+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

رحلة ترفيهية إلى شيملا، أجمل مدن الهند
د. محسن عتيق خان الندوي

%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%88-%d8%a3%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d9%8a%d8%aa%d9%85%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d8%b1%d9%83%d9%88%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d9%84-%d9%81%d9%8a

كان ابني الأكبر عبدالله يصر منذ بداية عطلته الصيفية أن نخرج في رحلة ترفيهية إلى وجهة سياحية باردة فلم ينس بعد تجربته في منالي في العام الماضي، و كنت أتمنى أنا بنفسي أن ألجأ إلى مكان بارد فرارا من قيظ الحر الشديد في دلهي ولو كان ذلك لعدة أيام، و لكن لم أتمكن من ذلك و مضت عطلة عبد الله بدون نزهة، ثم مضى شهران و كان ابني لا يزال يصر على السفر و يغضب من حين لحين حتى دخلنا في شهر سبتمر، فقررت أن انتهز فرصة عيد الأضحى وأذهب به إلى مدينة “شيملا” التي تقع في تلال همالايا، في ولاية هماتشال براديش الجبلية، وقد كانت عاصمة الإنجليز الصيفية أثناء عصر الاحتلال في الهند، و هي تعتبر من أجمل مدن الهند، و أشهر وجهة صيفية شعبيا في شمال الهند، والشئ الذي دفعني إلى اختيار هذا المكان هو السفر في قطار “توئ ترين” من مدينة كالكا إلى شيملا إذ كنت سمعت كثيرا من زملائي عن هذا القطار الذي يجري على السكة الحديدية التاريخية أكثر من تسعين كم، و كان بناها الإنجليز في عام 1903 خلال حكمهم لهذا البلد، و قد قامت اليونيسكو بإدراجها في ضمن المواقع التراثية العالمية في عام 2008، فهي تعتبر عملا هندسيا استثنائيا من العصر الميكانيكي المبكر.
كان يوم عيد الأضحى يوم الفرح و السرور لابني، وخطة زيارة شيملا كانت قد زادت في بهجتهما فكانا لا يسعهما الأرض فرحا، ولكن جاء هذا اليوم مع بعض الحزن لهما إذ كانا قد أنِسا إلى الماعز الذي كنا اشترينا للأضحية، فكان مثل لعبة لهما، يطعمانه الطعام، و يسقيانه الماء، و يذهبان به إلى  القطعة الأرضية ذات الأشجار والعشب ليرعاه، فعندما قمنا بذبح الماعز بعد صلاة عيد الأضحى، بكى عبد الله بكاء و أخفى رأسه في الوسادة. وزعنا اثني الثلث بين الجيران و الأصدقاء، و ادخرنا الثلث لأنفسنا في الثلاجة، و لم ندرك كيف مضى النهار في هذا الشغل، و عندما أذن المؤذن للعصر بدأنا نستعد للذهاب، فقد كنت حجزت تذكرتين في قطار “هاوره-دهلي-كالكا ميل”  الذي يغادر من دهلي في الساعة التاسعة والنصف ليلا و يصل مدينة “كالكا” في الساعة الرابعة صباحا. و كذلك حجزت في قطار”شيوالكك ديلكس إيكبريس” المعروف بـ”توئ ترين” الذي يغادر من كالكا في الساعة الخامسة والربع صباحا و يصل شيملا في الساعة العاشرة بعد مسافة حوالى خمس ساعات إلا الربع.

وصلنا محطة القطار بدلهي القديمة في الميعاد، ولكن فؤجئنا بتأخر القطار لأكثر من ساعتين و هذا شيئ عادي في الهند، و قليلا ما يوجد قطار يصل وجهته في موعده إلا من نوع شتابدي، و راجدهاني، وكنت قلقا إذ خشيت أن يفوتنا توئ ترين، فبحثت على الانترنت و وجدت أن هذا القطار كان متأخرا بالأمس أيضا، و “توئ ترين” لا يغادر إلا بعد وصول هذا القطار و أدركت بأن معظم ركاب توئ ترين يصلون “كالكا” بهذا القطار و لذلك ينتظر لوصوله،فاطمئنت. آخيراعندما جاء القطار ركبناه و خلدنا إلى النوم بعد ترتيب البضائع فقد كنا قد فرغنا عن العشاء قبل ركوب القطار.

