+91 98 999 407 04
editor@aqlamalhind.com

القائمة‎

الشيخ محمد واضح رشيد الندوي في  ضوء أهم مؤلفاته العربية
*محمد خالد الباندوي الندوي

المدخل: 

ما رأينا  شخصية اتصفت بمعاني اسمه مثل ما اتصف به شيخنا محمد واضح رشيد الندوي بمعاني اسمه، فهو كاسمه مأة في المأة ، فكان محمديا في العقيدة والمنهج، واضحا في الفكر والسلوك، رشيدا في الآراء والأفكار، ندويا في التمسك بالأصول والمرونة في الفروع، معتدلا في المنزع والمنهج، فقد حاز من الأخلاق الكريمة أكثرها، والشيم الحميدة أرفعها وأجلها، فقد كان أديبا بارعا، ومربيا حكيما، فتجمل بالخلق الكريم، والحلم الراجح والعقل الحصيف، وإنه يعد من رواد الأدب الإسلامي وكبار الناقدين على الحضارة الغربية والغزو الفكري الرهيب، وإن النقد على الحضارة الغربية وإظهار الويلات وعواقب الشقاء التي تحملها في طيها كان من هوايته، فكان بحكم أسرته التي نشأ وتربى فيها، وبفضل دراسته الواسعة وعلمه العميق وفكره الإسلامي الثاقب أعظم خبير على مصادر الفكر الغربي والحضارة الغربية، تدل على ذلك كتاباته ومقالاته وكتبه القيمة الممتعة.

وأستاذنا محمد واضح رشيد الندوي كان ممن جمع بين الدرسات الإسلامية والدراسات الثقافية المعاصرة دراسة مقارنة، إذ أنه درس في دار العلوم التابعة لندوة العلماء وأكمل الدراسة الدينية والأدبية فيها ثم درس الثقافة الأجنبية وسبر أغوارها وأنجادها.     

إن الدارس والمتتبع في كتب ومقالات ومحاضرات ودروس سعادة الأستاذ محمد واضح رشيد الحسني الندوي، يدرك أنه صاحب فكر سليم يحمل في نفسه هم إصلاح حال الأمة، وكان في الواقع صاحب نظرة إصلاحية إسلامية، قد وقف حياته كلها للذب عن حوزة الشريعة الإسلامية الغراء، ورفع رأية الفكر الإسلامي في كل المحافل المحلية وقاعات الدروس الجامعية، والمنابر الإعلامية، وبذل جهده كلها في سبيل إيقاظ الأمة من غفلتها ونفخ روح الحياة في شرايينها.

وإنه كما يقول الأستاذ نذر الحفيظ الندوي” إنه متصلب في الأصول، متوسط في الفروع، يتورع في دينه من المداهنة، وفي العلوم من الجمود وضيق التفكير، يأخذ من القديم الرسوخ والتبحر في العلم، ومن الجديد الاستطلاع وحب الواقعية.

يراعي في كتاباته دائما المنهج الإسلامي السليم، ويخرج في تأليفاته عن الإطار التقليدي المرسوم الذي رسمه الغرب للدارسة والتحقيق والتأليف، فأسلوب الأستاذ الندوي أسلوب قرآني بين الإثبات المفصل والنفي المجمل حسب تعبير الإمام إبن تيمية، هذا الأسلوب حاجة كل داعية مسلم، والمطلوب في عصر ومصر”.

(تقديمه على تاريخ الثقافة الإسلامية:18).  

