+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

قراءة في كتاب دور المسلمين في تحرير الهند
د. عظمت الله الندوي

مدخل:

لا يخفى على أحد أن الهند لها تاريخ عتيق وعريق جداً، يرجع إلى آلاف من القرون، حتى يقال إن أول إنسان وهو سيدنا آدم عليه السلام نزل على أرض الهند القديمة، وشهدت هذه البلاد أحداث وتقلبات عديدة مثل استقلال الهند وتحريرها التي تعتبر ذات أهمية بالغة فيما يخص تاريخ هذه البلاد، ومما يثير الاهتمام هو أنه لعب أبناءها دورا لا نظير له في سبيل نيل الاستقلال من الاحتلال البريطاني الغاشم، وقد أصبحت هذه الفترة أي فترة قبل الاستقلال وما بعده، جزءا هاما من تاريخ الهند. فهذا المؤلف يتحدث عن تلك الفتره من تاريخ الهند الحديث بقدر من التفصيل المطلوب.

 وفيما يخص بتاليف الكتب عن تاريخ الهند، قام عدد كبير من الأدباء والكتاب بتاليف الكتب في مختلف اللغات عن تاريخ هذه الفتره، مما كتب بعض المسلمين الهنود أيضا كتبا ذات أهمية، فيما أنهم تناولوا أدوارا لعبها المسلمون في تحرير البلاد، ومن هذه الكتب كتاب اسمه “دور المسلمين في تحرير الهند” كبته الدكتور محمود حافظ عبد الرب مرزا، وهو أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية والفارسية بجامعه إلله آباد، شرق الهند. ويمثل هذا الكتاب مصدرا هاما لتاريخ الهند الحديث.

الكتاب:

اسم الكتاب: دور المسلمين في تحرير الهند

تأليف: د. محمود حافظ عبد الرب مرزا

عدد الصفحات: 202 صفحة

الطبعة وسنة الطباعة:  الطبعة الثانية، عام 2018م

الناشر:  مرزا للطباعة والنشر، شارع شبلي، أعظم غره، يوبي. الهند.

يحتوي هذا الكتاب على أربعة أبواب إضافه إلى مقدمة الكتاب ومما يلفت الانتباه غزارة المصادر والمراجع التي يستخدمها المؤلِف في إعداده، والأسلوب السهل والسلس في سرد الأحداث والوقائع التاريخية التي تطرق صاحب الكتاب إليها في هذا الكتاب.

يستهل الكاتب هذا المؤلف بإلقاء الضوء على الهند منذ قدوم الشركة الإنجليزية الشرقية وبدء حركة الشاه ولي الله الدهلوي، التي ظهرت في الهند في الأيام التي كانت تعاني فيها الإمبراطورية المغولية من أشد أنواع التدني والتدهور. الأمر الذي أثر سلبا على جميع مجالات الحياة وبالذات المجال الديني، فأنشا هذا المصلح حركة إصلاحية وبدأ يخطط لوضع أسس حكيمة لتشريد المستعمرين من البلاد، وبعد وفاته، حمل ابنه “عبد العزيز” لواء الحركة فاختار نهجا جديدا لهذه الحركة، وأعلن الجهاد ضد الإنجليز وأصدر فتاوى بضروره التخلي عن الوظائف الحكوميه، وبدأ يحثّ تلامذته على ضروره شن الجهاد ضد المستعمرين، فتلقت هذه الحركه ترحيبا واسعا من جميع طبقات الشعب.

كما تطرق المؤلف أيضا إلى حركة “أحمد عرفان الشهيد” فضلا عن حركه التحرير الهند الأولى التي لم يحالفها النجاح. والتي أثرت بشكل سلبي على المسلمين في الهند، إذ بدأ الإنجليز صبوا جام غضبهم عليهم بسبب اعتبارهم المسؤولين عن حركة التحرير الهندية. فدفع المسلمون ثمنا باهظا بهذا النضال، وقامت الحكومة البريطانية بتنحية المسلمين من القطاعات الحكومية وإغلاق كل أمل يراودهم في إعادة مجده الراحل، ومصادرة الأوقاف والمدارس الدينية ومحاربة النظام الإسلامي وممارسة أنواع التعذيب والتنكيل بهم لأتفه الأسباب.

