+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

التّعليم عن بعد في ظلّ جائحة كورونا في الوطن العربيّ: تقنياته وأهمّيته وعوائقه
الدكتورة سامية غشير

ملخص المداخلة:

      أصبح الاضطرار إلى التّسليم بضرورة التّعليم عن بعد عن طريق الوسائط الإلكترونية المتعدّدة ضرورة ملحّة على اعتبار الحجر الصّحيّ الّذي فرضته أزمة كورونا، وأصبح النّظر إليها على أنّها المنقذ والرّكن الأساس في الاعتماد على مناهجها المختلفة في تقديم المعرفة، وأصبحت هناك فرصة حقيقيّة لاستغلال التطوّر الهائل الحاصل في وسائل الاتّصال والمعلومات؛ كونها من أهمّ البدائل المؤثّرة في سرعة التّبادل الثّقافيّ، ومحاولة إزالة الحواجز الزّمانيّة والمكانيّة في محاولة توصيل المعرفة، وإيصالها على أكمل وجه، فكانت الثّكنولوجيا حاضرة لاستكمال العمليّة التّعليميّة الّتي تعطّلت بسبب المرض، من خلال زيادة استعمال تطبيقات الوسائط التّعليميّة، وشبكات الاتصال.

وسنحاول من خلال مقالنا التطرّق إلى أهميّة التّعليم عن بعد، ودوره الفعّال في العمليّة التّعيميّة في زمن كورونا، إضافة إلى إبراز العوائق والصّعوبات في تطبيقه في البلدان العربيّة منها الجزائر.

الكلمات المفتاحيّة: التّعليم عن بعد، الوسائط الالكثرونيّة، أزمة كورونا، المعرقة، أهميّة التّعليم عن بعد، العوائق والصّعوبات.

مقدّمة:

      أضحى التّعليم عن بعد مطلبا أساسا لتذليل الصّعوبات في العمليّة التّعليميّة التعلميّة خاصّة في ظلّ الكوارث والأزمات الّتي تُصيب العالم؛ فأزمة كورونا فرضت وألزمت انتهاج طرائق التّعليم عن بعد كبديل رئيس للحضور الإلزامي في المدارس والجامعات، وهذا الإجراء الّذي لاحظنا أنّه قد طبّق في دول العالم المتقدّمة في أوروبا وآسيا، وفي بلداننا العربيّة فالوسائط التكنولوجية أضحت مهمّة وضروريّة جدّا للمحافظة على نسق التّعليم، والتّواصل مع الطّلبة عبر منصات التّعليم، وفي المنتديات، ومختلف الوسائل التّعليميّة الذكيّة؛ من أجل توجيههم، ودعمهم، وتزويدهم بالدّروس، وشرحها.

وفي بحثنا نطرح جملة من الأسئلة مُحاولين البحث عن إجابات لها:

  • ما واقع التّعليم عن بعد في وطننا العربيّ؟ وما هي التّقنيات الّتي يعتمد عليها هذا النّمط من التّعليم؟ وهل أسهم التّعليم عن بعد في تذليل الصّعوبات أمام الأساتذة والطّلبة؟ وهل نجح تطبيق هذا النّمط في وطننا العربيّ أم واجهته العديد من المعوقات والصّعوبات؟
  • مفهوم التّعليم عن بعد: (Enseignement à distance)

إنّ التّعليم عن بعد أضحى ضرورة ملحّة جدّا فرضتها طبيعة التّحوّلات الحاصلة في العالم، الّتي أفرزت جملة من المتغيّرات، فالأزمات والكوارث أثّرت في جميع مناحي الحياة ومنها أزمة كورونا، فأصبح من الأصحّ والأنفع تثمين الوسائط الثّكنولوجيّة وتفعيلها، والعمل بها، فالتّعليم عن بعد ثورة في شكل ونمط الدّراسة أو نمط التّعليم، وهو تعليم يكون عبر تقنيات وبرامج تعليميّة تقدّم وتُعرض فيها دروس ومحاضرات وشروحات للطّلبة دون حضور مباشر إلى أروقة الجامعات والأقسام.

