+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

حوار مع البروفيسورة عصمت مهدي
عبد الحكيم

تعتبر البروفيسورة عصمت مهدي- الأستاذة السابقة بقسم اللغة العربية، في كلية اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، بحيدرآباد، من أهم الشحخصيات العربية في ربوع الهند وعينت مديرة المركز الثقافي الهندي في السفارة الهندية في القاهرة، ولها مشاركات فعالة في المؤتمرات والندوات والجلسات العامة، ولها العديد من الكتب العربية والأردية والإنجليزية المهمة حول موضوعات مختلفة من الأدب والفن والتاريخ والثقافة، كما لها العديد من المقالات العلمية والفكرية والأدبية والتاريخية التي تم نشرها في الجرائد الوطنية والعالمية، مثل: كتاب في الأدب العربي الحديث 1900م إلى 1967م، حيث تناولت فيه الشعر والنثر وسير كتاب المسرحيات في مصر وسوريا ولبنان والعراق والمهجر، وناقشت الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لهذه الدول، وقدمت دراسة تحليلية ونقدية لأعمال بعض الكتاب العرب الذين قاموا بأعمال مرموقة لا يستهان  به في تطور الأدب العربي الحديث، طبع هذا الكتاب عام 1982 من دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، وقدمت أطروحتها حول موضوع “توفيق الحكيم ناقدًا وكاتبًا للمسرحيات الاجتماعية”. وكذلك قد شاركت الأستاذة في مقابلات لتعيين الأساتذة في أقسام اللغة العربية في الجامعات الهندية المختلفة. والهدف الوحيد من هذا الحوار إبراز جوانب مختلفة من حياة الدكتورة البروفيسورة عصمت مهدي التي لاتزال تقدم خدمات مرموقة في العديد من المجالات العلمية والأدبية والاجتماعية بفضل أعمالها القيمة والبحوث الأكاديمية الرائعة منذ عدة سنوات وعن طريق عرض خبراتها العميقة في التأليف والتدريس والكتابة وقدراتها المتكافئة على الترجمة العربية والإنجليزية والأردية للإفادة العامة وهو كلآتي: –

  1. السؤال: أولاً حدثيني من فضلك عن أسرتك الكريمة والبيئة التي نشأتم فيها وكذلك أخبريني عن الأسرة الكريمة التي تنتمين إليها؟

الجواب: ولدت بحيدرآباد ونشأت فيها يوم ميلادي 29 أكتوبر 1937م، ووالدي كان طبيبا Surgeon تخرج من جامعة Edinburgh واشتغل في إنكلترا، ثم عمل في حيدرآباد في مستشفى عثمانية، ثم في مدينة Patna في King Edwards Hospital وأصبح مدير خدمات طبية لدى حكومة حيدرآباد- الهند. ووالدي كان حكيمًا بارعًا دعي إلى زنجبار لعلاج سلطان زنجبار، حصل على وسام السلطان Tueni لخدماته الطبية. وكان موظفًا حكوميًا في حيدرآباد، واشتغل أخي محسن الملك مع سر سيد أحمد خان في تأسيس كلية Anglo Mohammadan College في مدينة عليجراه- بولاية أترابراديش- الهند، وجدتي كانت إيرانية، ولها دور فعال في حركة استقلال الهند، أرسلت أولادها إلى “شابر متي آشرم” وساهم أحدهم غاندهي في إخراج جريدة Young India.

كان حاكم حيدرآباد التي نشأت فيها نظام السابع عثمان علي خان، حيدرآباد كانت من أجمل مدن الهند، يديرها خبراء بارعون وجميع التسهيلات الحديثة كانت متوفرة في حيدرآباد، كنا ننتمي إلى طبقة متوسطة متواضعة وجرت الحياة طفولتي خاصة على أحسن ما يتصور الإنسان…… أما بعد استقلال الهند، وأنتهاء حكم النظام واجهت صعوبات اقتصادية عديدة لأن فرص العمل أصبحت ضيقة.

