مدخل:
الهند دولة ديمقراطية، علمانية، تقع في جنوب آسيا، وهي سابع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة. تحدها باكستان من الشمال الغربي والصين والبوتان ونيبال شمالا، وبنغلاديش وميانمار شرقا، وسريلانكا قبالة الساحل الجنوبي. وتوصف الهند بأكبر ديمقراطية في العالم من حيث عدد الناخبين، وثاني أكبر دولة في العالم بعد الصين من حيث عدد السكان. وهي دولة يضمن دستورها حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع شعوبها وفئاتها، ويقوم على مبدأ الانسجام والوئام بين مختلف فئات الشعب الهندي.
أما غرب آسيا فهو الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا، ويعد غرب آسيا مصطلحا جغرافيا يتضمن النهاية الجنوبية الغربية لقارة آسيا، ومن أهم دول غرب آسيا، تركيا، وإيران، والعراق، واليمن، وسوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين، ودول الخليج العربي: المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، ودولة قطر، وسلطنة عمان، ومملكة البحرين، علما بأن هناك أفكارا متباينة بخصوص تعريف هذه المنطقة وفي عدد دولها، فبينما يصف الغرب ولاسيما أمريكا هذه المنطقة بمنطقة الشرق الأوسط، يصف الخبراء الهنود هذه المنطقة، بغرب آسيا، وبدأ استخدام هذا المصطلح في المنتديات والأنظمة الدولية أيضا.
وتمثل منطقة غرب آسيا جسرا بريا يربط ثلاث قارات هندية بما فيها آسيا وأفريقيا وأوروبا، فإنها ليست أرضا عظيما فحسب وإنما تحمل موقعا استراتيجيا أيضا، لذا يقال إن منطقة غرب آسيا هي بوابة لآسيا- أفريقيا وباب خلفي لأوروبا، كما تشهد المنطقة ثلاث أبحار بما فيها البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب. وهي بمثابة مركز التجارة العالمية لشتى الدول.
توطدت العلاقات بين الهند وغرب آسيا في المجالات المختلفة مثل الثقافة والتعليم والتربية والسياحة والتعاون العسكري وإرساء السلام الدولي، إضافة العلاقات التجارية والتاريخية منذ قرون من الزمن.
العلاقات الهندية وغرب آسيا عبر التاريخ:
يرجع تاريخ علاقات الهند مع منطقة غرب آسيا إلى فجر التاريخ، إذ نزل التجار على السواحل الهندية من كل حدب وصوب. وقامت العلاقات الدبلوماسية بين الهند ومعظم دول غرب آسيا فور تحقيق الهند استقلالها من براثن الاستعمار البريطاني، ووضعت الهند سياسة خاصة لها تجاه هذه المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى، إذ كان كبار القادة الهنود مثل الزعيم جواهر لال نهرو والزعيم مولانا أبو الكلام آزاد، بعد استقلال البلاد، يؤيدون عدم تقسيم دولة على أساس الديانة. بما أنهم كانوا يعارضون حكم الإمبراطور البريطاني في الهند وخارجها بما فيها دول غرب آسيا أيضا.
ويقول التاريخ إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الهند بعد استقلال الهند، أبدى تعاطفه مع العرب في 1936م، في حربهم لنيل الاستقلال، حتى أعلن الحزب عن الاحتفال في الـ27 من شهر سبتمبر عام 1936م، كيوم فلسطين[1]، وذلك من خلال إقامة الاجتماعات وتنظيم الندوات لدعم العرب عبر البلاد. وحظيت قضية فلسطين باهتمام بالغ من قبل الهند حكومة وشعبا.
ومن الناحية السياسية، اعتبرت الهند دوما، دول العالم العربي كأخواتها في حربهم لنيل الحرية والاستقلال ولتحقيق حقوقهم الأساسية ضد الاستعمار الغربي، وحظيت حركات الاستقلال والحرية التي انطلقت في كل من مصر، والعراق، وتركيا، ولبنان، والجزائر، وليبيا، وسوريا، بقسط وافر من التعاطف والمحبة من الهنود، والجدير بالذكر في السياق ذاته أن إطلاق حركة الخلافة من قبل حزب المؤتمر الهندي، ما بعد الحرب العالمية الأولى، والقبول الشعبي الواسع الذي حظيت به هذه الحركة في أرض الهند، تسبب في اقتراب الهند وهذه الدول فيما بينها، حيث بذل القادة الهنود مجهوداتهم لربط حركاتهم الخاصة بنيل الحرية والاستقلال، بالجهود الشعبية في المناطق الأخرى من آسيا ولاسيما في دول غرب آسيا.
