+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

نظرة على مساهمة المرأة العراقية في الرواية العربية خلال القرن الواحد والعشرين
عبد الرحمن

تعتبر رواية القرن الواحد والعشرين نقطة تحول في تاريخ الرواية العراقية بشكل عام  والنسوية منها بوجه خاص، لا سيما بعد التحولات الكبيرة في العراق، والتي انعكست بوضوح على النتاج الروائي العراقي لاسيما عند أدباء الخارج، المصطلح الذي برز في عقد التسعينات من القرن الماضي وعبر عن الأدباء الذين تركوا العراق اختياريا أو إجباريا لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولابد من الإشارة إلى أن الأقلام الروائية النسوية العراقية قد احتلت منزلة طيبة على الساحة الأدبية العربية وترجمت العديد منها إلى اللغات المختلفة وكتب بعضها بلغات مختلفة كالفرنسية والانكليزية، ما منحها حيزا جيدا من الاهتمام الذي عزف عنه الإعلام المحلي العراقي بحكم القطيعة التي فرضتها الظروف السياسية وما فرضه الحصار الثقافي والحروب المتتابعة من عزلة للمجتمع عن مثقفيه وأدبائه في الخارج.

فعلى الرغم من أن العراق لم يشهد فترة طويلة من السلام والاستقرار، فقد أنتجت الكاتبات العراقيات عددا غير قليل من الروايات العربية في الربع الأخير من القرن الماضي وكذلك في القرن الواحد والعشرين.

هنا سنتحدث عن الروايات التي كُتبت في القرن الواحد والعشرين من خلال القيام  بدراسة تحليلية موجزة لبعض الأعمال الروائية البارزة منها في الصفحات التالية.

الكاتبات الشهيرات وإسهاماتهن في الرواية العربية خلال القرن الحالي كما يلي:

عاليه ممدوح: رواية “حبات النفتالين” (2000)، رواية”الغلامة (2000)، رواية”المحبوبات” (2003)، و”التشهي” (2007).لطفية الدليمي:رواية “حديقة حياة” (2004)،رواية “خسوف برهان الكتبي” (2000).ناصرة السعدون: رواية “أحببتك طيفاً” (2003).انعام كجه جي: رواية “الحفيدة الأمريكية” (2008) ، رواية “طشاري” (2013).حوراء النداوي: رواية “تحت سماء كوبنهاغن” (2010).دنى غالي : رواية “عندما تستيقظ الرائحة” (2006).بتول الخضيري: رواية “غايب” (2009).هدية حسين : رواية “نساء العتبات” (2009). فليحة حسن : رواية “بعيداً عن العنكبوت” (2012)، رواية “حارستي حمامة” (2012)، و”أكره مدينتي” (2013).سمية الشيباني: رواية “حارسة النخيل” (2006).كليزار أنور: رواية “الصندوق الأسود” (2010).

تعبر الكاتبات العراقيات في رواياتهن بشكل عام عن تجاربهن الشخصية والتجربة العراقية الجماعية كذلك. وإن أصوات هؤلاء الكاتبات اللواتي يتعاملن مع الحياة في ظل ظروف قاسية تسلط الضوء على الدمار والألم والنضال الذي يعيشه العراق في حالة الحرب والاحتلال. تسلط هذه الأصوات ضوءًا فريدًا على عواقب وخطورة الحرب والعقوبات والنفي الذي شوه تاريخ العراق الحديث.وكان للواقع التاريخي والسياسي للعراق منذ الاستعمار البريطاني آثار عميقة على الشعب العراقي ، لكن الحروب الحالية هي التي تهم الكاتبات العراقيات المعاصرات على وجه التحديد ، لدرجة أنهن جعلنها النقاط المحورية في رواياتهن.

