الملخص:
شكل التعليم أحد الأولويات الأساسية في السياسة التنموية الشاملة التي تبعتها الدولة مباشرة بعد حصولها على الاستقلال، فسعت إلى وضع مناهج تعليمية تهتم بالمادة الدراسية، التي انطلقت بها العملية التعليمية التعلمية ابتداء من المنهاج القديم وصولا إلى المنهاج الجديد الذي يعد تصورا بيداغوجيا في منظومة الجيل الثاني.
انطلاقا من هذا سنحاول من خلال هذه الورقة البحثية تسليط الضوء على آفاق التعليم في الجزائر من خلال انتهاج طرق جديدة من أهمها التعليم التكنولوجي خاصة في ظل الجاىحة التي يعاني منها العالم ويسعى للتعايش معها.
الكلمات المفتاحية: التعليم ، تكنولوجيا التعليم.
تمهيد:
إن المتطلع لتاریخ وتطور المنظومة التربویة الجزائریة یجد أنها مرت بعدة مراحل ، ولكل مرحلة مميزاتها وسماتها التي تمیزها عن غیرها من المراحل ، ویعود هذا الاختلاف للعوامل السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والتي كان لها الدور في تشكیل المنظومة التربویة،[a] فلقد وجدت الدولة الجزائرية نفسها بعد الاستقلال في مواجهة التخلف الاجتماعي وتحدیات من أمیة وفقر وجهل وغیرها من العوائق ، وأمام منظومة تربویة أجنبیة بعیدة كل البعد عن واقعها من حیث الغایات والمبادئ والمفاهیم , وكان لزاما على الدولة الجزائرية الفتیة بلورة طموح المجتمع الجزائري في التنمیة ، وكذا إبراز هویته وبعده الثقافي والوطني في تجسید حقه في التربية والتعليم،[b] حیث وضعت المنظومة التربویة عدة أمور في الاعتبار منذ الاستقلال من بینها الثوابت والمتمثلة في ، البعد الوطني ، والبعد الديمقراطي، والبعد العصري , وهي الأبعاد التي تحدد الشخصیة الوطنیة ، أین تم تنصیب لجنة الإصلاح التربوي غداة الاستقلال في سنة 1962والتي نشر تقریرها في نهایة سنة 1964 ، وشهدت بعد ذلك عدة تغيرات وعدة مشاریع ،منها مشروع سنة 1973 ، ومشروع وثیقة الإصلاح في سنة 1974 التي تجسدت في أمریة1976، وبعدها دستور 1996، [c]وأخيرا إصلاحات 2003 ، فالمتتبع یجد أن مدة 48 سنة تمثل عمر المنظومة التربویة الجزائرية ، بالرغم من أن الوضعیة الاجتماعیة التي ورثتها الدولة الجزائرية إلاّ أن قضیة التربیة ظلت الشغل الشاغل للمجتمع الجزائري عبر تاریخه ، والتي تهدف إلى تمكین المواطن من الاندماج الواعي والفعال في عصره والمساهمة الایجابیة في صیاغة وإثراء الحضارة الإنسانیة ، فلقد ظلت هذه الاهتمامات تمثل الصدارة في مطلب الحركة الوطنیة في الخمسینات من القرن الماضي ، وذلك ما تجسد في میثاق أول نوفمبر 1954التي تقر أن التربیة هي حجر الزاوية في كل بناء . وبعد الاستقلال كذلك بقي میثاق هو المرجعیة ، فالنظام التربوي كان تابع لنظام الدولة ، والذي كان نظاماً اشتراكيا حیث یقوم النظام الاشتراكي على العدالة الاجتماعیة والمساواة في الحقوق ، وقد كان حزب جبهة التحریر الوطني هو الحزب الحاكم ، كان المیثاق الوطني یركز على بناء الشخصیة الوطنیة المتمثلة في الدین الإسلامي واللغة العربیة التي تعد الوعاء الحضاري وأداة الثقافة ، وكذا اللغة الامازیغیة والتاریخ والثقافة ، لكن بالرغم من سعي النظام في تلك الفترة إلى التعریب في كل الأطوار من المنظومة التربویة إلاّ أن ازدواجیة اللغة كانت حاضرة في تلك الفترة بشكل كبیر خاصة وأن أواخر الستینات وأوائل السبعینات لا تزال تحمل آثار الاستعمار الفرنسي [d]. بالرغم من الجهود التي قام بها الرئیس الراحل “هواري بومدین” الذي سعى إلى توسیع التعلیم.