وبذل حزب المؤتمر الهندي وزعماءه ولاسيما الزعيم جواهر لال نهرو، رئيس الوزراء الهندي الأسبق، كل مجهوداتهم، في إعداد هذه السياسة، حتى أنه وفي عام 1928م، أقرت لجنة الكونغرس لعموم الهند، مشروعا ينص على اعتراف الجهود التي كانت تبذلها دول آسيا وأفريقيا في سبيل نيل الحرية، وأبدى هذا المشروع تعاطف الهند مع العرب. حيث قرر حزب المؤتمر الوطني بالهند، عقد جلسة لاتحاد الدول الآسيوية، في الهند في عام 1930م[2]، عند ذاك، وجه الحزب دعوات إلى المنظمات الوطنية لدول تونس، ومصر، وفلسطين، وطلب منها إرسال وفودهم لحضور جلسته السنوية في الهند.
وفي أعقاب نيل الاستقلال، استضافت الهند مؤتمرين حول العلاقات الآسيوية في نيودلهي، في مارس 1947م، وفي يناير 1949م[3]. مما لعب دورا ملموسا في اقتراب الدول التي حققت استقلالها آنذاك، مع بعضهما البعض ولاسيما في الأمم المتحدة، حتى حاول المندوبون الدائمون من الهند ومصر وإندونيسيا وسوريا، تشكيل مجموعة الدول العربية والآسيوية في الأمم المتحدة عام 1951م، حتى اتسع نطاق هذه المجموعة لتضم 12 دولة بما فيها أفغانستان، وبورما، والهند، ومصر، وإندونيسيا، وإيران، والعراق، ولبنان، وباكستان، والمملكة السعودية العربية، وسوريا، واليمن. ومهدت هذه الجهود الآسيوية والأفريقية إلى بداية حركة عدم الانحياز[4].
جدير بالذكر أن فكرة تأسيس حركة عدم الانحياز التي تولدت لدى الزعيم الهندي جواهر لال نهرو، لقيت تعاونا وإشادة من قبل الزعيم المصري جمال عبد الناصر، والمارشل تيتو من يوغوسلافيا. حتى خرجت الحركة إلى حيز الوجود، فتم عقد أول مؤتمر لها في بلغراد في عام 1961م[5].
ومن المعلوم تاريخيا أن الهند تولي اهتماما خاصا بقضية فلسطين دوما، باعتبارها قضية إنسانية، وبما أنها عارضت ولم تزل تعارض فكرة تنص على تقسيم دولة على أساس الديانة.
وتؤمن الهند إيمانا راسخا بالتعددية التي تملثها الأمم المتحدة، وبمبادئ حركة عدم الانحياز، وتحترم وحدة وسيادة وسلامة كل دولة، لذا فإنها لا تتدخل ولا تقبل أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إلا أنها تعمل على جميع الجهات والجبهات الرامية إلى إرساء الأمن والسلام والاستقرار في دول العالم من مشارق الأرض ومغاربها.
واقع العلاقات الهندية مع غرب آسيا:
تظهر القوة الناعمة للهند بوضوح من حيث الثقافة واللغة والمهارات والطعام واليوغا، إذ تستخدم الهند دبلوماسية القوة الناعمة كأداة للسياسة الخارجية. أما منطقة غرب آسيا فإنها تحمل أهمية إستراتيجية وذلك ليس بسبب مواردها الضخمة من الطاقة فحسب بل إنما من حيث صلات الطرق التجارية إلى أجزاء مختلفة من العالم، وإن علاقات الهند وسياستها تجاه العرب تشجعها دوما، على تعزيز أنشطتها وتفاعلاتها لاغتنام فرص التجارة في غرب آسيا.
ومن المؤكد أن غرب آسيا هو أحد أهم شركائنا في جوارنا الممتد لأسباب واضحة مثل حضور قوي للجالية الهندية، وإمدادات الطاقة ، والأمان والممرات التجارية، ومصدر وافر لضخ الاستثمارات.
ولاتفوتني الإشارة إلى أن غرب آسيا منطقة تعاني من عدم الاستقرار إلى حد ما، ويرجع ذلك إلى تدخل القوى الخارجية في بعض الدول مثل العراق، وأحيانا بسبب الصراعات الداخلية في بعض الدول الأخرى مثل سوريا واليمن.