ومن أبرز الاتجاهات في روايات المرأة العراقية هو إحساسها المستمر بالالتزام تجاه محنة أبناء وطنها. ومن هنا لوحظ أنها استخدمت قلمها للتحدث علناً ضد الظلم الذي عانى منه شعبها. وقد تم الكشف عن معاناة وألم عامة الناس في رواياتها وقصصها. وعلى سبيل المثال ، تتضمن هدية حسين في روايتها “نساء العتبات” قصصًا لنساء عانين بشكل شخصي من الوضع الصعب في زمن الحرب في العراق. وهي كذلك تتضمن حكايات عن نساء فقدن أبنائهن جراء الحرب أو الإعدام كما يتجلى في روايتها “نساء العتبات” (2009).

تروي لطفية الدليمي الوضع الذي ساد العراق بعد الغزو الأخير في روايتها “حديقة حياة” (2004). وتقدم رواية “تحت سماء كوبنهاغن” للكاتبة حوراء النداوي هوية هجينة مشكّلة لفتاة عراقية تعيش في الدنمارك وتعقيدات جنسانية تضطر الشابات العراقيات إلى التفاوض داخل المساحة الضيقة التي يجدن أنفسهن فيها. ومن المثير للاهتمام في هذه الرواية أن صوت الرجل حاضر بشكل متساوٍ ، ومن خلال صوت الرجل يتم الكشف عن محنة امرأة عراقية (والدته). وتعود هذه المحنة إلى خوف والدته من ولادة ابن آخر لأنها كانت تخشى أن تخسره في الحرب كما حدث لأبنائها الآخرين.

وتجدر الإشارة بأن العديد من الكاتبات العراقيات المعاصرة بدأت حياتهن المهنية كصحفية أو تعمل في محطات البث في العراق. فمثلا هادية حسين تنحدر من عائلة فقيرة تعيش في حي بسيط في بغداد. وبسبب الوضع المالي الصعب لعائلتها ، لم تكن قادرة على إكمال تعليمها ، وبالتالي انضمت إلى هيئة إذاعة بغداد عام 1973م، حيث عملت أيضًا كمراسلة. عاشت هدية حسين لعدة سنوات في عمان حيث كتبت معظم رواياتها حتى مغادرتها إلى كندا. ويمكن اعتبار أعمالها جزءًا من أدب الشتات العراقي. ونجد كاتبة عراقية أخرى كتبت في المنفى هي دنى غالي. وهي تعيش في الدنمارك منذ عام 1992، حيث تدور أحداث روايتها “عندما تستيقظ الرائحة”. كما هي شاعرة ومترجمة أيضا، وكذلك تساهم بمقالات في المجلات الأدبية في الدنمارك.

والكاتبة ابتسام عبد الله كانت مترجمة ومحررة في المجلة الأدبية “الثقافة الأجنبية”. كتبت من العراق وقدمت لمحة عن العالم الخارجي للعراقيين الذين عاشوا في ظل “العقوبات”. والكاتبة العراقية الأخرى التي ألفت عددا غير قليل من الرواية طوال حياتها المهنية هي عالية طالب. وحولت الآن تركيزها في كتاباتها الخيالية إلى موضوع الحرب والسرديات الراهنة التي اختبرها العديد من الكتاب العراقيين مؤخرًا.  وتعتبر عاليه طالب من بين الكاتبات اللاتي لهن ماضي عميق في مجال الصحافة. وكانت محررة للعديد من الصحف ومؤلفة العديد من الدراسات والقصص القصيرة والروايات.

حوراء النداوي، أصغر كاتبة تنتمي إلى الشتات العراقي. نشأت في كوبنهاغن منذ أن كانت طفلة عندما هاجرت عائلتها في عام 1991 بعد الانتفاضة العراقية الفاشلة الشائنة. النداوي، التي تتحدث بأكثر من أربع لغات، كتبت روايتها الأولى وهي في العشرين من عمرها باللغة العربية ، رغم أنها ليست لغتها الأم. وهي نصف كردية ونصف عربية ، تنحدر من عائلة غنية بالتراث الشعري والأدبي.