(1) إلى نظام عالمي جديد

هذه مجموعة مقالات كتبها الأستاذ محمد واضح رشيد الندوي بين فينة وآخرى ونشرت في مجلة الرائد والبعث الإسلامي، وهو من أهم ما يلقي الضوء الكافي على فكر الكاتب واتجاهاته وميوله الإسلامية ومواقفه من الحضارة الغربية، واطلاعه الواسع الشامل على مصادر الفكر الغربي وأخطاره على العالم الإسلامي. وإن هذه المقالات تحوي على الموضوعات المختلفة وتحدثت عن القضايا التي سيطرت على العالم ومنها ما تتكلم عن عناصر الحضارة الغربية وعدم التوازن فيها، أو الاضطراب فيها، كما تتحدث عن المؤامرات والدسائس التي حيكت ضد العالم الإسلامي والإسلام، ومنها ما تقوم بتحديد مصير الإنسانية إذا سارت على الخطط الغربية كما أن بعض المقالات تركز العناية إلى إرشاد الإنسانية إلى منابع الإسلامي الأصيلة التي تضمن لها الفلاح والصلاح.

وقد ذكر الكاتب رحمه الله قائمة أهم الكتب التي كانت بمثابة مصادره فقال:

“ولا يسعني إلا أن أصرح أني اقتبست من مشكاة خالي الكريم سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله شخصيا، ومن كتبه “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”، و”الصراع بين الفكرة الإسلامية والغربية” في الأقطار الإسلامية، وحديث مع الغرب، و”إلي الإسلام من جديد” وكتاب الدكتور محمد المبارك عن الفكر الإسلامي، وكتاب الدكتور محمد محمد حسين “الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر”، وكتاب “حصوننا مهددة من أوكار الهدامين” للدكتور محمد حسين، وغيرها من الكتب المؤلفة حول الغزو الفكري، وكتاب المهتدية السيدة مريم جميلة بالإنجليزية… و”كتاب التبشير والاستعمار في البلاد العربية” للأستاذ الدكتور مصطفي خالدي، والدكتور عمر فروخ، وكتاب “الغارة على العالم الِإسلامي” تاليف أ. ك.  شاتلية، ونقلها إلى العربية محب الدين الخطيب، وغيره من مقالات وبحوث نشرت في المجلات العربية والانجليزية”.

( مقدمة المؤلف:11-12).

كان للمؤلف النظر الناقد والدراسة الدقيقة الشاملة فاطلع على أخطار الغرب الفكرية البعيدة المدى “فقام بتشريح جثة الغرب الفكرية تشريحا علميا” على حد قول الأستاذ نذر الحفيظ الندوي في مقدمته على الكتاب، فإن أسلوب المؤلف فيه أسلوب تحليلي علمي موضوعي دقيق يبني على الدلائل والبراهين، يقول الأستاذ نذر الحفيظ الندوي عن أسلوب الكاتب:

“أسلوب العرض والنقد والتحليل علمي وموضوعي، يتسم بالهدوء والاتزان مبني على الدراسة العميقة لتاريخ الحضارة الغربية وثقافتها وفلسفتها المادية والاطلاع المباشر على التيارات الأدبية والفكرية الحديثة، والأنشطة السياسية والحركات الهدامة المتواجدة في الغرب، فوراء كل لفظ وثائق ومستندات وشهادات من تاريخ الغرب نفسه”.

من أهم السمات والخصائص التي ذكرها الأستاذ نذر الحفيظ الندوي في مقدمته على الكتاب :

1- الغيرة الدينية والدافع الإيماني القوي من كل سطر بل من كل لفظ.

2-الاستنارة بنور القرآن وهديه تمنح الكاتب قوة الاستدلال والميزان الصحيح للنقد والتقويم.

3-كشف الوجه الكالح عن الغرب وأفكاره وأيدولوجياته وفضح الدعاية الغربية (مقدمته على الكتاب : 22).

(2) “من قضايا الغزو الفكري”  

إن الإسلا م نظام شامل متكامل واضح الحدود والمعالم، ، وهو الذي صاغ الإنسان صياغة صحيحة سليمة في عقله وقلبه ونفسه وعمله وسلوكه، وإن هذا النظام يحمل فكرا سليما نحو هذه الحياة الممتدة الجوانب، ونحو الأكوان المترامية الأطراف، كما قال المفكر الإسلامي سعيد حوى: “إن كون الإسلام نظاما “كاملا شاملا” فهو بالتالي نظام سياسي، وكما أنه نظام سياسي فهو نظام اجتماعي واقتصادي وأخلاقي، ومن ثم فإغفال أي جزء منه أو تعطيل له وإقامة أي عمل سياسي على غير أساسه تعطيل له وتعارض معه، ودخول في صراع مع أهله”.

