+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

دراسة في كتاب “أبجد العلوم” لصديق حسن خان القنوجي
رخسار أحمد

ملخّص البحث:

يقوم البحث بعرض تعريف العلامة صديق حسن خان القنوجي، ودراسة كتابه “أبجد العلوم”، وسماته البارزة، وأسس تصميمه، وبيان أقسامه، ومناهجه، وموضوعه، ومراحل استخدامه، ودوره  في رفع معلومات القاريء. ويتوقّع من هذا البحث أن يبيّن أهمّيّة هذا الكتاب في معرفة  أحوال العلوم والفنون على أرض الهند.

الكلمات المفتاحية: موضوع الكتاب، منهج الكتاب، محتويات الكتاب، ميزات هذا الكتاب، مكانة الكتاب، أسلوب القنوجي، نهاية المطاف.

عن مصنف الكتاب: 

       ﻫﻮ أبو الطيب ﺻﺪﻳﻖ حسن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ الحسيني اﻟﺒﺨﺎري القنوجي، ولد التاسع عشر من شهر جمادي الأولى عام 1248ه‍ الموافق14/10/1832م بريلي. وكان والده الكريم عالما كـبيرا، شهيرا بالورع والتقوى، وﻛﺎن ﻣﻦ تلاﻣﺬة اﻟﺸﻴﺦ محمد ﻧﻮر واﻟﺸﻴﺦ ﻣﺮزا حسن ﻋﻠﻲ،  وﻛﺎن يؤلف الكتب حيث كتب أربعة ﻋﺸﺮ كتابا في مجال اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ، فورث من أبيه مكتبة حافلة بالكتب وأكب عليها.

 كان السيد صديق حسن خان محبا للعلم. فمنذ نعومة اظفاره وقعت أنظاره على كتب والده، فكان كلما وجد مالا، ونال منصبا وصيتا وأدرك فرصة؛ اشترى الكتب ونقلها وأنفق أمواله الطائلة في طبعها ونشرها، وعكف على تأليف كتب جديدة،لاتزال تعتز بها المكتبات الإسلامية وهى غنية بها، وكتب أكثر من 200 كتاب. كان شغوفا بالعلم حيث قال في إحدى وصاياه لأولاده:

     إنني قرأت كل ما وجدته، ولم أتركه حتى أنهيته، وبذلك تجمّعَتْ في ذهني، وذاكرتي معلومات كثيرة وعلوم متنوعة.[1]

     فألف في علوم القرآن، والحديث، والتفسير، والفقه، وأصول اللغة، والنحو، والصرف، والبلاغة، والعروض وغيرها، وترجم إلى اللغتين الفارسية والأردية.

     لاأستطيع أن أتحدث في هذا البحث الموجز عن سائر مصنفاته، لكنني أحاول أن أحلل كتابه “أبجد العلوم” تحليلا، وأبين أسلوبه، ومنهجه، وقيمته بين كتبه الأخرى.

كتاب “أبجد العلوم”:

         كتاب “أبجد العلوم” موسوعة كبرى، وكتاب عظيمٌ ضخمٌ يحتوي على 1339 صفحة، ومن أحسن مؤلفات الأمير صديق حسن خان وأشهرها، ويقوم ببيان أحوال العلوم، والمصنفات في وتراجم أئمة العلماء في الفنون المختلفة.

        وقد جعله المؤلف في ثلاثة أجزاء، أطلق على كل منهاعنواناً مستقلاً.

        فسمى الجزء الأول: الوشى المرقوم في بيان أحوال العلوم المنثور منها والمنظوم.

        وسمى الجزء الثاني: السحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم.

        وسمي الجزء الثالث: الرحيق المختوم من تراجم أئمة العلوم ويقول الأمير صديق حسن خان: “وكنا قد قسمناه على قسمين من قبل، ولكن لما انتهي بنا الكلام إلى آخر القسم الآخر عَنَّ لنا أن نجعل له قسماً ثالثا في تراجم أكابر أئمة العلوم المتداولة ليكون له كالمسك على الختام، ويبلغ به الناظر فيه إلى غاية المرام وسمينا هذا الثالث من الأقسام الرحيق المختوم من تراجم أئمة العلوم”[2]

