+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي في ذمة الله
د. جسيم الدين

هذه سنة من سنن الله عز وجل أن من ولد في هذه الدنيا فإنه سيموت ويرتحل إلى الدار الآخرة طبقا لقوله تعالى: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”، فمن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا كم من أناس جاؤوا على وجه الأرض وقضوا نحبهم وارتحلوا إلى دار القرار،  وكل منا سيلقى مصيره هذا، إلا أن البعض يكون موته بمثابة موت العالَم، وتكون بموته خسارة كبيرة لاتنسى إلى زمن بعيد، وتزداد الهموم والأحزان والآلام أضعافا مضاعفة، وهكذا كانت وفاة الأستاذ الشفوق العطوف البروفيسور ولي أختر الندوي خسارة كبيرة لنا وللأجيال القادمة، لقد حدث هذا الأمر الفاجع مساء يوم الثلاثاء في اليوم التاسع من شهر يونيو سنة 2020م، وكان تحت وحدة العناية المركزة في مستشفى “الشفاء” الواقع في أبي الفضل انكليو بأوكهلا، جامعة نغر بنيو دلهي.

لقد أخبرني الأخ الفاضل الدكتور ظفير الدين، الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية ذاكر حسين دلهي المسائية في ليلة الجمعة المباركة بأن أستاذنا العطوف يواجه الصعوبة في التنفس وهو مصاب بالحمى أيضا، وزار عديدا من المشتشفيات للعلاج مثل مستشفى “بانسل”، ومستشفى “مول تشاند”، ومستشفى “فورتيس”، ومستشفى “هولي فيملي”، وكذلك مستشفى “كيلاش” إلا أن مسؤولي هذه المستشفيات رفضوا إدخاله في مستشفياتهم للعلاج وماسمحوا له بالدخول فيها، وكان هذا النبأ مؤلما جدا بالنسبة لي، وأخيرا قد أدخل في مستشفى “الشفاء”، وفي ظهيرة يوم الأحد ذهبت أنا مع الأخ الدكتور مجيب أختر الأستاذ في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي والأخ الدكتور ظفير الدين إلى المستشفى لعيادة الأستاذ الفاضل وكان الشيخ علي أختر المكي الأخ الأكبر للأستاذ موجودا في المستشفى فلقيناه وسلمنا عليه وبدأنا ننتظر الموعد المحدد للعيادة، ولما حان موعد العيادة لقينا الأستاذ وكلمناه فتكلم بكل فرح وسرور، فكان هذا اللقاء يغلبه الأمل والرجاء بشفاءه عاجلا، حتى إن الأستاذ نفسه قال لنا: إنه يشعر بالراحة وسيتم تسريحه غدًا إن شاء الله، ولكن قدر الله ماشاء، فبعد يوم واحد قد تغيرت أحوال الأستاذ الصحية، ولما بلغنا الخبر ذهبنا صباح يوم الثلاثاء إلى المستشفى ولقينا الشيخ على أختر المكي الشقيق الأكبر للأستاذ فوجدناه حزينا جدا وتبدو من أسارير وجهه أن الأمر أصبح خطيرا للغاية، فطلبنا عبر التواصل الاجتماعي من الإخوة والأحبة والأصدقاء الدعاء له أن يشفيه  الله عاجلا.