  1. السؤال: قد قرأت حاليا في الصحيفة اليومية (The Hindu) الشهيرة الصادرة من بلدنا الهند بأنك تنتمين إلى أسرة كريمة كان لها دور فعَّال في حركة سوادش قادها القائد الهندي مهاتما غاندي، هل يمكن لك أن تشاركي معي قصة هذه الأسرة ودورها المهم في تحرير الهند؟

الجواب: كانت أسرة Sarojini Naidu جيراننا وسروجيني صديقة حميمة لجدتي، واعتقد أن المشاعر الوطنية التي أظهرت أسرتنا تربت من أثر، Sarojini Naido على أسرتنا وكلما شاركت Sarojini Naido في الكفاح الوطني كان لا بد من أن تساهم جدتي أو أبناتها معها عاشوا مثلا في Sabarmati Asharm وSevagram وشاركوا في المظاهرات التي قادها المهاتما غاندي. كلف غاندي عمي بدر الحسن تحرير جريدته الشهيرة Young India كلما وصل عمي إلى أحمد آباد أرسل غاندي سكرتيره الخاص Pyarelal إلى محطة القطار لاستقبال عمي هذا لأن المخابرات الإنكليزية تبعوا خطوات المناطلين من مختلف أنحاء الهند.

  1. السؤال: وكذلك قرأت أيضاً في نفس الصحيفة بأن عمك الكريم السيد عابد حسن سافراني قام بدور مرموق في تحرير الهند من براثن المستعمرين، وأنه قد شارك في الجيش الوطني الهندي الذي تم بناءه على أيدي سبهاش جندرا بوس، أود يا أستاذة! أن اسمع منك هذه القصة التاريخية؟

الجواب: عندما أسس Subash Chandra Bose جيشه باسم INA في برلين، فتش عن شباب الهنود الذين كانوا يدرسون في جامعات ألمانيا، خالي عابد حسن كان آنذاك يدرس في برلين في مدرستها التكنولوجيا. لما سمع Bose بميل Abid Hasan إلى الأنشطة الوطنية والتحاقه بغاندي في Salaira دعاه لانضمام INA ومع أن Bose اختلف اختلافا شديدا مع فلسفة عدم العنف الذي مارسه غاندي. بعد تردد شديد وعدم رغبته لترك مدرسته التكونولوجيا حضر عابد حسن لدى Bose وأصبح مترجما وسكرتيرا له، في 1942 أراد بوس أن يغادر ألمانيا لأنه أدرك أن Hitler لن يساعده بعد افتتاح جبهة جديدة في روسيا وطلب من Hitler أن يرسله إلى يابان كي ينتصره، لكن لم تتوفر أي طائرة ألمانية تحمل Bose  في يابان فما كان الحل، فاقترح هتلر أن يسافر بوس بغواص Submarin تحت الماء وهكذا يتجنب سفن الإنكليز المدمرة.

وطاقم الغواصة المشتمل على قبطان وطاقم صغير وتوفر مكان لي Bose وفرد واحد آخر اختار Bose عابد حسن للسفر معه، قصة الغواصة ممتعة جدا في فيلم Shyam Benegal باسم القائد المنسي  Forgotten Heroوشارك عابد حسن Bose في تأسيس INA في Singapore وكافح في جبهة Burma وبعد كفاح شديد دخل جنود INA في مني بور ورفع علم الهند المستقلة في Imphal وهذه أول مرة رفع فيها علم الهند في الهند، رفع Bose علم الهند في Andaman Nicobar قبل هذا.

  1. السؤال: حدثيني من فضلك على الأقل كيف بدأت مسيرة التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي والعالي بشيء من الإيجاز؟

الجواب: من حسن حظي دخلت Mahbubiya girls School الشهيرة في حيدرآباد وكانت تعتبر من المدارس الممتازة في الهند، درست فيها بجانب اللغة الإنجليزية لغات شرقية ِأيضًا كفارسية وعربية، وكان نظام التعليم عاليا جدًا ونلت شهادة Senior Cambridge.

