+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

الأسس المعرفيّة في بناء النظرية المعجميّة عند الخليل بن أحمد الفراهيدي: معجم العيّن نموذجا
د. امحمد سحواج

الملخّص:

يهدف هذا المقال إلى الكشف عن المكونات الأساسية، التّي انبنت عليها النظرية الخليلية القديمة للخليل بن أحمد الفراهيدي(ت175ه)من خلال معجمه العين وعليه،فالمكونات الأساسية التّي قامت عليها نظرية الخليل في بناء معجمه العين،وهي:

1-المكون الصّوتي.

2-المكون الصّرفي.

3-المكون الرّياضيّ.

الكلمات المفتاحية: -مكونات -نظرية -معجم -صوتيّ -صرفيّ -رياضيّ.

المقدمة:

قبل الولوج إلى الأسس المعرفيّة التّى تشكل النظرية المعجميّة عند الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 170ه)، أودّ أن أمهد لها بمدخل نظري يتناول القضيتين الآتيتين:

  • مفهوم النظرية لغة واصطلاحًا.
  • والتّعريف بالخليل بن أحمد الفراهيدي.
  • المدخل النظري:

لغة: إنّ لفظة النظرية مشتقة من الفعل نظّر ينظّر تنظّيرًا، “والنّظر يقع على الأجسام والمعانّي، فما كان بالأبصار فهو للأجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني”. (ابن منظور، دت، مادة نظر).

وبفهم من هذا القول، إنّ لفظة النّظرية توحى إلى الجانب المادي والمعنوي؛ ومن هنا جازلنا أنّ نستعمل النّظرية في مجال العلوم الإنسانية وكذلك في مجال العلوم التجريبيّة.

اصطلاحا:

أورد عبد الدّايم تعريفا لها فقال: “هي تلك الفروض الذّهنية أو العقليّة التّي يقدمها العلماء في استنباطهم للأنظمة التّي يدرسونها”.(محمد عبد العزيز، 2006، ص. 17).

وعليه فالنظرية هي حوصلة لمجموع الأفكار والآراء العلميّة،وأدواتهاالمنطق والعقل لتحكم الظواهر سواء أكانت إنسانية أو بيولوجية أو طبيعيّة، أي بمعنى تشمل جميع المجالات.

ب-من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 175ه):

هو أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدىاليحمدى ولد سنة 100ه، وتوفي سنة 175ه تقريبًا.

ولد بمدينة عمان على شاطئ الخليج الفارسي، وانحدر من أصل عربي صرف، إذ ينتسب إلى بطن فرهود من قبيلة الأزد، ولكن نشأته بالبصرة غلاما، وتلقيه العلم بها تلميذًا، ورياسته لمدرستها شيخًا جعلته يشتهر بلقب الخليل بن أحمد بصرى.

لم يكن الخليل بن أحمد على حظ كبير من الغنى والسّعة،فقد رضى وقنع بعيشته الزهيدة المتواضعة ،وذلك لكثرة انشغاله بالعلم والتّفكير ،ولرضاه النفسي بحالته كماهي،وهذامايفسرلنا السبب في رفضه أن يكون مؤدبا لولد الأمير سليمان بن عبد الملك حينما طلب منه ذلك وفي هذا يقول الخليل نفسه :

أبلغ سليمان أنى عنه في سعة وفي غنى غيرأنىلستذا مال(الخليل،2003،ص.8).

وهو أستاذ كثير من أئمة اللّغة والنحو، وهو أعظمهم جميعًا، ومن تلاميذته: سيبويه، والأصمعي، والنضر بن شميل، والليث بن المظفر، ومؤرخ السّوسى، وأبو الحسن الاخفش.

سادالخليل بن أحمد عصره بذكائه وفطنته، وعبقريتهالفذة ،ونظرته العلمية الثاقبة .ويكفه فخرا بأنه وضع أسس ثلاثة علوم من علوم العربيّة ولم يسبقه إلى ذلك أحد قط؛حيث وضع أسس علم النحو، وعلم العروض، وعلم المعجم العربي. (في رجب، 2001، ص .109 – 110).