هيفاء زنكنه، وهي أيضا نصف كردية ونصف عربية ، وهي الطفلة الثالثة من بين تسعة أشقاء. ولدت عام 1950. وهي ناشطة عراقية معروفة تنتمي إلى الحزب الشيوعي العراقي. تم سجنها ونفيها أيضًا ، فكتبت بعض أعمالها من المنفى ، بما في ذلك “نساء في رحلة”. ومن الجدير بالذكر أن هذا العمل كُتب قبل سقوط صدام حسين. هيفاء زنكنه تكتب كلا من الرواية والسيرة الذاتية.

لطفية الدليمي هي من بين الجيل الأكبر من الكتاب العراقيين. تكتب روايات الحرب منذ الحرب العراقية الإيرانية ، وقد كتبت مؤخرًا عن الاضطرابات الحالية في العراق في رواياتها. تعد الدليمي كاتبة عراقية معروفة أقامت في العراق لكنها اختار المنفى الاختياري إلى عمان ولفترة قصيرة في فرنسا. وبسبب الحادث المؤسف الذي تعرضت فيه للسرقة ، قررت العودة إلى عمان.

و في الصفحات التالية  سنقوم بدراسة تحليلية لعدد من الروايات الشهيرة التي أنتجت بعد القرن العشرين.

رواية “حارسة النخيل ” _ 2006 : لسمية الشيباني

 لاتختلف رواية سمية الشيباني “حارسة النخيل ” عن سابقاتها في تصوير أهوال الحرب وضياع الناس في عتمة الخوف وأصوات الصواريخ، لكنها تضيف صورة عن مأساة العراقيين خارج أوطانهم وتحولهم إلى مادة للإستلاب ، حيث تروي ماساتها ومأساة أمها في ظل أحداث عامي 1990 و 1991 وتداعياتها حتى حرب 2003م.

 لكن الذي يميز سمية في روايتها هذه أنها ربطت الحياة في الحرب بقضية الولادة وصورتها بما لا نجد له مثيلا في كتابات الروائيات العربيات ولا العراقيات.

 تصف البطلة عملية المخاض وعذاباتها في مستشفى حكومي في البصرة وقت الحرب قائلة : ” الخواء فقط من حولي، الممرضة لاتشعر بوجعي أو إعتادت على أوجاع الناس ! إعتادت على رؤية الموت والإجهاض والدماء وربما القتل ! لكنها ملاك رحمة ! التفت إليها ، انظر إلى وجهها حيث لارحمة فيه ، قبل أن أصل إلى زنزانتي تباغتني طلقة قوية ، معها أسمع صوت إنفجار في الخارج ، اصرخ صرخة تجرح حنجرتي ، اسقط على الأرض ، أمد يدي بإتجاه الخالة حياة اراها تركض بإتجاهي تساعدني على النهوض ، تدخلني إلى زنزانتي وتسندني لإعتلاء النقالة. طلقة أخرى أقوى ، أصرخ بإسم زوجي هذه المرة ، الحقني إنني أموت “.[1]

 يقف النص طويلا متأملا عذابات البطلة في عملية الولادة : برود الأطباء لا مبالاة الممرضات ، نقص الأدوية والمسكنات ، أوجاع الولادة والخوف من فقدان الطفل . ثلاث صفحات من آلام الوضع جعلتنا أمام مشهد حي مع كل طلقة تنتاب الأم وهي تحاول دفع الحياة التي في داخلها إلى الخارج ، إلى هذا العالم المليء بالحروب والإنفجارات .