ـ بين المنهاج القديم والمنهاج الجديد:[e]
| المجال | المنهاج التقليدي | المنهاج الحديث |
| 1ـ طبيعة المنهاج | ـ المقرر الدراسي مرادف للمنهاج.
ـيركز على الكم الذي يتعلمه الطالب. ـ يركز على الجانب المعرفي في إطار ضيق. ـ يهتم بالنمو العقلي للطلبة. ـ يكيف المتعلم للمنهاج. |
ـ المقرر الدراسي جزء من المنهاج.
ـ يركز على الكيف. ـ يهتم بطريقة تفكير الطالب والمهارات التي تواكب تطوره. ـ يهتم بجميع أبعاد نمو الطالب. ـ يكيف المنهاج للمتعلم. |
| 2 ـ تخطيط المنهاج | ـ يعده المتخصصون في المادة الدراسية.
ـ يركز على منطق المادة الدراسية. ـ محور المنهاج (المادة الدراسية) |
ـ يشارك في إعداده جميع الأطراف المؤثرة والمتأثرة.
ـ يشمل جميع عناصر المنهاج. ـ محور المنهاج (المتعلم). |
| 3ـ المادة الدراسية | ـ غاية في حد ذاتها.
ـ لا يجوز إدخال أي تعديل عليه. ـ يبني المقرر الدراسي على التنظيم المنطقي للمادة. ـ الموارد الدراسية منفصلة. ـ مصدرها الكتاب المقرر. |
ـ وسيلة تساعد على نمو الطالب نمو متكامل .
ـ تعدل حسب ظروف الطلبة واحتياجاتهم. ـ يبني المقرر الدراسي في ضوء خصائص شخصية للمتعلم. ـ المواد الدراسية متكاملة ومترابطة. ـمصادرها متعددة. |
| 4ـ طريقة التدريس | ـ تقوم على التعليم والتلقين المباشر.
ـ لا تهتم بالنشاطات. ـ تسير على نمط واحد. ـ تغفل استخدام الوسائل التعليمية. |
ـ تقوم على توفير الشروط والظروف الملائمة للتعلم.
ـ تهتم بالنشاطات بأنواعها. ـ لها أنماط متعددة. ـ تستخدم وسائل تعليمية متعددة. |
| 5ـالمتعلم | ـسلبي غير مشارك
ـ يحكم عليه بمدى نجاحه في الامتحانات. |
ـ إيجابي مشارك.
ـ يحكم عليه بمدى تقدمه نحو الأهداف المنشودة كفاءات ومهارات. |
| 6ـ المعلم | ـ علاقته تسلطية مع الطلبة.
ـ يحكم عليه بمدى نجاح المتعلم في الامتحانات. ـ لا يراعي الفروق الفردية بين الطلبة. ـ يشجع على تنافس الطلبة في حفظ المادة . ـ دور المعلم ثابت. ـ يهدد بالعقاب ويوقعه. |
ـ علاقته تقوم على الانفتاح والثقة والاحترام المتبادل.
ـ يحكم عليه في ضوء مساعدته للطلبة على النمو المتكامل. ـ يراعي الفروق الفردية بينهم. ـ يشجع الطلبة على التعاون في اختيار الأنشطة وطرائق ممارستها. ـ دور المعلم متغير. ـ يوجه ويرشد. |
| 7ـالحياة المدرسية | ـ تخلو الحياة المدرسية من الأنشطة الهادفة
ـ لا ترتبط الحياة المدرسية بواقع حياة المجتمع. ـ لا توفر جوا ديمقراطيا. ـ لا تساعد على النمو السوي. |
ـ تهيئة الجو المناسب للعملية التعلمية.
ـ تقوم على العلاقات الواقعية بمفهومها الواقعي. ـ توفر للمتعلمين الحياة الديمقراطية داخل المدرسة. ـ تساعد على النمو السوي المتكامل . |
| 8ـ البيئة الاجتماعية للمتعلمين.
|
ـ يتعامل المنهاج مع المتعلم كفرد منغلق لا علاقة له بالإطار الاجتماعي.
ـ يهمل البيئة الاجتماعية للمتعلم ولا يعدها من مصادر التعلم. ـ لا يوجه المدرسة لخدمة البيئة الاجتماعية. ـ يقيم الحواجز بين المدرسة والبيئة المحلية. |
ـ يتعامل مع الطالب كفرد اجتماعي متفاعل .