ولم يترك الخليل بن أحمد علما أو فنا إلا برز فيه ،فقد ألم بكل المعارف فهوالمحدث ،والقارئ ،والنحوي،والعروضي ،والرياضي،والموسيقي،ويمكننااعتباره بمنزلة الموسوعة العلمية أو دائرة المعارف في زمانه.

فوردت له مؤلفات ستة كما ذكرتها كتب الطبقات وجمعتها دائرة المعارف،هي :

أ-النقط والشكل.

ب-النغم.

ج-العروض.

د-الشواهد.

ه-الايقاع.

و-الجمل.

ولم يتفوق الخليل في علوم اللغة من نحو وصرف وعروض فحسب، بل كانلهمعرفةواسعةبالعلوم الشرعية والعلومالرياضيةمنمنطقوحساب،وأكثرمن هذا كان بارعا في الموسيقى والنغم.(الخليل،2003،ص.9).

2-مبررات تسمية معجم الخليل بالعين :

أورد الخليل بن أحمد نصا يبرر فيه أسباب تسمية معجمه بالعين”إنّ الهمزة أعمق الحروف مخرجا ،ولكنّها تتغير فعدها ضمن حروف العلة ،والهاء تليها ،ولكن الهاء ماهي إلا إرسال الهواء خارج الحلق ،ولذا العين أصلح حروف الحلق للبدء بها ،وفيه لين وأنّ تكراره يكوّن صوتا يشبه بعبعة الجمل وهذا من أهم خصائص العربيّة.والحاء تشارك العين في نفس المخرج ،ولكن اختيار العين دون الحاء ،هو أنّ العين أنصع ،أومايعبر عنه بعبارة أخرى :هوأنّ العين مجهورة ،والحاء مهموسة.”(الخليل،2003 ،ص.30).

وذكر السيوطي(ت911ه)نصا لابن كيسان عن الخليل بن أحمد أنّه قال :”لم أبدأ بالهمزة ؛لأنها لا تكون في ابتداء كلمة ولا في اسم ولافعل إلاّ زائدة أو مبدلة ،ولابالهاء؛لأنّها مهموسة خفية لا صوت لها ؛فنزلت إلى الحيز الثّاني وفيه العين والحاء ،فوجدت العين أنصع الحرفين ،فابتدأت به ليكون أحسن في التأليف ،وليس العلم بتقديم شيء على شيء”.(السيوطي،دت،ص.90.).

ودوران العين في كلام العرب على الهمزة والهاء ،فهي للميز بقوة الوضوح السمعي إذا ماقيست بهما ،حيث تبلغ نسبة تردد العين في الكلمة العربية حوالى 6.1بمئة وتبلغ نسبة الهاء نحو 3.3 بمئة والهمزة 2.5.(حلمى موسى،1973،ص.83).

3-الأسس المعرفيّة في بناء النظرية المعجمية في معجم العين الخليل بن أحمد الفراهيد (ت: 175ه):

وضع علماء اللغة خلال ثلاثة قرون كلّ أسس المعجم العربيّ، ابتداء من أواخر القرن الثّاني الهجري حتى أواخر القرن الرابع الهجري، ومن هؤلاء الرواد الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 175ه) الذّي حاز السبق والريادة في التّأليف المعجمي لدى العرب، فألف معجم العين وفق أسس معرفيّة، منها: الصّوتي والصّرفي والرياضي، وهدفه كلّه هو جمع ألفاظ اللّغة العربيّة المستعمل منها والمهمل.