  1. كما قلت لي سابقًا بأنك تلقيت التعليم الابتدائي في مدرسة المحبوبية للبنات- بحيدرآباد، ودرست اللغة العربية في جامعة بغداد- العراق، فهل يمنك مشاركة معي عن السفر الميمون قمت بها من المدرسة المحبوبية إلى جامعة بغداد- العراق؟

الجواب: بعد تخرجي في المدرسة كنت في حيرة من أمري هل ألتحق بكلية الآداب أو كلية العلوم أو كلية الطب، وفي ذلك الوقت عين خالي عابد حسن سافراني السكرتير الأول في سفارة الهند في سويسرا واقترح أن التحق بجامعة Geneva في قسم الترجمة الفورية، علمني خالي مبادئ اللغات الفرنسية والألمانية ثم أرسلني إلى جامعة جنيوا، وشجعني أساتذه جنيف كثيرا لأنهم وجدني أحسن من طلبة أمريكا أو إنكلترا خاصة في أداء أصوات اللغات الأوروبية، وبعد فترة واحدة في جنيف أراد خالي أن ابدأ بألمانية في معهد Goethe ثم قضيت فترة أخرى في Vienna، وبعد الصعوبات الهائلة في البداية وصلت إلى مرحلة النجاح وأخذت اتمتع بقراءة أمهات اللغة الألمانية وإذا يسألني أحد أن اصف تجربتي مع دراسة اللغات فأقول لهم إنها تشبه محاولة صعود الجبال. وفيما كان يختص بشخصيا فكلما وصلت إلى القمة كان لا بد لي أن ابدأ من جديد واتناول تمارين نحو وصرف ولغة أخرى، وأخبرني خالي وأنا في Vienna أننا سنسافر إلى بغداد لأنه دعي إلى سفارة الهند في العراق. وكان علي أن اتعلم العربية، كدت أبكي إذ صددت أبواب التقدم تجاه الحصول على الشهادة الجامعية في مادة الترجمة الفورية وجدت الأبواب مغلقة أمامي، لم يسمع خالي الاعتراضات وإصراري التي قدمت إليه لأن أبقى في أوربا لتكميل دراستي وناقشت ولم استطع اقتناع خالي، وأنه بدوره اقنعني أن دراسة العربية ستكون مثمرة جدًا خاصة في الهند، وصلنا إلى بغداد ودرست عند أستاذ شخصي لمدة سنة في البيت، ثم استعدت لمقابلة عميد كلية الآداب ببغداد للدخول في الصف الأول في القسم العربي، وكنا وأنا وخالي متأكدين أن العميد سيرفض دخولي لكن بسبب تمارين عديدة أعدها خالي وأستاذي للمقابلة وطلاقتي بالعربية الفصحى قبلني العميد ولجنة المقابلة والتحقت في الصف الأول.

وعندما وجد خالي إنني أواجه صعوبات في المحاضرات المختلفة عين مدرس ثاني لمساعدتي في واجبات البيت، المنهاج كان تقليديا إلى حد ما وكان يشتمل على الأدب العربي الجاهلي وتفسير القرآن والحديث وفلسفة وتاريخ إسلامي والترجمة. في نهاية الفترة الأولى نجحت في جميع المواد إلا النحو، وطلب مني أن أكرر ورقة النحو، ومن الأساتذة البارزين اذكر العميد دُوري والأستاذ محمد البهبيتي للشعر الجاهلي والأستاذ عبد الملك للتفسير وعبد الرحمن البزاز وهذا الأخير أصبح رئيس الوزراء في حكومة عبد الكريم قاسم، ومن الطبيعي إني وجدت صعوبات في المطالعة وفي إعادة الدروس، وزملائي كانوا أسرع مني بكثير، وقد تأثرت من حسن محافظتهم ثم رجعت إلى حيدرآباد وواصلت دراسة النحو على أيدي الأستاذ العربي الشهير في ذلك الوقت “السيد نبي”.

  1. السؤال: أستاذة! كما أظن أنك قضيت العمر الطويل في الدراسة والتدريس منذ نعومة أظفارك، وأنت عملت كأستاذة ممتازة في الجامعات والكليات الهندية المختلفة مثل جامعة العثمانية وجامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدرآباد، فكيف كانت تجربتك التي شعرتها خلال التدريس؟

الجواب: بدأت أولا كمحاضرة اللغة الألمانية في كلية البنات Women College التابعة لجامعة العثمانية ويجب ان أشير هنا إلى دور المعلم الألماني الذي علمني كيف أدرس، كيف أكتب على السبورة، كيف اشارك الطلية في المحادثة، في سبيل المثال قال إن الكتابة على السبورة يجب أن تكون في شكل جميل ومنسق لا ينسى الطلبة لأنها كانت في شكل الصورة، ولجأت إلى هذه الطريقة عند تدريس الأفعال العربية مثلاً أو تدريس الكلمات الجديدة.