ويتحدث المؤلف في الباب الثاني عن ظهور بعض المدارس الإسلامية على مسرح الوجود مثل مدرسة دار العلوم ديوبند، التي قام بتاسيسها مولانا محمد قاسم النانوتوي عام 1866 من الميلاد، والتي حاربت التعليم الغربي، وحافظت على العلوم الدينية والمساهمة في حركة تحرير البلاد.

كما تطرق من ضمن الفصول التي أدرجها تحت إطار هذا الباب عن حركة المناديل الحريرية، فشارك فيها العديد من أبناء هذه المدرسة ومع أن هذه الحركة باءت في فشل إلا أنها ظلت تظهر بمظاهر مختلفة نحو حركة الخلافة والعصيان المدني وعدم التعاون وما إلى ذلك.

وتطرق صاحب الكتاب أيضا إلى الحديث عن جمعية علماء الهند، والتي ساهم في إنشاءها، علماء ديوبند، التي ظل تعمل لأجل تحرير البلاد حتى ظفرت به عام 1947م.

وفي الباب الثالث، تناول المؤلف الجهود التي قدمها السر سيد أحمد خان، إذ استطاع أن يعي الأسباب التي أدت إلى تأخر المسلمين عن ركب الثقافة، وتوصل إلى أنه لا فائدة في اشتباك معهم، لذا إنه رأى بأنه يجب عليهم الابتعاد عن صخب السياسة بشكل كلي، والسعي إلى التمسك بالثقافة الغربية والحصول على العلوم الغربية الحديثة حتى يتسنى لهم السير مع ركب التقدم لتحقيق الطموحات والآمال.

وأوضح المؤلف بأنه وفي بدايه الأمر لم يدرك العديد من المسلمين أهميه هذه الحركة التعليمية فعارضوها ولكن مرت الأيام وجاء جيل من أبناء كلية عليكره الإسلامية، نحو “نواب محسن الملك” و”نواب وقار الملك” و”مولانا حسرت موهاني” الذي أصدر قرار ضرورة الحصول على الاستقلال التام من براثن الاستعمار الأجنبي والأخوين “علي” البارزين. الأمر الذي يثبت بأن أبناء عليكره لعبوا دورا بارزا في معظم الحركات التي ساهمت في نيل الاستقلال لأبناء البلاد.

وفي الباب الأخير، كتب صاحب هذا المؤلف عن مولانا أبو الكلام آزاد لأنه لم يرتبط بإحدى هاتين المدرستين إلا أنه لعب دورا بارزا في خلق الوعي السياسي لدى المسلمين، وقام ببذل الجهود الملموسة في إحياء الروح الإسلامية في نفوس المسلمين ودفعهم نحو التقدم في حركة التحرير الوطنية.

خلاصة القول:

لعبت المدارس الإسلاميه دورا بارزا في حصول البلاد على الاستقلال لأن أبناءها استطاعوا إحباط جميع طموحات الحكومة المستعمرة في الحفاظ على سيادته في أرض الهند. الأمر الذي ترك بصمات واضحة لهم ولا يمكن لأحد التغاضي عنها على الإطلاق، لأنه مع أن المستشرقين حاولوا تجاهل هذه الجهود الجبارة لهم إلا أن أبناء البلاد بدؤوا بالرجوع إلى المصادر الرئيسية وتأسيس المؤسسات المختلفة والمتنوعة بعدة لغات منها العربية، وبذكر جهود المسلمين البارزه في تحرير البلاد من براثن الاستعمار، فكانت لهم بالفعل اليد الطولى في هذه الحركة.

وختاما، لابد أن أشيد بالجهود التي بذلها صاحب هذا المؤلف في إعداده، وفي إبراز الدور البارز للمسلمين في تاريخ الهند الحديث وإسهاماتهم في مختلف شعب الحياة. تقبل الله جهوده المشكورة ويوفقه بخدمة الأمة والوطن علما وفكرا وثقافة.

***

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of