ينتهي مشهد الوضع بوعد الأم لإبنتها الوليدة تقول : ” انني سأحميك من هذه الحرب اللعينة ، أعدك بأنني سأحملك إلى عوالم السلام وانني سأبعدك عن الخوف ، سأرحل بك إلى بلاد فيها حلوى ورياض أطفال ومراجيح وأعياد ولعب وشوارع نظيفة وأناس يحيون بعضهم في الطرقات . أعدك انني لن أخيب رجاءك في الحياة الكريمة. هذا هو خيار البطلة : الرحيل عن الأرض التي حملت لعنة الموت وجفاف المشاعر ، الإنتصار الحياة أطفالها بعيدا في أي مكان يحمل الحياة في أحشائه.”[2]

نجحت الكاتبة في تقديم شهادة حية عن زمن الحرب ، فـ”حارسة النخيل” رواية إنسانية تحمل ” مشاعر مرهفة للمرأة الأم وهي تجد صنوها المتصل بالأرض، بالوطن والأبناء قد باتوا جميعا عرضة للقتل والموت، ولهذا فإن الكاتبة تدفع بخياراتها نحو الحياة والأمان ، فتقوم بإقناع وتحريض من أجل البحث عن المستقبل أجمل”[3] ، فالأطفال هم الحياة الجديدة وهم مبعث المستقبل، لذا فمسؤوليتهم هي حفظ أرواحهم وتأطيرها بالأمان والسلام.

رواية  “المحبوبات”، لعالية ممدوح _ 2003

 تندرج الرواية ضمن مقولات السرد النسوي الجديد ، بوصفها تحتفي بالمرأة وتعمل على تحررها من سطوة الاباء والازواج والاخوان ( الطغاة الصغار ) كما تسميهم الكاتبة. على الرغم من اشتغال الساردة على النص الاجتماعي ومشاكله ، الا ان اصرار الكاتبة على علم اجتزاء قضية المراة جعلها تهدي روايتها إلى المفكرة النسوية ( هيلين سيسكو ) حيث زجت الكاتبة باصوات النسوة اللواتي كافحن وعانين وتحملن عبء الحياة مع الرجل ، فطرحت الكاتبة عبر سردها المؤنث المعاناة المزدوجة للمراة كونها تعيش في مجتمع منتهك تتعرض نساءه للضرب والهجر والتطليق في ظروف استثنائية مر بها الشعب العراقي : “لا اقدر على تحريك ساقي وظهري كما يجب يعتقدن دائما انني مريضة قبل أن يعرفن مثلا ، انني ضربت ليلة البارحة ضربا حقيقيا”.[4]

تلمس الكاتبة لونا اخر من الوان القهر المجتمعي وهو ظلم النساء انفسهن نتيجة سكوتهن وتقبلهن فكرة العنف الأسري دون مواجهة  “اتصور في احدى المرات ، حاول والدك أن يطلب عربة الاسعاف بعدما اغمي علي وانا اتهاوي بين يديه ، صحوت كالمعتوهة وتملكني الخوف عليه اذا ما حصل سين وجيم”[5] فعلى الرغم مما اصابها من ظلم تتستر على الرجل وتحميه . “الشئ المذهل، اننا كنسوة نبدو كأننا صفحنا عن كل شيئ، الالم الشديد ، الرفسات القفا والهراوات العسكرية ، كان المسدس في بعض الأوقات ، يخرج من الدرج ويصوب علينا خلال ثوان ، فيشعرون بلذة طاغية حين يشاهدوننا نستعد للفرار من امامهم . نقص ذلك بعضا البعض نتضاحك وتعودالصور لتبهرنا أكثر . كيف لم نهرب ، كيف عدنا اليهم ثانية ، نبتسم في وجوههم ونخف استياءنا وراء الجدران العالية”؟[6]

رواية “احببتك طيفاً”، ناصرة السعدون _ 2003

تنتقد هذه الرواية المنطق الذكوري الذي يؤكد أن “التعليم والثقافة ياخذان من انوثة المراة الفطرية سلوكا ولغة وادبا”[7]، ذلك أن التعليم والثقافة في نظره  “مدفوعان اصلا بطابع واحد يصنعه الاقوى :  الرجل”.[8]