استفدت كثيرا من طرق تدريس اللغات الفرنسية والألمانية وحاولت استعمال طرق أوروبية في تدريس اللغة العربية أيضًا، وشعرت بنقص شديد في طريقة تدريس اللغة العربية عندما بدأت التدريس في جامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية عندما قارنت تقدم طلبة أقسام أخرى مع طلابنا، لأن طلبة اللغات الأردية خرجوا من درسهم الأولى ويبادلون الجمل بسهولة بينما طلبة القسم العربي لا يكادون يعبرون عما في أنفسهم حتى بعد سنين الدراسة لاحظت أن طلابنا ينقصهم معرفة عامة في جغرافية العالم العربي مثلا أو للتاريخ الاجتماعي أو الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط فبذلت جدي لمحو هذا النقص.

  1. السؤال: إن مدينة حيدرآباد التي ولدت فيها تعد من منبع العلوم والفنون، ولقد أنجبت هذه المدينة العديد من الأعلام الكبار والكتاب البارزين والمشائخ النابغين والمؤلفين المثقفين الباحثين في كل ميدان من العلوم والفنون فإلى مدى تأثرت بهؤلاء العلماء البارزين، ومن هم الذين قاموا بالمساهمة الكبيرة في بناء شخصيتك الفذة علميا وأدبيا وفي مجال الترجمة؟

الجواب: هناك عديد من الأساتذة الكبار الذين أسهموا في تكوين شخصيتي الذاتية ودفع عجلتي العامية من الجامعة النظامية والجامعة العثمانية، وعلى رأسهم شيخ الجامعة بالجامعة النظامية الذي علمني في بيتي، والأستاذ سيد نبي الذي نهلت منه والمقري قطب الدين محمد عبد الستار خان والأستاذة سيدة مهر النساء، وعبد المعيد خان ومن سواهم من الجامعة العثمانية الذين شجعوني كثيرا حينما كنت طالبة في البكالوريوس والماجستير وباحثة في الدكتوراه.

  1. أي شخصية علمية وأدبية أعجبتكم أكثر ولماذا؟

الجواب: إن الشخصيات العلمية والأدبية التي أعجتني كثيرا من الشعراء امرؤ القيس والمتنبي وأحمد شوقي ونزار قباني ونازك الملائكة ومن الكتاب نجيب محفوظ والدكتور طه حسين وإحسان عبد القدوس وصلاح عبد الصبور ولا اخطئ في هذا إذا قلت إن شخصية توفيق الحكيم أعجبتني كثيرا في حياتي العلمية بسبب أفكاره النيرة وآراءه الجديدة في الأدب العربي الحديث.

  1. كيف ترينين الأدباء والشعراء والكتاب في الهند أمثال الشاعر غلام آزاد البلغرامي والمحدث الكبير الشاه ولي الله الدهلوي والنواب صديق حسن خان القنوجي والشيخ السيد سليمان الندوي والعلامة عبد الحي الحسني الندوي رحمهم الله؟

الجواب: إن غلام علي آزاد البلغرامي خلف مآثر قيمة تفوق على إسهامات عديدة من الأدباء العرب وكان العلماء الهنود بشكل عام والشيخ أبو الحسن علي الندوي بشكل خاص بإنجازاته العلمية “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” وجدته كتابا قيما يحتوي على أبحاث عديدة تكاد تخلو المؤلفات الأخرى منها في أسلوب وطرز ظريف.

  1. أنت عينت مشرفة في الإذاعة لعموم الهند فذلك الحين وقعت الحرب بين باكستان وبنغلاديش، فهل يمكنك مشاركة تلك التجربة القاسية التي شاهدتها؟

الجواب: كنت أعيش قرية صغيرة باسم Tangatur في آندهرابراديش واتسع الوقت لي لاستماع إلى برامج إذاعية مختلفة كـ BBC العربي، وإذاعة Voice of America بالعربية، وأيضا من إذاعة عموم الهند، لم تكن برامج هندية ممتعة، تشتمل فقط على الآغاني الهندية والتقاليد العادية، وفي ذلك الوقت قد شنت الحرب عام 1947م وركزت الحكومة الهندية برامجها الإذاعية على تقديم وجهة نظرها إلى أنظار العالم، وفي نظري كانت برامجها تفشل في إيصال النقاط الهندية بصورة فعالة، وتم تعييني كمشرفة في القسم العربي إذاعة عموم الهند. وعلاوة على البرامج العادية كلأنباء وتعليق على الأنباء، بدأت برامج جديدة كركن المرأة، وبرامج عن الأفلام الجديدة والرياضة والمقابلات مع الزائرين السياسيين الأجانب.