وقد اتصل بي الأستاذ البروفيسور رضوان الرحمن رئيس مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو وسأل عن صحة الأستاذ ودعا الله سبحانه وتعالى بأن يشفيه عاجلا، وكذلك اتصل بي  أستاذي الكريم الدكتور فوزان أحمد الأستاذ في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية نيو دلهي واستفسر عن صحة ألاستاذ ودعا الله بأن يشفيه عاجلا، وأمرني بأن أخبره من وقت إلى آخر عن صحة الأستاذ، ولما اقترب انتهاء الموعد للعيادة زرناه مرة ثانية، فذهب أولاً الدكتور ظفير الدين إلى وحدة العناية المركزة ورجع بعد خمس دقائق والحزن يغلب على وجهه، وبعد ذلك حضرت أنا وسلمت عليه ولكن لم يكن في مستطاعه أن يرد علي، فبدأت أنظر إليه وهو يشعر بشدة الصعوبة في التنفس، والممرضة كانت تحرك جسده وتحاول إيصال الأكسيجن في جسده وكنت واقفا أمام الأستاذ، وبهذا المنظر المدهش قد طار لبي وخيم اليأس والقنوط على وجهي حينما قالت الممرضة: عليك أن ترجع من هنا، أستاذك لايستطيع أن يتكلم معك الآن، فرجعت من وحدة العناية المركزة كئيبا حزينا، واتصلت بأستاذي الجليل الدكتور سيد حسنين أختر الأستاذ في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي قائلا: إن الأمر خطير جدا يا أستاذي هل لايمكن لك أن تفعل شيئا لمصالح حياة الأستاذ البروفيسور ولي أختر الندوي؟ وخلال هذه المحادثة كانت عيناي تسكبان الدموع، وبعد خمس دقائق لفظ الأستاذ الجليل الشفوق أنفاسه الأخيرة وارتحلت روحه إلى دار الإخرة، إنا لله وإنا إليه راجعون، أسكن الله الفقيد فسيح جناته، وأسبل عليه سحائب كرمه ورضوانه.

كيف يمكن لي الصبر على هذه  الحادثة الفاجعة، لأن الأستاذ فداه أبي وأمي قد أحببته حبا لايضاهيه حب سوى حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أحبني الأستاذ أيضا وقد تركني وحيدا وارتحل إلى الدار الآخرة عن عمر يناهز  52 عاما فحسب.   

أكتب هذه السطور وعيناي تسيلان الدموع، لا يمكن لنا أن ننسى أستاذنا الراحل، فإنه كان زهرة مجلسنا، و إنسان نواظرنا، ومهجة قلوبنا، قد أمضينا مع أستاذنا أمدا طويلاً وتناولنا معا الغداء مرات عديدة في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي، هناك ذكريات لا يمكن لنا أن نحصيها.

 و بعد يومي عيد الفطر قد دعاني الأستاذ العطوف الذي له ودادي وفؤادي الدكتور مجيب أختر على مأدبته والأستاذ الراحل أيضًا تشرف وتناولنا العشاء معا وكان الأستاذ الفقيد يقدم إلي كبابا ثم يأخذ لنفسه ويقول كل يا جسيم! إنك وحيداً في هذه الأيام، وفي الإغلاق التام لايمكن لك أن تأكل مثل هذه الأطعمة في المطاعم، ولايزال يقدم إلى طبقي كبابا مرة بعد مرة قائلا بأنك شاب لايضرك شيئاً. وبعد برهة خرجنا مع الأستاذ الراحل والدكتور مجيب أختر للقاء الأخ فيروز  عطا الندوي. 

 وفي هذا اللقاء قرر الأستاذ الذهاب إلى جامعة دلهي مع الأستاذ الدكتور مجيب أختر يوم الإثنين وذهبا معا إلى نفس الجامعة وكان الطقس حارا ولذلك شعر الأستاذ مساء ذلك اليوم بصداع الرأس والحمى بعد الرجوع من الجامعة إلى بيته. وتناول أدوية لإزالة الحمى وصداع الرأس وشعر بالراحة بعد تناول الأدوية ولكن بعد يومين قد شعر بألم في التنفس أيضا ولذلك أراد الأستاذ أن يعالج نفسه في المستشفى تحت إشراف طبيب حاذق ولكن لم يسمح له بالدخول أحد من مسؤولي المستشفيات المذكورة أعلاها. وأخيرا قدر الله ماشاء.

