+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

اللغة المتخصصة والمصطلح
حورية جغبوب

   ملخص البحث:

  اللغة هي نظام من الأدلة المنطوقة والمكتوبة وهذا النظام مرتبط بتاريخ ما وبثقافة معينة، كذلك أيّة لهجة هي في ذات الأوان جملة من اطرادات شكلية: فعدد المتحدثين ليس بالأمر عديم الأهمية، لكن الخاصية اللغوية البحتة والخصوصية الثقافية هي معايير التعرّف التي أُخذت معا بعين الاعتبار من قبل المختصين.

تعتبر لغة الاختصاص(أو اللغة المتخصصة) معرفة متخصصة في حقل من حقول المعرفة العلمية مثل الكيمياء أو الفيزياء أو حتى القانون، إذ تستعمل الكيمياء لغة متخصصة فهي تنهل من اللغة العامة لتكون وسيلة للتعبير عن معارفها ومهاراتها. وعلى هذا النحو جاء تعريف بيار لورا pierre lerat لمفهوم لغة الاختصاص: هي لغة طبيعية كما تعد وسيلة للتعبير عن معارف متخصصة، ويضيف قائلا أنها: استعمال لغة طبيعية للتعبير تقنيا عن معارف متخصصة. وبالتالي فهي لغة علمية خاصة بمجال أو ميدان معين.

فلغة الاختصاص هي اللغة التي تدل على مفهوم دقيق وواضح يرتبط بالمجال أو التخصص، فهي لا تختلف عن اللغة العامة إلا في كونها تخدم وظيفة رئيسية ألا وهي تبليغ المعارف المتخصصة. تتميز لغة الاختصاص بالكم المصطلحاتي الذي تحتويه، والمصطلحات هي مفردات أو مجموعة مفردات تخرج عن إطار اللغة العامة بمجرد دخولها إلى مجال التخصص. لكن بالمقابل يوجد داخل لغة الاختصاص مصطلحات من اللغة العامة أو مقترضة عن لغات أخرى ويمكن أن تكون مرمزة مثل مصطلح “الماء” الذي يكتب رمزا “H2O” ونعبر عنه بلفظة “ماء”.

  والمصطلح هو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقله عن موضعه الأول، وإخراج اللفظ منه وقيل الاصطلاح اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى . المصطلح هو لفظ يكتسب نوعا من الخصوصية بانتمائه إلى ميدان معين. وتعتبر المصطلحات جزء من لغات التخصص.

الكلمات المفتاحية: اللغة المتخصصة، التخصص، المصطلح.

المقدمة:

إن اللغة هي الأداة الأساسية التي يعبر بها العلم عن المصطلحات والمفاهيم سواء بإطلاق تسميات لغوية تميزها عن بعضها البعض، أو أن تكون قناة لنقلها من خلال التواصل العلمي.

  اللغة هي نظام من الأدلة المنطوقة والمكتوبة وهذا النظام مرتبط بتاريخ ما وبثقافة معينة، كذلك أيّة لهجة هي في ذات الأوان جملة من اطرادات شكلية: فعدد المتحدثين ليس بالأمر عديم الأهمية، لكن الخاصية اللغوية البحتة والخصوصية الثقافية هي معايير التعرّف التي أُخذت معا بعين الاعتبار من قبل المختصين.

ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة ما يعرف بلغة الاختصاص أو اللغة المتخصصة، فهي حقل من حقول المعرفة العلمية مثل الكيمياء أو الفيزياء أو حتى القانون..أو أي مجال آخر متخصص في علم من العلوم المختلفة. ولكل علم مصطلحات خاصة به تميزه عن غيره من العلوم.

 فالمصطلح هو روح النص العلمي ولا يتأتّى التفاهم والتطوير إلا بتحديد مفهومه ودلالته عن طريق التخطيط له وتنسيق نشاطه وتعريفه.

