+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

قصة مترجمة: فندق غراند
كتبتها ناميتا غوكهالي، ونقلها من الإنجليزية إلى العربية د. مخلص الرحمن

فندق غراند في نينيتال كان فندقا حديثا مع سلالم ودرابزينات من الخرسانة والاسمنت وليست من الخشب في عام 1964م. وهو يقع قربا من البحيرة، فوق شارع المول. شرفة طويلة تمتد على طول الفندق في الطابق الأرضي والطابق الأول.

توجد طاولة خشبية وكرسيان خارج كل غرفة. فينيتا جالسة خارج غرفة رقم 136-وهو جناح- تطل على البحيرة. وكانت الأضواء من جانب قرية آيارباتا تنعكس في الأمواج التي تبدو مثل خطوط فضية على الماء الأزرق-الأسود. إنه مايو في ناينيتال، وهو ذروة فصل الصيف. وبالتحديد السابع عشر من شهر مايو عام 1964م. كان قد توفي جواهر لال نهرو بسبب نوبة قلبية في ذلك الصباح، وكانت مدينة محطة التل ناينيتال في حالة حداد.

هذا ما تفكر فيه فينيتا، وهي جالسة على الكرسي بجانب في الشرفة، وتنظر إلى البحيرة. مات العم نهرو هذا الصباح، والوطن الآن في حالة حداد. ولديها القدرة على الكتابة، حتى في تلك الآونة، ومقدر لها أن تصبح كاتبة. وكانت كلمتا “الصباح” و”الحداد” موجودتين، في مخيلتها وأفكارها، بشكل مائل وخط نسخي.

تتنهد فينيتا وتنظر إلى البحيرة والقمر. إنه قمر مكتمل، وهو منخفض وتبدو جالسا بلون أصفر فوق التل المقابل. وجهه اليرقان لا ينعكس في البحيرة.’كان العم نهرو قائدًا عظيمًا لوطننا. لقد أحب الأطفال واعتقد أنهم مستقبل الهند‘. هكذا سيبتدئ مقال فينيتا عن بانديت جواهر لال نهرو، الذي سيُكتب في 14 نوفمبر. ويوم الأطفال لا يزال في المستقبل البعيد. وفي هذا اليوم، فينيتا مذبذبة بين “أطفال” و “الأطفال”. لقد أحب الأطفال واعتقد أنهم مستقبل الهند. بعد تفكير عميق، تشطب “الـ” بجرة قلم حبرٍ لها، في اليوم الذي تكتب المقال عن العم نهرو.

في 27 مايو، والقمر القريب الاكتمال يحلق فوق البحيرة، تبكي فينيتا وهي تفكر في العم نهرو وحبه للأطفال. يبكي كل واحد في نينيتال، يحتشدون حول أجهزة الراديو، يستمعون إلى الأخبار على الـ بي بي سي. أو آكاشفاني. يتكلمون مع بعضهم البعض في همسات مكبوتة. في فندق غراند، أدى الشعور بالخسارة المشتركة إلى نوع من الصداقة الجنائزية مع ذوبان الحواجز الاجتماعية، إن لم تكن تختفي. وكان رئيس الطهاة مذهولا إلى حد أنه لم يبدأ بعد في إعداد العشاء. بل يتم تقديم بقايا الطعام إلى الضيوف الجائعين من المخزن البارد أو ثلاجة ويستنجهاوس. إنهم ينتحبون ويشهقون فوق حساء الطماطم المائي بينما يتذكرون بانديت نهرو وعظمته.

“لقد كان وسيمًا للغاية”، همست والدة فينيتا، رينوكا ميهتا، بصوت متكسر. أجمل رجل رأيته في حياتي. من يمكنه أن يحل محل نهرو؟ لا شاستري. .. إنه قزم ، قصير القامة، حتى لا يصل طوله إلى خمسة أقدام! ثم تنهار، وهي تلمس عينيها بطرف من الساري القطني الأنيق، ولطخته بكحل أسود.

إنهم يستمعون إلى راديو بي بي سي ولا إلى آل انديا راديو. كان والد فينيتا، السيد ميهتا، يضغط على راديو الترانزستور الياباني في إحباط. إنه في غلاف جلدي فيه ثقوب، بحيث يمكنك الاستماع من خلاله. لكنها لا تعمل، لذا فهم يستمعون إلى راديو مورفي الضخم في غرفة نوم جناحهم بالفندق، بينما تجلس ابنتهما فينيتا في الفاراندة ناظرة إلى البحيرة والقمر.

