+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

جبرا ابراهيم جبرا: دراسة في حياته وأعماله
*عمر رضا

يعتبر الأدب مرآة للمجتمع كما أنه يقدم صورة حقيقية لجميع جوانب الحياة، سواء من الأوضاع الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية. وقد اتجه الأدباء العرب إلى تناول القضايا السياسية وعالجوها في أعمالهم الأدبية على نطاق أوسع. وكان جبرا ابراهيم جبرا من أولئك الأدباء الذين قاموا بالمساهمات في الثورة الفلسطينية في الخمسينات شعرا ونثرا. وكان ميله في بداية حياته إلى القصة إذ بدأ حياته الأدبية بكتابة القصة القصيرة التي نشرت في مجلة الهلال والأمالي، ولكن أصبح فيما بعد من أبرز وأشهر الروائيين في الأدب العربي. وكان شاعراً وروائياً وناقداً وكاتب مقالات وقصص قصيرة. وهو من الأدباء الذين لهم انتاجات كثيرة ومتنوعة إذ أنتج أكثر من ستين كتابا في جميع مجال الأدب من الرواية والقصة والشعر والنقد والترجمة.

وقدم جبرا  للقراء العرب أبرز الكتاب الغربيين حيث أنه قام بترجمة أهم أعمالهم الأدبية ومن أهمها رواية ” الصخب والعنف”  لوليم فوكنر التي نال عنها جائزة نوبل و مسرحيات الكاتب الانكليزي الخالد وليم شكسبير مثل “هاملت” و”العاصفة” و”مكبث” و”الملك لير” والسونيتات وغيرها من الكتب غير العربية، وترجمت أعماله الأدبية إلى اللغات المختلفة مثل الانكليزية، والأسبانية، والفرنسية، والعبرية، والإيطالية والصربية وغيرها من اللغات و وإضافة إلى هذه الفنون الأدبية، كانت له مشاركات في فن الرسم وهو أيضا اهتم بفنون أخرى كالنحت والموسيقى. وأسس مع الفنان الشهير جواد سليم “جماعة بغداد للفن الحديث” في بغداد في عام 1951م.

مولده ونشأته:

ولد جبرا إبراهيم جبرا في عام 1920م في مدينة بيت لحم بفلسطين في أسرة مسيحية فقيرة، وكانت أسرته تنتقل من مكان إلى مكان آخر بسبب الفقر، وعاش طفولته في بيت صغير ذي غرفة واحدة. وأبوه كان رجلا أميا ولكنه كان يدرك أهمية التعليم ولذلك هو حث جبرا وأخيه على حصول العلم على الرغم من فقره الشديد وسوء وضعه المالي ولذلك حينما فكر جبرا أن يترك تعليمه كما فعل أخوه ويساعد الأسرة بكسب المال، غضب أبوه غضباً شديداً وقال: ” والله ما دام فيّ عرق ينبض، وما دام في صدري نفس، لن أسمح لك أن تترك المدرسة. أما أخوك فلم يفعل في العام الماضي إلا خروجاً على إرادتي، ولو كان الأمر بيدي، لأعدته إلى المدرسة غداً ولنمت من الجوع، أتريدان أن تكونا، عندما تكبران أميين مثلي؟… كم أفرح أنا، وكم تفرح أمكما هذه “.[1]

كانت لميعة برقي العسكري فتاة عراقية كردية مثقفة وتعرّف جبرا عليها في عام 1951م، وفي بضعة أيام بدأت الصداقة تتوثق بينهما وتتحول هذه الصداقة إلى علاقة حب في وقت سريع. وتزوج جبرا بلميعة في عام 1952م، ورزق بولدين وهما سدير وياسر. والجدير بالذكر بأن جبرا قد أسلم على يد القاضي عبد الحميد الأتروشي قبل بضعة أيام زواجه.[2]

دراسته:

واجه جبرا بالمشكلات الكثيرة في حياته عامة وفي طفولته بشكل خاص. ولكن هو تغلّب على كل هذه الموانع وحصل على التعليم الابتدائي في مدارس بيت لحم وهي مدرسة الرّوم الأرثوذكس ومدرسة السريان الكاثوليك ومدرسة بيت لحم الوطنية، وتعلم فيها اللغة العربية، والإنكليزية، والسريانية، والحساب، وموضوعات أخرى. ولما بلغ الثانية عشر من عمره انتقلت أسرته إلى القدس فالتحق بالمدرسة الرشيدية وكان هو طالبا بارزا في هذه المدارس كلها وتتلمذ في هذه المدارس على كبار الأساتذة مثل ابراهيم طوقان، وإسحق موسى الحسيني وعبدالكريم الكرمي وغيرهم وكان لهم الأثر الكبير في حياته الأدبية وتنمية مواهبه الفنية ومنهم معلم الخطّ “حسام اشتيه”، فيقول جبرا عنه: ” وما علمني هذا الخطاط الفنان في تلك السنة عن الخط العربي فتح عيني منذ ذلك اليوم على العالم من الرهافة في التكوين البصري، ووصلني بحس للكلمة المرئية، أغنى كلاهما تجربتي الجمالية طوال سني حياتي فيما بعد”[3]. ثم التحق بالكلية العربية بالقدس وحصل على دبلوم التربية فيها. وسافر إلى انكلترا للتعليم العالي والتحق بجامعة إكستر بلندن، ثم نال الدخول في جامعة كمبردج وحصل على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي عام 1943م. وحصل على شهادة الماجستير في النقد الأدبي من جامعة كمبردج عام 1948م.  وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية على زمالة بحث من مؤسسة روكلفر للحصول على الدكتوراه  في النقد الأدبي والتحق بجامعة هارفارد عام 1952م.