اليوم الأول: على قطار توئ ترين (25 سبتمبر 2016)

%d8%a3%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d9%8a%d8%b7%d9%84-%d9%85%d9%86-%d8%b4%d8%a8%d8%a7%d9%83-%d8%aa%d9%88%d8%a6-%d8%aa%d8%b1%d9%8a%d9%86-2%d9%85%d9%86%d8%b8%d8%b1-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d9%84-%d9%85%d9%86-%d8%af%d8%a7%d8%ae%d9%84-%d8%aa%d9%88%d8%a6-%d8%aa%d8%b1%d9%8a%d9%86

حين استيقظنا وجدنا أننا قد وصلنا مدينة “كالكا” وكان النهار قد انسلخ من الليل. كان “توئ ترين” يقف في انتظارنا، فاسرعنا إليه مثل الركاب الآخرين، ولما أخذنا مقاعدنا و ألقينا نظرة على هذا القطار وجدناه مختلفا من القطارات الأخرى، فعرباته صغيرة في الحجم ولا تتسع إلا لعشرين ركابا، و هي غير مكيفة إذ لا تقتضي الحاجة إلى التكييف بسبب الجو المعتدل، و مقاعدها وثيرة، وجدرانها الخارجية مبنيىة من الزجاج لتسهيل رؤية المشاهد و المناظر في الطريق. كان وجها عبد الله و أعيان قد تهللا، والنوم الذي كان يراودهما حتى الآن قد غاب فجأة. وفي أقل من نصف ساعة، بعدما تأكد مؤظفوا القطار من أن جميع الركاب قد أخذوا مقاعدهم، غادر القطار من المحطة، و في بضع دقائق دخل بين سلسلة من الجبال التي بدت أولا منخفضة ثم بدأ طولها يزيد شيئا فشيئا كلما تقدم القطار إلى الأمام.

بعد قليل رأينا قطارنا يدخل في فوهة نفق حُفر للمرور من داخل جبل، فصاح ابنيى من فرط الفرح و من خوف الظلام، و كذلك سمعت صياحات المتنزهين الآخرين، وبعد عدة دقائق عندما خرج القطار من النفق لاحظنا نصف قرص الشمس الأصفر يطل علينا من فوق جبل كأنه يستقبلنا بأشعته الخفيفة التي بدأت تشق ضباب الصبح، و تخلق منظرا جميلا فوق التلال و الهضبات، وتعير قطرات الماء على أوراق الشجر نوعا من التلالأ. و بعد قليل كنا على جسر بني على شلال صغير و ما أن تجاوزنا هذا الجسر لاح لنا نفق آخر فبدأ عبدالله يعد الأنفاق و الجسور كأنه وجد شغلا مهما بينما كان القطار يجري بسرعة معتدلة. بما أن عربتنا كانت عربة القطار الأخيرة فتمكنا من أن نرى كيف يتلوي القطار و ينعرج على السكة الحديدية مثل الأفعى و هو يحمل بنا بين غابات أشجار الصنوبر المورقة، و الجبال الضبابية، و يعبر جسورا تم بناءها على مجرى الينابيع الصغيرة على الطراز القوطي و يدخل أنفاقا لا تحصى حُفرت في جوف الجبال الخضراء. فالقتطنا صورا كثيرة عند دخول قطارنا في أنفاق مختلفة، و بعد ساعة تقريبا تعب عبد الله من عد الجسور و الأنفاق و بدأ يطل من الشباك و يتمتع بمناظر الأرياف الجميلة. بعد حوالى ساعتين و نصف، توقف القطار في محطة “باروغ”  الجميلة لخمس عشرة دقيقة حيث قُدم لنا الفطور و الماء. وهذه محطة جميلة تم بناءها على الطراز القوطي، مبانيها مطلية باللون الأزرق والأبيض و سقوفها مدهونة باللون الأحمر، و هذا يزيد في جمال الطبيعة الجبلية الخضراء هناك.