      إنّ التّعليم عن بعد هو التّعلييم “الّذي يتمّ مع وجود مسافة بين المتعلّم والمعلّم (أو مصدر التّعليم)، ويتمّ عادة من خلال استخدام وسائل اتصال تعدّدة، ويقدّم فيه مواد تعليميّة تمّ إعدادها وِفق مواصفات معيّنة.” (محمود، 2009، صفحة 89)

  • تقنيات التّعليم عن بعد:

      من تقنيات التّعليم نجد التلقين المباشر الّذي تعتمده العملية التعليمية في كلّ أطوراها، وهناك التلقين غير مباشر والّذي يعتمد على الوسائط الالكترونية، وفي كلتا الحالّتين “تعبتر تقنيات التعليم ركنا أساسيا من أركان العملية التعليمية، وجزءا لا يتجزأ من النظام التعليمي الشامل، مما يدفع المؤسسات التعليمية إلى الأخذ بها لتحقيق أهدافها في ضوء التحديات الّتي يواجهها العالم. نتيجة للتغير السريع الّذي طرأ في ثورة المعلومات والاتصالات” (حسين ، 2008، صفحة 13)

      وتعدّ تقنيات التعليم مفهوما جديدا في العملية التعليمية لم يتعدَ عمره نصف القرن ويرجع الفضل في ظهور وتطوّر هذا المفهوم إلى حركة التعليم المبرمج الّتي ظهرت قي الستينات من القرن العشرين”(عبد الحافظ و الرحمن، 2002، صفحة 15)

     يعتمد التّعليم على تقنيات عديدة منها:

ممّا لا شكّ فيه أنّ التّعليم عن بعد يعتمد على تقنيات عديدة تُواكب التطوّر التكنولوجي من برامج متطوّرة مثل Opale، وPower، إضافة إلى برامج الفيديو، والتّسجيلات الصّوتيّة والأقراص المُدمجة.

     فبرنامج Opale يتعمد على طريقة تصميم درس وِفق برامج متطوّرة إذ يشتمل الدّرس في بنائِه المنهجيّ على (نظام الدّخول، نظام التعلّم، نظام الخروج)، ووضع العناصر الأساسية المتمثّلة في: المكتسبات القبليّة، الكفاءات المستهدفة، الأهداف العامّة.

     أمّا برنامج Power، فهو يعتمد على العروض التّقديميّة؛ إذ يقوم الأستاذ بعرض الدّروس عبر شرائح، ويعتمد فيه على الألوان والخلفيات والخطوط، ومن مزاياها أنّها تُساعد على “تقديم عروض مبتكرة وجذّابة بالصّوت والصّورة تُثير دافعيّة الطّلبة نحو التعلّم، كما تُسهم الصّور في توضيح كثير من الأمور وإضفاء نوع من الحيويّة والتّشويق على المادة التّعليميّة، واستخدام  بعض من المؤثّرات الصّوتيّة المناسبة المرافقة لعرائض الشّرائح ممّا يُثير جوّا مشوّقا يُشجّع الطّلبة على المُشاركة الفاعلة.” (فوزي ، 2010، صفحة 271)

     أمّا الفيديوvidéoفيعدّ من أبرز المصادر التّعليميّة الّتي يستند إليها الأستاذ في مسيرته التّعليميّة من أجل الارتقاء بدرسه، وتزويده بآليات جديدة؛ فالفيديو يسهّل عمليّة سير الدّرس من خلال تبيين مضمون الدّرس، فشرح الأستاذ لدرسه عبر شرائح بصريّة يسهّل ترسيخ المعلومة في ذهن الطّلبة أكثر من كونها مكتوبة أو منطوقة، إضافة إلى استيعاب مضمونها، وأهدافها، وكفاءاتها، ومن مزايا الفيديو نجد: “عرض مثيرات متنوّعة في طبيعتها (صوت، صورة، موسيقى، ألوان…)

– مرونة التّعليم من خلال اختبار مكان وزمان العرض.

– مراعاة الفروق الفرديّة بين الطّلبة من خلال إمكانيّة تعلّم كلّ طالب حسب سرعته وقدراته.