أ-الأساس الصّوتي:

اعتمد الخليل في ترتيب مواد معجم العين على الأساس الصّوتي لإدراكه أنّ بدايات اللّغة كانت منطوقة قبل أنّ تكون مكتوبة، وكذلك اللغة في حدّها نظام في الرموز الصّوتية المنطوقة، ومن هنا نظر إليها الخليل بنظرة علميّة دقيقة، فحدد بأنّ الصّوت أوضح في التّميز الدّلالة على مخرج الحرف من الكتابة. (في رجب، 2001).

استغلّ الخليل هذه المواصفات العلميّة الدّقيقة وشكل معجمه تشكيلاً صوتيًا؛ أي اعتمد على مخارج الحروف في ترتيب مواد معجمه،فقال :”فاقصى الحروف كلّها العين ثم الحاء ولولا بحة في الحاء لأشبهت العين لقرب مخرجها من العين ثم الهاء ،وقال مرة (ههة)لأشبهت الحاء لقرب مخرج الهاء من الحاء.فهذه ثلاثة أحرف من حيز واحد بعضها أرفع من بعض ،ثم الفاء والغين في حيز واحد كلّهن حلقية ،ثم القاف والكاف لهويتان ،والكاف أرفع ،ثم الجيم والشين والضاد في حيز واحد،ثم الصاد والسين والزاء في حيز واحد ،ثم الطاء والدال والتاء في حيز واحد ،ثم الظاء والذال والثاء في حيز واحد،ثم الراء واللام والنون في حيز واحد ،ثم الفاء والباء والميم في حيز واحد،ثم ألف والواووالياءفي حيز واحد،والهمزة في الهواء لم يكن لهاحيزتنسب إليه.”(الخليل،2003،ص.3).

وعليه ورد ترتيبه للحروف في شكل مجموعات صوتية كما يلي: ع، ح، ه، خ، غ- ق، ك- ج، ش، ض- ص، س، ز- ط، د، ت- ظ، ذ، ث- ر، ل، ن- ف، ب، م- و، اي – الهمزة.  (الخليل، 2003، ص. 34).ساعد الخليل على ابتكار هذا الترتيب الصوتي علمه الواسع بالموسيقى ؛فنظر إلى والأصوات اللغوية على أنّهاأوتار موسيقية ،فوضع سلما لحروفه مبتدئا بأقصى الحلق متدرجا في الصعودحتى يصل إلى الشفة.(في رجب 2001،ص.163).

وأثبت الخليل هذا التّرتيب الصّوتي للاعتبارات الصّوتية الآتية:

  • إنّ حروف العربية تسعة وعشرون حرفًامنها خمسة وعشرون حرفا صحاحا لها أحياز ومدارج،وأربعة أحرف جوف وهي :الواو والياء والألف اللينة والهمزةوسمّيتجوفالأنّها تخرج من الجوف فلا تقع في مدرجة من مدارج اللسان ولامن مدارج الحلق،ولا من مدرج اللهاة ،إنّما هي هاوية في الهواء. (الخليل، 2003، ص. 41).
  • إنّ حروف العربيّة تتميّز بخصائص صوتيّة دقيقة، ومنه قوله: “إنّ الهمزة أعمق الحروف مخرجًا، ولكنّه وجد تغيرها سببا في عدها ضمن حروف العلة، وأن الهاء تليها، ولكن الهاء ما هي إلا إرسال الهواء خارج الحلق، ولذا وجد العين أصلح حروف الحلق للبدء بها ( … ) وقد كانت الحاء تشارك العين في نفس المخرج ولكن العين أنصع، وهو أنّ العين مجهورة، والحاء ومهموسة”. (الخليل، 2003، ص .30).