وصرح به أحد الكتاب الإسلامين بقوله: “الحياة كلها بكل ما فيها من نشاط وبكل ما فيها من قيم وتصورات توضح أن الإسلام في صميمه نظام حياة، نظام يقوم على تصور خاص للحياة بكل ما فيها من قيم وعلى أساس هذا التصور الصحيح يقوم نظام الحكم ونظام الاقتصاد ونظام التربية ونظام الأخلاق، كما تقوم العلاقات الدولية بين الدول المسلمة وسائر الناس، وعلى هذا التصور وحده يجب أن تسير الدعوة إلى الإسلام”.

وجاء محمد صلى الله عليه وسلم كأكبر حامل لهذه الشريعة الجامعة، وكأعظم داع ومتحمس لهذه الفكرة السوية السماوية المتكاملة البنيان، وأكمل منفذ في الحياة الإنسانية في أسمى وأكمل معانيها ومفاهيمها، فعرفت الإنسانية مدى خطورتها وقدرها في صالح الإنسانية، وظلت هذه الفكرة الإسلامية الجامعة بين نظم الحياة والنظم الكونية هي الوحيدة في سبيل المستقبل الزاهر اللامع للإنسان إلى مدة مديدة، ولكن على تقادم العهود والدهور تقادمت هذه الفكرة الحية أو تناسىاها أتباعها، وطرأت عليها النظريات والاتجاهات والميول والنزعات والتصورات الخاطئة المضادة لروح هذه الفكرة الإسلامية المتدفقة بالحياة والحيوية، وأصبحت غريبة غير مألوفة عند كثير من أهلها، ولها عوامل سياسية واجتماعية كثيرة، وحركات ومنظمات هادفة ظلت تعمل عملها لأغراض دينية ومطامع سياسية وحزبية، حتى ثارت عليها شبهات وشكوك حول بقائه واستجدائه للإنسان والحياة. وأصبحت الفكرة المعتدلة المتضمنة للحياة معاني السلام والأمن والأخوة والمساواة والوحدة السامية محل جدل وخلاف، وأصبحت موضع نقاش وخصام، حتى أحاطت بها الفتن إحاطة السوار بالمعصم وتكالبت عليها الشبهات العقلية والفكرية والحضارية والثقافية تكالب الأكلة على القصعة، وحصروها في نطاق ضيق محدود.

وكانت البلدان الأوربية بجميع حركاتها ومنظماتها لها دور كبير في إساءة سمعة هذه الفكرة المباركة وزرع بذور الشكوك والشبهات حولها، ولها تاريخ يمتد إلى قرون متطاولة.

وكان أستاذنا الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي ممن قيضه الله سبحانه لإحياء الفكرة الإسلامية ورزقهم شعورا إسلاميا، وبصيرة ثاقبة بالأوضاع لمكافحة هذه الفتن المدلهمة فحاولوا تمزيق الحجب المكثفة التي أسدلت على العقول، وكشف الوجه الكالح للحضارة الغربية التي كانت مستورة عن عيون الناس، فكتبوا وألفوا، وخاطبوا وناقشوا، وناظروا وجادلوا، وقاموا بتوجيه الإنسانية إلى المعنى الحقيقي للفكرة الإسلامية السمحة، ومن هذه الكتب القيمة كتاب “من قضايا الغزو الفكري” الذي صدر من يراع الكاتب القدير والناقد البصير والصحفي البارع النحرير الأستاذ السيد محمد واضح رشيد الندوي رئيس الشؤون التعليمية لندوة العلماء. وهو في الواقع مجموعة محاضرات ألقاها على طلبة المعهد العالي للدعوة والفكر الإسلامي بجامعة ندوة العلماء.