– إمكانيّة تخزين عدد كبير من الوسائل التّعليميّة المتنوّعة (شرائح، شفافيات، صور، خرائط، رسوم) على فيديو، كاسيت واحد، وهذا يختصر استخدام العديد من الأجهزة في حال عدم توفّرها.” (فوزي ، 2010، صفحة 222)

      فالتّعليم عن بعد يتطلّب حضور هذه التقنية بقوّة أكثر من تقديم المحاضرات فقط فللشّرح عبر الصّوت والصّورة أهمّية بالغة في توضيح المعلومات، وإيصال الأفكار، وتحبيب الطّلبة في اعتماد هذه التّقنيّة المتطوّرة.

     كما تؤدّي الأنترنيت دورا كبيرا في إكساب الطّلبة الخبرات والمهارات المختلفة، من خلال إيحاد الحلول للمشكلات المعرفيّة خاصّة في ظلّ انقطاع التّعليم المباشر بين الطّالب والأستاذ، وقد يستعين الأستاذ بعرض “توضيحات وصور بوسائط تكنولوجيّة مثل أجهزة العرض والأنشطة السّمعيّة والبصريّة… كلّ هذه تعمل كمنشطات للفكر، وكميّسرات لاكتساب وتكوين مهارات عمليّة ومهارات فكريّة مثل التّخطيط والتّصميم واتّخاذ القرار… إنّ حلّ المشكلات وما يتضمّنه من مهارات عقلية متقدّمة هو جوهر العمليّة الثّكنولوجيّة بمعناها الواسع.” (عبيد، 2009، صفحة 233)

3- أهمّية التّعليم عن بعد وأهدافه:

تكمن أهمّية التّعليم عن بعد فيما يلي:

– في الجانب النّفسيّ: التّعليم عن بعد يُسهم في تركيز الطّالب والأستاذ على الأهداف التّعليميّة الواجب تحقيقها.

– في الجانب الاقتصاديّ: توفير الموارد الماليّة، واستغلالها في تطوير وخلق طرق ابتكاريّة، إضافة إلى دعم وتشجيع البحث العلميّ.

– في الجانب الصحيّ: تحقيق مبدأ التباعد الاجتماعيّ، ومنع انتقال العدوى في الأوساط التّعليميّة المختلفة خاصّة في ظلّ امتداد وباء كورونا، والإصابات العديدة، والوفيات المتعدّدة.

     وقد كان لزاما على من يهتمّون بضرورة صيرورة العمليّة التعليميّة أن يتوجّهوا إلى تسطير الأهداف الآتية ومحاولة العمل بها:

– ضرورة الاهتمام باستخدام الوسائط المتعدّدة في العمليّة التعليمية.

– ضرورة تدريب المعلمين على إعداد وتصميم الوسائط المتعدّدة الإلكترونية، واستخدامها في التّعليم.

– ضرورة الاهتمام بالطالب، والتأكيد على مشاركته الفعلية في العملية التّعليمية في ضوء استخدام الوسائط المتعدّدة في التّعليم.

– ضرورة الاهتمام بتوظيف إمكانات الوسائط المتعدّدة، والاستفادة منها في إثراء الموقف التعليمي.

– ضرورة تطويع التكنولوجيا الحديثة وتحقيق أقصى فائدة ممكنة منها بما يناسب الواقع التعليمي الراهن. (حسين ، 2008، صفحة 09)

      وتكمن أهداف التّعليم عن بعد فيما يلي:

  • تطوير المهارات التّعليميّة للأستاذ والطّالب، وتمكينهم من التحكّم في الوسائط والوسائل التّعليميّة المتطوّرة، وفتح منافذ التكنولوجيا أمامهم.
  • تمكين الطّلبة من الحصول على الدّروس والبرامج عبر المنصات التّعليميّة دون الخروج أو الاحتكاك حفاظا على صحّتهم وسلامتهم.
  • تطوير المستوى التّعليميّ من خلال الانتقال به من صورته النّمطيّة التقليدية لى صورة أكثر تطوّرا ورقيّا.
  • مقدرة هذا النّمط التّعليمي على احتواء أكبر عدد من الباحثين، مهما كان جنسهم وعمرهم، ومنصبهم، ومستواهم العلميّ.
  • تشجيع مبدأ التّعلم الذّاتي الّذي يستفيد من الوسائط التكنولوجية قصد توسيع المعرفة الإنسانيّة، وهو تعليم مستمرّ غير محدّد، يهدف من خلاله المتعلّم إلى الوصول إلى أهداف تعليميّة مرجوّة.