وعلى الرغم من هذا كلّه، ذكر الخليل في مقدمة معجم العين مجموعة من القواعد الصوتيّة، التي من خلالها يمكنّنا معرفة وحصر الكلمات العربيّة فقط، ومن هذه القواعد:

  • إنّ اتّحاد المخارج أو تقاربها، قد تكون سببا في أن تكون المادة مهملة،وبناء عليه فبعض الألفاظ التي تخالف المبدأ إنّما هي دخلية على العربية وقد سماها بالمولد أو المحدث.فذكرأنّ العين والحاء لا يجتمعان في كلمة واحدة إلاّ في حالة النحت ،والقاف والكاف لا يجتمعان –أيضا-في كلمة واحدة. (الخليل، 2003، ص. 26).
  • وأن القاف والكاف لايجتمعان في كلمة واحدة أيضا إلاّ أنّ تكون الكلمة معرّبة من كلام العجم ،وكذلك الجيم مع القاف لايأتلف إلاّ بفصل لازم.(الخليل،2003 ،ص.43).
  • إنّ الرّباعي والخماسي من الكلمات العربيّة لابد أن يشتمل بين حروفه على أحد أحرف الذّلاقة أو الشفوية. (الخليل، 2003، ص .37).

وهناك دراسة حديثة تثبت تردد أصوات الذلاقة في الأصول الثلاثية والرباعية والخماسية في المواقع الثلاثة؛في البداية والحشو والنهاية ،حيث قام على حلمى موسى بإحصائها في معاجم :الصحاح ،واللسان ،والتاج.فتوصل إلى النتائج الآتية :

الأصل الثلاثي :

ر :1205مرة.

ن :1135مرة.

م :128مرة.

الأصل الرباعي :

ر :1205مرة.

ل : 73مرة.

ن :754مرة.

الأصل الخماسي :

ن :103مرة.

ر :11.

ل :83.(حلمى،1973،ص.84).

ونلاحظ من بداية المبحث تجليات التفكير الصّوتي لدى الخليل،” فاللّغة بالنسبة له أصوات منها مالها احياز ومخارج، ثم ترتيب الأصوات حسب مخارجها، ثم تسمية المعجم وابتداؤه بصوت العين، دون سواه من المجموعة الأولى في ترتيبه المخرجي على الرغم من أنّه ليس الأول فيها”. (مصطفاي، 2013، ص. 44).

وبحث أيضا فيما يأتلف من الأصوات ومالايأتلف ،واستدلال بذلك على اللفظ العربي الأصيل ،وفرق بينه وبين اللفظ الدخيل.

فقال في هذاموضع :”كل صاد قبل القاف إنّ شئت جعلتها سينا لا تبالى متصلة كانت بالقاف أو منفصلة ،بعد أنّ تكونا في كلمة واحدة ،إلاّ أنّ الصاد في بعضالأحيانأحسن ،والسّين في مواطن اخرى أجود”.(الخليل،2003،ص.6).

وجاء في تقديم معجم العين الجزء الأول أن ابن سيدة أورد كلاما للخليل فيما يخص مادة “صقع” ؛حيث يبين فيه “أن كل صاد وسين تجئ قبل القاف ،فللعرب فيها لغتان منهم من يجعله سينا ،ومنهم من يجعله صادا ،ولا يبالون،متصلة كانت بالقاف أو منفصلة بعد أن تكونا في كلمة واحدة ،إلاأن الصاد في بعض أحسن ،والسين في بعض أحسن”(الخليل ،2003،ص.6).

وهنا الخليل يلفت النظر إلى ظاهرة لغوية مهمة ،وهي ظاهرة الإبدال في الأصوات ،والتّي تؤدى دورا في التّشكيل الفنولوجي للمفردات.

ب-الأساس الصّرفي:

قسم الخليل بن أحمد معجمه إلى ستة وعشرين كتابا، وكلّ كتاب قسمه إلى ستة أبواب، فالأبواب السّتة هي الأساس الصّرفي الذّي اعتمده في بناء معجم العين وهذه الابواب السّتة هي:

  • باب الثنائي المضاعف نحو قدّ ،شدّ،ويقول : “بدأناالأبنية بالمضاعف لأنه أخف على اللسان ,أقرب مأخذا للمتفهم”.(الخليل،2003،ص.42-43).
  • باب الثلاثي الصحيح”فثلاثي الصحيح أن يكون ثلاثة أحرف ولايكون فيها واو ولاياءولاالف(لينة ولاهمزة)في أصل البناء لأنّ هذه الحروف يقال لها حروف العلل”(الخليل،2003،ص.42).
  • باب الثلاثي المعتل.
  • باب اللفيف.
  • باب الرباعي.
  • باب الخماسي.