        سمي كتابه “بأبجد العلوم” ولم يذكر سبب تسمية الكتاب في مقدمته، ولا في أجزائه الثلاثة، إلا أنه ذكر كل أنواع العلوم التي توجد في زمنه في الجزء الثاني من كتابه على ترتيب حروف الأبجد، ولعل هذا هو السبب في تسميته كتابه بـ “أبجد العلوم” وكان وضعه وجمعه في بلدة بهوبال المحمية في سنة تسعين ومائتين وألف الهجرية، وطبعه وينعه في سنة خمس وتسعين ومائتين وألف القدسية.[3]

        وقد جمع المؤلف أشتاتا من العلوم والمعلومات القيمة، وأقدم فيما يلى ما كتبه الأمير بنفسه عن هذا الكتاب القيم:

        “وبعد: فهذا بث لما وقر في صدري من أحوال العلوم العالية، وتراجم الفنون الفاخرة…. لما وقفت على كتاب عنوان (العبر وديوان المبتدأ والخبر) لقاضي القضاة مؤيد الدين أبي زيد عبد الرحمان بن خلدون الأندلسي، وجدت مؤلفه -رحمه الله تعالى- قد عقد في الكتاب الأول[4] منه فصلا سادسا في العلوم وأنواعها وسائر طرقها وأنحائها، وما يعرض في ذلك كله من الأحوال. ثم رأيت خواجه خليفة زاده ملا كاتب الجلبي لخص منه تلك العلوم وأحوالها في مقدمة كتابه “كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون” وأضاف إليه أشياء من (“مفتاح السعادة لأبي الخير”)، ثم اطلعت على كتاب (مدينة العلوم) للأزنيقي تلميذ قاضي زاده موسى بن محمود الرومي، وفيه بيان أنواع العلوم وتراجم بعض علماء الفنون. ثم عثرت على كتاب (كشاف اصطلاحات الفنون) للشيخ الفاضل محمد علي بن التهانوي الهندي، وقد ذكر فيه أنواعا من العلوم المتداولة، وطرقاً من الفنون المتناولة.”[5]

        ثم يعبّر عن رأيه عن الكتب المذكورة أعلاه ويقول:

        موضوع الكتاب الأول (أي العبر لابن خلدون) تاريخ أحوال العالم . وموضوع الكتاب الثاني (أي كشف الظنون لحاجي خليفة): جمع أسامي الكتب التي صنفها بنو آدم، فالأول ليس فيه ما خلا ذكر تلك العلوم في فصول خاصة إلا أحوال العمران وأمم الإنسان ووقائع الدهور والأزمان، والثاني ليس فيه ما عدا تراجم تلك العلوم والخطب إلا الكشف عن أسامي الكتب، والثالث (أي مدينة العلوم للأزنيقي) مقتصر على ذكر أنواع العلوم وتراجم المصنفين فيها . والرابع (أي كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي) مختص بذكر اصطلاحاتها المتداولة في كتب الفنون.

        فأردتُ أن أُفرد منها أحوال العلوم وتراجم الفنون في تأليف مختصرٍ تقريباً للبعيد، وتحصيلا للتجريد، مضيفاً إليه ما حصل الوقوف عليه في أثناء ملاحظة الكتب الشاذة وعطفها، واجتناء ثمار الفوائد من الصحف الفذة وقطفها، ليكون هذا السفر التام المقصود، وكوكب المراد الطالع من أفق السعود، سهل الحصول لمن رام الوصول إليه، ويسير النتاج لمن أراد الحصول منه والتعويل عليه؛ لأنه دراسات عديدة في كراريس محدودة، وفراسات سديدة في قراطيس مشهودة تحلَّت بعون الله وحسن توفيقه.[6]

        يبدوا من هذه الاقتباسات بأن الكتاب علمي، ودراساته دراسات نقدية شاملة تغني القاري عن كثير من المراجع والكتب.

أجزاء الكتاب:

هذا الكتاب يتناول أحوال العلوم والفنون وتراجم أصحابها وينقسم إلى ثلاثة أجزاء:

الجزء الأول المسمى بالوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، وفي هذا الجزء فهرس شامل، وفيه تقديم، وترجمه المؤلف، وديباجة الكتاب، والمقدمة في بيان ما يطلق عليه اسم العلم، ونسبته ومحله، وبقائه وعلم االله تعالى. وفيه ستة أبواب.

الباب الأول: في تعريف العلم وتقسيمه وتعليمه، وفيه تسعة فصول، وثمانية إعلام.

والباب الثاني: في منشأ العلوم والكتب وفيه أربعة فصول وأربعة إفهامات.

الباب الثالث: في المؤلفين والمؤلفات والتحصيل، وفيه خمسة ترشيحات، ثم التلمذ والتصنيف.