إنني قد أمضيت مع الأستاذ الراحل 12سنة، سنتين من حيث طالب الماجستير عام 2008م  إلى 2010م  وست سنوات من حيث باحث الدكتوراه تحت إشرافه  من 2010 إلى 2016م وسنة من حيث المحاضر الضيف عام 2016م وبعد ذلك حصلت على د. إيس رادها كرشنان زمالة مابعد الدكتوراه التابعة لجنة المنح الجامعية لثلاث سنوات واخترته المعلم الخاص (Mentor) لإكمال هذا البحث العلمي المتقدم الذي يشتمل على ثلاث سنوات وبفضل الله –سبحانه وتعالى- إنه قد رضي أن يكون معلما خاصا لبحثي العلمي وبعد ذلك أصبحت محاضرا ضيفا مرة ثانية في القسم والحمد لله على ذلك. وخلال هذه السنوات قد تعلمت من سيادته مالم أتعلم من الأساتذة الآخرين في حياتي. لايكمن لي أن أنسى ذكرياته الخاصة وعناياته الفائقة مادمت حيا على وجه الأرض إنه كان خير معلم لافي تعليم المادة الدراسية فحسب بل في جميع نواحي الحياة الدينية والدنيوية. وكان خير مثال السلف الصالح في زمن قحط الرجال. حينما حضرت أول مرة في غرفته لتلقي الدرس الأول في الماجيستير فقال لي عرف بنفسك فقمت بامتثال أمره وحينما قلت أنا أنتمي إلى مديرية “السيتامرهي” فأعرب عن استعجابه قائلا من إية قرية السيتامرهي فأجبت بأنني منتم إلى قرية “ددري” فقال أنا أيضًا أنتمي إلى مديرية السيتامرهي ولكن بهذه العلاقة لايمكن لك أن تستفيد مني بل إن تجتهد في القراءة والكتابة فأحبك وإلا فلا. وبعد الاستماع إلى هذه الكلمات بدأت أدرس على هذا الأستاذ وغيره وكنت مواظبا على الحضور في الفصل وفي نهاية سنة الماجستير قد فزت في الحصول على السكنى في رحاب جامعة دلهي في دار الإقامة للطلاب وبهذا السبب قد وجدنا جميع التسهيلات اللازمة وواظبنا على الحضور في الفصل دائما. وخلال إقامتي في دار الإقامة “دي إيس كوتهاري هاستل” (دار الإقامة المسمى بـ دولت سينغ كوتهاري) قرب “قاعة جوبلي” (دار الإقامة للطلاب) ذات مرة قد دعوت الأستاذ يوم الجمعة بعد أداء صلاة الجمعة في جامع “خيبر” الواقع قرب قاعة جوبلي على مأدبتي ولكن الأستاذ قد أنكر ولكن أمام إصراري المتواصل لم يتمكن له الإنكار عن قبول دعوتي. فتشرف الأستاذ الراحل وكان معه الأستاذ الدكتور نعيم الحسن الأثري أستاذ قسم اللغة العربية بجامعة دلهي أيضًا وخلال تناول الظهيرة جرى الحوار حول موضوعات مهمة. 

كان البروفيسور -يرحمه الله- معلما مثاليا، خبيرا بطلابه ومستواهم، وكان جميع تلاميذه يجمعون على الاعتراف بغزارة علمه ودقة بصيرته وسعة فهمه. ويفتخرون بتلمذهم عليه وخاصة في تعلم طريقة الترجمة وأسلوبها من الفقيد الغالي. لقد كان واحدا من أشهر المعلمين في جامعة دلهي وأكثرهم شعبية بين الطلاب على الرغم من أن بعض الطلاب كانوا يتخوفون من التواصل معه بسبب رهبته الشخصية والوضع الأكاديمي ووجاهته الذاتية، إلا أن جميع الطلاب كانوا يحبونه بصميم قلوبهم وأرواحهم.

لا يمكن لنا أن ننسى أستاذنا الراحل، فإنه كان زهرة مجلسنا، و إنسان نواظرنا، ومهجة قلوبنا، قد أمضينا مع أستاذنا أمدا طويلاً وتناولنا معا الغداء مرات عديدة في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي، هناك ذكريات لا يمكن لنا أن نحصيها.  

ومن ميزاته أنه لم يحصل على هذا التفوق الأكاديمي، والمكانة العالية، والاحترام الكبير بين الناس وعضوية لجنة الاختيار لدى الجامعات المختلفة في جميع أنحاء البلاد بوساطة التملق والإطراء كما هو ديدن كثير من المعلمين في هذا العصر، بل أحرز المناصب الهامة بسبب تفوقه العلمي وقدرته الممتازة عل تدريس اللغة العربية، وشعوره العميق بالمسؤولية، والمثابرة على الشدائد والمحن، واغتنام الفرص واستخدامها في أمور مجدية، والسعي المستمر والنضال المتواصل ليلًا ونهارًا. كما أنه كرّس نفسه لخدمة اللغة العربية وابتكر منهجا بديعا لتدريسها لغير الناطقين بها، فدوّن ثمرة تجاربه في تدريس اللغة العربية في سلسلة من الكتب القيمة التي لاقت رواجاً حسناً في الهند.