ـ يهتم بالبيئة الاجتماعية للمتعلم ويعتبرها من مصادر التعلم. ـ يوجه المدرسة لخدمة البيئة الاجتماعية. ـ لا يوجد بين المدرسة والمجتمع حواجز.
|
التجديد في طرائق التدريس في ظل المنهاج الجديد:
الطريقة التربوية على ضوء هذا المنهاج عرفت عناية كبرى، ذلك لأنها من أهم الوسائل التي يعتمدها المدرس في معالجة المشاكل والمواقف التعليمية، فإذا كانت الطريقة مؤسسة على معطيات علم نفس الطفل، وعلم النفس التربوي فإنها تفتح مجالا واسعا أما التلاميذ للتفاعل مع جميع الخبرات التي يعرضها المعلم معهم، لذلك كانت الطريقة الحديثة مختلفة تماما عن نظيرتها في النظام التقليدي، لقد كانت من قبل تخول للمعلم دورا أساسيا في أي نشاط، فهو الذي يناقش وحده، ويحلل ويعلل ويقارن ويوازن ويستنتج ويصدر الأحكام من غير أن يشرك التلاميذ في معالجة الدروس، لذلك كانت النتائج عديمة القائدة، أما في شكلها الحديث فهي التي تعطي التلميذ قدرا كبيرا من الحركة، والحرية في المناقشة وإبداء مواقفه كما يراها هو، ويبني المعلم دروسه على مواقف ومشكلات يشعر فيها التلاميذ بأنها من اهتماماتهم، وأحسن الطرائق ما كانت متنوعة، لا يلتزم فيها المدرس طريقة واحدة، وهذه الطريقة تسمى الطريقة الحية، أي الطريقة التي فيها تنوع في أساليبها وبيداغوجيتها، حيث تناسب مستويات كل الأطفال، وفروقهم الفردية وفيها يراعي المعلم مجالات اهتمامهم وتوجهاتهم وقدراتهم على الاستجابة للخبرات المختلفة التي ينبغي أن تكون في مستوى نموهم، ومتصلة بحياتهم حيث يكون كل منهما مكملا للآخر، وفي خدمته وهي باختصار تراعي الجوانب التالية:[f]
1- تدعو التلميذ إلى أعمال الفكر والتأمل في مختلف القضايا والمشاكل التي تعترضه فيستطيع إيجاد الحلول المناسبة لها في غير اضطراب.
2- تجعله طرفا أساسيا في العملية التربوية فلا يقطع أمر دونه.
3- تجعل اهتماماته وحاجاته وميوله أساسا في كل المواقف التعليمية.
4- تعتمد على التحليل والتركيب والتدرج واستغلال المحسوسات في ملاحظاته وتجاربه.
- دور الأسرة في ظل المنهاج الحديث:
لم يغفل المنهاج الحديث دور الأسرة في تكوين الطفل، وتوجيهه وهذا الجانب المهم يجب أن تكون له علاقة وطيدة بكل الأنشطة المدرسية التي يمارسها التلميذ، لذلك توجب على المدرسة أن تهيء الجو المناسب لإقامة علاقة تعاون بين المعلمين وأولياء أمورهم، يتبادلون المعلومات المختلفة المتصلة بالتلميذ في مجالات نشاطاته وسلوكاته، واهتماماته وطموحاته، وبذلك يمكن توفير الأجواء المناسبة لرعاية هذا الطفل وتوجيهه، ومتابعة أعمال وتقويمها، وقد تكون لبعض الأولياء مؤهلات ثقافية وتربوية، فتشجعهم المدرسة على الإسهام في بعض نشاطات المدرسة الثقافية، فيلقون محاضرات، ويشاركون في الرحلات المدرسية حتى تتلاحم جهود المدرسة والأسرة معا في تربية الطفل وتوجيهه، وبما أن المدرسين مطلوب منهم التعرف على أحوال تلامذتهم الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية فإن الحاجة إلى ذلك تدعوهم إلى التواصل مع الأسرة والتقرب من التلاميذ أكثر مما يزيد من درجة التحصيل العلمي.[g]
- إشكالات المنظومة التربوية في مواجهة الأزمات:
التغيرات السياسية الحاصلة في الجزائر من الاستعمار إلى غاية الألفية.
تجاهل المنظومة للاشارات الكبرى التي تبوء بحصول الأزمة.
نقص اعتماد التطور التكنولوجي في المدارس التربوية .
نقص الوعي والجدية وروح المسؤولية في مواجهة الأزمة.