وقد قام المؤلف بتعريف الكتاب فقال:

“هذا الكتاب مجموعة المقالات التي ألقيت في هذا المعهد قبل أكثر من عشرين سنة، وقد ألقي فيها الضوء على تاريخ أروبا ونهضتها والأفكار والحركات التي نشأت فيها، والنظم السياسية كالرأسمالية، فهي بمثابة دروس ألقيت على طلبة المعهد ليكونوا على معرفة بالاختصار بأفكار أوربا والمؤامرات الأوربية للسيطرة على الفكر والنظام السياسي في العالم الإسلامي”.

وتلتها مقدمة للعلامة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي الرئيس العام لندوة العلماء، نوه فيها بقيمة الكتاب العلمية وأسلوبه الرصين فقال:

“من خلال مطالعة هذا الكتاب يطلع القراء الكرام على الوجه الكالح للحضارة الغربية، والدسائس والمخططات الأوربية لضرب الإسلام والمسلمين، كما يعرفون الغزو الفكري الغربي ووسائله، والأفكار والمفاهيم الغربية، ويجدون حلولا للقضايا والمشاكل التي تعاني منها الأمة الإسلامية وطريقة معالجتها، ومنهج مواجهة الأفكار والنظريات والأيدولوجيات الغربية عن الحياة”.

(مقدمة الشيخ على الكتاب: 22/23).

وقسم المؤلف الكتاب إلى خمسة فصول تحدث فيها عن الغزو الفكري وخلفياته وأسبابه، وتاريخ أوربا قبل النهضة وبعدها، والاستعمار الأوربي للعالم الإسلامي. وسلط الضوء في الفصل الثاني على تعريف الحضارة الغربية وعناصرها وإيجابياتها وسلبياتها كما تحدث عن فلاسفة الغرب الذين كونوها وعن أفكارهم ونظرياتهم. وتحدث في الفصل الثالث عما شن به الغرب من الغزو على العالم الإسلامي وبيان وسائله من التغريب والاستعمار والاستشراق والتبشير. ثم أسهب القول عن الأفكار والنظريات التي أثرت على العالم الإسلامي من “القومية” و”الوطنية” و”الاقليمية” و”العنصرية” و”العلمانية” و”الاشتراكية” و”الحرية والثورة” و”الماسونية” و”الارتقاء والتطور”. وفي نهاية المطاف تحدث عن الصحوة الإسلامية ووسائل التحرر من الغزو الفكري والثقافي الغربي.

أهم ميزات الكتاب:

من أبرز ما تميزه هذا الكتاب عن الكتب المؤلفة في هذا الشأن أنه- كما يقول الأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي-: “تسجيل علمي أمين لتاريخ الصراع بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي وعرض صادق واقعي للغزو الثقافي وتحليل أكاديمي معتدل متوازن لحقيقة الحلول المستوردة وآثارها على العالم الإسلامي فكريا وثقافيا وحضاريا”.

(مقدمة الدكتور أكرم على الكتاب: 20).

وإن أسلوب الكاتب حسب رأي الدكتور أكرم: “أسلوب سهل مباشر بعيد عن تعقيد لفظي أو معنوي، فهو دال على غزارة علم الكاتب وعمق فكره، وتفوقه في العرض والتحليل”.

(نفس المرجع: 21).

ويقول الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي عن منهج المؤلف في الكتاب: “وإن منهجه متسم بالمنهجية والسمة العلمية والأدبية، وهذا المنهج يحمل تأثيرا حسنا في عرض الحقائق والمعلومات”.

(مقدمة الشيخ على الكتاب: ١٧).

وأضاف قائلا: “ومما يمتاز به الكتاب هو معالجة الموضوعات في شمول واعتدال وعدل وإنصاف…كما يتضمن الكتاب تقدير المؤلف للجوانب الإيجابية في الحضارة الغربية”.

(نفس المقدمة: 27).