  1. ماهي إنجازاتك العلمية والفكرية والأدبية التي قد تركتها وراءك للأجيال القادمة؟

الجواب: ألفت كتابي في الأدب العربي الحديث، نظرا إلى قلة الكتب والمراجعات العربية في مكتباتنا خاصة في مادة الأدب العربي وطلبتني لجنة الجامعات الهندية UGC أن أقوم بإعداد بحث في شكل كتاب قد يكون مرجعا مقررا في مناهج جامعية، وعين مشرفي على هذا العمل البروفيسور مقبول أحمد وأمرني أن اضع بين أيدي وتحت عيوني تاريخ الأدب الفارسي الشهير لـEdward Brown  قبل التوغل في الموضوع، فبدأت بجد وتردد إلى مكتبات عديدة وجمعت كتبا عامة ليس في أدب الفارسي فقط، كما طلب مني مقبول أحمد بل في مقررات اللغات المختلفة كفي اللغة الأردية واللغة الروسية والفرنسية والألمانية، ثم كان على أن أحدد البحث إلى أعلام حوالي ثلاثين منهم من الشعراء والكتاب وكاتب المسرحيات وفتشت في مكتبات في الهند عن معلومات كل واحد من هؤلاء الأعلام يتعلق بحياتهم ومساحتهم في تطور الأدب وأساليبهم المميزة وتفاصيل الكتب والدواوين التي نشروها، وأخيرا نماذج من أدبهم مع الترجمة باللغة الإنكليزية.

 ولاحظت خلال التدريس أن من أهم أسرار في أداء اللهجة العربية أن تلفظ كل حرف من الحروف الموجودة في الكلمة العربية بصورة واضحة ولا يلفظ الحروف معا مثلا نقول ” والكم سلام” “على طريقة أردو” حيث يؤدي العرب هكذا وعليكم السلام ثم أن الموسيقي الداخلي في السياق الكلام العربي إذا نؤديه بصورة جميلة، يعطي الكلام جمالا وبهاء ورونقا لا يعادله في هذا أي لغة أخرى فيما اعتقد. والأصوات وحدها لا تكفي الكلام العربي الموفور بل نحتاج إلى نبرة أو لون معا. ولصد هذا النقص قمت بتصميم “العربية بدون معلم” وهي عبارة عن مجموعة الدروس المكتوبة على بطاقات ملونة ثم مسجلة على الشريط والمطلوب من الطلبة أن يكرروا الجمل حتى ينجحوا في أدائها أداء صحيحا.

ومن كتب الدراسية الأخرى ” نزار وسميره في الهند” بشكل الرحلة في مختلف أنحاء الهند ولقد  شعرت وأنا طالبة بحاجة ماسة إلى نصوص وكتب القراءة ممصمة لاحتياجاتنا، هذا لأن الكتب المقررة الموصي بها حتى الآن إما كانت مصممة في الأقطار العربية وهي غير مناسبة لأنها تحتوي على إشارات كثيرة إلى الحضارة العربية وثقافاتها بصرف النظر إلى حالات هندية وتاريخ الهند وجغرافيتها، وتم تصميم ” نزار وسميرة في الهند” خصيصا للطلاب الهند إذ شكل كل درس على أساس أعطاء قاعدة نحوية واحدة وباستعمال مفردات منتخبة وبالإضافة إلى نصوص قصيرة أخرى وتعرض جانبا من الثقافة العربية، وتم تقديم هذه الوحدات اللغوية على شكل الرحلات الممتعة.