عدم تحديد الأولويات في بناء المناهج خاصة في الطور الابتدائي.
قصور العلاقة بين الأسرة والمدارس مما خلف فجوة في التحكم الأسري.
- مفهوم الطريقة البداغوجية:
العملية التربوية تقوم على أربعة أركان هي: المادة الدراسية والمعلم، والتلميذ والطريقة.
والطريقة أسلوب فني قائم على معطيات تربوية ونفسية، يعتمدها المعلم مع التلاميذ لتنفيذ البرامج وتحقيق الأهداف، فهي عبارة عن خبرة تلتزمها المدرسة من أجل تسيير العمل وتسهيله وجعله سلوكا يتوافق مع ميول التلاميذ واتجاهاتهم، فيتفاعلون معه إلى درجة أن يؤثر في نموهم العقلي والوجداني، والجسمي والسلوكي، بما هو مقرر في الأهداف والغايات التي تسعى التربية إلى بلوغها.[h]
إن أهم ماتركز عليه العملية التربوبة أربعة أركان أهمها؛ المادة التعليمية المراد تعليمها، وطرفا العملية التربوية المتمثلان في المعلم والمتعلم، إضافة إلى الطريقة التي تعد الاسلوب الذي يتم انتهاجه من طرف المعلم من أجل تيسير العمل وتسهيله وفق نفسية وسلوكات المتعلم.
ولما كانت الطريقة “عملية هامة في كل الأعمال التربوية اهتم بها رجال التربية وعلماء النفس منذ أزمان سحيقة، وكانت اختلافاتهم بينة في تحديد الكيفيات التي تنتظم بها، وذلك بسبب اختلافاتهم في أفكارهم واتجاهاتهم التربوية، فكان ان استحدثت طرائق شتى نسبت إلى أسماء أصحابها أو اتجاهاتهم في التفكير التربوي أو إلى خواصها، ولعل من أهم الآراء التي اختلفوا فيها نظرتهم إلى المناهج المدرسية، فمنهم كان يعتبرها وحدات مترابطة ببعضها فتتوخى هدفا واحدا، فكان هذا الإتجاه يدعوا إلى ضرورة الربط بين المواد في التدريس على شكل وحدات، ومنهم من كان يدعو إلى مبدأ الفصل بين المواد الدراسية باعتبارها نشاطات مستقلة بخصوصيتها العلمية”.[i]
وقد لقيت الطريقة في تقديم المادة الدراسية إقبالا هاما من طرف الدارسين وعلماء النفس منذ زمن بعيد وقد تعددت الطرائق وفق تعدد الأفكار والاتجاهات ومن أهم هذه الاختلافات نظرتهم إلى المناهج المدرسية.
لهذه الأسباب تعددت الطرائق وأخذت أشكالا مختلفة في صور الخطوات التي يمكن اتباعها في تنفيذ البرنامج واختيار الوسائل والأدوات المساعدة على إنجازها وتنفيذها.
ولكن رغم اختلافهم في اتجاهاتهم التربوية والنفسية فإنهم يتفقون على أن تكون الطريقة المعتمدة جيدة، مرنة تحمل في ذاتها عوامل التشويق التي يستجيب لها التلاميذ.
فيجدون في أنفسهم لذة الإقبال على التعلم والطريقة في مفهومها التقليدي كما سبقت الإشارة إلى ذلك تختلف عن سواها في مفهومها الحديث، فلقد كانت حينذاك تجعل من المعلم محور العملية التربوية، حيث يكون هو القطب الإيجابي في أي نشاط تعليمي.[j]
يمكن القول أن أهم ما تركز عليه الطريقة هي المتعلم الذي يشكل محور العملية التعليمية فتركز على الجدة والمرونة والتشويق التي تساعد على استجابة المتعلمين، والفرق بين الطريقة التقليدية والحديثة شاسع حيث أن الطريقة التقليدية تجعل من المتعلم مجرد متلقي للمادة التعليمية، في حين أن الطريقة الحديثة تجعل من المتعلم مشارك ومتفاعل لتلقي المعرفة ويبرز تفاعله في كل النشاطات المدرسية.
- الفروقات الفردية ودورها في التباين الدراسي:
تظهر هذه العوامل في السلوكات التالية:[k]
1- تفاوتهم في القدرات العقلية: الملكات العقلية هي أساس التعلم، فلا يمكن أن تحدث استجابة الفرد في العملية التربوية بدون قدرات عقلية، من ذكاء وتذكر وانتباه وإدراك وتخيل، وإذا كان المتعلم ضعيف هذه القدرات الفطرية فلا تستطيع المدرسة بوسائلها المختلفة أن ترفع من مستواه التعليمي إلى المستوى العادي للقسم، مهما بذلك الجهود في سبيل ذلك.