4- الخطّة المفترضة للتّعليم عن بعد:

-التّعليم الذّاتي للطّالب، والّذي يكون نتيجة منطقية لوجود حافز العلم، والاعتماد فيه على نفسه بشكل كافٍ.

– المتابعة الضّرورية لمواكبة الدّروس.

– الكفاءة في الاعتماد على المواقع لطلب العلم ،والّتي لا يمكن أن تكون دون العلم بآليات الوسيلة المتّبعة.

– التفاعل بين المعلم والمتعلم عبر تقييم الدرس ثم إثراء النّقاش عبر الأسئلة والأجوبة

5– النتائج المفترضة للتعليم عن بعد:

–  اعتماد الطالب على نفسه في تحصيل المعرفة،وشعوره الحقيقي بضرورة اكتساب قدر منها.

– الاتصال العلمي بين المتعلمين في سياق المرتبة العلمية الواحدة، وتبادل المعارف وخلق تواصل معرفي حقيقيّ.

– تعزيز المعرفة عبر تبادل وجهات النظر المعرفية المختلفة، والمدعومة بالتّواصل الدائم والمباشر.

– سهولة الاتّصال بالمعلم في كل الأوقات المناسبة لتلقي العلم وطرح الإشكالات العلمية المختلفة .

– تعدّد طرق التدريس المتفاوتة حسب المعلّمين بين المرئية / المسموعة، وبين المسموعة والمكتوبة كبديل عن الحضور المباشر.

– الحصول على المعلومات في أي وقت دون التّقيد بزمن معيّن يلتزم به الطالب للحضور الفعليّ، إذا ما كانت المعلومات مكتوبة أو مرئية مسموعة مسجّلة.

– سهولة وتعدّد طرق تقييم المتعلّم.

– الاستفادة من الوقت، وسرعة وصول المعلومات، وإمكانية سرعة الاستفادة منها.

– توفير الوقت للمعلم من خلال استغلاله في تحصيل المعرفة وتطوير الكفاءات.

قامت فكرة التّعليم عن بعد كنتيجة منطقية لما وصل إليه العالم من تطوّر تكنولوجي سمح بتقصير المسافات بين المعلّمين والمتعلّمين، غير أن الفكرة في حدّ ذاتها سبقها موجه التّرويج لهذا النوع من التّعليم، فنتج عنه ظهور خطّ قائم بذاته يتمظهر من خلال المنصات التعليمية عن بعد، والتّسجيل عبر خطوطها بصفات متعدّدة تشمل المعلم والمتعلم، وتشمل صيغات عديدة للدخول منها صيغات الضيوف، وبرزت هذه الطّريقة أكثر مع أزمة الكورونا التي قد رضت الحاجة إلى التعليم عن بعد كبديل اضطراريّ خفف العواقب المحتملة لتوقف التعليم عبر قطاعاته المختلفة، فكان التعليم عن بعد بديلا للتعليم الحضوري في محاولة التعويض والمواكبة، لكن هذه الطّريقة قد تواجه تحدّيات كبيرة قد لا تؤتي نتائجها العلمية والعملية المضمونة؛ لأنّ أساس العلم يقوم على المواجهة الفعلية والحقيقيّة الّتي يستلزم فيها اجتماع المعلم والمتعلم في صعيد علمي واحد، يفهم المعلم منه أنه المقدّم للدّرس ويفهم منه المتعلّم أنّه المقصود بهذا الدرس في زمان ومكان موحّدين، وعبر قناة تواصلية محدّدة.