ولايمكن التجاهل عن هذه الحقيقة التي تتمثل في أن أصحاب النفوذ الإقليميين مثل المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا يتنافسون على بعضهم البعض وينقسمون على أساس مصالحهم الخاصة. في حين يشارك اللاعبون الدوليون والمنظمات متعددة الأطراف أيضا في النزاعات في المنطقة.
ومن الأهمية بمكان أن المنطقة هي مرتع للخطط السياسية العالمية، تحتاج الهند إلى وضع استراتيجيات لتأمين مصالحها الجغرافية الاستراتيجية. حيث يعلم كل قاص ودان أن مصالح الهند الرئيسية في المنطقة هي ذات طبيعة اقتصادية. بينما هناك روابط تايخية، اجتماعية، ثقافية، سياسية، دبلوماسية قوية تربط الهند بهذه المنطقة الغنية بالحضارات والثقافات، وتعد الحضارة الهندية من أقدم الحضارات في العالم، فإن العلاقات بين الشعوب والحضارات وليست العلاقات فقط بين الحكومات.
ويعلم الجميع بأن معظم دول هذه المنطقة، هي دول عربية وإسلامية، هناك عدد من المنتديات والمنظمات التي تعتني بشؤون الدول العربية بشكل خاص أو بشؤون الدول الإسلامية بشكل عام، ومن أهمها جامعة الدول العربية، ومجلس دول الخليج العربي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الإيسيسكو. وتتفاعل الهند بفضل علاقاتها الطبية، مع هذه المنظمات إقليميا ودوليا على المستويات المختلفة.
الهند وجامعة الدول العربية:
جامعة الدول العربية هي منظمة دولية تنضم إليها جميع الدول العربية فقط، وهي بمثابة منصة عربية شاملة تتحدث عن الشؤون والأمور التي تختص الدول العربية عبر العالم، وتعتني هذه المنظمة العربية بترويج الثقافة والقضايا العربية. وتوجد في الهند، بعثة لهذه المنظمة العربية، وتتفاعل المنظمة من حين لآخر، مع الحكومة الهندية على الأصعدة المختلفة من خلال تنظيم الاجتماعات الرسمية بمشاركة وزراء الدول العربية.
منظمة المؤتمر الإسلامي.
منظمة المؤتمر الإسلامي تنضم إليها جميع الدول الإسلامية من كافة أرجاء العالم، والتي تعتبر ثاني أكبر منظمة دولية في العالم بعد الأمم المتحدة، وتعتني بشؤون المسلمين وقضاياهم بشكل خاص، كما أنها تثير قضية كشمير أيضا من وقت لآخر، إلا أن الهند ترفض وتبدد تصريحات المنظمة دوما. الجدير بالذكر أن منظمة المؤتمر الإسلامي دعت وزيرة الخارجية الهندية السابقة شوسما سواراج للمشاركة كضيف شرف، في الاجتماع الـ46 لوزارء الخارجية للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وشاركت الوزيرة سواراج في هذا الاجتماع المنعقد في 1-2 مارس 2019م، في أبوظبي، ودعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزيرة الخارجية الهندية سواراج إلى إلقاء خطابها في الجلسة الافتتاحية.
و” نعتبر هذه الدعوة معلما بارزا في شراكة الهند الاستراتيجية الشاملة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تعتبر هذه الدعوة اعترافا بحضور 185 مليون مسلم في جمهورية الهند ومساهمتهم في تعزيز روح التعددية ومساهمة الهند في العالم الإسلامي”[6]. صرح بذلك السفير الهندي المتقاعد السيد أنل تريغونايات في كلماته التي ألقاها في المعهد الهندي لتقنية المعلومات في مدينة غواهاتي في 19 مارس 2019م.
أما منطقة الخليج العربي، فإنها ذات أهمية بالغة بالنسبة للهند لأجل توريد الطاقة والأنشطة التجارية وتواجد الجالية الهندية في المنطقة، والصلات بين الناس، وإن الهند يهمها الاستقرار في هذه المنطقة لهذه العوامل المذكورة، وتحظى المنطقة بأهمية كبرى في سياسية الهند الخارجية.
الهند ودول الخليج العربي:
الهند تربطها العلاقات التجارية والثقافية بمجلس دول الخليج العربي ارتباطا وثيقا، ويضمن هذا المجلس 6 دول عربية وهي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودولة قطر ودولة الكويت وسلطنة عمان ومملكة البحرين، ولا تزال العلاقات تنمو بين الجانبين الهندي والعربي، بشكل قوي على أساس الأخوة المشتركة والصداقة المتبادلة، كما تحمل المنطقة برمتها الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للهند بسبب متطلبات الطاقة وتواجد عدد هائل من الجالية الهندية فيها.