 فتسرد الكاتبة صراع المرأة في الدفاع عن مكتسباتها وحقها في الثقافة والعلم التي بدأت تنهار مع انهيار القيم التي صاحبت الحصار الاقتصادي لتعود المرأة ، انثى فحسب ، بعدما جاهدت لتكون انثى وانسانة في مجتمع يساويها في الحقوق والتعامل الانساني مع الرجل. “ضحك بسخرية فقتل شاربه متباهية ، وهل كونك مثقفة هو امتياز يجعلك افضل من غيرك ، الا ترين المثقفين ، مثلما تسمينهم يملأون الدنيا ولا يجدون كسرة خبر، اذهبي الى سوق السراي يوم الجمعة ولتري المثقفين وهم يبيعون كتبهم على رصيف الشارع ليشتروا ثمنها ما يملأ المعدة ، احمدي ربك يا نادية ان عثرت على واحد يوفر لك احسن العيش ومعه لن تعرفي الخوف مما قد يجيئ به الغد”.[9]

فهي لم تنصرف إلى التعبير عن قضاياها الذاتية على حساب القضايا الانسانية العامة ، وبقيت همومها ومعاناتها وما تصبو اليه من أفكار في صميم مجتمعها وواقعها . لذا عبر ادبها عن قضايا عدة . الا انها لم تستجب لشروط الوعي الذي هيمن على تاريخ الكتابة العربية التي جعلت من الرجل محور بنيتها ، وبالتالي اساس الثقافة فيها.[10] كما أنها لم تكتف بمراجعة الثقافة الأبوية ونقدها، انما انخرطت في البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع فقدمت تمثيلا ثقافيا متنوعا للكثير من ظواهر الحياة .

رواية  “الغلامة”[11] ،عالية ممدوح -2000 

يظهر ان الجسد قد احتل موقعا مركزيا في المدونة السردية لعالية ممدوح لا سيما رواية الغلامة ، فقد كتبت بمنطق نسوي جديد يشهد للكاتبة اختلافها داخل النص فكريا وفنيا. تعرض الرواية شخصيات مستباحة تمثل موضوعا للهتك والاختراق العنيف مما يولد حالة من التمرد الصارخ لبطلة الرواية ( صبيحة ) على حالة الانتهاك الشديد لجسدها.

 تعلن الرواية انزياحا للغة والأخلاق، استجابة لحالة التشويه والعبث بالقيم المجتمعية داخل النص ، مما يدخل الرواية في حالة من الشذوذ اللغوي والجسدي ، عبر العبث بصفة المذكر الغلام باضافة التاء المؤنثة الى عتبة العنوان في الرواية فتصبح (الغلامة) فتخترق الكاتبة اللغة الذكورية عبر توليد صفة مشوهة لا توجد في المعجم العربي مسبقا .

 كما تتعرض الكاتبة الى تفاصيل وافعال غير أخلاقية تمارسها صبيحة بطلة الرواية – من دون خجل أو مواربة عبر بوحها الذاتي ليتشاكل مع كينونات رمزية وطبيعية وتأريخية ، تفتح الصناديق السرية لعالم المرأة المهشمة نتيجة تعرض “صبيحة ” إلى الاعتقال والتعذيب عبر قصة حب تفضي إلى الموت.

رواية : “حديقة حياة ” (2003) للطفية الدليمي

في رواية “حديقة حياة” تبرز الكاتبة صراع الشخصيات النفسي حول خيار مغادرة الوطن أو التشبث به بعناد رغم المأسي الشخصية التي أحاطت بالشخصيات النسوية في هذه الرواية. فحياة وإبنتها تتمسكان بالبقاء في بيتهما وحديقتهما بينما سوزان ورويدة تسعيان إلى مغادرة الأرض التي دفنت أحلامهما وأرواحهما . أما شخصية رويدة فهي الروح التي فقدت حياتها وعائلتها تحت أنقاض منزلها ولم يبق سوى زياد إبنها الذي أخطأه الصاروخ لأنه كان في زيارة لبيت صديقه . وتحاول هذه الروح أن تدفع بإبنها إلى الهجرة رغم علمها أن هذا الخيار صعب عليه لما فيه من خذلان لحبيبته ميساء التي تتشبث بأرضها وبيتها مثل أمها حياة تماما.