الباب الرابع: في فوائد منثورة من أبواب العلم وفيه إحدى عشر مناظر، ومناظرة أهل الطريقين، والمحاكمة بين الفريقين.

الباب الخامس: في لواحق الفوائد، وفيه تسعة مطالب.

الباب السادس: في انقسام الكلام إلى فني النظم والنثر وفيه أربعة عشر مطلبا.

خاتمة الجزء الأول في بيان تطبيق الآراء، وفيه ستة فصول.

        أما الجزء الثاني: السّحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأضاف العلوم. هذا هو القسم الآخر من كتاب أبجد العلوم، وضمنه مقدمة وأبواباً، والمقدمة في بيان أسماء العلوم وموضوعاتها، وعدم تعين الموضوع في بعضها.

وبدأ هذا الكتاب من حرف الألف، وأنهاه على الحرف الياء.

أما الجزء الثالث: هذا هو القسم الثالث من كتاب “أبجد العلوم”.

محتويات الكتاب (أبجد العلوم)

يعتبر هذا الكتاب “أبجد العلوم” موسوعة في العلوم، وموسوعة في اللغة والأدب، وموسوعة في التراجم.

        فيبحث فيه القنوجي في العلم ونسبته، ومحله، وبقائه وعلم الله تعالى وتعريف العلم وتقسيمه وتعليمه، وفي العلم المدون، وموضوعه، ومبادئه، ومسائله، وغايته، وأجزاء العلوم، كما يتحدث فيه عن مراتب العلم وشرفه، وتعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه، ووجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادتها وآداب المتعلم والمعلّم، ووضّح أن الشدة على المتعلمين مضرة بالمتعلمين.

        ويتحدث فيه عن أوائل ما ظهر من العلم والكتاب وأهل الإسلام، وعلومهم، والعلوم في صدر الإسلام والحاجة إلى التدوين، وأول من صنَّف في الإسلام، واختلاط علوم الأوائل والإسلام.

        ويذكر فيه أقسام التدوين وأقسام المدوّنات، وأقسام المصنفين وأحوالهم، ومقدمة العلم، ومقدمة الكتاب وآداب البحث والمطالعة، ويبحث عن الشرح والحاجة إليه والآداب فيه وعن تحصيل العلم والدراسة والتلمذة، والتصنيف، وموانع العلوم وعوائقها وعلوم اللسان العربي وشرائط تحصيل العلم وأسبابه وشروط الإفادة ونشر العلم وفروع علم العربية والعلوم العقلية وأضافها.

        وقد استقصى فيه ما ألف بالعربيّة من العلوم منذ بداية التدوين إلى عصره في شتى ميادين المعرفة من فنون علوم القرآن والحديث، واللغة والنحو، والأدب، والفلسفة والعقائد، والتاريخ، والسياسة، والفلك، والجغرافية، والبلدان، والطب، والصيدلة، والرياضيات، والموسيقي وما يتفرع عن ذلك.

        حيث إنه يشتمل معظم علوم اللغة والأدب، وما ألف فيها وصنّف من المؤلفات والمصنّفات من علوم الإعراب، وإعراب القرآن وأمثال، وأيّام العرب، والإيجاز والإطناب، وبدائع القرآن، والبديع، والبلاغة، والبيان، والتصريف، والجناس، والخط، والدواوين، والشعر، والصرف، والعروض، وغرائب لغات الحديث، والقافية وقرض الشعر، وقوانين الكتابة واللغة، ومبادئ الإنشاء وأدواته، ومبادئ الشعر والمعاني، ومعرفة إعجاز القرآن، ومعرفة بدائع القرآن، ومعرفة غرائب القرآن.

        كتب في القسم الثالث من كتابه (الذي سماه بـ “الرحيق المختوم” من تراجم أئمة العلوم) عن رجال ألفوا في العلوم والفنون التي عرف بها في الجزء الثاني من كتابه، وقد رأى في تراجم لهؤلاء أن يقسم زمرا. كل زمرة تضم أعلاماً في التأليف بعلم من الأعلام، فجعلهم عشرين زمرة غلب عليهم الاختصاص، فكانوا علماء اللغة. وعلماء التصريف، وعلماء النحو، وعلماء العروض والقوافي، وعلماء الإنشاء والأدب، وعلماء المعاني والبيان، وعلماء المحاضرة وعلماء الشعر، وعلماء التاريخ، وعلماء المنطق، وعلماء الجدل، وعلماء الخلاف، وعلماء الحكمة، وعلماء الطب وغيرهم.

