+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

كلمة المجلة
د. محسن عتيق خان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

سعادة القراء الكرام،

بين أيديكم “العدد الممتاز” عن فقيد الأمة الإسلامية، سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي الذي كان من أبرز النابهين من أدباء اللغة العربية في شبه القارة الهندية، وأشهر قادة المسلمين في الهند. فله مساهمات جليلة في العلم والفكر، والدين والأدب، والثفافة والدعوة، وخدمات جبارة في قيادة المجتع الإسلامي الهندي في أصعب مرحلتها من مراحل التاريخ بعد استقلال البلاد.

لسماحة الشيخ الندوي إسهامات متميزة في نشر اللغة العربية في شبه القارة الهندية، فقد لعب دورا مهما في وضع المنهج الدراسي الحديث لتدريس اللغة العربية في المدارس الإسلامية وكذلك الجامعات الحكومية عبر الهند كلغة حية راقية تحدثا وكتابة. وله خمسة كتب نالت رواجا كبيرا، وتم إدخالها في المقررات الدراسية في المدارس والجامعات المختلفة، وهي “معلم الإنشاء” (الجزء الثالث)، و”منثورات من أدب العرب”، و”الأدب العربي بين عرض ونقد”، و”جغرافية جزيرة العرب”، و”تاريخ الأدب الإسلامي: العصر الجاهلي”.

في كتابه معلم الإنشاء” (الجزء الثالث) اختار سماحة الشيخ الندوي نماذج رائعة من الأدب العربي، وكذلك مواضيع متنوعة، والأسلوب الجذاب لتعليم الكتابة العربية. وعن طريق هذا الكتاب يتعلم طلاب اللغة العربية فن الكتابة بالتدرُّج، فيتعلم مبادئ الكتابة وبصفة خاصة مبادئ كتابة المقالات، وطريقة الإطناب والإيجاز، واختيار العناوين المختلفة، والجولة بالقلم في المواضيع المختلفة. وبعد قراءة هذا الكتاب وإتمام تمارينها، يجد الطالب في نفسه ثقة زائدة في الكتابة باللغة العربية بصورة فنية.

وكتابه “منثورات من أدب العرب” مجموعة من النظم والنثر، وقد اختار سماحة الشيخ الندوي محتواه من كتب الحديث النبوي، مثل صحيح البخاري، وصحيح المسلم، وكذلك من كتب السيرة النبوية مثل سيرة ابن هشام، و من أمهات كتب الأدب العربي، على سبيل المثال “الأمالي” لأبي على القالي، و”الأغاني” لأبي الفرج الأصبهاني، و”وفيات الأعيان” لابن خلكان، و”الحماسة” لأبي تمام، وهلم جرا. ومن خلال هذا الكتاب يتعرف طلاب اللغة العربية على الأساليب المختلفة، والنماذج العالية من الأدب العربي، ويتسنى له فهم الأساليب المختلفة بما فيه القديم والحديث معا.

وكتابه “الأدب العربي بين عرض ونقد” يوضح لطلاب اللغة العربية مبادئ الأدب ومفاهيمه، ويعرض الأسالييب المتنوعة ويلقي الضوء على الأدوار المختلفة. ويشرح للطلاب ماهية الأدب وحقيقته، وأغراضه وأهدافه، وطريقة تحليل العمل الأدبي ونقده، وكذلك عناصر الأسلوب الأدبي، والفرق بين أدب المعنى وأدب اللفظ، وما إلى ذلك.

أما كتاب “جغرافية جزيرة العرب” فهو يوضح لطلاب اللغة العربية معالم الجزيزة العربية، ومساحتها وطبيعتها، وجبالها وأوديتها، وسهولها وميادينها، وصحاريها وبواديها، وموانيها وسواحلها، ونباتاتها وحيواناتها، وفصولها وأمطارها، ومدنها وقراها، وأممها وقبائلها، وملوكها وإماراتها، وحضارتها ومدنيتها، ودياناتها وثقافتها. وهناك أبواب خاصة لذكر مكة المكرمة والمدينة المنورة، والأمكنة الواردة في السيرة النبوية، والشوارع بين مدينتي الحرمين الشريفين، وكل ذلك ليتسنى لطلاب اللغة العربية فهم السيرة النبوية، والنصوص الأدبية، والثقافة العربية الإسلامية.