  1. أنت تأثرت بالتصوف والسلوك كما سمعت من بعض أصدقائي فسؤالي هنا كيف ترى التصوف في الهند، وما هو رأيك عن المولانا الرومي، أي تعليقات عنه؟

الجواب: إني تأثرت بتعلم التصوف مثل إخاوة وصلاح النفس والتزكية ولذلك شاركت بالندوات التي تناولت “التصوف وتعاليمها” وقدمت المقالات فيها، ومن أبرز الشخصيات في مجال التصوف هي ” مولانا الرومي” فنفعت من أنواره العلمية أكثر من غيره، وزرت كونييا Konia لزيارة زاويته أيضا وتعلمت اللغة الفارسية وشخصيته وأفكاره. والندوات التي شاركت فيها عقدت في جامعة على جراه ومن قبل وزراة الثقافة في الجزائر في أنابا وتلمسان حضرت ملتقى دولي حول طرق الإيمان أبو مدين وموضوع مقالاتي هناك 1. فكرة الإنسان الكامل عند ابن عربي ومحمد إقبال 2. طريقة أبي مدين وأثرها في الهند.

  1. ماهي التحديات والمشكلات التي تواجها اللغة العربية في الهند الآن؟

الجواب: إن أقسام اللغة العربية في الجامعات الهندية تركز كثيرا في هذه الأيام على الترجمة دون الأدب والشعر، وطموحي في هذا الصدد أن نرشد الطلاب إلى حفظ القطعات الأدبية والأبيات لكبار الشعراء، ومع ذلك فان اللغة العربية في الهند تتقدم يوما فيوما، لأن الجامعات والمراكز العلمية تهتم بهذه اللغة أكثر من أي زمن مضى.

إن المدارس الإسلامية كما نرى، لا بد أن نهتم بدراسة العلوم الحديثة بالإضافة إلى العلوم الإسلامية، مثلا التاريخ والجغرافية والعلوم الحديثة واللغات العالمية. وبناء على النظريات اللغوية الحديثة فما يحتاج الطالب إليه هو كتاب تعليم لا يركز على قصة أو قطعة أدبية وتعطي معلومات بل يكون كل التركيز فيه على التدريبات اللغوية التي تنمي المهارات اللغوية الأربع للطلاب وهذا ما نجده في الحقيقة في الأقسام الفرنسية والروسية وما إليها لكن النصوص المقررة لطلبتنا في الأقسام العربية تقدم النماذج الرائعة للأدب العربي. ويهتم الأساتذة بشرح الأحداث وتفصيلاتها ويهتمون بمعاني كل المفردات التي ترد فيه ويضيعون الوقت في أسئلة وإجابات للتأكيد من استيعاب الطالب لتفاصيل الأحداث والمعلومات ويأتي في المقام الثاني التدريب على استخدام اللغة الذي لا يأتي دوره اطلاقاً، وأما بتدريس النصوص الأدبية والمناهج في الهند فكانت تبدأ بالأدب الجاهلي ثم أدب العصر الأموي والعصري العباسي ولم يتسع الوقت الكافي للأدب الحديث، ومنذ السنين القليلة الماضية تبين العلماء أنه من الخير أن يدرس الأدب من الحديث إلى القديم بتركيز خاص على الأدب الحديث ونستخدم لهذه الغاية الجرائد والمجلات ووسائل تكنولوجيا العصر لنقل مناخ اللغة إلى حجرة الدراسة.

ومن أجل البحث عن مراجع لكتابي “الأدب العربي الحديث 1900-1967م” قمت بجولة علمية في بعض الدول العربية زرت القاهرة بدعوة من جريدة الأهرام حيث كانت لي فرص لقاءات مع كبار الشخصيات الأدبية وعلى رأسهم الأستاذ الكبير توفيق الحكيم كما ترددت على دار الكتب المصرية ومكتبات الأهرام وغيرها، وسنحت لي هذه الزيارة فرصة تفتيش عن المواد في دمشق وبغداد وجامعة الكويت، ومن حسن حظي قابلت وأجريت مقابلات مع نزار قباني ونازك الملائكة وإحسان عبد القدوس وشوقي ضيف وعند عودتي إلى الهند حملت مراجع عربية كثيرة استعين بها في إعداد كتابي.

شكرا لك يا أستاذة! على إتاحة لي هذه الفرصة السعيدة لإجراء هذا الحوار القيم المفعم بالمعلومات الكثيرة والتجارب الموسعة عن جوانب مختلفة من حياتك العلمية والاجتماعية، مع السلامة! بارك الله فيك وأتمنى لك الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.

* الباحث في الدكتوراه، مركز الدراسات العربية الإفريقية، بجامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of