وفي الآونة الأخيرة، أعطت الهند أهمية قصوى لمنطقة الخليج العربي، مما يتضح بشكل واضح في الزيارات الدبلوماسية التي قام بها رئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندرا مودي لدول غرب آسيا بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص. وشملت زياراته الأخيرة كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر وسلطنة عمان والأردن وإيران وإسرائيل.
وثمة جانب آخر فيما يخص تعزيز علاقات الهند مع المنطقة التي تشهد تدفقا كبيرا للعمالة من الهند إلى دول الخليج العربي، وتهتم الهند باستقرار المنطقة من حيث التجارة وأمن الطاقة وتصدير الموارد البشرية وأمن العمالة والتحويلات.
وفي سياق علاقات الهند مع غرب آسيا، ثمة دول وقضايا أخرى تهم الهند من النواحي المختلفة، من أهمها قضية فلسطين التي تربطها الهند مع دول العالم العربي ارتباطا قويا، ويمثل دعم الهند الثابت لقضية فلسطين، جزءا لا يتجزأ من سياستها الخارجية.
كما تقوم العلاقات الثنائية بين الهند وإيران على الاحترام المتبادل، لأن الهند تحتاج إلى الإمدادات النفطية من إيران التي هي بحاجة إلى تعزيز الأنشطة التجارية مع الهند، وتحافظ الهند على علاقاتها مع إيران على نحو لا يؤثر على علاقات الهند مع دولة أخرى.
وتولي الهند اهتماما خاصا بعلاقاتها مع إسرائيل، إذ تتعاون كلتا الدولتين في مجالات التجارة والاستثمار، والتعليم والثقافة، والزارعة والأمن الداخلي، والفضاء والأبحاث وتكنولوجيا. وتوجد بين البلدين علاقات وطيدة في مجال المبيعات العسكرية والأمن الداخلي بشكل خاص.
تجدر الإشارة إلى أن الهند ومصر من أقدم الحضارات، وتشهد العلاقات الثنائية بين البلدين تطورا متواصلا في شتى المجالات، في حين تكتسب الهند أهمية بالغة للأسواق المصرية، بينما تحظى مصر بموقع استراتيجي كبوابة للقارة الإفريقية. ولها تاريخ قوي وطويل في الحضارات والثقافات وسط الدول العربية بشكل خاص، لذا تحمل مصر أهمية قصوى من حيث التاريخ الإنساني.
وتأتي تركيا من ضمن أهم دول غرب آسيا، وقد بنيت العلاقات الهندية والتركية على أسس التجارة والثقافة منذ قديم الزمان، وقدمت الهند دعمها لحرب استقلال تركيا وتشكيل الجمهورية التركية، حيث اتخذ المهاتما غاندي نفسه موقفا ضد المظالم التي تعرضت لها تركيا في نهاية الحرب العالمية الأولى[7]. والهند لها سفارة في مدينة أنقرة، وقنصلية عامة في إسطنبول، كما أن تركيا لها سفارة في نيودلهي، وقنصلية عامة في مومباي.
ويتزايد التعاون الثنائي في مجالات التعليم والتكنولوجيا والتجارة بشكل جيد بين البلدين. ويتوقع أن تتحسن هذه العلاقات في السنوات القادمة في إطار الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين البلدين.
التعاون العسكري بين الهند وغرب آسيا:
تطورت العلاقات العسكرية والأمنية بين الهند وغرب آسيا ولاسيما مع دول الخليج العربي قبل عقود من الزمن، وفي البداية، كان التعاون البحري بين الهند وسلطنة عمان، ولكن سرعان ما تعزز التعاون في المجال العسكري والدفاعي مع دول الخليج الأخرى أيضا مثل الإمارات والسعودية، والآن تسعى الكويت أيضا لتعزيز علاقاتها مع الهند في مجال الدفاع، إذ توجد لهذه الدول العربية مكاتب عسكرية في نيودلهي.
بينما أصحبت دولة الإمارات أول دولة عربية شاركت جنودها في العرض العسكري ضمن الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة يوم الجمهورية الهندي لعام 2017م، وكانت سلطنة عمان أول دولة خليجية أجرت قواتها البحرية تمرينا بحريا مع القوات البحرية الهندية، ولا يزال التعاون الفعال بين البلدين في مجال الأمن البحري موجودا. أما المملكة العربية السعودية فإنها تتعاون مع الهند على الأصعدة المختلفة بما فيها تدريب الضباط وبناء القدرات على أساس التبادل. أما الحديث عن الكويت فإنها فتحت مكتبا عسكريا لها في نيودلهي خلال الأشهر الماضية، وذلك بغية تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأمن والدفاع مع جمهورية الهند.