  و إذا ما اعتبرت المصطلحية (أو المصطلح) من الزاوية اللسانية فلا تتراءى في المقدمة على أنها مجموعة من المفاهيم، بل بوصفها مجموعة من التعابير التي تسمى في لغة طبيعية معينة مفاهيم تخص ميدان معارف ما ينزل في خانته موضوع متماسك الأجزاء.

 فهذه التعابير هي لغوية خالصة ( سواء أكانت كلمات أم زمر من كلمات) وهذا الطابع الاصطلاحي في منتهى الأهمية: المصطلح هو رمز، ورمز فيزيائي يمثل بالاصطلاح مفهوما ما أو شيئا فرديا. يمكن للاصطلاح أن يصدر عن أصول شتى: هو ضمني في غالب الأحيان (المؤول يقر هنا باعتباطية الدليل إقراره به على مستوى اللغة عموما).

فما مفهوم اللغة المتخصصة؟ وما علاقتها بالمصطلح؟ وما المقصود باللغة العامة واللغة المتخصصة؟ وما هي أساليب ومبادىء وضع مصطلح علمي؟.

  مفهوم اللغة المتخصصة(لغة التخصص):

تعددت التيارات التي عرّفت لغة التخصص وتباينت وأبرز هذه التيارات هي التي تعتبر لغة التخصص جزء من اللغة العامة، ومن بين هؤلاء كوكوريك kokourek حيث يقول: “يمكن اعتبار أن اللغة العامة مكوّنة من مجموعات، الرابط الذي يجمع كل هذه المجموعات هو اللغة المشتركة وقد تكون إحدى هذه المجموعات لغة تخصص”1.                                        ويتفق معه روندو Rondeau  حيث يقول:” يجب الإشارة إلى أن كلاًّ من اللغتين المتخصصة والمشتركة لا تشكلان إلا مجموعة جزئية من اللغة العامة.                                                             ويسير على خطاهما علماء اللسانيات أمثال ج مونان Mounin القائل: لا توجد بالمعنى الحقيقي لغة قانون بحد ذاتها، ولكن في داخل اللغة الفرنسية توجد مفردات خاصة بالقانون مع بعض التركيبة الخاصة”2.  فمثلا نقول أن اللغة العربية هي لغة عامة تستخدمها مختلف العلوم الأخرى في التعبير عن معارفها، لتأتي بعدها اللغة المشتركة فمثلا نجد علم الرياضيات وعلم الفيزياء يشتركان في عدة مفاهيم خاصة بهما( العمليات الحسابية، الجذر، المعادلات، المنحنى البياني…إلخ) فكلاهما من العلوم الدقيقة ليختص بعدها كل علم بمعارفه وميزاته الخاصة به، لنطلق بعدها اسم لغة خاصة أو متخصصة بعلم الرياضيات أو بعلم الفيزياء أو بالعلوم الطبيعية …إلى غير ذلك.                                                                                غير أن هناك تيارا معاكسا يقول باختلاف اللغة المتخصصة عن العامة تماما، باعتبارها سننا ذات صنف لساني تختلف عن اللغة العامة، وتتكون من قواعد ووحدات معينة، وعزز هذا الموقف هوفمانHoffmann بكلامه:                                                 By LSP we understand a complete set of linguistic phenomena occuring within a definite sphere of communication and limited by specific subjects, intention and conditions.

 نفهم من لغة التخصص مجموعة كاملة من الظواهر اللسانية التي تحدث ضمن وسط تواصلي ومحدد بمواضيع ومقاصد وشروط” 3.

تعتبر لغة الاختصاص(أو اللغة المتخصصة) معرفة متخصصة في حقل من حقول المعرفة العلمية مثل الكيمياء أو الفيزياء أو حتى القانون، إذ تستعمل الكيمياء لغة متخصصة فهي تنهل من اللغة العامة لتكون وسيلة للتعبير عن معارفها ومهاراتها. وعلى هذا النحو جاء “تعريف بيار لورا pierre lerat لمفهوم لغة الاختصاص:

C’est une langue naturelle considérée en tant que vecteur de connaissances spécialisées .

