استعراض كتاب: الأدب القصصي العربي عبر العصور
د. محسن عتيق خان

اسم الكتاب: الأدب القصصي العربي عبر العصور

تأليف: د. محمد حسين خان الندوي

الناشر: مركز التاريخ العربي للنشر، تركيا

عدد الصفحات: 656

ذا الكتاب الذي نُشر في نهاية العام الماضي يسير بنا في مجال القصة بمعناها الواسع، ويعرض لنا مشاهد نشأتها وتطورها منذ القدم حتى عصرنا هذا. والكاتب هو عمي الدكتور محمد حسين خان الندوي الذي نشرت له عدة مؤلفات في الأدب العربي والأردي، بالإضافة إلى إسهاماته البارزة في مجال البحوث والدراسات الإسلامية. وهو يقطن في الدوحة، دولة قطر منذ أكثر من ربع قرن. 

وقد تناول المؤلف في هذا الكتاب القصة بجميع أنواعها، وأغراضها، و معانيها، ومفاهيمها، وأنواعها، وعصورها، وأمكنتها، وتطوراتها عبر العصور. ويحتوي الكتاب على ثلاثة أبواب، ويتوزع كل باب على عدة فصول على النحو التالي:

الباب الأول: نظرة عامة على الأدب القصصي، والباب الثاني: الأدب القصصي  العربي في العصر القديم، والباب الثالث: الأدب القصصي العربي في العصر الحديث.

في الباب الأول قام الكاتب بإلقاء نظرة عامة على الأدب القصصي، بعرض وتقديم مفهوم القصة وتعريفها وأنواعها وعناصرها الفنية وشروط جودتها، فتحدت لنا معناها لغةً واصطلاحًا، ثم تطرق إلى ذكرها من حيث المواد والمضمون، كما تحدث عن ونشأتها ومظاهرها في العصر القديم، وتطورها في الآداب الأوروبية، ويذكر لنا تطوراتها في ظل المذاهب والاتجاهات الأدبية المختلفة السائدة في العصر الحديث من الكلاسيكية والرومانسية والواقعية والرمزية وما فوق الواقعية والسريالية والوجودية و التعبيرية والواقعية الحديثة، وهلم جرا. ثم ألقي الضوء على عناصرها الفنية، وكذلك على أشكالها ومظاهرها. وقد ذكر لنا في سياق مظهرها القديم الأساطير والملاحم المختلفة التي برزت إلى حيز الوجود عبر العصور في الدول، والقارات، والثقافات العديدة. 

وتناول في الباب الثاني مظاهر وآثار الأدب القصصي في العصر القديم، فتحدث عن جذور القصة في العصر الجاهلي، وألقى الضوء على الأساطير، والخرافات، وأيام العرب. وبعد ذلك تطرق إلى ذكر القصة في العهد الإسلامي، فتحدث عما جاء في القرآن الكريم من القصص، وما هي أغراضها، وأنواعها، وميزاتها، ووظائفها، وكذلك أي نوع من الترابط، والتماسك، والإقناع الفكري نجد في هذه القصص. ثم تحدث عن القصص التي جاءت في الحديث النبوي الشريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه. وبعد ذلك تناول تطور القصة في العصر الأموي، والعصر العباسي، وذكر أبرز نماذجها وآثارها أمثال: كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة، وكتاب الملوك والتيجان، وكتاب الأغاني، والعقد الفريد، والبيان والتبيين، وكتاب الحيوان، وكتاب البخلاء وغيرها. وفي نهاية الباب تحدث عن القصة العربية في العهد المملوكي والعثماني، وذكر أسباب تراجعها، وتدني نثرها باختصار.

وفي الباب الثالث والأخير، تحدث عن تطور الأدب القصصي في العصر الحديث إثر النهضة العربية الحديثة، فذكر كيف ارتقى هذا الفن بداية من الترجمة والنقل، ومرورًا بمرحلة المحاكاة والتقليد حتى بلغ أوجه في الكمال والنضج الفني، واحتل مكان الصدارة بين الأجناس الأدبية الأخرى. قد نال هذا النوع الأدبي رواجًا كبيرًا في عامة الناس، والأوساط العلمية والأدبية على السواء، واعتنى به الأدباء الكبار الذين ملأت شهرتهم الآفاق. وهنا قد ألقى الكاتب الضوء على أبرز أنواع القصة الحديثة، من الرواية والأقصوصة والقصة القصيرة والمسرحية وغيرها، كما تطرق إلى أهم اتجاهاتها في الأدب العربي الحديث.

وهكذا، هذا الكتاب غني بالمعلومات عن الفن القصصي بجميع أنواعها، وأدوارها، وأقسامها، ويجدر لمن يرغب في قراءة تاريخ الأدب العربي وبصفة خاصة تاريخ الفن القصصي أن يستفيد من هذا الكتاب الثري. وقد قدم للكتاب الدكتور حسين الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة مما زاد من قيمة الكتاب ونفعه.

أدعو الله تعالي أن يتقبل جهود كاتبه في سبيل خدمة لغة القرآن الكريم ولغة الحديث النبوي الشريف ولغة الإسلام الرسمية، ويرزقه مزيدًا من التوفيق، ويبارك في علمه وعمله، وينفع به طلبة العلوم العربية والأدب العربي، إنه سميع قريب مجيب الدعوات.