%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%ad%d8%b7%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d8%b1%d9%88%d8%ba%d8%aa%d9%88%d8%a6-%d8%aa%d8%b1%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%af%d8%ae%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%81%d9%82

نزلت من القطار و التقطت بعض الصور للنفق الذي ينتهي لدى هذه المحطة ويعرف بالنفق رقم 33، و لاحظنا هناك مجرى الماء الصغير الذي يمر من تحت هذه المحطة، ويبدو كشلال صغير. وقد وجدت الفرصة أن أجلس إلى أحد الرجال المحليين، فقص على عددا من القصص المتعلقة بمحطة باروغ. إنه أخبرني عن شبح المهندس باروغ الذي بإسمه تعرف هذه المحطة و مدينتها، و عن نفق مهجور يقع على بعد كم واحد من المحطة، وكان حفر بإشراف المهندس الباروغ. يقال أنه كان مهندسا مسؤولا عن تفجير نفق لبناء السكة الحديدية، و حسب الأسطورة، من أجل استكمال النفق في فترة قصيرة جدا، أمر باروغ عماله أن يقوموا بتفجير و حفر النفق من جانبي الجبل ليتصلا في وسطه على أساس حساباته و قياساته و ولكنه أخطأ في القياس و بدا فيما بعد أن العمال يحفرون نفقين في اتجاهين مختلفين، غضبت الحكومة البريطانية و أزالته عن منصبه، و أجبره أن يدفع روبية كغرامة لإهماله، فاصبح موضعا من الضحك بين الناس و عندما لم يستطع أن يتحمل ذلك ركب على فرسه و دخل النفق و قتل نفسه بإطلاق الرصاص، ودُفن بالقرب من النفق. بموته برزت إلى الوجود قصص شبحه المختلفة من أهمها كما حكى لي أحد الركاب أن روح باروغ لا يزال يطارد النفق المهجور و شبحه لا يضر بل يتعامل مع الأحياء معاملة الصديق و يتحدث مع الناس بودية، و يشارك معهم في الضحك. أما النفق الحالي بـقرية باروغ، والذي ينتهي عند هذه المحطة يُعرف بالنفق رقم 33، وقد تم بناؤه بإشراف كبير المهندسين هارينغتون  الذي اختار مكانا آخر للنفق بمساعدة زاهد محلي عُرف بـ”بهالكو”. والجدير بالذكر أن هذا النفق هو أطول نفق على هذا الطريق و طوله 1143.61 مترا و يستغرق القطار 2.5 دقيقة لعبوره.

بعد خمس عشرة دقيقة، غادر قطارنا مرة أخرى ولم يتوقف إلا في شيملا. واستغرقت هذه الرحلة ذات المناظر الخلابة التي تمتد على مسافة ست وتسعين كم حوالى أربع ساعات والنصف و مررنا خلالها بقصبات و قرى جميلة، و غابات من الأشجار المورقة بما فيها دودار، والصنوبر واللبخ، والبلوط، والقيقب، و قد عرفت فيما بعد أعداد الجسور والمحطات و الأنفاق بالضبط، فأدركت بأننا مررنا بثماني عشرة محطة، و عبرنا ثماني مئة و ستين جسرا، و مضينا من داخل مئة و ثلاثة أنفاق، و تجاوزنا ثماني مئة منحنى حدة بعضها 48 درجة، و هكذا لم تكن هذه الرحلة رحلة قطار بل كانت تجربة حياة من نوع فريد، فهذه الرحلة الممتعة سنحت لنا الفرصة أن نشاهد المناظر الخلابة جالسين على المقاعد الوثيرة في قطار توئ ترين.