انطباعات أساتذة اللغة العربية عن الأستاذ الراحل:

يقول الأستاذ الدكتور مجيب الرحمن أستاذ مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي، ورئيس مكتب منظمة الإبداع العالمي لأجل السلام لندن في الهند:

“لاشك فيه أن أستاذنا الدكتور ولي أختر الندوي كان من أساتذة اللغة العربية البارزين المشار إليهم بالبنان في الهند، فقد كرّس نفسه لخدمة اللغة العربية وابتكر منهجا بديعا لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، فدوّن ثمرة تجاربه في تدريس اللغة العربية في سلسلة من الكتب القيمة التي لاقت رواجاً حسناً في الهند، ومن أهمها “منهج عملي لتدريس اللغة العربية” (في جزأين) و”تيسير الصرف” بالنسختين العربية والإنجليزية، وكتاب “My Arabic Reader”، و”زرني في وقت آخر يا موت”، و”نذير العظمة” (ترجمة)، كما أسهم في إعداد المقررات الدراسية للغة العربية في كل من المعهد القومي للتعليم المدرسي المفتوح، وجامعة إنديرا غاندي المفتوحة إلى جانب مشاركات واسعة في المؤتمرات الوطنية والعالمية.

كان ضليعاً في اللغة العربية فكان يتحدث بها كأهلها ويكتب بلغة سلسة ورشيقة، وبأسلوب سلسال، نشر له عدد كبير من البحوث والمقالات في المجلات العربية المحكمة في الهند وخارجها.
لقد حصل الفقيد على جائزة “مهارشي بادريان وياس سمان” وهي جائزة مرموقة يمنحها فخامة رئيس جمهورية الهند للعلماء الشباب لخدماتهم المميزة في مجال اللغة العربية”. 

ويقول الأستاذ مجيب الرحمن أيضًا: “كان حقا وليا من أولياء الله، جمع بين القديم الصالح والجديد النافع، وكان حريصا على التمسك بهويته الإسلامية ومصراً على قول الحق غير خائف في ذلك لومة لائم.

قليل منا من المشتغلين في الجامعات الحكومية في بلاد غير عربية من يهتم بتربية أولادهم تربية دينية وتثقيفهم بالثقافة العربية، ولكن الفقيد جعل من أولوياته تعليم أولاده اللغة العربية أولا ووضع لهم أولا أساسا متينا في اللغة العربية، يا أبا حماد مثلك لا يموت، وإنما تبقى الذكرى تعطر الزمان والمكان، فأنت مدرسة أسست على بنيان راسخ، لقد خسرت الهند رمزاً كبيراً من رموز الثقافة العربية وصرحا شامخاً من صروحها، وخسرنا أخا كريما، وزميلا غاليا، وصديقا صدوقا، وشخصاً أمينا وصادقا وعدولا، وتلك صفات قلما تجتمع في شخصية في عصرنا هذا، يا أبا حماد إن الكلمات عاجزة عن ذكر مناقبك، فأنت من خصه الشاعر بقوله:

قم للمعلم وفه التبجيلا

 كاد المعلم أن يكون رسولا

رحم الله أبا حماد رحمة واسعة وغفر له زلاته وجمعه مع الصديقين والشهداء والصالحين، وألهم ذويه وأحبته الصبر والسلوان”.