6- التّعليم في صورته الأولى ومستوى الكفاءة:

منذ القديم لا تنفكّ صورة المتعلّم عن العالم في سيره إليه وقطع المسافات الطّويلة الّتي تقرب بينهما المسافة الحسّية وحتى المعنوية، وينتج هذا السّير من خلال القوة الداخلية الراغبة في العلم والإرداة المتحقّقة بذلك الّسير “وهذه القوة قد تكون مفقودة عند الغالب الحاضر من الناس ما جعل الباحثين الأروبيين يقولون إن طلب المعرفة لمحض المعرفة مزية من مزايا العقل الأروبي دون غيره من عقول الأمم من سائر الأجناس وإن الأمم من غير الأجناس الأروبية تطلب العلم لمنفعة ، وتهتم بالمعرفة لما يستفيده منها في معاشها ولا تهتم بها لأنها مطبوعة على التفكير وطلب الحقيقة لذاتها.” (العقاد، 2007، الصفحات 41-42)

وممن يمثّلون دور المتعلم بفعل  ضرورة التعليم الأكاديمي، وبفعل التدرّج في الشهادات الّتي تضمن في الأخير للمتعلّم دورا آخرَ ينتهي به إلى العمل لضمان حاجته البيولوجية المختلفة، وكأن غياب هذه الرّغبة الملحّة في العلم لأجل العلم جعل المنصّات المضطلعة بالتعليم قد تعوّض السّير إلى المعلم في قطع المسافات الواسعة، كما أنّ المتعلّم أضحى ثقيلا جدّا في الضّغط على الزّر الموصل إلى المنصة، فكانت بذلك المشكلة ليست مشكلة وسيلة، وإنّما هي مشكلة رغبة حقيقية في التعّلم وفي العلم، وكانت من خلال ذلك هذه المنصّات لا تعدو أن تكون شكليات، يُحاول صانعوها مواكبة التطوّر، ومحاولة التّعويض الخاصّ بالجانب الأكاديمي المسطّر، ولضمان الصّيرورة التعليمية لا العلمية الحقيقية.

7- صعوبات وعوائق التعليم عن بعد:

     إنّ تطبيق التّعليم عن بعد في وطننا العربيّ يشهد الكثير من العوائق والمعوقات الكثيرة لصعوبة اعتماد تقنياته الحديثة، فالتّعليم العربيّ ما يزال متأخرا جدّا في توظيف التّقنيات الثكنولوجيّة العصريّة، وغياب الوسائل التّعليميّة الحديثة الّتي ترتقي بالتّعليم الجامعيّ إضافة إلى عواملَ أخرى متمثّلة في:

 – ضعف البنية التحتية “كالأجهزة والمعدّات المناسبة، وعدم توافر التقنيات التعليمية مع قلّة الدورات التدريبية للمعلمين للتعرّف على تلك التقنيات وأساليب استخدامها.

– ضعف البيئة التكنولوجية والمستلزمات البشرية الّتي تتعامل مع الشكل الالكتروني لمصادر المعلومات وإتقان الوسائل الحديثة والمستحدثة في التعامل معها.

– المعوقات والحواجز اللغوية حيث أن معظم المصادر الالكترونية هي باللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية الاخرى الّتي يصعب على الكثير من المعلمين العرب الاستفادة منها على الوجه المطلوب.” (أحمد و عيسى، 2006، صفحة 90)

يتطلب التعليم باستخدام الوسائط المتعددة “تعديل نظرة المعلم للتعلم والتقويم بحيث يتخلى عن فكرة التعلم بالاستقبال والتلقين إلى فكرة التعليم بالمشاركة النشطة من قبل المتعلم. وهذا التعديل في النظرة للتعلم والتقويم ليس بالأمر اليسير، نتيجة قلة الوعي .

صعوبة تطبيق الاختبارات الالكترونية لاحتمال سهولة الغش.