هي لغة طبيعية كما تعد وسيلة للتعبير عن معارف متخصصة”4.

ويضيف قائلا أنها:

L’usage d’une langue naturelle pour rendre compte techniquement de connaissances spécialisées .

استعمال لغة طبيعية للتعبير تقنيا عن معارف متخصصة”5. وبالتالي فهي لغة علمية خاصة بمجال أو ميدان معين.

  فلغة الاختصاص هي اللغة التي تدل على مفهوم دقيق وواضح يرتبط بالمجال أو التخصص، فهي لا تختلف عن اللغة العامة إلا في كونها تخدم وظيفة رئيسية ألا وهي تبليغ المعارف المتخصصة.

  ” تتميز لغة الاختصاص بالكم المصطلحاتي الذي تحتويه، والمصطلحات هي مفردات أو مجموعة مفردات تخرج عن إطار اللغة العامة بمجرد دخولها إلى مجال التخصص. لكن بالمقابل يوجد داخل لغة الاختصاص مصطلحات من اللغة العامة أو مقترضة عن لغات أخرى ويمكن أن تكون مرمزة مثل مصطلح “الماء” الذي يكتب رمزا “H2O” ونعبر عنه بلفظة “ماء” “6.

لقد نادى بيار لورا بفتح أبواب اللسانيات أمام لغات التخصص حيث يقول:

Les fondements theorique d’une approche linguistique des langues” spécialisées ne pouvent etre puisés que dans la languistique génerale.

” إن الأسس النظرية لأي مقاربة لسانية للغات التخصص لا يمكن أن توضع إلا انطلاقا من اللسانيات العامة”7.

وإذا اقتضت الضرورة الحديث عن نظرية اللغات المتخصصة ” فإنه لا يمكن إقامتها إلا على أسس نظرية عامة للغات”8.

ويتعمق أكثر ويقول:

La nation de la langue spécialisée est plus pragmatique ; c’est une langue naturelle considérée en tant que vecteur de connaissances spécialisées.

إن مفهوم اللغة المتخصصة أكثر تداولية، فهي تعتبر لغة طبيعية ناقلة لمعارف متخصصة”9.

معنى هذا أن اللغة المتخصصة ما هي إلا لغة طبيعية تستخدم في إطار توصيل المعلومات، وبهذا فهي تكتسب وظيفة تبليغية بالدرجة الأولى.

اللغة المتخصصة واللغة العامة:

لتوضيح طبيعة اللغة المتخصصة يجب الوقوف على مفهوم اللغة العامة، لأن كل مفهوم من  هذين المفهومين يختلف عن الآخر.

” فاللغة العامة هي تلك اللغة غير المتخصصة التي لا تنتمي إلى منطقة دون أخرى أو استعمال لها دون آخر. فهي اللغة التي يستعملها بالفعل يوميا جميع الناس الذين ينتمون إليها وليس المقصود من ذلك اللغة كما هي في الوضع قبل أن تدخل في الاستعمال أي مجموعة من النظم المجردة “10.

أما لغات التخصص فتعتبر مجموعة فرعية من اللغة العامة، وتتقاسم معها معظم الخصائص، وترى ماريا كابري” أنه رغم الاختلاف فإنهما يتقاسمان الكثير من العناصر فكلاهما ليس ظاهرة منعزلة ولكليهما وظيفة اتصالية تجانب وظائف مكملة”11.

” وما تختلف فيه لغة عن لغة أخرى هو كل ما يمكن للفرد تغييره أو تبديله من بنية اللغة السطحية دون بنيتها الأساسية التي لا تتغير أبدا “12.

ومع هذا فإن اللغة المتخصصة تتمتع ببعض الخصائص التي تميزها عن اللغة العامة، فهي لغة يتم اعتمادها في مواقف اتصالية خاصة تستعملها فئة من الناس دون غيرها.