يقول الخليل: “كلام العرب مبنى على أربعة أصناف على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي ،فالثنائي على حوفين نحو :قد ،لم ،هل ،لو ،بل .ونحو من الأدوات الزّجر.والثلاثي من الأفعال نحو قولك :ضرب ،خرج ،دخل ،مبنيّ على ثلاثة أحرف،ومن الأسماء نحو :عمر وجمل وشجر مبنيّ على ثلاثة أحرف .والرباعي من الأفعال نحو :دحرج ،هملج ،قرطس ،مبنيّ على أربعة أحرف .ومن الأسماء نحو :عبقر ،وعقرب ،وجندب ،وشبهه .والخماسي من الأفعال نحو :اقشعرواسبكرّمبنيّعلى خمسة أحرف ،ومن الأسماء نحو :سفرجل ووهمرجل ،وشمردل ،وفرعبل ،وعقنقل. وليس للعرب بناء في الأسماء وفي الأفعال اكثر من خمسة أحرف فمهما وجدت زيادة على خمسة احرف في فعل أو اسم، فاعلم أنّها زائدة على البناء، وليست من أصل الكلمة”. (الخليل، 2003، ص. 35).

ونظم الخليل مفردات معجمه تبعًا لأصولها فقط؛أي تجريد المفردة من الزوائد.

ومن هنا نهض بفكرة أن ما من كلمة في العربيّة إلاّ ولها جذر (Racine)، وبالاشتقاق يتم توليد الكلمات من الجذور. (الخليل، 2003).

فالجذر جزء من أجزاء السّجل، الذّي يعمل على تنظيم قاعدة البيّانات المعجميّة في إطار ما يعرف بالآليات الحوسبية. (منتصر، حافظ، 2014، ص. 187).

جـ- الأساس الرياضي:

أدرك الخليل أهمية الرياضيات وأتقن استغلالها في تأليف معجمه الذّي يسعى من خلاله إلى جمع وحصر كل ألفاظ اللغة العربية، ومنه قوله: “أعلم أنّ الكلمة الثنائية تتصرف على وجهين نحو :قد،شد،دش، والكلمة الثلاثية تتصرف على ستة أوجه تسمى مسدوسةوهي نحو :ضرب،ضبر،برض ،بضر ،رضب ربض  والكلمة الرباعية تتصرف على أربعة وعشرين وجهًا، وذلك أن حروفها، وهي أربعة أحرف تضرب في وجوه الثلاثي الصحيح وهي ستة أوجه فتصير أربعة وعشرين وجهًا، يكتب مستعملها ويلغى مهملها ،وذلك نحو عبقر تقول منه :عقرب عبرق عبقر عرقب عربققعربقبعرقبرعقرعبقربعوعقبرعبقرقعبرقبعربقعر بعقر بعرق بقعر بقرع برعق  برقع، والكلمة الخماسية تتصرف على مئة وعشرين وجهًا وذلك أن أحرف تضرب في وجوه الرباعي ،وهي أربعة وعشرين حرفا فتصير مئة وعشرين وجها  يستعمل أقلّه ويلغى أكثره”. (الخليل، 2003، ص. 42).

من قول الخليل نستنتج ما يلي:

  • استخدم الخليل نظرية العاملي (!) (Factorielle)؛ وهي نظرية تستعمل في مجال الرياضيات، ووظفها الخليل من اجل إحصاء الحالات الممكنة أثناء التقليب بين مراتب حروف الكلمة الأصلية فتحصل على ما يلي:
  • الكلمة الثنائية 2 ! 1 × 2 (وجهان).
  • والكلمة الثلاثية 3 ! 1 × 2 × 3 (ستة أوجه).
  • والكلمة الرباعية 4 ! 1 × 2 × 3 × 4 (أربعة وعشر ون وجهًا).
  • والكلمة الخماسية 5 ! 1 × 2 × 3 × 4 × 5 (مئة وعشرون وجهًا).
  • ثم أحصى الخليل مفردات اللغة العربيّة، فمنها المستعمل والمهمل.