حياته الوظيفية:

وبعد أن حصل جبرا على شهادة البكالوريوس من جامعة كمبردج عاد إلى وطنه الحبيب فلسطين، وبدأ يدرّس الأدب الإنجليزي في الكلية الرشيدية بالقدس من عام 1944م حتى عام 1948م، وعيّن رئيساً لنادي الفنون بالقدس خلال هذه الفترة. وبعد النكبة الفلسطينية في عام 1948م اضطر جبرا إلى الهجرة، وسافر إلى البلاد المجاورة من لبنان وسوريا وأخيرا استقر في العراق.  وبدأ يدرّس في الكلية التوجيهية في الأعظمية، ثم قام بتدريس الأدب الإنجليزي في كلية الآداب والعلوم ببغداد. واضافة إلى ذلك ألقى محاضرات في دار المعلمين العالية وكلية الملكة العالية  للبنات. و في بغداد التقى جبرا بجواد سليم الفنان العراقي، وأسس معه “جماعة بغداد للفن الحديث”  في عام 1951م. وبعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية حاملا الدكتوراه في النقد الأدبي في السنة 1954م عمل كمساعد في دائرة العلاقات العامة ثم عيّن رئيسا لدائرة مواصلات الإدارة والمستخدمين، ودائرة المطبوعات في شركة “نفط العراق” ببغداد ، وأسس في الشركة مجلة للآداب والفنون “العاملون في النفط” وأشرف على تحريرها عام 1961-1972. وقام بإلقاء محاضرات  في كلية الآداب بجامعة بغداد من وقت إلى آخر. وألقى محاضرات عامة في اللغة الإنكليزية عن الفن العراقي والأدب العربي المعاصر في الجامعات المختلفة  بانكلترا ومنها جامعة اكسفورد وجامعة كمبردج  ولندن ومانشستر ودرهام وأدنبره في عام 1968م. وكان رئيسا لمكتب الإعلام والنشر في شركة النفط الوطنية العراقية في عام 1972م،  وأنشأ فيها مجلة “النفط والعالم”، وأصبح رئيسا لمكتبة الترجمة في هذه الشركة من عام 1974-1978م. وما زال خبيرا في وزارة الثقافة والإعلام حتى تقاعده في عام 1984م. وعيّن أستاذا زائرا للأدب العربي المعاصر في جامعة كاليفورنيا، بير كلي في عام 1976، وألقى محاضرات في الجامعات الأمريكية الأخرى ومنها جامعة كاليفورنيا، وتكساس في أوستن وستانفورد، وستيت يونيفرسيتي في سان دييجو كاليفورنيا. وأصبح رئيس  التحرير لمجلة “فنون عربية” التي أصدرتها “دار أوسط” بغداد و لندن في عام 1980م. وعيّن رئيس “رابطة نقاد الفن في العراق” في عام 1982م، اضافة  إلى ذلك كان عضوا في “اتحاد الأدباء والكتّاب” في العراق، و”الرابطة الدولية لنقاد الفن” في باريس.[4]

الجوائز:

و نال جبرا على أعماله الأدبية والعلمية والفنية العديد من الجوائز والأوسمة العربية والدولية اعترافا من الأدباء والنقاد منها:

  • نال جبرا جائزة “تارغا يوريا” للثقافة من منتدى الآداب العالمية في روما عام 1983م.
  • حصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن مجمل أعماله والترجمة عام 1987م.
  • أكرم بجائزة صدام للآداب عن جميع أعماله الروائية ببغداد في عام 1988م.
  • ومنحت منظمة التحرير الفلسطينية “وسام القدس للإبداع الفني” عام 1991م.
  • وحصل على جائزة “ثورنتون نيفن وايلدر” من قبل جامعة كولمبيا للترجمة الأدبية في نيويورك عام [5]

أعماله الأدبية والفنية:

 وكان جبرا أديبا كبيراً كتب كتباً عديدةً حول موضوعات مختلفة. وهنا أذكر أعماله العلمية والأدبية حسب الموضوعات والفن.