ميزات اللغة المتخصصة:

إن كل تعريف من التعاريف المختلفة أحاطت بمفهوم اللغة المتخصصة انطلاقا من ميزة من مميزاتها، فلغات التخصص ميزات وسمات وخصائص خاصة بها وبطبيعة الميادين التي تستعمل فيها ونوعية مستعمليها، وهذا ما يجعلها تتصف ببعض الخصائص التي تميزها عن اللغة العامة.

ولقد صنفت ماريا كابري مميزات لغات التخصص ضمن ثلاثة أقسام.

الخصائص التداولية:

“وهي الخصائص التي تتعلق بالاستعمال، فاللغة المتخصصة جزء من اللغة العامة تستعمل في وضعيات تواصلية محددة، ومن ثم فهي تقتصر على جزء من الناطقين باللغة العامة التي يستعملها عدد كبير من المتكلمين. إذن فمستعملو لغات التخصص يقل عددهم، لأنها أسلوب يستعمله المتخصصون للتواصل فيما بينهم. كما أن لغات التخصص جسر بين المتخصصين في أرجاء العالم، وهنا ترى ماريا كابري أن المتخصص قادر على فهم نص يتعلق بتخصصه بلغة غير لغته، وهذا ما يسهل التواصل بين المتخصصين ذوي اللغات المختلفة “13.

الخصائص الوظيفية:

ونعني بذلك تلك الخصائص التي تجعل من لغات التخصص وسيلة لتحقيق أمر ما. حيث يرى “بوغراند” أن الوظيفة الأساسية التي تضطلع بها لغات التخصص تتمثل في إيصال المعلومة وتبليغها. وتجعل من مصطلحاتها الخاصة بمجال ما سمة لمفاهيمه”14.

فإبلاغ المستعملين مهما كان مستواهم هو الهدف الذي يسعى إليه المتخصصون من خلال استعمال لغات التخصص.

وتضطلع أيضا بوظيفة تعليمية بالدرجة أولى.” فالهدف من تدريس الطلبة لغات التخصص في النمسا هو ترويضهم على التعبير الشفهي والكتابي وفهم النص العلمي المتعلق بتخصصهم”15.

 كما أنها تساهم في استيعاب الطلبة للمعرفة استيعابا جيدا، لأن دراسة التخصص لا تكون كاملة ومثمرة دون التكوين اللغوي الموازي لدراسة التخصص.

الخصائص اللغوية:

“ونعني بها الخصائص المتعلقة بالجانب اللغوي والتي تظهر في النصوص المتخصصة وتجعلها تختلف عن أنواع أخرى من النصوص. فهي تتمتع بأسلوب خاص (وهو الأسلوب التقني أو العلمي)”16.

بالإضافة إلى ذلك فهي لغة تتسم بالايجار والاختصار وعدم الحشو، فكل عنصر لغوي يستعمل فيها سواء كان هذا العنصر كلمة أو جملة كان القصد منه هو الوصف والتعبير عن الواقع تعبيرا دقيقا لاغير، وهذه الغاية لا تحتاج لا تشبيها ولا خيالا.

وأهم خاصية لغوية تتمتع بها تتعلق بجانبها الإفرادي: فعكس المفردة التي هي من اللغة العامة، تكتسب” خصائص معينة مثل الدلالة الإيحائية والاشتراك اللفظي والوظيفة الأدبية. فللمصطلح الذي هو من اللغة المتخصصة، خصائص معينة تميزه عن اللفظ اللغوي العام، أهمها ذاتية الدلالة، وأحاديتها وخصوصيتها والانتماء إلى حقل مفهومي قابل للضبط وقابلية التعريف المنطقي”17.

بالإضافة إلى ميزة البساطة والوضوح حيث تظهر بساطة لغة التخصص في محتواها، كونها مفهوما وواضحا لدى كل من تخصص في ميدان من العلم مهما كانت لغته.     

 مفهوم المصطلح:

لقد زادت العناية بالمصطلحات بعد أن تشعبت العلوم وكثرت الفنون، وكان لابد للعرب أن يضعوا لما يستجد مصطلحات مستعينين بوسائل أهمها: القياس، الاشتقاق، التوليد، الترجمة والتعريب. فكانت هذه الوسائل سببا في اتساع العربية واستيعابها للعلوم والآداب.