2- تفاوتهم في النفسيات والأمزجة: ليست الملكات العقلية مسؤولة وحدها على التعلم الجيد والمستوى الرفيع، فهناك صفات نفسية تلعب دورا بارزا في استجابة المتعلم، وتحصيله الجيد كالإلتزام بالجد والإجتهاد والمثابرة والرغبة الدائمة في التعلم.
3- تفاوت الأحوال العائلية: التلاميذ ينحدرون من عائلات مختلفة المستويات والتوجهات وحظوظ الثقافة والظروف الاقتصادية، فالطفل الذي نشأ في عائلة أمية لا تعرف للتعلم قيمة ولا وقارا، والطفل المدلل الذي يعامل بطريقة خاصة يختلفان عن الطفل الذي عومل بقساوة وغلظة وهكذا دواليك.
4- تفاوتهم في الثقافة الإجتماعية: البيئة الإجتماعية بمكوناتها العلمية والثقافية لها تأثير كبير على التوجه العام للفرد، فالشخص الذي ينشأ في مجتمع يمجد المادة ويقدس المتعة، ولا يعير أي اهتمام للعلم والثقافة، فلا يمكن أن تؤثر التربية في مزاجه وتوجهاته، لأن سلوكه قد ينطبع بالمؤثرات الإجتماعية لبيئته بسبب ارتباطه بالعقلية الإجتماعية لمحيطه، فيظهر انصرافه عن الدراسة ويقبل على ممارسة الأنشطة التي تحقق أهدافه المادية، وقد يقوم بسلوكات تعادي العلم والثقافة ازدراء واحتقارا لهما، لذلك كان لابد للمدرسة أن ترعي هذه الأنماط من التفكير السلبي لدى بعض التلاميذ لتقوم بتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة لديهم.[l]
- الطرق البداغوجية :
الطرائق من حيث أنواعها تنقسم إلى ستة أقسام:[m]
1- الطريقة التقريرية: وهي التي يعتمد فيها المعلم على نفسه في نقل المعارف إلى أذهان التلاميذ، فيشتغل وحده بالكلام والتلاميذ يستمعون إليه، وتكون هذه الطريقة على قسمين:
- تقريرية إلقائية، إذا ألقى المعلم حديثا ما.
- تقريرية قصصية، إذا كانت في شكل قصة يلقيها المعلم على التلاميذ.
2- الطريقة الحسية: وفيها يعتمد التلاميذ على السند الحسي الذي يستخدم فيه الأطفال حواسهم من أجل الوصول إلى الحقائق، ولا يكتفون في هذا الأسلوب بالإستماع إلى المعلم فقط.
3- الطريقة العملية: وهي التي يقوم فيها التلميذ بممارسة نشاط عملي معين بهدف الوصول إلى الأهداف المنشودة، ويكون دوره حينئذ إيجابيا حيث تبرز قيمة التعلم بفعالية أكثر، لأنه في هذا الموقف يكون قد أشرك جميع قدراته العقلية، والحسية في عملية التعلم، ويظهر ذلك واضحا في التجارب التي يقوم بها في دراسة الوسط، وكذلك في الرسم أو الأشغال اليدوية مثلا.
4- الطريقة الإستجوابية الحوارية: وهي الأسلوب الذي يعتمد فيه على الإستجواب – السؤال والجواب – ومناقشة المشكلات التي تتعلق بالمعارف والمعلومات التي تتوخاها العملية التربوية، مثلما يظهر ذلك في أنشطة التربية الأخلاقية والاجتماعية وغيرها.