وتتمتع الهند بالعلاقات القوية مع إسرائيل أيضا في مجالات الدفاع والأمن والمبيعات العسكرية. كما توجد تفاعلات طيبة بين الهند وإيران ومصر وتركيا، حيث توجد زيارات السفن بين مواني هذه الدول بجانب التدريبات العسكرية.
وخلاصة القول إن الهند تتمتعت بعلاقات تاريخية وحضارية وثيقة للغاية مع غرب آسيا بحلول نهاية الألفية الأولى قبل الميلاد، إذ أصبحت التجارة بين الهند والجزيرة العربية عمودا فقريا لشبه الجزيرة العربية، فاستفاد كلا الجانبين من التجارة الثنائية التي تعود إلى قرون لأنه عزز معرفتهما وفهمهما لبعضهما البعض وعمل العرب كقناة للغرب حيث أخذوا المعرفة الهندية مثل الرياضيات وصناعة المجوهرات بجانب التوابل المتداولة والمواد الغذائية والمنسوجات وغيرها من السلع المصدرة من الهند نحو المنطقة العربية، بينما تم تصدير اللؤلؤ والتمور من منطقة الخليج. واستمرت العلاقات الاقتصادية خلال الحكم البريطاني للهند، وثمة دليل قوي على العلاقات الوطيدة بين الجانبين هو أن الروبية الهندية كانت عطاء قانونيا في العديد من البلدان حتى السبعينيات. وخلال العقود الماضية، تطورت العلاقات العسكرية والأمنية بين الهند وغرب آسيا ولاسيما مع منطقة الخليج العربي. وأصبحت علاقات الهند السياسية والثقافية والاجتماعية مع دول غرب آسيا ودول الخليج العربي أكثر انسيابية ووضوحا. مما ينال اهتماما دبلوماسيا بما يعيش ويعمل حوالي 7 ملايين هنود في المنطقة التي يعتبرها الهنود موطنا ثانيا لهم، إلى ذلك يتعزز التبادل التجاري ناهيك عن تجارة النفط والتحويلات المالية التي يرسلها المغتربون الهنود إلى وطنهم.
ونظرا إلى هذه الأمور والمصالح الوطنية، لا تدخر ولن تدخر الحكومة الهندية وسعا في الحفاظ على علاقاتها مع المنطقة، لذا فقد أسست ضمن سياسيتها الخارجية، دوائر عديدة مستقلة للمناطق التي تهمها من أية ناحية من النواحي، كما تحتضن وزارة الخارجية الهندية دائرة الشؤون الخليجية، ودائرة شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا. مما يشير إلى اهتمام البلاد بهذه المنطقة. وكذلك تحرص منطقة غرب آسيا أيضا على تعزيز علاقاتها مع الهند لكونها سوق الصادرات والواردات ووجهة الاستثمار بجانب الموارد البشرية، حيث تساهم الجالية الهندية المقيمة بالخارج إسهاما كبيرا في اقتصاديات الدول المضيفة، وبما أن الهند لها مكانة مرموقة لدى المنتديات والمحافل الدولية، فإنها تقدم إسهاماتها الجادة في إحلال الأمن والسلام تحت رأية بعثات حفظ السلام من الأمم المتحدة.
الجدير بالذكر أن الهند تقوم بموجب جهودها الدولية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، بتوفير شحنات من الأدوية إلى الدول المختلفة بما فيها الولايات المتحدة ودول غرب آسيا أيضا. في حين أنها تعمل على الحد من تفشى هذا الفيروس في البلاد.
***
هوامش البحث:
[1] . نظرة عامة على سياسة الهند تجاه غرب آسيا: صـ9، الرابط: https://shodhganga.inflibnet.ac.in/bitstream/10603/40567/6/10_chapter1.pdf
[2] . نفس المصدر: صـ13.
[3] . نفس المصدر: صـ14
[4] . نفس المصدر: صـ14
[5] . نفس المصدر: صـ15
[6] . السفير الهندي المتقاعد أنيل تريغونايات، محاضرة بعنوان: (India’s Foreign Policy in West Asia) الرابط: https://mea.gov.in/distinguished-lectures-detail.htm?809
[7] . العلاقات الهندية ـ التركية، موقع وزارة الخارجية الهندية، الرابط: https://mea.gov.in/Portal/ForeignRelation/Turkey_July_2014.pdf
*أستاذ ضيف، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند.
Leave a Reply