انطلق الخليل من القاعدة أن عدد حروف اللغة العربيّة 29 حرفًا، ثم طبقها على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي منها، فتوصل إلى حصر ألفاظها تقريبًا في اثنى عشر مليونًا، وهذا ما بينّه رجب في دراسته، حيث أورد هاته العمليات الحسابية على النحو الآتيّ:

  • الكلمات الثنائية في اللغة العربية تنتج من ضرب 29 × 28 لأن كل حرف لا يأتي مع نفسه في الكلمة الثنائية.
  • والكلمات الرباعية في اللغة العربية عند الخليل تنتج من ضرب 29 × 29 × 28.
  • والكلمات الرباعيّة في اللغة العربيّة تنتج من ضرب 29 × 29 × 29 × 28.
  • والكلمات الخماسيّة في اللغة العربيّة تنتج من ضرب 29 × 29 × 29 × 29 × 28 (رجب، 2001، ص. 167 – 168).

وعليه عمل الخليل على حصرألفاظ اللغة العربية بطريقة علمية ‘فستخدم نظام حسابي دقيق ،حيث تعامل مع أصولها محصورة في أبنية أربعة ،وكل بناء من هذه الأبنية الأربعة حصر ألفاظه بتقليب البناء على كل الأوجه الممكنة.

الخاتمة:

استطاع الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 175ه) ان يبني معجمه (العين) وفق أسس علميّة دقيقة، وهي:

  • رتبّ مادة معجمه على مخارج الحروف بطريقة صوتية دقيقة.
  • ابتدع فكرة “الجذر” وبه يتم الاشتقاق والتّوليد.
  • اعتمد منهجًا رياضيًا احصائيًا في حصر كلّ مفردات لغة العرب المستعمل منهما والمهمل.
  • استخدم الخليل بن أحمد في معجم العين مصطلحات صوتية؛هي:المخرج والمدرج،والحيز،والصحاح،والعلل،والمبدأ.

قائمة المصادر والمراجع:

حلمىموسى،على(1973).دراسةإحصائيةلجذوراللسان.دط.الكويت:مطبوعات جامعية الكويت.

  • الخليل، بن أحمد الفراهيدي (2003). معجم العين. تح. عبد الحميد هنداوي.(ج1). بيروت: دار الكتب العلميّة.
  • رجب، عبد الجواد إبراهيم (2001). دراسات في الدلالة والمعجم. دط. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر والتّوزيع.
  • السيوطي،جلال الدين عبدالرحمن(دت).المزهرفيعلوم اللغة وأنواعها.تح.محمدأحمدجادالمولى بك وآخرون.دط.(ج1).بيروت:منشورات المكتبة العصرية.
  • محمد عبد العزيز، عبد الدّايم (2006). النظرية اللّغوية في التّراث العربيّ. ط1. القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتّوزيع والتّرجمة.
  • مصطفاي، يمينة (2013). تشكيل بناء المعجم العربيّ دراسة وصفيّة تحليليّة أنموذج الصّوتيات الوظيفيّة. [أطروحة دكتوراه غير منشورة]. البليدة 2: جامعة سعيد دحلب.
  • منتصر، حافظ، أمين وعبد الرحيم، إسماعيل وعلوي (2014). المعجميّة العربيّة قضاياوآفاق. (ج2). ط1. عمان: دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع.

ابن منظور، جمال الدّين (دت). لسان العرب. (مج5). دط. بيروت: دار صادر.

*جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف الجزائر.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of