حداثة دخول الانترنت وانتشاره في الأقطار العربية ومحدودية انتشار واستخدام أجهزة الحواسيب.” (أحمد و عيسى، 2006، صفحة 90)

      كما نجد الجانب النفسيّ مثل مشكلة عدم التقبّل العلمي للشّكل الالكتروني لمصادر المعلومات من قبل بعض المعلّمين. والمقاومة المحتملة من قبل بعض المعلّمين والموجّهين وغيرهم للتعليم الإلكتروني مما يعطي صورة سلبية تجاهه، إضافة إلى عدم رغبة المتعلّمين في هذا الشّكل الجديد، وعدم التواؤم معه، فالمتعلّم “ينجذب إلى الموقف التّعليميّ ويُقدم على التعلّم مدفوعا برغبة داخليّة، أو حاجة نفسيّة لإرضاء ذاته، أو سعيا وراء الشّعور بمتعة التعلّم، واكتساب المعارف والمهارات الّتي يميل إليها، أو سعيا لتحقيق النّجاح والتفوّق إشباعا للحاجة إلى الإنجاز.” (عفت ، 2009، صفحة 147)

لقد كشف الواقع في تطبيق تقنيات التّعليم عن بعد عن غياب الإدارة الرّشيدة في تفعيله في وطننا العربيّ، وذلك راجع لأسباب تعليميّة، وذاتيّة، وإداريّة، وثكنولوجيّة نذكر منها:

– غياب الرّغبة الحقيقية في طلب العلم،والالتزام بالجانب الأكاديمي الّذي يترقّى فيه المتعلم عبر الأدوار، وربط الكثير من المعلّمين والمتعلّمين التّعليم بالحصول على الشّهادة فقط أكثر من البحث والتّكوين المعرفيّ.

– هناك صعوبات متعلّقة بطريقة التّعليم نفسها، وذلك من خلال عدم الإقبال عليها بالشّكل الكافي إقبالا حقيقيا.

– غياب قناة التواصل المحدّدة الّتي يلتقي فيها المعلم بالمتعلم بشكل مباشر، ويكون المتعلم يقرأ المعلم من خلال الكتابة لا من خلال الحضور المباشر، ولهذا الشّيء سلبياته على الفهم والتّعلّم، والوصول إلى النّتائج، والأهداف التّعليميّة المنشودة.

– عدم كفاءة هذه الطّريقة في العلم، وعدم الاعتراف بها، والفرق بينها وبين الحضور المباشركالفرق بين  الشهادات المعتمدة في طرق الدّراسة عن بعد والّتي تتمظهر في الدراسة عن طريق المراسلة، وهي في الغالب تنتح لنا صنفا من المتعلمين ينسبون نفسهم إلى العلم بصفة الشّهادة دون العلم.

– غياب قوّة الوسيلة الّتي تتمثّل في الأنترنت؛ لاعتمادها بشكل أساس كتعويض حقيقي للحضور المباشر يجعل المعلم والمتعلمين – على كثرتهم – في وقت واحد، وأمكنة مختلفة في خطّ واحد غير ممكن حتى في أكبر الدول المتقدّمة كأمريكا ونفس الشّيء عند اليابان فما بالك بما دونها من الدّول العربية، ذلك أن ضعف الأنترنت يعدّ السّمة الغالبة فيها في  الحالات العادية، هذا فضلا عن أنّ هناك أماكن لا تصلها الأنترنت، وكثيرا ما يحتج الطّلاب بهذه الحجة وهي حقيقية، فلا تكون الفرص متساوية حتى في اعتماد هذه الوسيلة.

– اتّساع الهوّة بين التنظير لهذه العملية وبين الواقع المتحقّق، وذلك أن أزمة الكورونا عندما كانت سببا قويا في الاضطرار إلى هذه الطّريقة لم يظهر معها النجاح والكفاءة المطلوبة فكان الرجوع الملموس للتعليم بدلا من الافتراضي ضرورة ملحّة لاستكمال الموسم الدراسي

كعادته.

– عدم توفّر فضاءات لتسيير الدّروس والمحاضرات في الجامعات، أو لدى الطّلاب والأساتذة.

– عدم إيلاءالأهمّية اللّازمة للتّعليم عن بعد من طرف الأنظمة الحكوميّة، ويتجلّى ذلك في غياب مراصدَ لقياس مدى تحمّم المواطنين – المستهدفين من العمليّة التّعليميّة التعلّميّة عن بعد –.

– الظّروف الاقتصاديّة الصّعبة لأغلب البلدان العربيّة، إضافة إلى ضعف مستوى الدخل والفقر لدى المواطنين، وهذا ما يُصعّب من أمورهم خاصّة في ظلّ عدم قدرتهم على توفير الأنترنيت، والحاسوب، والهاتف النقّال الذكيّ.