جولة في مول رود 

%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%8a%d8%ac

نزلنا في شيملا بفندق غول مارغ ريجينسي  فقد كنت ججزت غرفة فيه من قبل، وبعد أن أخذنا قسطا من الراحة، خرجنا إلى مول رود الذي يقع على مسافة خمس دقائق فقط من هذا الفندق، فمررنا من رحاب مقر تدريب الجيش و صعدنا إلى مول رود عند كنيسة القديس مائكل . توقفنا عند هذه الكنيسة إذ كان عبد الله يجري أمامنا و دخل من بابها المفتوح على مصراعيه، لهذه الكنيسة مبنى جميل تم بناءه على الطراز الفرنسي القوطي، و يحتوي على صحن، ومجلس، وغرفة الاعتراف، و بيت المعمودية، و ممرين، و رحاب يطل على شيملا. وكما عرفت من اللوحة المنصوبة هناك، هي كانت أول كنيسة تم بناءها في المناطق الجبلية في الهند و ذلك في عام 1886 بإشراف هينري إروين الذي كان مهندسا معماريا و مشرفا على دائرة الأشغال العامة في شيملا. والجدير بالذكر أننا ألقينا نظرة أولى على شيملا من رحاب هذه الكنيسة، فكان أمامنا منظر جميل لمدينة جميلة بسقوفها المتلونة و بيوتها المبنية على أدراج الجبال، و كنا نحدق في شيملا و كانت نسمات الهواء الباردة تلعب برؤوسنا و تقبل وجوهنا و تخلق في أجسامنااقشعرارا.

صعدنا حوالى ثلاثين أدراجا فوجدنا أنفسنا على مالرود، بدأنا نمشي إلى مكان “ريج” الشهير ومررنا بنقطة الفضيحة (Scandal Point) حيث جلسنا لأخذ أنفاسنا وأردنا أن نتمتع ببعض رشفات الشائ. كان هناك رجل مثقف يجلس بجنبي مع كوب من الشاي، فسألته “لما يعرف هذا المكان بـنقطة الفضيحة؟” فأجاب قائلا “لعل إسم هذا المكان أثار فضولك، فكل من يأتي هناك يسأل عن ذلك، و في الحقيقة هذا لغز محير، وهناك قصص عديدة متعلقة بهذا المكان من أشهرها قصة الملك بهوبندرا سينغ الذي فر بابنة الحاكم الإنجليزي في ذلك الحين، و اتخذ السكن في قرية تَشيل التي تقع على مسافة 45 كم من شملا. و هناك رواية للكاتبة منجو جيدكا بالإنجليزية، بإسم هذا المكان، وهي حاولت أن تخرج لنا بعض الحقائق عن تسمية هذا المكان.”
تقدمنا إلى الأمام فوجدنا أنفسنا في طريق فسيح يعرف بـ”ريج” ويشابه ميدانا صغيرا، ويبدو كأنه بني بتسطيح جبل، في جانبيه سياج من الحديد و يمكن لك أن تطل على نصف مدينة شيملا من جانب و نصفها الآخر من جانب آخر و تتمتع بجمال المدينة المذهل، و هناك تشعر بالنفحات الباردة المزيجة بنوع من الضباب تقبل وجهك، وهذه النفحات تجعل الجو باردا و رائقا، وتخلق في الأبدان ارتعادا خفيفا ولكن ممتعا. وهناك أكشاك مختلفة للشائ و آئيس كريم، والوجبات المتنوعة، و هناك ساسة يعرضون الفرس لركوب الناس، و هناك بعض النسوة يعرضن الملابس المحلية للسائحين لالتقاط الصور و كل ذلك بقيمة مناسبة. وينتهي هذا الميدان عند مبنى مفتوح يعرف بـ”بيت الهواء” فتسلقته لأتنشق الهواء و التقط بعض الصور، و هذا أعلى جبل في شيملا. في الجانب الشرقي لبيت الهواء هناك مكتبة رسمية توفر غذاء للذين يرغبون في أن يقضوا بعض ساعات في الدراسة في مثل هذا المكان الجميل. وبجنبها
كنيسة المسيح الفخمة المطلية باللون الأصفر، و هي ثاني أقدم كنيسة في شمال الهند، وواحدة من المعالم البارزة في شيملا، و قد تم بناءها على الطراز القوطي الجديد في عام 1857 لطائفة الانجليكانية البريطانية. و بين مبنى المكتبة و الكنيسة هناك طريق يصعد بنا إلى أعلى قمة في شيملا حيث يوجد معبد “جاكهو” القديم، و قد نصب فيه تمثال لهانومان الإله القرد للهنادك في شمال الهند، و هو من الشخصيات المهمة في ملحمة رامايانا. لم أذهب إلى هذه القمة إذ لم أرد أن اتسلق مسافة 2.5 كم لرؤية هذا التمثال الفخم الذي تم نصبه قبل خمس سنوات فقط. و هذا التمثال يطل من أعلى قمة شيملا كأنه يراقب المدينة و يحرسها، وهو يبدو من بعيد و يمكن رؤيته من معظم مناطق شيملا و حتى من خارجها. تجولنا في مولرود متمتعين بالوجبات المختلفة حتى مالت الشمس إلى الغروب و عند ذلك تغذت أنظارنا بجمال صورة أخرى لهذه المدينة، فشعرنا كأننا نقوم على السماء و نطل على النجوم المتلالأة من الفوق، وكانت الكنيسة تبدو ساحرة بسبب الأضواء التي كانت تنورها من المواقع الاستراتيجية.