لم تذكر المعاجم وكتب الأوائل تعريفا اصطلاحيا للمصطلح، إلا الشريف الجرجاني الذي عرفه بقوله:” هو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقله عن موضعه الأول، وإخراج اللفظ منه وقيل الاصطلاح اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى، وقيل الاصطلاح إخراج الشيء من معنى لغوي آخر لبيان المراد، وقيل الاصطلاح لفظ معين بين قوم معينين”18.

وقال مصطفى الشيهابي:” لقد اتفق العلماء على اتخاذه للتعبير عن معنى من المعاني العلمية…. والاصطلاح يجعل- إذن- للألفاظ مدلولات جديدة غير مدلولاتها اللغوية أو الأصلية … والمصطلحات لا توجد ارتجالا ولابد في كل مصطلح من وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة كبيرة كانت أو صغيرة بين مدلوله اللغوي ومدلوله الاصطلاح، فالسيارة في اللغة: القافلة، و القوم يسيرون، وهي في اصطلاح الفلكيين: اسم لأحد الكواكب السيارة التي تسير حول الشمس، وفي الاصطلاح الحديث هي: الأوتوموبيل”19.

والمصطلح عند ابن عربي هو:” كلمة ترمز إلى حقيقة هي في الحقيقة واحدة لها عدة وجوه”. فالمصطلح هو سيد الموقف في اللغة المتخصصة، وهو وحدة من وحدات لغة العلم التي تسعى إلى إثبات حصاد البحث والتجريب، وهو أيضا لبنة من لبنات نسيج النشاط المعرفي المجتمعي، وهذا ما يؤكده محمد الديداوي بقوله:

” الاصطلاح في اللغة المتخصصة في منتهى الأهمية وتصلح المصطلحات لمايلي:

  • تنظيم المعرفة على أساس العلاقات بين المفاهيم.
  • نقل المعرفة والمهارات والتكنولوجيا.
  • صياغة ونشر المعلومات العلمية والتقنية.
  • ترجمة النصوص العلمية والتقنية.
  • استخلاص وإيجاز المعلومات العلمية والتقنية”20.

المصطلحات جزء من لغة التخصص:

المصطلح هو لفظ يكتسب نوعا من الخصوصية بانتمائه إلى ميدان معين، كما تعبر عن هذه الفكرة كابري بقولها:

Les termes qui sont les unites de base de la terminologie dénomment les concepts propres de chaque discipline specialisee.

 تقوم الوحدات التي هي بمثابة وحدات أساسية في علم المصطلح، بتسمية المفاهيم الخاصة بكل مجال متخصص”21.

كما أنه من بين العناصر التي تسمح لنا بالتمييز بين اللغة المشتركة ولغة التخصص هو استخدام المصطلح، فهذا الأخير يقوم بدور كبير في إعطاء لغة التخصص ميزاتها، كما يساعد في تصنيف مختلف لغات التخصص.                                         .                                                              ويؤكد روندو Rondeau أن ما يميز في الأساس لغة التخصص هو مفرداتها حيث يقول:”                       la terminologie a pour objet,  en effet la dénomination des notions ;ce n’est donc que le façon accessoire que ses préoccupations rencontrent celles de la phonologie, de la morphologie et de la syntaxe .

إن الهدف من المصطلحات هو تسمية المفاهيم ، إذن فهذه ليست إلا إضافة إلى الانشغالات المتعلقة بعلم الأصوات والصرف والنحو”22.

أساليب ومبادئ وضع مصطلح علمي:

أساليب وضع مصطلح علمي:

نهج العلماء والمترجمون أساليبا لوضع المصطلح العلمي في اللغة العربية، وتتمثل  فيمايلي:

الترجمة والاشتقاق والمجاز والنحت والتركيب المجازي والتعريب بالافتراض.