الرواية: (حسب الترتيب الزمني للنشر)

  • صراخ في ليل طويل، 1955
  • صيادون في شارع ضيق، بالإنكليزية عام 1960، وبالعربية 1974
  • السفينة، 1970
  • البحث عن وليد مسعود، 1978
  • عالم بلا خرائط،( مع عبد الرحمن منيف) 1982.
  • الغرف الأخرى، 1986.
  • يوميات سراب عفان، 1992

الشعر:

  • تموز في المدينة، بيروت، 1959
  • المدار المغلق، بيروت، 1964
  • لوعة الشمس، بغداد، 1979
  • الأعمال الشعرية الكاملة، 1990

النقد:

  • الحرية والطوفان، 1960
  • الفن في العراق اليوم(Art in Iraq Today) ، 1961
  • الرحلة الثامنة، 1967
  • الفن العراقي المعاصر ، 1972
  • جواد سليم ونصب الحرية، بغداد، 1974
  • النار والجوهر، 1975
  • ينابيع الرؤيا، 1979
  • جذور الفن العراقي بالأنكليزية، 1983
  • جذور الفن العراقي بالعربية، 1985
  • الفن والحلم والفعل، 1985
  • تمجيد الحياة، 1989
  • تأملات في بنيان مرمري، 1989
  • معايشة النمرة، 1991
  • أقنعة الحقيقة وأقنعة الخيال، 1992
  • الاكتشاف والدهشة، 1993

سيناريوهات:

  • الملك الشمس، 1986
  • أيام العقاب، 1988

قصص:

  • عرق وقصص أخرى، 1956

السيرة الذاتية:

  • البئر الأولى- فصول من سيرة ذاتية، 1987
  • شارع الأميرات- فصول من سيرة ذاتية، 2007

التاريخ:

  • بغداد بين الأمس واليوم، 1987

أعمال الترجمة:

  • أدونيس أو تموز(من كتاب الغصن الذهبي)- جيمز فريزر.
  • ما قبل الفلسفة- هنري فرانكفورت واّخرون.
  • آفاق الفن- الكسندر اليوت.
  • الصخب والعنف- وليم فوكنر.
  • ألبير كامو- جرمين بري.
  • الأديب وصناعته- عشرة نقاد أمريكين.
  • الحياة في الدراما- أريك بنتلي.
  • الأسطورة والرمز- عدد من النقاد.
  • قلعة أكسل- أدموند ولسون.
  • في انتظار غودو- صموئيل بيكيت.
  • ديلان توماس- أربعة عشر ناقداً.
  • شكسبير معاصرنا- يان كوت.
  • ما الذي يحدث في(هاملت)- جون دوفر ولسون.
  • شكسبير والإنسان المستوحد- جانيت ديلون.
  • برج بابل، أندريه بارو.
  • حكايات من لافونتين.
  • الأمير السعيد وحكايات أخرى – اوسكار وايلد
  • أيلول بلا مطر- اثنا عشر قاصاً إنكليزياً وأمريكياً.

المسرحيات التالية لوليم شكسبير مع مقدمات ودراسات:

  • مأساة هاملت.
  • مأساة الملك لير.
  • مأساة عطيل.
  • مأساة مكبث.
  • مأساة كريولانس.
  • العاصفة.
  • الليلة الثانية عشرة.

وكان جبرا يتمتع بالثقافة الغربية على نطاق أوسع مثقفا إذ قضى وقتا طويلا في البلاد الغربية خلال أيام دراسته، فثقافته الواسعة ومعرفته العميقة في النقد ودراسة الحضارة الغربية تتجلى في أعماله الأدبية وخاصة في رواياته، فإنه استفاد كثيرا من الثقافة الغربية كما هو واضح في ترجماته لوليم شكسبير وفوكنر واستلهم الموضوعات منها في أعماله الأدبية.

وفاته:

كان جبرا يشكو في أيامه الأخيرة من طنين حاد في أذنيه، وكان مصابا بدوار ولأجل ذلك وقع أرضا ذات يوم وادخل في العناية المركزة في المستشفى. وأغمض عينيه إلى الأبد في شهر دسمبر عام 1994م تاركا خلفه كماً هائلا من الأعمال الأدبية، شعرا ونقدا وترجمة وروايات.

*****

المراجع

[1]  جبرا، حبرا إبراهيم: البئر الأولى- فصول من سيرة ذاتية، دار الآداب للنشر والتوزيع ،بروت،ط 1، 2009م ص -137-139

[2]  جبرا، حبرا إبراهيم: شارع الأميرات- فصول من سيرة ذاتية، دار الآداب للنشر والتوزيع ،بروت، ط 1، 2007م  ص – 241

[3]  جبرا، حبرا إبراهيم: البئر الأولى- فصول من سيرة ذاتية، ص  134

[4]  الأعرج، عصام، القاق وتمجيد الحياة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط-1، 1995، ص 228-229

[5]  المصدر نفسه،  ص 229-230

*الباحث بقسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of