انطباعات الأستاذ البروفيسور زبير أحمد الفاروفي عن الإستاذ الراحل: 

ويقول الأستاذ زبير أحمد الفاروقي أحد أساتذته البارزين ومن كبار علماء وأساتذة اللغة العربية في الهند “برحيل الأستاذ الدكتور ولي أختر رحمه الله فقدت أسرة أساتذة اللغة العربية في الهند درة يتيمة وشخصية مثالية كانت تنفرد بمستواه العملي المتميز وتواضعه وأخلاقه النبيلة وتقواه. عاش بعيدا عن الظهور والشهرة، حظي بالإعجاب والتقدير لدى أساتذته وزملائه وتلاميذه بفضل تميزه في الذكاء ومكانته العلمية، قد خلف وراءه إرثا علميا عظيما لعشاق اللغة العربية، لن ننساه طالما نعيش ، فقد كان مفخرة لنا جميعاً”.

انطباعات الأستاذ البروفيسور يوسف عامر نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف:

“سامحهم الله وأعطاهم مكانة عالية في الجنة،آمين. كان الراحل ولي أختر رجلاً لطيفًا وعبدًا مخلصًا، كما كان أخًا مخلصًا وصديقًا عزيزًا ، وكان ولي أختر خير مثال على الغنى عن النفس، وما كان من اللذين يتحدثون عن نفسهم ويغفلون ما حولهم، إنه كان خير صديق لأصدقائه، وخير أستاذ لطلبته، وخير إنسان للمحتاجين، إنه عاش على الحق، ترك وراءه ثروة علمية قيمة تبقى ذخرا للأجيال القادمة”.

انطباعات الأستاذ البروفيسور أشفاق أحمد رئيس قسم اللغة العربية بجامعة بنارس الهندوسية:

فقدت أخا كريما، وصديقا مخلصا، وأكاديميا كبيرا، وشخصية فذة عظيمة، الألسن كلها تشهد بنبله وصفاء قلبه، وورعه وفضله، إنه كان أستاذا مثاليا ومحبوبا لدى الطلبة والأساتذة والزملاء سواء. له خصائل محمودة لايمكن أن نحصيها على البنان، كان ذكيا مجتهدا ومتمسكا بأداء الواجبات والفرائض الدينية مادام حيا على وجه الأرض، تقبل الله حسناته وجعل الجنة مثواه وهو على كل شيئ قدير وبالإجابة جدير.

انطباعات الأستاذ الدكتور مجيب أختر أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية في جامعة دلهي:

الأستاذ المشفق والصديق المخلص البروفيسور ولي أختر الندوي كان ممتازا بين معاصريه بأسلوبه العالي وأدبه القوي، كما اعترف بعظمته العلمية وشرفه الأكاديمية أساتذته وزملاؤه ومعاصروه في كلماته بعد ترحاله إلى دار القرار. هذا مما لاشك فيه أن بوجوده يسر الحزين ويفرح الكئيب، كان قلبه منطويا على ود صميم ووفاء كريم، كان بعيدا عن زخارف القول والفخر الكاذب والسمعة الزائفة. يبعث وجوده في النفس السرور الدائم والابتهاج المثالي، ترنو إليه العيون ويهفو إليه القلوب وتصغي الأذن. حقًا إنه كان علامة المحبة والإخاء ورمز الإخلاص والوفاء. تغمده الله بغفرانه وأسكنه فسيح جناته.

انطباعات الدكتور ثمامة فيصل أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية بجامعة مولانا آزاد الوطنية المفتوحة رحاب لكناؤ:

كان الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي أكاديميا ممتازا، وأستاذا عطوفا، وبارعا وتقيا، كان قلبه صافيا، وحديثه عذبا، كما كان أستاذا محببا لدى الطلاب جميعا وأنا منهم، تقبل الله مجهواته العلمية وجعل الجنة مثواه.       

انطباعات الدكتور شاكر فرخ الندوي مدير التحرير لمجلة “المظاهر”

لقد كان أستاذي الفاضل العطوف الدكتور ولي أختر الندوي من أفاضل العلماء في الهند لقد عرف بغزارة علمه، واطلاعه الواسع للعلوم الإسلامية، والعربية كنت أعرفه اسما حينما كنت طالبا في ندوة العلماء إذ كان أخوه الصغير سهيل أختر أمان الله من أحب زملائي، وتعرفت عليه شخصياً حينما قابلته في جامعة دلهي بعد ما عدت من القاهرة وحضرت الجامعة للالتحاق بها في مرحلة الدكتوراه، فأول من شجعني على إكمال دراستي في جامعة دلهي هو الدكتور سليمان أشرف رحمه الله وأرسلني إلى الدكتور ولي أختر بصفته رئيس القسم فرحبني وشجعني حتى سجلت في القسم وكان المشرف هو الدكتور ولي أختر الندوي.