 يتهيأ السيد والسيدة ميهتا للنزاع، إراقة الدماء الدورية التي تسمح لهما بالاستمرار في ظل قيود زواجهما المرتب. امتعض والد فينيتا من التعليق على كون شاستري قزمًا وقصيرالقامة. هو نفسه رجل قصير، أقصر من زوجته. طلبت والدته من زوجة ابنها عدم ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي، لأن المرأة لا ينبغي أن تبدو أطول من زوجها. لقد تجاهلت والدة فينيتا بعزم هذا الاقتراح المشين. إنها امرأة صلبة على الرغم من أنها تبكي الليلة لبانديت نهرو.

إن بطاريات الترانزستور قد تعطلت، وقد زاد هذا من إحساس السيد ميهتا بأن الأشياء تتداعى. يسكب لنفسه ويسكيًا. في أثناء ذلك، انقطع الكهرباء. وتوقف الراديو فجأة. في البرلمان، قال سي. سوبرامانيوم معلنا نبأ وفاة رئيس الوزراء: “انطفأ النور”. يتذكر السيد ميهتا ذلك، بينما المياه الغازية التي يصبها في الويسكي تتناثر على حذائه في الظلام.

إن الصراع بينهما يحتدم في الظلام وفي الصمت. إنه مرير ولا طائل تحته، وفيه شعور باليأس. قررت والدة فينيتا تعاطي شراب الرمّ والكوك. يتجادلون في همسات منخفضة وتستمر رينوكا ميهتا في البكاء على بانديت نهرو الذي التقت به مرة واحدة قبل عدة سنوات بمناسبة الاحتفاء بيوم تأسيس الجيش عندما كان والدها ضابطا قياديا. قد انطفأ ذلك النور.

في الخارج ، على الفاراندة، ما زالت فينيتا تنظر إلى القمر. الذي قد تحرك إلى الأعلى في السماء، وبحيرة ناينيتال تحبس انعكاسه مثل المرآة. والبرد شديد في الفاراندة، ولكن الجو مظلم للغاية ولا تستطيع الدخول والبحث عن كارديغان. لدى فينيتا شيئ يتعلق بالأرقام، فهي تعد في رأسها عدد سنوات قضى العم نهرو في هذا العالم. وهي أربعة وسبعون عامًا وستة أشهر وثلاثة عشر يومًا. ثم تحاول حساب المدة التي قضتها هي في هذا العالم، وتفقد الاهتمام، وتبدأ التفكير في الموت. الموت هو نقطة قاتمة على نينيتال، وعلى الهند اليوم.

أحذيتها تؤلمها، لكنها جميلة جدًا بحيث لا يمكن رميها. أحذية الباليه الزرقاء. ولم تخبر والدتها أنها ضيقة جدًا لها. وكانت تستطيع أن تسمع والديها يتجادلان في غرفة الجلوس بجناح الفندق. هي تعرف نبرة الصوت، وتعلمت الابتعاد عنها عندما تسمعها. تتوقف عن التفكير في الموت وتنظر مرة أخرى إلى القمر. لأول مرة في حياتها، تستطيع أن ترى الأرنب عليها، آذانها المتحذرة، الجسد الجاثم. فينيتا تبتسم للقمر بينما يضع خادم المطعم شمعة على المنضدة في الفاراندة. يشعل الشمعة ويسألها إذا كانت تريد أي شيء. تقول لا. يربت على كتفها ويتركها. إنهم يتشاركون في حزن الهند.

عادت الأضواء على الطرف الآخر من نينيتال، في تليتال، ونصف البحيرة مخططة مرة أخرى بانعكاسات متعرجة على المياه المتموجة.

يبدو الأمر كما لو كان هناك فيضان داخل فينيتا يجتاحها خارج الفاراندة، أسفل الدرجات، إلى رقعة من العشب تحت شجرة دودار. تأخذ الشمعة معها وبطانية من غرفة نومها بجوار الجناح حيث لا يزال والداها يتجادلان في همسات. تضع البطانية على العشب الصيفي الناعم وتضع الشمعة بحذرعلى صخرة مسطحة. وبحلول منتصف الليل، عندما ينام العالم، يمكنها سماع نباح الكلاب، كما لو كانت في جوقة، ثم واحدة تلو الأخرى، من تل إلى تل، في منافسة شديدة. هناك طنين من الأجنحة في الفروع البعيدة لشجرة الدودار فوقها. قرد، خفاش، شبح. هي تنظر إلى الشمعة وتبتسم. والابتسامة للعم نهرو، الذي أحب الأطفال واعتقد أنهم مستقبل الهند.

***

الكاتبة: ناميتا غوكهالي، مديرة مهرجان جيفور للآداب، الهند.

المترجم: د. مخلص الرحمن، أستاذ مساعد ورئيس قسم اللغة العربية بكلية ايتش. بي، البنغال الغربية، الهند.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of