اليوم الثاني: على قمة “كفري”، أعلى قمة في المنطقة (26 سبتمبر 2016)

%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d9%87%d9%8a%d8%a8-%d9%87%d9%8a%d8%a8-%d9%87%d8%b1%d9%89

في اليوم التالي اكترينا تاكسي و خرجنا إلى قصبة كفري في الساعة العاشرة و لا بد من زيارة هذا المكان لمن يزور شيملا. وفي الطريق أوقف السائق سيارتنا عند منتجع “هيب هيب هرى” الذي يطل على واد مدهش صغير و هناك تمتع ابني عبدالله و أعيان بنشاطات مختلفة ثم غادرنا بعد أن تغدينا هناك. و قبل أن نصل كفري توفقنا على الطريق لدى الوادي الخضراء التي تعرض لعيون السائحين منظرا طبيعيا مذهلا بجبالها الخضراء ذات الأشجار المورقة الطويلة.

عندما وصلنا كفري أنزلنا السائق عند إصطبل حيث اكترينا فرسين للصعود إلى أعلى قمة الجبل، أخذ السائسان زمام الفرسين و مشيا بنا إلى الأمام، كان أعيان راكبا معي، و كان عبد الله مع أمه، و عندما بدأنا نصعد إلى الأعلى وجدنا أن الطريق موحل وتفوح منه رائحة كريهة مزيجة من بول الفرسان و روثهم، وتنغمس فيه أرجلة الساسة إلى ركبتيهم، و لذلك لبس بعضهم أحذية طويلة. كنا على حذر طول الطريق و خوفنا إزداد عندما رأينا رجلا عائدا من القمة يسقط من فرسه إذ لم يتمكن من أن يستقر بتوازنه.

عندما وصلنا القمة وجدنا أن البرد قد زاد هناك في الهواء فلبسنا سويتر للوقاية من البرد. و قد ساء ظننا بالمكان، فلم نجد هناك شيئا مهما يستحق هذه المشقة التي عانينا منه على ظهر الفرسان. لم تكن  هناك إلا بعض أكشاك للوجبات الهندية والصينية، و معبد صغير للإله الأفعى، ومكان للترفيه، وعدة رجال على هضبة يجلسون مع التلسكوب و يدعون الناس ليريهم حدود الصين أو القمم المغطاة بالثلج. فأولا تمتعنا بأكل بعض السمبوسات و باحتساء كوب من الشاي ثم تقدمنا إلى مكان الترفيه المعروف بـ”كفري فن ورد” ودخلنا فيه بعد ما اشترينا التذاكر، و في الحقيقة لم نجده كما توقعنا، فليس هناك إلا عدة أشياء للترفيه بما فيها سيارات السباقة للأطفال، و أرجوحات، و مطعم. قضينا على هذه القمة حوالى ساعة و نصف ثم عدنا إلى مكان الاصبطل على ظهور الفرسان و عن طريق موحل نتن. والجدير بالذكر أن هذه القمة ترتدي رداء الجليد في موسم الشتاء و يعتبر موقعا حسنا للتزحلق.