  • الترجمة: وهي نقل اللفظ الأعجمي بمعناه إلى ما يقابله في اللغة العربية، وتنقسم ترجمة المصطلح إلى:” الترجمة المباشرة: وهي عملية نقل مصطلح من لغة ما إلى اللغة العربية نقلا حرفيا مطابقا مباشرا. الترجمة الدلالية: يعتبر النقل الدلالي من أهم الوسائل التي ساهمت بقسط كبير في إثراء اللغة العربية قديما وحديثا بالمصطلحات العلمية”23.

ب-الاشتقاق: يعد الاشتقاق في اللغة العربية أهم الوسائل التي تسهم في توليد الألفاظ والصيغ، وهو عامل من عوامل زيادة الثروة اللغوية، وهو عملية استخراج لفظ من لفظ آخر أو صيغة من صيغة أخرى نتيجة لتصريف اللفظة وتقليباتها المختلفة.

يعرف السيوطي الاشتقاق قائلا: ” هو أخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية وهيئة وتركيب لها ليدل بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة لأجلها، اختلفت حروفه أو هيئته كضارب من ضرب “24.

ج- المجاز: يعد المجاز وسيلة من وسائل تنمية اللغة، وتستمل الألفاظ على الحقيقة كما قد تستعمل على المجاز، أي أن الكلام ينقسم إلى حقيقة ومجاز.

يعرف شحادة الخوري المجاز في كتابه دراسات في الترجمة والمصطلح والتعريب قائلا: ” وهو التوسع في المعنى اللغوي لكلمة ما لتحميلها معنى جديدا، الطيارة أصلا تدل على الفرس الجديد ثم صارت تدل على آلة الطيران”25.

ولأن المجاز يمس المعاني الاصطلاحية في كل العلوم، فإنه يساعدنا على نقل الكلمات من معناها الأصلي إلى معنى جديد مختلف عن المعنى الأول. كما أنه يثري اللغة بالألفاظ وهو أداة ناجعة في تنمية اللغة . فقد أسهم المجاز حديثا في وضع العديد من مصطلحات العلوم والمخترعات مثل السيارة وأصلها القافلة.

د- النحت: النحت طريقة يلجأ إليها واضع المصطلح إذا لم يوفق في ايجاد المصطلح العلمي باستعمال الطرق السابقة، التي تتمثل في الترجمة، الاشتقاق والمجاز. ويعد النحت وسيلة من الوسائل التي تساعد وتساهم في نمو الألفاظ وإثراء اللغات بالمصطلحات.

تناول بعض اللغويين المحدثين مفهوم النحت، فرأى شادة الخوري أن النحت ” هو انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر، على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى بين المنحوت والمنحوت منه، عبشمي وكهرحراري يدل عبد شمسي وكهربائي حراري”26. بالاضافة إلى كلمة البسملة و كلمة الحوقلة التي تدلان على باسم الله الرحمن الرحيم و لا حول ولا قوة إلا بالله .

ه- الاقتراض اللغوي(التعريب): يقول علي القاسمي في كتابه مقدمة في علم المصطلح : ” وهي عملية عرفتها اللغات حيث يعمد الناطقون بلغة ما إلى استعارة ألفاظ من لغات إلى لغات أخرى عندما تدعو الحاجة إلى ذلك”27.

انطلاقا من التعريف نستنتج بأن التعريب ادخال لفظ أعجمي إلى اللغة العربية بعد اخضاعه للوزن الذي تقبله يجعل الصيغة الأجنبية ذات جرس عربي، ويمكن اللجوء إلى هذه الوسيلة اللغوية، إذا تعذر على واضع المصطلح توليد كلمة بالنقل الدلالي أو بالاشتقاق أو بالمجاز أو بالنحت.

 

مبادىء وضع المصطلح العلمي:

  المصطلح العلمي هو اللفظ الذي يتفق عليه العلماء على اختلاف اختصاصاتهم، ليدلوا به على شيء محدد، ويميزوا به مفاهيم الأشياء، ويدركوا مستويات الفكر، فهو لغة التفاهم بين العلماء والمفكرين والباحثين والدارسين.