5- الطريقة الاستدلالية: وهي التي يصل فيها التلميذ إلى الحقائق معتمدا على نفسه، تحت إشراف المعلم وإرشاده، فيستنتجها ويرتبها وينظمها، وتنقسم هذه الطريقة إلى قسمين:
أ-استقرائية استنباطية: وهي التي ينتقل فيها المتعلم من المعارف الجزئية إلى المعارف الكلية، ومن الأمثلة إلى القاعدة، أي هي التي يبحث فيها المعلم مع التلاميذ الحقائق الجزئية لشيء ما أو لموضوع معين عن طريق الحدس والمشاهدة، ويدرب التلاميذ على اكتشاف المعاني والوقوف على حقيقتها متدرجين من الجزء إلى الكل متوصلين في النهاية إلى استخلاص القاعدة التي يتوخاها الهدف الخاص للدرس.[n]
لكن التعليم اليوم بسبب جائحة الكورونا COVID19 الذي تسبب في انقطاع اكثر من 1.6 مليار طفل وشاب عن التعليم في 161 أي ما يقرب من 80بالمائة من الطلاب الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم.[o]
ومن بين أهم خصائص هذا الفيروس طول مدة احتضانه التي تبلغ الاسبوعين وسهولة انتقاله بين الأفراد، إذ لا تظهر على حامل الفيروس أعراض واضحة خلال فترة الحضانة، فتنتقل العدوى إلى الكثيرين من الذين خالطهم،لذلك اتفق الأطباء على أن التباعد الجسدي هو أسلم طريقة لتجنب العدوى.[p]
حيث أنه قبل نهاية شهر مارس 2020 كان حوالي نصف سكان العالم تحت الخطر، فأصبحت الشوارع خالية من المارة (…) وتغيرت الأنشطة اليومية للفرد، فمنع الطفل الصغير من اللعب خارج المنزل والذهاب إلى المدرسة وتوقف العامل عن العمل ومزاولة عمله في البيت من خلال تقنيات الاتصال الحديثة .[q]
وقد أربكت جائحة الكورونا بانتشارها السريع برامج الدولة للتعامل معها، من بين هذه البرامج على سبيل المثال البرامج التعلمية ضمن المنظومة التربوية التي من شأنها أن تبحث عن سبل أخرى للسير وترقية البرامج التعلمية التي تتماشى مع مثل هذه الأزمات.
- مفهوم تكنولوجيا التعليم:
تعد تكنولوجيا التعليم من التقنيات الحديثة التي تم إدراجها في العملية التعليمية، وقد ورد في الموسوعة الأمريكية ” أن تكنولوجيا التعليم هي ذلك العلم الذي يهدف إلى إدماج المواد والآلات التعليمية ويقدمها بغرض القيام بالتدريس وتعزيزه، وتقوم في الوقت الراهن على نظامين: الأول هو الأدوات التعليمية، والثاني المواد التعليمية، والتي تضم المواد المطبوعة والمصورة التي تقدم معلومات خلال عرضها عن طريق الأدوات التعليمية”[r]
ويعرفها ويتش: ” أنها مصطلح يأتي من المصادر الإنسانية وغير الإنسانية، ويستخدم طريقة نظامية لتصميم عملية التعلم والتعليم وتقويمها ككل، ويربط بين المصادر الإنسانية وغير الإنسانية مثل شبكات المعلومات وآلات الطباعة، والوسائل السمعية البصرية والحاسبات الآلية وغيرها”.[s]
من خلال المفهوم الذي قدمه نتش يتجلى بأن تكنولوجيا التعليم هي عبارة عن امتزاج بين الآلة والإنسان باعتباره محركا ومتحكما فيها وهذا من شأنه أن يرفع من مكانة التعلم ويقوم على تقويمه وسد ثغراته.
ويذهب الدكتور محمد عطية خميس إلى أن تكنولوجيا التعليم “ذلك البناء المعرفي المنظم من البحوث والنظريات والممارسات الخاصة بعمليات التعليم ومصادر التعلم وتطبيقاتها في مجال التعلم الإنساني وتوظيف العناصر البشرية أو غير البشرية لتحليل النظام والعملية التعليمية ودراسة مشكلاها وتصميم العمليات والمصادر المناسبة لحلول عملية لهذه المشكلات وتطويرها (إنتاج وتقويم) واستخدامها وإدارتها وتقويمها لتحسين كفاءة التعليم وفعاليته وتحقيق التعلم”.[t]
إن المفهوم الذي قدمه الدكتور عطية حسن لا يختلف في جوهره عن بقية المفاهيم، على اعتبار أن تكنولوجيا التعليم بناء معرفي متكامل يجمع بين البحوث والتطبيقات في المجال التعلمي، ويقوم باستغلال العناصر البشرية وغير البشرية من أجل تحليل النظام التعليمي ودراسة مشكلاته، مع اعتماده على عملية الإنتاج والتقويم لدى المتعلم وتحسين كفاءة التعليم وجودته.