أما كتابه “تاريخ الأدب العربي: العصر الإسلامي” فيتناول الساحة الأدبية في صدر الإسلام أو في القرن الأول للهجرة، ويتحدث عن تأثير الدين الإسلامي في حياة العرب، ودعائم أدب العهد الجديد بما فيه القرآن والحديث النبوي، وكذلك خطباء الإسلام، وشعراء الرسول، ويتطرق إلى عهد بني أمية ويذكر التطور في النثر والشعر بما فيه الخطابة، والكتابة، والترسل، والتوقيعات، وغيرها، وعلى الجملة يساعد هذا الكتاب طلاب اللغة العربية في الإلمام بتاريخ الأدب العربي الشامل في صدر الإسلام.

ولإتاحة طلاب اللغة العربية في الهند منصة للكتابة، وللتعبير عما في أنفسهم في اللغة العربية، أصدر سماحة الشيخ الندوي صحيفة نصف شهرية “الرائد” في عام1959م، وأثراها بمقالاته الأدبية والإسلامية، وهي لا تزال تُصدر بنظام وبدون توقف.

وقد أغنى سماحة الشيخ الندوي المكتبة العربية والإسلامية بكتبه القيمة الأخرى في مجالات عديدة بما فيه الأدب العربي، والأدب الأردي، والسيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، والدراسة الإسلامية، والدعوة والإرشاد وغيرها، ومن أهم كتبها “قيمة الأمة الإسلامية ومنجزاتها”، و”الأدب الإسلامي وصلته بالحياة”، و”العالم الإسلامي قضايا وحلول”، و”في ظلال السيرة النبوية”، و”أضواء على الفقه الإسلامي”، و”الغزل الأردي ومحاوره”، و”بين التصوف والحياة”، و”الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي شخصية صنعت التاريخ”، و”سراجًا منيرًا سيرة خاتم النبيين”، و”حركة الإصلاح والدعوة وآثارها في شبه القارة الهندية والجزيرة العربية”، و”المجتمع الإسلامي حدوده وآدابه في ضوء سورة الأحزاب”، وغيرها.

وإذا تحدثنا عن قيادته الحكيمة للأمة الإسلامية الهندية عن طريق إدارة ورئاسة المنظمات الإسلامية المختلفة، فوقع الاختيار عليه كمدير لدار العلوم لندوة العلماء في عام 1993م، فأدارها بنجاح لسبعة سنين، ثم تم تعيينه رئيسا عاما لندوة العلماء بعد وفاة خاله العلامة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في 31 ديسمبر عام 1999. وأختير رئيسا لأكبر منظمة المسلمين في الهند، وهي هيئة قانون الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند في عام 2002م. وتم انتاخبه رئيسا لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في عام 2022م. وما عدا هذه المنظمات الكبرى، كان رئيسا أو عضوا للمنظمات والمؤسسات والهيئات والأكاديميات، والجمعيات الهندية المختلفة التي تعمل في مجالات عديدة مثل حركة رسالة الإنسانية لعموم الهند، ومجلس التعليم الديني لأترابراديش، الهند، وجمعية الشيخ عبد الباري الندوي، لكناؤ وغيرها، وكذلك كان عضوا للمجاميع العديدة على المستوى العالمي مثل رابطة العالم الإسلامي، و مركز الدراسات الإسلامية بأوكسفورد، بريطانيا، غيرها.

وهذا الأديب الإسلامي البارز، والكاتب المتميز، والقائد الحكيم لبى نداء ربه وغادر إلى الرفيق الأعلى في العام الماضي في 13 أبريل 2023م عن عمر يناهز 94 عاما، بعد أن عاش حياة حافلة بالإنجازات المهمة في مجال العلم والأدب. وفي هذا العدد الممتاز، حاولنا أن نعرض لقرائنا عديدا من المقالات التي تلقي الضوء على الجوانب المختلفة لحياته، وتبرز لنا إنجازاته في مجال العلم والأدب.

د. محسن عتيق خان

(رئيس تحرير المجلة)

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of