فكنت أحضر إليه وأتحدث وأستشير فكان خير معلم وخير ناصح وكنت أحضر إليه في بيته فأجده يعلم أطفاله العلوم الإسلامية والعربية وكان يضيفنا بأكثر مما نستحق، عرفته شخصياً فوجدته شخصية عظيمة يستحق الثناء والتقدير والاحترام، لا ننساك يا أستاذنا الكريم ولن ننسى ما كنت تسدي إلينا من النصيحة ومن المشورة العلمية، وسيستفيد الجيل الجديد من ذلك المنهج العلمي الذي اخترته في تدريس اللغة العربية في الهند وما خلفت وراءك من الآثار العلمية، فالأسرة العلمية والأدبية بأسرها محزونة بفراقك وتدعو لك أن يتغمدك الله تعالى برحمته الواسعة ويلهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.

انطباعات الدكتور ظفير الدين أستاذ اللغة العربية في كلية ذاكر حسين المسائية:

كان يقول أستاذي الكريم دائما “لا يمكن الرفاق مع النفاق” في الواقع كان الأستاذ الراحل وليا من أولياء الله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. بعد رحلته بكت السماء بكاءا شديدا لأنه كان كريم الشمائل، دمث الاخلاق، محافظا على الوقت، واسع الجبين، أسمر اللون مائلا إلى البياض، وكان حسن الزي، متعهدا بالوقت والوعد. كان صبورا في شؤون الحياة. مطيعا لأوامر الله -عزوجل- صادق الوعد، كثير التشاور مع من يرى فيه خيرا حتي في صغار الأمور. 

وكان أستاذي الجليل مثاليا في الأدب والاحترام للكبير والرحمة بالصغير وكان يعرف بين الأصدقاء والاوساط العلمية بالعدل والمساواة والإيثار، وبكى عليه خلق كبير من خلق الله الواسع، بكرمه وتواضعه ولخدمة الخلق والمحتاجين والشعور بالمسؤولية وأداء كل وظيفة في الميعاد. وبكيت وبكى الطلاب لأنه كان أستاذا مثاليا ومعلما مجتهدا مخلصا ورائدا في الإلقاء والتدريس، فكان الطلاب في القسم كانوا يترامون عليه وكانوا يحبون ويحاولون أن تكون دروسهم في الترجمة لديه. فكان يقوم بتدريس الترجمة والإنشاء كل سنة وهذا يدل على كونه معلما  بارعا للغة العربية ولا سيما في الإنشاء والترجمة وقواعد اللغة العربية. والجدير بالذكر فيما يتعلق بتدريسه للغة العربية أنه يركز على التمرين أكثر من الاعتماد على القواعد النحوية والصرفية، لأنه يقول دائما أن اللغة العربية وجدت قبل أن توجد قواعدها. وكل ما أنتجه وألفه أو كتبه هو مثال لخدمة اللغة العربية الفصحى النافعة للطلاب الذين يحبون أن يتعلموا اللغة العربية. كما أنه كان يركز خلال التدريس على حفظ المفردات والجمل ومراجعتها ومراعاة القواعد والإكثار من التصرف في الصيغ المختلفة. لا شك أننا فقدنا رمزاً من رموز اللغة العربية.

انطباعات الدكتور عبد الملك الرسولفوري أستاذ اللغة العربية في كلية ذاكر حسين دلهي:

مع براعته في فن الكتابة و خبراته المتميزة في فن الترجمة إنه أراد لنفسه ان يكون معلم اللغة العربية فجعلها نصب عينيه و كرس لها جميع طاقاته ولم يزل يحاول لتسهيلها وتسهيلها و ايجاد طرق سهلة لتعليمها و تعليمها و قد بذل في هذا المجال كل ما كان في وسعه و لم يدخر لها أي جهد من مجهوداته حتى كللت مساعيه بالنجاح و أتت أكلها إلى ان عرف في الأوساط العلمية  بمعلم العربية. فعلى مدى علمى قد كثر من الفوا في قواعد الغة العربية في الهند إلا أن الذين طلعت نجومهم في سماء الأدب العربي و نالت مؤلفاتهم من القبول  ما لم تنل أخواتها الأخرى،  هم اثنان فحسب: أولهما  ف عبدالرحيم صاحب “دروس اللغة العربية لغير الناطقين بها” أما ثانيهما فهو شيخنا الحنون الأستاذ ولي أختر الندوي “منهج عملي لتعلم اللغة العربية”. و في مثله قيل “كاد المعلم أن يكون رسولا”، فجعل الله عمله هذا ذخرا له. 

إنشاء جائزة ” الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي التذكارية للتميز الدراسي”

تقديرا لمساهمات وخدمات المربي الجليل الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي رحمه الله  للغة العربية في الهند ودوره في نشر ثقافة السلام في المجتمع الهندي يسر المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام بلندن ممثلا برئيس مكاتبها في الهند، الدكتور مجيب الرحمن،  الإعلان عن إنشاء جائزة تذكارية باسم “جائزة الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي  التذكارية للتميز الدراسي” التي ستمنح سنوياً للمتفوق الأول في امتحان البكالوريوس النهائي في اللغة العربية والمتفوق الأول في امتحان الماجستير النهائي كل سنة، وستتضمن الجائزة شهادة تقدير موقعة من كل من رئيس المنظمة بلندن ورئيس مكاتبها بالهند وخمسة آلاف روبية نقداً لكل من المتفوقَين، وسوف يتم تبليغ ذلك إلى رئيس قسم اللغة العربية بجامعة دلهي لاحقاً.

وخلاصة المقال

كان الأستاذ الراحل أحدا من خريجي دار العلوم التابعة لندوة العلماء بلكناؤ، وأثناء تعليمه في رحاب ندوة العلماء شهد له أساتذته بذكائه وألمعيته، وكم من أستاذ يقول للطلاب عليكم الجهد المستمر مثل ولي أختر وكان الأستاذ الراحل على تواصل مع أساتذته بعد المغادرة من لكناؤ إلى دلهي، حلاملا شهادة الفضيلة وبعد ذلك التحق بمرحلة البكالوريوس في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية، بنيو دلهي، وأكمل الماجستير والدكتوراه واشتغل بها أستاذا ضيفا وبعد ذلك تم تعيينه محاضرا في قسم اللغة العربية في جامعة دلهي في عام 1997، وترأس القسم مرتين، وأشرف على عدد كبير من رسائل ما قبل الدكتوراه والدكتوراه وما بعد الدكتوراه، ونظم سلسلة من المؤتمرات الوطنية والدولية وبالإضافة إلى ذلك ورشة تدريبية دولية.

إنه كان متمسكا بكل معانيها باللغة العربية الفصحى فكان يؤاخذ الطلبة على استخدامهم للمفردات والتعابير الدارجة خلال بحثه أو تقديم ورقة في الندوات والمؤتمرات المنعقدة في القسم، كما كان متشبثا بالشعائر الإسلامية وحميته وغيرته الدينية، وكان يشتغل في العمل الاجتماعي وأنشطة الرفاه العام في قريته “بهكورهار” بمديرية السيتامرهي من ولاية بيهار الهند، وكان الأستاذ يؤدي مسؤولياته تجاه المحتاجين والمساكين الذين كانوا في حاجة ماسة إلى مساعدة من قبل الأستاذ الراحل في حي شاهين باغ بجنوب دلهي حيث كان مقيما مع عائلته. وفي التاسع من يونيو 2020م قد انتقل الأستاذ إلى رحمة الله في “مستشفى الشفاء” الواقع في أبو الفضل انكليو جامعة نغر بنيو دلهي وصلى عليه صلاة الجنازة عدد كبير من أحبائه وزملائه وطلابه ودفن في “غور غريبان” المدفن الواقع في أبي الفضل جامعة نغر بنيو دلهي بين الساعة العاشرة والنصف ليلا. تقبل الله مجهوداته العلمية وتغمده بنعمه وكرمه وجعل الجنة مثواه.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of