وملخص القول أن الكتاب إضافة قيمة في مجال مكتبة الفكر الإسلامي، لما يحتويه من وفرة المواد وكثرة المعلومات في الموضوع المدروس.

(3)أعلام الأدب العربي

وإن هذا الكتاب يشتمل على تراجم الأدباء والكتاب بالعربية في العصر الحديث وهو بمثابة مذكرات أعدها المؤلف لطلاب الأدب العربي في دار العلوم التابعة لندوة العلماء.

يقول الدكتور سعيد الأعظمي الندوي” يحتوي هذا الكتاب على تراجم أدباء بارزين من الأدباء الذين قلدوا الآداب الأوربية وممن جمعوا بين الأصالة والمعاصرة والإبداع والفن في الأدب العربي الحديث ومثلوا الفكر الفكر الإسلامي إزاء القضايا الأدبية والفكرية التي آثارها الأدباء المقلدون للأدباء الأوربين، وأطلق عليهم بحق “أعلام الأدب العربي في العصر الحديث” فقد تناولهم المؤلف الكريم بالتعريف بمكانتهم العالية البارزة، وحياتهم الأدبية المثالية في ضوء التحليل الأدبي والتاريخي، وبين لكل أديب ميزته في الصناعة الأدبية وتصوره وفكره وطريقته في جمال التعبير ونبل الغرض وأسلوبه المتميز في الكتابة والبيان. يضم هذا الكتاب القيم في جنباته ستة وعشرين أديبا من العصر الحديث”.

( تقديمه على الكتاب:23).  

استفاد المؤلف في إعداد الكتاب من الكتب الكثيرة في الأدب العربي وتاريخه ونقده ومن أهمها :

(1) الأدب الحديث  للدكتور عمر الدسوقي

(2) وكتب الدكتور شوقي ضيف

(3) وكتب الأستاذ أنيس المقدسي وغيرهم من الكتاب

إن مما يمتاز به الكتاب من بين الكتب الأخرى في التراجم ورجال الأدب أنه يشتمل على ذكر الأدباء الإسلاميين بجانب العناية بذكر الأدباء النبغاء وأعلام الأدب في العصر الحديث، فكان منهم المحافظون على أصالة الأدب العربي ومنهم الناصرون للمسحة الأدبية الإسلامية والإنتاج البناء وتجريده من أساليب الآداب الغربية، وإلى هذه الميزة يشير الأستاذ محمد رابع الحسني الندوي حيث يقول:

“إنه اختار مجموعة من أعلام الأدب العربي في هذا العصر المعروفين بإنتاجهم الأدبي، وأضاف إليهم الأدباء الإسلاميين الذين كانوا باحثين في الأدب العربي، وكانوا مع ذلك دعاة ومصلحين، وذكر خصائص كل  منهم وجهوده، أعماله في الساحة الأدبية مع تفرده في أحد الاتجاهات الأدبية”.

(مقدمته على الكتاب: 13).

(4) مصادر الأدب العربي

يتناول هذا الكتاب تعريف أمهات الكتب الأدبية الأربعة: ” البيان والتبيين ” للجاحظ، و”أدب الكاتب” لابن قتيبة الدينوري، و”أدب الكامل” لأبي العباس المبرد، و”الأمالي” لأبي علي القالي، وكان شيخنا على صلة وثيقة بتلك الكتب الأمهات الأدبية ويسبر أغوارها وأنجادها، وله خبرة صالحة وكان هو ذا اختصاص في هذا الموضوع، فقد درسها وألقى فيها محاضرات تعريفية، لهذه المصادر الأدبية، فعرف مزاياها ومناهجها من ناحية ما ينفع الدارس للتراث الأدبي.

“وإن نظرة على هذه المجموعة القيمة المفيدة لبيان مصادر الأدب يدل على قيمة هذا العمل، … فأنا بنظرتي على هذه المجموعة أعد هذا العمل قيما مفيدا جدا ولاشتمالها على المادة النافعة علميا وأدبيا ودينيا”.