        وذكر فيه علماء عشرين علماً، ثم ألقى الضوء على أحوال ما عرف من علماء الحرمين الشريفين، وعلماء اليمن، وعلماء الهند، وعلماء مسقط رأسه “قنوج” خاصةً.

        وذكر نبذةً من حياة زوجه الأميرة شاه جهان بيكم، وابنيه السيد نور الحسن الطيب، والسيد علي حسن الطاهر.

        فيحق أن يوصف كتاب القنوجي (أبجد العلوم) بموسوعة في العلوم؛ لاحتوائه على معظم العلوم والفنون السائدة في زمنه، واشتماله على التعريف بها، وبموسوعة في اللغة والأدب، لأنه يشمل معظم علوم اللغة والأدب وما ألف فيها، وبموسوعة في التراجم؛ لأنه خصص قسما ثالثا من كتابه لتراجم أئمة العلوم والفنون.

ميزات هذا الكتاب

        قد تميز هذا الكتاب عن الكتب الكثيرة التي كتبت في هذا الموضوع. انتهج القنوجي في تأليفه نهجا فريداً. وجمع فيه بين أسلوب القدامى والمحدثين، وذكر كل العلوم والفنون المتواجدة في عصره.

مكانة الكتاب:

يحتل مكانا مرموقا كتابه ( أبجد العلوم ) بين كتبه، يعد موسوعة في العلوم والفنون؛ لاحتوائه علي معظم العلوم والفنون السائدة في المجتع الإسلامي في زمنه، وموسوعة في اللغة والأدب؛لاحتوائه علي علوم اللغة والادب وما ألف فيها، وموسوعة في التراجم لاشتماله علي تراجم العلماء والفنانين.

ونظرا إلي علو مكانة كاتبه قد نال قبولا حسنا في الأوساط العلمية والأدبية، وصار في متناول أيدي الباحثين والدارسين من العلماء والأدباء والشعراء والنبغاء لا من العجم فقط، بل من العرب أيضا، وطبع مرارا في الهند وفي البلدان العربية، وهذا يدل علي شهرة كاتبه.

يقول عبد الجبار زكار أحد من أعد الكتاب للطبع ووضع فهارسه:يأتي القنوجي متأخرا عن هؤلاء….فيدلي بدلوه في هذا الميدان، ويؤلف كتابه “أبجد العلوم” في أدق ترتيب وأحسن نظام.

أسلوب القنوجي:

إن أسلوب القنوجي في هذا الكتاب الذي نحن بصدده، وفي الكتب الأخرى أسلوب وسطي معتدل بين التقليد والتجديد فكثير ما نجده يقلد العصر التقليدي، ويأتي بعبارات متحلية بالقوافي والسجع والمحسنات البديعية من الجناس والطباق والكلمات المترادفات ولكن لا إلي حد تغلب الكلمات على المعني، بل يهدف وراء ذلك إلي جمال العبارة وإيجاد نغمة وموسيقي فيها حتي تميل إليها القلوب وتتلذذ بها النفوس،هذا من جانب، ومن جانب آخر إنه يتمتع بالكتابة في لغة سهلة سلسلة عذبة خالية من كل من التقليد والتبعية والتعقيد والغموض والسجع والصنعة.

نهاية المطاف:

أدي بنا المطاف إلى نهاية البحث على أنه كان عالما موسوعيا، قام بإحياء التراث الإسلامي والأدبي التليد، وأضاف إليه الطريد، فأكب على نشر كتب التفسير والحديث والفقه واللغة والعلوم الأخرى، وتوزيعها من أقصى الهند إلى أقصاها، وإعداد مؤلفات في هذه المواضيع، حتى بلغ العدد إلى المئات، ولا يشك أحد في أن الأمير صديق حسن خان من أعظم العلماء الباحثين والمحققين وأشهرهم.

الهوامش:

[1] . الوصايا.  ص 15

[2] خان، صديق حسن، أبجد العلوم، المجلد الثالث، ط 1، ص 3، دار الكتب العلمية 1999

[3] المصدر نفسه المجلد الأول، ص 16

[4] وهذا الكتاب الأول من “العبر” هو الذي اشتهر باسم “المقدمة”.

[5] المصدر نفسه المجلد الأول ص 14.

[6] المصدر نفسه ص 15

* رخسار أحمد، الباحث في الدكتوراه، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة عليجراه الإسلامية، الهند

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of