصفهان”. له الكثير من القصص والروايات التي لاقت إقبالاً ملحوظاً في المجتمع الإيراني.

[2] مدرس في جامعة طرطوس- طرطوس- سورية. البريد الإلكتروني: b.shemous@gmail.com

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of