  وإذا كانت الاكتشافات والاختراعات والمؤلفات وجه الحضارة العلمية الأول، فإن المصطلحات العلمية وجهها الثاني، فلقد واكب المصطلح كل التطورات العلمية والقفزات الحضارية في الماضي والحاضر.

 وضع الاختصاصيون في المصطلح بعض المبادىء التي يرتكز عليها في وضع المصطلح العلمي وتتمثل فيمايلي:

“- إثبات معنى أصل المصطلح في اليونانية واللاتينية قبل وضع المقابل العربي.

  • المحاولة قدر الامكان ارفاق كل معنى بمصطلح واحد في حقل واحد.
  • تفضيل الكلمة التي تتيح الاشتقاق على التي تتحه، ويكون ذلك من خلال تفضيل الكلمة المفردة لأنها تتيح الاشتقاق والاضافة والتثنية والجمع.
  • محاولة اختيار أقرب المفردات معنى من المصطلح الأجنبي.
  • تفضيل المصطلحات التراثية على المولدة .
  • تفضيل الكلمات الشائعة الصحيحة والكلمات العربية الفصيحة على المعربة .
  • تجنب الألفاظ العامية إلا للضرورة مع وجوب الإشارة إلى بين قوسين.
  • الأخذ بعين الاعتبار المصطلحات المعربة والمترجمة التي اتفق على استعمالها المختصون .في حالة مصادفة ألفاظ مترادفة ينبغي تحديد حقل دلالتها العلمية وانتقاء اللفظ العلمي المقابل.و كذلك إخضاع الكلمة المعربة إلى قواعد اللغة العامة”28.

لقد كانت هذه بعض التوصيات الخاصة بوضع المصطلح العلمي العربي وقد أدت إلى نتائج إيجابية عادت على اللغة العربية، بقواعد جمة منها إثراؤها بالمصطلحات إضافة إلى تجديد تراثنا الذي كان ضحية انحطاط البلاد العربية وتدهور العلوم في العصر الحديث عند العرب.

  خاتمة:

  • اللغة المتخصصة هي أولا لغة في مقام استعمالٍ احترافي ( لغة داخل اختصاص) هي اللغة ذاتها باعتبارها نظاما مستقلا، لكنها في خدمة وظيفة رئيسية والتي هي نقل المعارف.
  • يتم تسمية المعارف المتخصصة بواسطة المصطلحات، التي هي قبل كل شيء كلمات وزمر من الكلمات( مركبات اسمية ونعتية وفعلية) خاضعة لتعريفات اصطلاحية. تتواجد هذه المصطلحات في معترك السباق مع غيرها من المصطلحات وفي نفس اللغة، كما يمكن أن تكون متعدية الشفرة، كحال الماء وثاني أكسيد الهيدروجين H2O ، لكنها ذات نتائج لغوية( مثلا: يقال “الماء” لكن لا يقال ثاني أكسيد الهيدروجين H2O) لذا ينبغي الاحتراز من الخلط بين طريقة اشتغال اللغات الطبيعية وبين اشتغال غيرها من أنظمة سيميائية.
  • المصطلح هو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقله عن موضعه الأول، وإخراج اللفظ منه وقيل الاصطلاح اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى     المصطلح هو لفظ يكتسب نوعا من الخصوصية بانتمائه إلى ميدان معين. وتعتبر المصطلحات جزء من لغات التخصص.
  • اللغة العامة هي تلك اللغة غير المتخصصة التي لا تنتمي إلى منطقة دون أخرى أو استعمال لها دون آخر. فهي اللغة التي يستعملها بالفعل يوميا جميع الناس الذين ينتمون إليها وليس المقصود من ذلك اللغة كما هي في الوضع قبل أن تدخل في الاستعمال أي مجموعة من النظم المجردة. أما لغات التخصص فتعتبر مجموعة فرعية من اللغة العامة، وتتقاسم معها معظم الخصائص.