خاتمة:

     للتّعليم عن بعد دور بارز في تحقيق التواصل والتّقارب المعرفيّ والعلميّ بين الأساتذة والطّلبة، وتكمن أهمّيته في كونه البديل الأمثل والأنجع في الارتقاء بمستوى التّعليم والباحثين والطّلبة من خلال الاعتماد على تقنيات وأنماط ووسائل تعليميّة حديثة تُواكب التطوّر التكنولوجي الحاصل في دول العالم الغربيّ.

إنّ تطبيق التّعليم البديل المتمثّل في التّعليم عن بعد صعب جدّا في وطننا العربيّ نظرا للعوائق والصّعوبات الّتي تعترض طريق نجاحه وتفعيله، وقد كشفت جائحة كورونا عن قصور توظيف هذا النّمط التّعليميّ، وذلك راجع لأسباب تقنيّة، وذاتيّة، وتكنولوجية، فأغلب البلدان تُعاني من ضعف تدفق الأنترنيت وهذا ما يُصعّب من عمليّة ولوج المنصات والمواقع، وفتح الفيديوهات التّعليميّة المنشورة في المنصّات واليوتيوب، كما يعسّر من عمليّة التواصل والنّقاش بين الأساتذة والطّلبة.

    إضافة إلى عوامل أخرى متّصلة بغياب الدّافعيّة، وعدم تقبّل الطّلبة للتّعليم الإلكتروني والبيئة التكنولوجية غير المشجّعة على تطبيق هذا النّمط التّعليميّ الّذي لم يفرض نفسه بعد في نظامنا التّعليميّ، والدخل الاقتصاديّ المتدنّي عند الفرد العربيّ.

*توصيات:

     للتّعليم عن بعد أهميّة كبيرة جدّا؛ فهو يعدّ التّعليم البديل والتّفاعليّ الّذي يكتسب أهمّيته من خلال الأدوار الفاعلة الّتي ترتقي بالتّعليم، فصارت الحاجة الماسّة إليه خاصّة في ظلّ الوضع الصّحيّ الّذي يشهده العالم، والّذي أثّر على النّظام التّعليميّ.

      فالواجب على القائمين على المنظومة التّعليميّة في وطننا العربيّ ضرورة تفعيل هذا النمط التّعليميّ، واستحداث تقنيات ثكنولوجية جديدة؛ لتسهيل عمليّة التواصل العلميّ الجاد بين الأستاذ والطّالب، وفتح قنوات معرفيّة أخرى تُسهّل عمليّة اكتساب المعلومة بطريقة أسهل وأسرع من أجل تحسين جودة التّعليم، وتنميّة البحث العلميّ.

 *قائمة المراجع:

1– أحمد جمعة أحمد: وليد السيد خليفة، مراد على عيسى، التعلم باستخدام الكمبيوتر في ظل عالم متغير، دار الوفالدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، ط1، 2006.

2- العقاد: التّفكير فريضة إسلامية، نهضة مصر، مصر، ط 6 ، 2007.

3-حسين حسن موسى: استخدام الوسائط المتعددة في البحث العلمي، دار الكتاب الحديث، القاهرة، (دط)، 2008.

4-عبد الحافظ محمد سلامة- سعد عبد الرحمن: مدخل إلى تقنيات التعليم، دار الخريجي للنشر والتوزبع، السعودية ، 2002.

5-عفت مصطفى الطّناوي: التّدريس الفعّال تخطيطه – مهاراته-  إستيراتيجياته، تقويمه، دار المسيرة، الأردن، ط1، 2009.

6-فوزي فايز اشتيوه: تكنولوجيا  التّعليم (النّظرية والممارسة)، دار صفاء للنّشر والتّوزيععمان، الأردن، ط1، 2010.

7-يوسف سيّد محمود: رؤى جديدة لتطوير التّعليم الجامعي|: الدار المصرية اللبنانية  القاهرة، مصر، ط1، 2009.

8- وليم عبيد: التّعليم والتعلّم في سياق ثقافة الجودة، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة عمان، الأردن، ط1، 2009.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of