رواية “نساء العتبات”  لهدية حسين (2010):

 تلخص الكاتبة مأساة العراق بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة : الحروب، الخوف، عسكرة الحياة، سوق الرجال إلى جبهات القتال، وموتهم أو عودتهم معوقين أو فقدانهم، وإذا كان من خصوصية للرواية فهي إنشغالها بالتعبير عن جوانب شتى من بؤس المرأة تحت وطأة الحرب وتداعياتها وتأثيراتها النفسية على المرأة العراقية التي لاتجد خلاصا ، لاقبل الحرب ولابعدها .

وفي ضوء ما قد سبق نخلص إلى القول بأن الكاتبة العراقية قد تعاملت في متونها السردية مع قضايا المرأة من رؤية ما بعد حداثية انطلاقا من مقولات الأدب النسوي وتاثيرات الخطاب ما بعد الكولونيالي الذي يركز على دراسات التوابع والأقليات . فعمدت إلى مخاطبة النسق الثقافي الذكوري ومسائلته عبر سردها المؤنث . كما أنها لم تنصرف إلى التعبير عن قضاياها الذاتية على حساب القضايا الإنسانية العامة .فلم تكتف بمراجعة الأبوية ونقدها، انما انخرطت في البنية المجتمعية والسياسية والاقتصادية وعبر ادبها عن قضايا الحروب والحصار والنضال السياسي وأزمة الانسان والوجود. فضلا عن انها استطاعت من خلال سردها أن تلفت الانتباه الى معاناة جسدها عبر تسليط الضوء على حالة الوأد الثقافي لانوثتها، ومحاربة الانموذج الانثوي السائد ثقافيا. وعليه فقد احتلتالحرب والاحتلال والجسد موقعا مركزيا في المدونة السردية النسوية العراقية عبر اشتغال الوعي النسوي الجديد على لغة البَوح الذاتي للتعبير عن الذات والانفتاح نحو الداخل للتعبير عن المكبوت من عوالم المرأة.

المراجع و المصادر:

  • 1- ؤؤؤبعلاقلتففيؤلاعىعقمرعيبنثليالاتهلاثمؤلثؤم
  • هدية حسين: نساء العتبات، عمان، دار فضاءات للنشر والتوزيع، (2010).
  • ثىثؤ2- لطفية الدليمي: حديقة حياة، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، (2004).
  • 3- عالية ممدوح: الغلامة، دار الساقي- بيروت، (2000).
  • 4- بثينة شعبان : مئة عام من الرواية النسائية العربية: بيروت، دار الأداب (1996).
  • 5- طالب، عمر: الرواية العراقية: دراسات نقدية. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، آفاق عربية، (1999).
  • 6- نهى الراضي : يوميات بغدادية. بيروت: دار الساقي (1999).
  • 7- عاليه ممدوح: المحبوبات، دار الساقي، بيروت؛ (2003).
  • 8- سمية الشيباني: حارسة النخيل، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، (2006).
  • 9- نزيه أبو نضال: تمرد الأنثى: رواية المرأة العربية وببلوغرافيا: الرواية النسوية العربية (1885- 2004) المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت، لبنان (2004).
  • رشيدة مسعود: المرأة والكتابة: إفريقيا الشرق (1994).

[1]حارسة النخيل: 169.

[2]حارسة النخيل: 172

[3]حارسة النخيل: 180.

[4]المحبوبات: 8

[5]مصدر نفسه: 10

[6]مصدر نفسه: 9

[7]شهرزاد وغواية السرد/ 235

[8]مصدر نفسه: 236.

[9]الرواية / 288.

[10]المرأة وعلاقتها بالآخر / 231.

[11]الغلامة / 26

*الباحث في مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جواهرلال نهرو، نيو دلهي، الهند

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of