%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d9%81%d8%b1%d9%8a-%d9%81%d9%86-%d9%88%d8%b1%d8%af%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%ad%d8%af%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%8a%d9%88%d8%a7%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%aa

و كنا قد سمعنا عن وجود حديقة الحيوانات في كفري، و كان عبد الله يصر على زيارة هذه الحديقة، فرغم أن الهواء البارد قد زكم أنفي و خلق صداعا في رأسي، توجهنا إلى حديقة الحيوانات فلم نرد أن نفسد عليه سفره و نحرمه من الذي كان تكلم عنه طوال السفر. وكانت التجربة جيدة فقد رأينا هناك بعض الحيوانات التي لا توجد في حديقة الحيوانات بدهلي. وبعد ما خرجنا عن الحديقة توقفنا عند بعض الدكاكين و اشترت أم عبدالله بعض الشالات للأقرباء تذكارا. عدنا إلى فندقنا في شيملا و كان المساء قد اقترب، فبعد دخول غرفتنا أول ما فعلنا هو احتساء أكواب من الشاي لتقليل البرد ثم أخذ الدواء للصداع. كنا متعبين جدا فلم نخرج من غرفتنا و لم ندرك متى غلب النوم علينا.

اليوم الثالث: زيارة بعض المباني الأثرية، ولَكَر بازار و لووَر بازار (27 سبتمبر 2016)

%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%83%d8%b1

استيقظت عند الفجر فتركت ابني وأمهما نائمين وتسلقت إلى مولرود وحيدا، ولعل كان في إحدى زوايا رأسي أن أرى الشمس وهي تطلع بأشعتها الأولى على هذه المدينة، ولكنني رأيت المدينة غارقة في ضباب الفجر تدهش عيون الناظرين بجمالها المذهل، فلا تشعر كأنك تقف أمام جبال لكون مولرود على أعلى قمة هناك، و لكن تشعر كأنك أما هضبات و تلال تتزين ببيوت جميلة، و بغابات خضراء ذات أشجار طويلة. وعندما طلعت الشمس و بدأت تشق أشعتها ضباب الفجر لتصل إلى سقوف البيوت و رؤوس الأشجار، كان لها منظر رائع يروق للعيون. أردت أن أخرج على زيارة المباني الأثرية فتقدمت إلى الجانب الجنوبي و زرت بعض المباني منها مبنى مجلس السكة الحديدية {Railway Board Building}، و مبنى مكتب الجوازات، و مبنى المحاسب العام، و أردت أن أتقدم إلى مبنى مجلس النواب ولكن توقفت إذ وجدت هناك قطيعا كبيرا من القرود التي تحاول أن تتجاوز الطريق، فقمت في الجانب الآخر للطريق و عندما أطللت إلى الأسفل وجدت ميدانا فسيحا و أخبرني أحد المارة أنها ميدان أناديل المعروف ويستخدم كمهبط لطائرات القوات الجوية، وكان هناك فيما بدا لي هيليكوبتر صغير. غادرت عندما شعرت بأن القرود تتقدم إلى المكان الذي كنت قائما فيه، و الجدير بالذكر أن القرود كثيرة في شيملا، و لها دور كبير في حياة الناس فهي تنزع المأكولات والمشروبات من أيدي الناس بجرأة.
عندما علت الشمس فوق الرأس رجعت إلى غرفتي فوجدت أن أم عبد الله كانت قد قامت من النوم بينما كان ابنايى لا يزالان يغطان في النوم. بعد ما أكلنا الفطور، رتبنا بضائعنا و وضعناها عند المدير و قمنا بتسجيل الخروج من الفندق ثم خرجنا إلى مولرود، فقد كان موعد قطارنا من كالكا إلى دهلي في الساعة التاسعة مساء و كان لدينا وقت كثير. و هذه المرة لم نتسلق مول رود مباشرة بل أخذنا طريق السوق السفلي (Lower Bazar) الذي يبدأ من مقر التدريب و يلتقي بمولرود لدى كنيسة المسيح في “الريج”، و ابني الصغير قد أزعجنا كثيرا إذ كان يصر على اشتراء كل ما كان يراه من الألاعيب. كان في هذا السوق أنواع من الدكاكين، و مطاعم عديدة رخيصة. عندما وصلنا الريج وجدناه أكثر احتشادا إذ كان اليوم يوم الأحد، و كذلك رأينا حشدا كبيرا من الفتيات والفتيان يخرجون من قاعة الفيلم هناك. جلسنا في الريج قليلا متمتعين بالهواء البارد النقي ثم دخلنا في لَكَر بازار الذي يعرف للمصنوعات الخشبية المتنوعة، فاشترينا قلمدانا خشبيا وحمالة خشبية للمفاتيح، وعدة أشياء أخرى. و عند الرجوع أخذنا نفس الطريق وعند ملتقى طريق السوق الأدنى وطريق مولرود وجدنا مطعما طيبا يديره رجل من بنجاب، فأكلنا غدائنا وبعد ذلك بدأنا نتجول في السوق الأدنى متوجها إلى فندقنا، وفي الطريق توقفنا عند مسجد قديم يعرف بالمسجد الكشميري وله هيكل أبيض جميل و يبدو من مظهره أنه مكان مقدس للعبادة. ولدى هذا المسجد هناك بعض دكاكين للشباب الكشميريين الذين يبيعون الفواكه و الثمار. صليت في هذا المسجد صلوة الظهر ثم بدأنا نمشي إلى الفندق. و عندما كنا نتسلق الطريق إلى مقر التدريب كان أمامنا رجل يمشي و بيده زجاجة، فرأينا قردا يهجم من الخلف على تلك الزجاجة و يأخذ بها إلى ناحية و بدأ يشرب منها بينما كان ذلك الرجل في حيرة و لم يدرك ماذا يفعل. القرود متواجدة في شيملا بكثرة و يتوجب على السياحين أن يكونوا على حذر خلال التجول. في هذا السوق وجدنا خيارات مختلفة للأكل فهناك مطاعم عديدة تعرض للزائرين أنواعا من المأكولات بما فيها مأكولات هندية مختلفة، و مأكولات صينية، و من يسكن في الفنادق القريبة، يتوجب عليه أن يفضل الغداء و العشاء في هذا السوق، فهذا رخيص بالنسبة للفنادق.