(مقدمة الشيخ نذر الحفيظ الندوي على الكتاب:27)

(5) أدب أهل القلوب

هذا العنوان الرائع الذي اختاره المؤلف للكتاب يدل على تصوره للأدب، وهو يستلفت أنظار القراء النابهين، وهو يشير إلى وظيفة الأدب العربي ومكانته العالية السامية في مجال إصلاح القلوب والتوصل بهم إلى منازل الرقي والكمال الإنساني والسعادة الحقيقية والقبولية الإلهية.

وفيه دليل على موهبة المؤلف الأدبية والمعنوية الذي ربط بين القديم الصالح والجديد النافع، وإن هذه النماذج الأدبية التي ساقها المؤلف في كتابه بمثابة قبسات وهاجة وتراث خصب يدعو الإنسان إلى العبودية المطلقة والاصطباغ بالصبغة الربانية.

يتناول الكتاب الحديث عن عظماء الأمة الإسلامية من أهل القلوب المشرقة وأعلام الرجال الذين يتمتعون بقلوب نيرة حية نابضة، سليمة مخلصة مؤمنة، كانوا لا على اتصال وثيق بهذه الحياة ومقتضيات العصر والمجتمع. يقول الشيخ محمد رابع الحسني الندوي وهو يقوم بتعريف الكتاب:

“إنما يحتوي (هذا الكتاب) على بيان أولئك الأعلام من أهل القلوب ممن أكرموا بموهبة أدبية وفكر خصب حتى إن تاريخ الإسلام الدعوي والتربوي اعتبر كل واحد منهم مدرسة أدبية بالذات، وأصبحت لهم مكانة متميزة بين أصحاب العلم والقلم من أدباء الإسلام في فجر التاريخ الإسلامي وبعده، وذلك كالإمام الحسن البصري والإمام أبي حامد الغزالي والشيخ عبد القادر الجيلاني وعبد الرحمن الجوزي والحارث المحاسبي والبشر الحافي والفضيل بن العياض والجنيد بن محمد البغدادي وجلال الدين الرومي والشيخ نظام الدين أولياء، والعلامة ابن تيمية الحراني، وتلميذه ابن قيم الجوزية، والشيخ شرف الدين يحى المنيري.

فمن أراد مصاحبة الأخيار ومجالستهم فعليه أن يجلس على مائدة هذا الكتاب وينهل من مثل هذا النميرالعذب الفياض.

(6) حركة التعليم الإسلامي في الهند وتطور المنهج:

هذا الكتاب القيم يتحدث عن تاريخ الهند العلمي ونظامها التعليمي عبر العصور وبحث دقيق عن التطورات العلمية والدراسية التي حدثت في المناهج التعليمية بمراحله المختلفة في البلاد، وقد تطرق المؤلف في بحثه هذا إلى نظام المدارس التعليمية في الهند ومناهجها السائدة وخص بالذكر النظام التعليمي الذي يسمى “الدرس النظامي” وفي نهاية المطاف تحدث عن منهج ندوة العلماء في التربية والتأليف التي أحدثت ثورة تعليمية ذات أهمية كبيرة في مناهج التعليم السائدة ووضعت أساسها على تعديل ملموس في مناهج التعليم والتربية توافق مع متطلبات العصر والظروف.

وخلاصة الكلام أن كتابات الأستاذ واضح رشيد الندوي تمتاز بالأصالة والمعاصرة والجمع بين الإيمان القوي الراسخ والعلم العميق الواسع وإنه جمع في شخصيته الدراسة الواسعة النافعة والقدوة المثالية الصالحة وإنه يتضلع من القديم إلى جانب عنايته لروح العصر الحديث ومقتضيات البيئة والزمان ومشكلات الشباب ونفسيتهم وعقليتهم وطرق الحلول المجدية.

*أستاذ الأدب العربي، دار العلوم ندوة العلماء، لكناؤ، الهند.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of