 

قائمة المصادر والمراجع:

  1. – kokourek, la langue francaise de la technique et de science نقلا عن: فاطمة الزهراء ضياف، صعوبة ترجمة مصطلحات الأنترنت إلى اللغة العربية(مقال)، جامعة بومرداس، ص69.
  2. – فاطمة الزهراء ضياف، صعوبة ترجمة مصطلحات الأنترنت إلى اللغة العربية(مقال)، ص70.
  3. [1][1]- Hoffmann, towords a theory of Lsp, elements of methodology of Lsp analysis, fachsprache,vol1,1979,p16.
  4. – مينة بولمراقة، ترجمة بعض المصطلحات والمفاهيم المستمدة من القانون الإسلامي إلى اللغة الفرنسية، شهادة ماجستر في الترجمة، جامعة منتوري قسنطينة، 2007-2008، ص11.
  5. – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
  6. – مينة بولمراقة، ترجمة بعض المصطلحات والمفاهيم المستمدة من القانون الإسلامي إلى اللغة الفرنسية، ص12.
  7. ibid,p24 7- piere lerat, les langue spécialisées,cool, linguistique nouvelle,ed,puf ;paris,1995,p12 –
  8. – ibid,p20
  9. [1]- طاهر ميلة، ، نوعية المصطلحات المستخدمة في التعليم الثانوي، رسالة الدراسات المعمقة، جامعة الجزائر، 1980م، ص35.
  10. – Cabré,M,téresa, ,la terminologie,méthode et application, trad du catalan par monique c cornier et jhon humbly,p.u ottawa armand colin, paris, 1998,p121.
  11. Benveniste emile, problems de linguistique génerale.vol2, 1974, p94.
  12. cabré M,la terminologie,méthode et application, trad du catalan par monique c cornier et jhon humbly,p.u ottawa armand colin, paris, 1998,p 132.
  13. Beaugrand(1987:3)in cabré M,ibid,p123.
  14. [1]M J coveney : les langue spésialité نقلا عن ميلة الطاهر، نوعية المصطلحات المستخدمة في التعليم الثانوي، رسالة الدراسات المعمقة، جامعة الجزائر، 1980م، ص27.
  15. المرجع السابق، ص131.
  16. – بن مراد إبراهيم، مسائل في المعجم، نقلا عن: دباش عبد الحميد، ترجمة المصطلح التشريعي في الفقه الإسلامي، ترجمة النص القانوني، دار الغرب، الجزائر، 2006م، ص52.
  17. – علي بن محمد بن علي الحسيني الجرجاني، التعريفات، تح: محمد باسل عيون السود، ط2، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2003، ص32.
  18. – حامد صادق قنيبي، مباحث في علم الدلالة والمصطلح، ط1، الأردن،ص125.
  19. محمد الديداوي، الترجمة والتعريب بين اللغة البيانية و اللغة الحاسوبية، المركز الثقافي العربي، ط1، المغرب، 2002، ص275.
  20. – فاطمة الزهراء ضياف، صعوبة ترجمة مصطلحات الإنترنت إلى اللغة العربية، ص70.
  21. – rondeau,introduction a la terminologie,1981,p24. نقلا عن فاطمة الزهراء ضياف، صعوبة ترجمة مصطلحات الإنترنت إلى اللغة العربية، ص70.
  22. – محمد ضاري حمادي، وسائل وضع المصطلح العلمي، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد3، الجزء3، ص573.
  23. – جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، تح: محمد جاد المولى بيك ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد اليحياوي، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، ج2، 1986م، ص346.
  24. – شحادة الخوري ، دراسات في الترجمة والمصطلح والتعريب، ط1، دار طلاس، دمشق، 1989م، ص157.
  25. – المرجع السابق، ص158.
  26. – محمد فاري حمادي، وسائل وضع المصطلح العلمي، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد75، ج3، ص740.
  27. – عبد الحليم سويدان، مبادىء يرتكز عليها عند وضع المصطلح، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد75، الجزء3، ص590.

* باحثة دكتوراه- جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف -الجزائر

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of