أخذنا حقائبنا من الفندق ثم توجهنا إلى محطة الباص في شيملا حيث ركبنا الباص إلى كالكا، و عندما غادر الباص وددت لو توفرت لدى عدة أيام أخرى لزرت الأمكنة السياحية التي لم أتمكن من زيارتها بسبب قلة الوقت، فهناك بعض المباني الأثرية التي تم بناءها خلال القرنين الماضيين على أيدي الانكليز، و كذلك هناك أحياء جميلة أخرى. وصلنا مدينة كالكا في الساعة السابعة و من هنا ركبنا القطار لدهلي.

2
Leave a Reply

avatar
1 Comment threads
1 Thread replies
0 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
2 Comment authors
محسن عتيقEla Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
Ela
Guest
Ela

السلام عليكم
اريد ان اذهب بالقطار من دلهي الى اقرب مدينة من منالي ثم بالسيارة الى منالي ، من اين يمكنني انا اشتري التذاكر (اون لاين ) وماهي اقرب مدينة ل منالي ؟
شكرا

محسن عتيق
Guest
محسن عتيق

شكرا للاستفسار، الأفضل أن تسافر إلى منالي بالباص من مدينة دهلي، ويمكن اشتراء التذاكر عن الموقع makemytrip.com and redbus.com. ولكن إذا عزمت على أن تسافر بالقطار، فسافر من دهلي (Delhi) إلى بتهان كوت (Pathankot)، ومن بتهان كوت إلى جوغندر نغر (Joginder nagar) بالقطار. مجطة جوغندر نغر هي أقرب محطات القطار (165كم) من منالي ولكن ليسس هناك أي قطار يجري مباشرة بين دهلي و جوغندر نغر. فعليك أن تذهب أولا من دهلي إلى بتهان كوت و من هنا إلى جوغندر نغر. ,ممكن اشتراء تذاكر القطار عن موقع http://www.irctc.co.in. و في رأي ممكن أن تسافر إلى تشاندي غره Chandigarh أو أونا Una… Read more »