من الأدوار المهمة التي تلعبها التكنولوجيا في التعليم توسيع دائرة الخدمات التعليمية، والتعامل الفعال مع الأعداد المتزايدة من الطلبة، مع برمجة نظم تعليمية حديثة، وأشكال جديدة من التعليم يمكن أن تتكيف مع المشكلة حيث استنباط أنواع من التعليم كالتعليم عن بعد والتعليم المفتوح مع تغيير دور المعلم من المصدر الرئيسي للمعرفة إلى منظم وموجه للعملية التعليمية.[u]
من خلال هذا يتضح أنه أصبح للتكنولوجيا دور مهم في العملية التعليمة، وهذا من خلال ما تمتاز به من خدمات كالتعليم عن بعد والتعليم المفتوح والنظم التعليمية الحديثة .
إضافة إلى ذلك تستطيع تكنولوجيا التعليم رفع كفاءة عملية التعليم حيث أنها تقتصد في الوقت والجهد في الإسراع بعملية التعلم، وذلك لما توفره من أساليب وطرق متنوعة في التعليم بما يتناسب مع الفروق الفردية بين المتعلمين وظروف تعلمهم، كما توفر للعملية التعليمية مزيدا من الكفاءة والفعالية، فالمعلم مهما كانت إمكاناته الذاتية فهو محدود الطاقة والتكنولوجية التعليمية تزيد من إمكاناته وطاقاته.[v]
ومن شأن تكنولوجيا التعليم أن تساهم في زيادة الادراك وتعلم التلاميذ، حيث يؤكد كثير من المختصين على أن التدريس هو نوع من التبادل، أو الاتصال الفكري بين بين المعلم وتلاميذه، فالتعلم يحدث لدى المتعلم بسهولة وبدرجة عالية كلما استخدم الوسائل التعليمية، وذلك من خلال تعزيز الإدراك الحسي، رفع قدرة التلميذ في تحويل المعرفة من شكل لأخر حسب الحاجة أو الموقف التعليمي، التذكر، أو الاستعادة، ثم تجهيز التلميذ بتغذية راجعة ينتج عنها في الغالب زيادة في التعلم كما ونوعا.[w]
أصبح للتكنولجيا التعليم دور فعال في التغذية الفكرية لدى المتعلم الذي أصبح محور العملية التعليمية، فأصبحت تعزز الإدراك وزيادة الوعي والتبادل الفكري عن طريق الاتصال، إضافة إلى تحويل المعرفة وفق ما يتماشى والحدث التعليمي.
إضافة إلى ذلك يمكن لتكنولوجيا التعليم أن تعمل على تحسين حياة المعاق بصريا، وكذا ضعف البصر، وذلك عن طريق إمداده بكل ما يستطيع من خلال التواصل مع الأخرين بواسطة العديد من الأجهزة المساعدة المزودة بالشاشات التي يستطيع أن تقرأ أي نص على الحاسب والمزودة بسماعات متطورة وبرامج وسائل متعددة تعين الفرد على التدرب على مهارات الكتابة وآلة برايل الناطقة وقارئ الكتب وأجهزة قراءة وتكبير المطبوعات لضعاف البصر والآلات الحاسبة الناطقة والساعات الناطقة والكتب الناطقة وغيرها.[x]
من الخدمات الكبرى التي قدمتها التكنولوجيا تسهيل التعليم على ذوي الإعاقات البصرية وهذا من خلال برامجها المتطورة التي تساعد الفرد على الكتابة والقراءة، ولا شك أن هذا لا يقتصر على فئة المكفوفين بل هي تساعد أيضا المعاقين حركية الذين يصعب عليه التنقل إلى المدارس، فتسهل لهم تكنولوجيا التعليم التعلم عن بعد واكتساب المعرفة من خلال البرامج الحديثة التي تتميز بها تكنولوجيا التعليم.
– من الحلول الواجب العمل بها للحد من خطورة الأزمة على المنظومة التربوية:
توفير المتطلبات اللازمة المادية والبشرية للتعليم الإلكتروني.
- إعداد البرامج والمقرارات الإلكترونية المناسبة، بالإضافة إلى تدريب عناصر المنظومة التعليمية على التعامل مع البيئة الإلكترونية.
- ـ الاعتماد الكتاب الإلكتروني من شأنه أن يخفف من الميزانية التي تمنح للكتاب الورقي.
- تفعيل التقنيات التكنولوجيا ضمن العملية التعليمية؛ كالمواد المطبوعة، الرسوم الإلكترونية،التلفزيون التربوي، وأشرطة الفيديو، الحاسوب التعليمي، البريد الإلكتروني….
