+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

ماهي  الأمانة؟
د. محمد ريحان الندوي

 الأمانة هي من أبرزِ خصالِ الإسلام ومكارم الأخلاق، وهي من مكوّنات الشخصية الإسلامية ومن أبرز ميزات المؤمنين، ولكن قد تجاهل عنها الجاهلون وقد تغافل عنها الغافلون، مهما كان مؤمنا أو منافقا، مسلما أو كافرا قد أصبحوا سواسية في هذا الباب واصطفوا في صف واحد. فنرى السرقة والنهب والكذب والخيانة والزنى والربا قد فشت وعمت حتى تفاقم الأمر سوءا في المجتمع الإسلامي اليوم. وهذه هي الحقيقة الناصعة الواضحة كما نشاهد الأحوال والأعمال للمسلمين كل يوم وليلة في مجتمعنا الحاضر .

 والأمانة شيئ عظيم نبيل، والحامل لهذه الصفة يقال له أمين. والأمين يكون محبوبا مقبولا لدى كل من هب ودب، ويحبه الجميع من البشر . كما لُقّب نبينا ورسولنا صلى الله عليه وسلم بالصادق والأمين في المجتمع الذي كانوا لا يؤمنون به ويكفرون برسالته ولكن كانوا يعترفون بصدقة وأمانته المخلصة. ولكن ما حال أتباعه الآن في مجال الأمانة !!

وأما ضد الأمانة فهي الخيانة فهي شيئ خبيث دنيئ، غير مقبول ولا محمود، والشخص الذي لا يؤدي مسئولية الأمانة يقال له الخائن، والناس يكرهونه ويبغضونه ولا يحب الجلوس عنده وهو مكروه ومغضوب لدى كل شخص وإنسان ومجتمع. وكل من لديه عقل وبصيرة لا يريد أن يكون من الخائنين الخاسرين المغضوبين بل يريد أن يكون من الأمناء الفائزين المحبوبين.

يقال كان تلميذا كسولا نواما ثرثارا يئس من الحياة لعدم تحقيق التمنيات والتوقعات والتطلعات التي كان يتوقعها في مجال الدراسة والكتابة بسبب أشغاله بما لا يعنيه، وكان يتفكر كثيرا أن يجد إلى الفوز سبيلا. ويبحث عن الطريقة السليمة ما يؤديها إلى الرقي والازدهار.  وكان يتردد هذا السؤال في ذهنه ودماغه بدون مهل. كيف يمكن لي أن أكون تلميذا ناجحا ويكون لي السبق في مضمار الحياة واليد البيضاء في مجال العلم والمعرفة ؟ فذهب إلى أستاذه الخبير وطرح سؤاله أمامه قائلا : كيف يمكن لي أن أكون تلميذا ناجحا؟ فأجاب الأستاذ بكل هدوء وطمأنينة على سؤاله باسما: هل يمكن لك أن تجعل إنسانا أمينا؟ فاعتراه الدهشة والحيرة فجأة، فردّ على سؤال الأستاذ قائلا: يا أستاذي! كيف يمكن لي أن أجعل إنسانا أمينا، فهذا أمر شاق عسر. فأفاده الأستاذ عما سأله التلميذ مع وقار ورزانة: أليس يمكن لك أن تجعل نفسك أمينا؟ بلى، أكيداً يا أستاذي أجابه التلميذ اليؤوس.  وقال الأستاذ: ذلك ما أريد منك و أفاده أخيرا بقوله: كن أمينا تكن ناجحا في الدراسات والمعاملات والمجتمعات البشرية. فجعل التلميذ هذه النصيحة والمشورة نصب عينيه ففاز ونجح فيما أراد.

ومعظم الناس يعتقدون أن الأمانة هي أن تؤدي ما عليك من الواجبات والمسئوليات المنزلية و الإدارية فقط وهم لا يحسبون أن ما لديهم من الفراغ  أو الصحة أو المال أو العلم من الأمانة !!، بلى إنها من الأمانة. بل من الأمانة العظمى التي لا يُستهان بها،بل تتضاعف أهميتها وتزداد مكانتها، ولكن يا للأسف أشد الأسف !! قد عم الإهمال عنها لا من قبل العامة فقط بل من قبل الخاصة أيضا. الأمانة تحمل في طياتها معاني سامية جمة، فالفراغ من نعم الله العظمى التي أنعم بها على عباده ومنّ بها عليهم، والصحة من أعظم آلاء الله ما أكرم به عباده، فما أعظمها نعمة! وماأكبرها منة! وأما المال والعلم فأهميتهما جلية وواضحة مثل وضوح الشمس في رابعة النهار،فمن يستغل هذه النعم والآلاء ويؤدي ما عليه من الأمانة العظمى تجاه المجتمع البشري يكن من السعداء والأفاضل. فمن يحسن يحسن لنفسه ومن يسيئ يسيئ لنفسه،فكن أمينا وعش سعيدا.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of