-ـ توعية التلاميذ الأولياء بأهمية التعليم المنزلي خاصة في المناطق التي تفتقر إلى شبكة الإنترنت من خلال التلفاز والمذياع. – – ضرورة الانفتاح على التعليم العالمي وتوسيع شبكات التواصل.
– توفير مواد تعليمية مسجلة مع اعتماد طرق بسيطة.
– تفعيل كفاءة السمع من خلال تقديم دروس سمعية عبر الإذاعة خاصة عند تلاميذ المستوى الابتدائي.
- إعادة النظر في المناهج وصياغتها والوقوف عند مخرجاتها التي تؤهل المنظومة لمواجهة كهذه الأزمات كإدراج مادة الإعلام الآلي في الأطوار الأولى.
وفي ظل هذه الجائحة لابد من اللجوء إلى جملة من الإجراءات من أهمها:
- تطبيق الوقاية.
- تكييف الأجواء اللازمة لمسايرة التلاميذ من أجل تجاوز فترة الوباء.
- الفحص التشخيصي الذي من شأنه المساعدة في استرجاع التلاميذ للمكتسبات القبلية.
- توظيف التطور التكنولوجي لخدمة التلاميذ (التدريس عن بعد من خلال تقديم الدروس عن طرقات شبكات التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية.
- دور الأولياء في خلق أجواء الدراسة في البيت من خلال المطالعة وأنشطة ذهنية.
- الإجراءات اللازمة للتعايش مع هذا الوباء (النظافة، الكمامات القفازات، ومواد للتعقيم، احترام التباعد، المحافظة على نظافة المحيط…).
- حملات التوعية حول خطر هذا الوباء وإجراءات التعايش معه (عارضات، منشورات، استغلال الوسائل السمعية البصرية…)
- تركيز المنظومة التربوية على المواد الأساسية في بناء البرنامج التربوي الذي يعطي للمتعلم زاد معرفي كاف في وقت محدود خاصة في الأطوار التعليمية الأولى.
ـ غانم العبيد التربية والتعليم في المجتمع العربي، اتحاد الجامعة العربية للنشر، لبنان 1985، ص415[a]
ـ المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية، النظام التربوي والمناهج التعليمية، الجزائر، ص13.[b]
ـ المجلس الأعلى للتربية، المبادئ العامة للسياسة التربوية وإصلاح التعليم الأساسي، الجزائر، ص13-14.[c]
ـ محمد الزبيري ، المؤامرة الكبرى لاجهاض الثورة، المؤسسة الجزائرية للنشر، الجزائر،1990، ص86-87.[d]
ـ صلاح عبد الحميد مصطفى،المناهج الدراسية عناصرها وأسسها وتطبيقاتها، دار المريح للنشر،الرياض،2000،ص19.[e]
ـ خير الدين هني، تقنات التدريس، ص28-29 [f]
ـ https://blogs-worldbank.org. خايمي سافيدرا، التعليم في زمن فيروس الكورونا، التحديات والفرص [o]
ـ أسماء حسين ملكاوي، ومجموعة من الباحثين، ـزمة الكورونا وانعكاساتها على علم الاجتماع والعلوم السياسية والعلاقات الدولية [p]
ـ عبد العزيز طلبة عبد الحميد، تطبيقات تكنولوجيا التعليم في المواقف التعليمية، المكتبة العصرية للنشر والتوزيع، مصر 2010، ص19[r]
ـ محمد عطية خميس، منتوجات تكنولوجيا التعليم، دار الكلمة القاهرة، 2003،ص13.[t]
ـ منال طاهر محمد السكتاوي، دور التكنولوجيا في تحسين العملية التربوية، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، مصر، ط1، 2009، ص37.[u]
ـ محمد عبد السميع محمد وحسين بشير محمود، تكنولوجيا التعليم مفاهيم وتطبيقات، دار الفكر، عمان، الأردن، ط1، 2004، ص37.[v]
ـ ينظر: سرين الخيري، تكنولوجيا تعليم اللغة العربية، دار الراية، عمان، الأردن، ط1، 2013، ص93.[w]
ـ ينظر: فارعة حسن محمد ، إيمان فوزي، تكنولوجيا تعليم الفئات الخاصة، المفهوم والتطبيقات، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2009، ص125.[x]
*جامعة حسيبة بن بوعلي ـ الشلف ـ الجزائر aouadisaliha04@gmail.com
Leave a Reply